أحدهما عن نصيبه على كر شعير و قبضه و أعطى شريكه ربع كر حنطة ثم وجد بالشعير عيبا ينقصه العشر و قد حدث به عنده عيب آخر فانه يرجع بنصف عشر كر حنطة و هو حصة العيب فيكون ذلك له خاصه لانه غرم بدل هذا المقبوض لشريكه فان هذا المقبوض بدل عن هذا الجزء الفائت بالعيت و قد غرم لشريكه حصة ذلك فيكون له خاصة و إذا اشترى الرجل من الرجل ثوبا بفرق بثمن جيد بغير عينه ثم صالحه من الثمن على فرق زيت و دفعه اليه في المجلس جاز لان الموزون بمقابلة الثوب يستحق ثمنا إذا كان بغير عينه و الاستبدال قبل القبض جائز و إذا تعين في المجلس بالقبض فهو كالمعين عند العقد و إذا صالح الرجل الرجل من دعواه على كر حنطة وسط ثم صالحه من ذلك الكر على كر شعير بغير عينه و افترقا قبل القبض لم يجز لانه دين بدين و لو كان الشعير بعينه جاز لان الافتراق حصل عن عين بدين و ذلك جائز فيما سوى عقد الصرف و لو كان لرجلين على رجل ألف درهم لاحدهما و مائة دينار للآخر فصالحاه من ذلك كله على ألف درهم و قبضا لم يجز بخلاف ما إذا كان المال لواحد فهناك يصير مبرئا من أحد المالين مستوفيا للآخر فأمكن تصحيح العقد بطريق الاسقاط وهنا لا يتأتى ذلك لانهما صالحاه على أن يكون الالف لهما فلو أجزنا ذلك قسمنا الدراهم بينهما على ألف درهم و مائة دينار فيكون الالف درهم بأقل من ألف درهم و ذلك ربا و كذلك لو كان لاحدهما عليه كر حنطة و للآخر كر شعير قرض فصالحاه على كر حنطة فهو باطل لانا لو جوزناه لم يكن بد من قسمة المقبوض على قيمة كر حنطة و قيمة كر شعير بينهما و قبضت الحنطة دون كيلها و ذلك ربا و لو صالحاه على مائة درهم و قبضاها قبل أن يتفرقا جاز و تقسم المائة بينهما على قيمة الحنطة و الشعير لانهما كالبائعين منه الحنطة و الشعير بمائة درهم و البدل يقسم على قيمة المبدل و لو كان لرجلين على إمرأة ألف درهم فتزوجها أحدهما على حصة منها فهو جائز و لا يرجع صاحبه عليه بشيء لانه لم يقبض بحصته شيئا مقبوضا يقبل الشركة فانه يملك به البضع و البضع ليس بمال متقوم و لا يكون مضمونا على أحد فلا يقبل الشركة فهو كالجناية التي تقدمت و روى بشير عن أبى يوسف رحمه الله ان للآخر أن يشاركه فيضمنه نصف نصيبه من الدين لان النكاح انما ينعقد بمثل تلك الخمسمائة و الصداق لا يجب بالعقد و يكون ما لا متقوما ثم يصير الزوج مستوفيا لنصيبه من الدين بطريق المقاصة لان آخر الدينين دين المرأة فتصير هى قاضية به نصيب الزوج من الدين
(43)
و كذلك لو كان لامرأتين على زوج احداهما ألف درهم فاختلعت منه فليس للآخرى ان ترجع عليها بشيء لانها لم تقبض شيئا و لو كان تزوجها أحدهما على خمسمأة ثم قاصها بحصته من الالف أو لم يقاصها رجع عليه شريكه بمائتين و خمسين لانه صار مستوفيا نصيبه بطريق المقاصة ثم تتبع ابنها بخمسمائة و لو طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بمائتين و خمسين لتنصف الصداق بالطلاق قبل الدخول و يتبعانها