كلمات أبى سليمان الخطابي في تفسير أحاديث النبوية
وأذكر عقيب بيانه وبيان تفسير الصوفية حقائق الحديث تفسير قول أبي سليمان الخطّابي رحمة اللّه عليه 1 بعض مجملات الحديث الّتي قد اختصّ كشفها له ؛ ليكون حجّة لما ذكرنا في الحديث من حقائق تفسيره ، لأنّه كان في زمانه اعلم الناس بتفسير حديث رسول اللّه صلىاللهعليهوسلم حتّى قيل سخّر الحديث لأبي سليمان كما سخّر الحديد لا ي سليمان يعني داود عليهالسلام . 348 ـ قال رحمهالله في قوله صلىاللهعليهوسلم : إنّما الأعمال بالنيات ، وإنّما لكلّ امرء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى اللّه وإلى رسوله فهجرته إلى اللّه وإلى رسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصلبها أو امرأة يتزوّجها فهجرته ما هاجر إليه . 2 هذا الحديث أصل كبير من أصول الدين ، ويدخل في أحكام كثيرة . ومعنى النيّة قصدك الشيء بقلبك وتحرّي الطلب منك له . وقيل : هي عزيمة القلب . قال : وقوله : « إنّما الأعمال بالنيات » لم يرد به أعيان الأعمال ؛ لأنّها حاصلة حسّاً وعياناً بغير نيّةٍ ، وإنّما معناه أنّ صحّة أحكام الأعمال في حقّ الدين إنّما يقع بالنيّة ، وإنّما النيات هي الفاصلة بين ما يصحّ منها وبين ما لا يصحّ . وكلمة « إنّما » عامله تركيبها إيجاباً ونفياً ، فهي تثبت الشيء وتنفي /101/ ما عداه . فدلالتها أنّ العبادة إذا صَحِبتها النيّة صحّت ، وإذا لم تصحبها لم تصحّ ، ومقتضى حقّ العموم منها يوجب أن لا يصحّ [ عمل ]عامل من الأعمال الدينيّة أقوالها وأفعالهاإلاّ بنيّةٍ دخل فيه التوحيد الّذي هو أعمال رأس الدين ، فلا يصحّ القول بالتوحيد إلاّ بمعرفة وقصد إخلاص فيه ، وكذلك سائر أعمال الدين من الصلاة والزكاة والصيام والوضوء .
1- أبو سليمان أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن خطّاب البستي ( المتوفى 338ق ) المشتهر بالخطّابي ، صنّف كتاب معالم السنن في شرح سنن أبي داود ، وأعلام السنن في شرح صحيح البخاري ، ونقل المصنّف هذا المطالب من الكتابين كما صرّح به أوّل الكتاب . 2- دعائم الإسلام ، ج1 ، ص4 ؛ مستدرك الوسائل ، ج1 ، ص90 ؛ صحيح البخاري ، ج1 ، ص2 ؛ سنن ابن ماجه ، ج2 ، ص1413 ؛ السنن الكبرى ، ج7 ، ص341 .