بخمسامة أيضا فيكون عليها سبعمأة و خمسون فما خرج من ذلك كان بينهما على حساب ذلك أثلاثا و لو كان لرجلين على رجل ألف درهم فقال له أحدهما قد برئت إلى من خمسمأة فهذا اقرار بالقبض و لشريكه أن يأخذه بنصفها لانه قد أقر ببراءته بفعل مبتدا بالمطلوب متحتم بالطالب و ذلك بطريق الايفاء فكان هذا و إقراره باستيفاء نصيبه سواء و كذلك لو استأجر منه أحدهما دارا بحصته منها و سكنها فهو بمنزلة القبض أو استأجر بنصيبه عبد للخدمة أو ارضا للزراعة لان المنافع مال في حكم العقد و هي بالاستيفاء تدخل في ضمان المستأجر بمنزلة المشترى و لو اشترى أحدهما بنصيبه شيئا كان ذلك بمنزلة القبض و للآخر أن يرجع عليه بنصف نصيبة فكذا هذا و روى ابن سماعة عن محمد رحمه الله أنه قال هذا إذا استأجر أحدهما بخمسمائة ثم أصاب قصاصا بنصيبه فأما إذا استأجر بحصته من الدين لم يكن للآخر أن يرجع عليه بشيء و جعل هذا بمنزلة النكاح لان المنفعة ليست بمال مطلق فإذا كان بدل نصيبه المنفعة لا يضمن باعتباره ما لا مطلقا لشريكه و الله تعالى أعلم بالصواب ( باب الصلح في السلم ) ( قال رحمه الله ) و إذا صالح الرجل من السلم على ماله لم ينبغ له أن يشترى به شيئا حتى يقبضه عندنا و قال زفر رحمه الله لا يشترط ذلك لانه ليس له وجه رده بسبب القبض فيجوز الاستبدال به كالمغصوب و المستقرض و هذا لان اقالة السلم فسخ و ليس بعقد مبتدأ بينهما بدليل أن لا يستحق قبض رأس المال في المجلس و الدين بالدين حرام فإذا كان فسخا وجب رد رأس المال بسبب القبض لا بسبب عقد السلم و لكنا نقول قد ثبت بالنص ان رب السلم ممنوع شرعا من أن يأخذ رأس المال و غير المسلم فيه فلو جوزنا الاستبدال بعد الاقالة أدى إلى ذلك و انما لا يجوز الاستبدال بالمسلم فيه قبل الاقالة بهذا المعنى لما فيه من تفويت
(44)
القبض المستحق بالعقد فالإِبراء عن المسلم فيه يصح بالاتفاق و هذا المعنى موجود في الاستبدال برأس المال بعد الاقالة فيكون ذلك فاسدا شرعا فان كان رأس مال السلم عوضا فصالح عليه ثم هلك قبل أن يقبضه فعلى السلم فيه قيمته لان الاقالة لا تنقض بهلاك رأس المال قبل الفسخ فان اقالة السلم بعد ما صح لا تحتمل الفسخ لان المسلم فيه كان دينا و قد سقط بالاقالة و الساقط متلاش لا يتصور عوده و لهذا لو أراد فسخ الاقالة لم يملكها و لو اختلفا في رأس المال بعد الاقالة لم يتخالفا فإذا ثبت أن الاقالة باقية بعد هلاك العوض قلنا تعذر رد العين مع بقاء السبب الموجب للرد فتجب قيمته كالمغصوب و كذلك لو هلك قبل أن يتناقض السلم لان ما لا يمنع بقاء الاقالة لا يمنع ابتداء الاقالة و هذا لان السلم في حكم بيع المعاوضة فان المسلم فيه بيع و هو قائم بمحله بعد هلاك رأس المال و هلاك أحد العوضين في المعاوضة لا يمنع الاقالة ابتداء و بقاء فان كان للسلم كفيل يبرأ الكفيل حين وقع الصلح على رأس المال لان الاصيل بري عن المسلم فيه لانه لو كان بدلا عنه لم تصح الاقالة فان مبادلة الدين بالدين حرام لكنه دين اخر لزم الاصيل و لم يكفل به الكفيل و لا يجوز الصلح من السلم على جنس آخر سوى رأس المال لانه استبدال بالمسلم فيه و ذلك فاسد و الاصل فيه حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبي الله صلى الله عليه و سلم قال إذا أسلمت في شيء فلا تصرفه في غيره و لو كان السلم كر حنطة فصالحه منه على نصف كر حنطة على أن أبرأه مما بقي جاز لان هذا حط و لا إبراء عن جميع المسلم فيه صحيح في ظاهر الرواية لانه دين لا يستحق قبضه في المجلس و قد بيناه في البيوع فكذلك الابراء عن بعضه و كذلك لو كان السلم كر حنطة جيدة فصالحه على كر ردئ إلى شهر لان رب السلم تبرع بالتأجيل بعد ما حل حقه و تجوز بدون حقه أيضا و ذلك مندوب اليه قال صلى الله عليه و سلم لصاحب الدين أحسن إلى الشريك و لو كان السلم كر حنطة رديئة فصالحه على كر جيدة على أن يزيدة رب السلم درهما في رأس المال لم يجز ذلك في قول أبى حنيفة و محمد رحمهما الله و جاز في قول أبى يوسف رحمه الله إذا نقده الدراهم قبل أن يتفرقا و قد بينا هذه الفصول في كتاب البيوع في الحط و الزيادة في المكيل و الموزون و المذروع الا أن قول أبى يوسف رحمه الله لم يذكر في كتاب البيوع و انما ذكر هنا فأما المسائل فهي التي ذكرناها في البيوع أعادها هنا و لو كان المسلم فيه كر حنطة إلى أجل و الثمن دراهم أو شيء بغير عينه فاصطلحا على ان زاده الذي عليه السلم نصف كر
(45)
حنطة إلى ذلك الاجل لم تجز الزيادة لانها لو جازت كانت برأس مال دين يبتدئ عقد السلم برأس مال هو دين لا يجوز فكذلك الزيادة و لهذا لم تجز الزيادة في الثمن بعد هلاك المبيع اعتبار الحالة الزيادة بحالة ابتداء العقد و على المسلم اليه أن يرد ثلث رأس المال إلى رب السلم و عليه كر حنطة تام في قياس قول أبى حنيفة رحمه الله و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله ليس عليه رد شيء من رأس المال لانه ما حط شيئا من رأس المال انما زاده في المسلم فيه و لم تثبت تلك الزيادة فبقي جميع رأس المال بمقابلة الكر و العقد في جميع الكر باق فلا يجب رد شيء من رأس المال و أبو حنيفة رحمه الله يقول الزيادة في المعقود عليه حال قيام العقد و بقاء المعقود عليه صحيح كما في بيع العين و انما تعذر إثبات الزيادة هنا لانه دين بدين فإذا لم تثبت الزيادة في المسلم فيه باعتبار هذا المعين وجب رد الدين الذي بمقابلة هذا لانه لو ثبتت هذه الزيادة ألحقت بأصل العقد و يصير كأنه أسلم عشرة دراهم في كر حنطة و نصف ثم أبطلا العقد في نصف الكر فيجب رد حصته من رأس المال و هو الثلث و اقدامه على هذه الزيادة إخراج الثلث من رأس المال حتى يكون بمقابلة الكر فإذا لم يكن جعله بمقابلة نصف الكر جعل حطا ليحصل مقصوده و هو إخراج الغبن من العقد و إدخال الرخص فيه و هذه المسألة نظير ما ذكرنا في العتاق فيما إذا قال لعبده و هو أكبر سنا منه هذا ابني لم يعتق عندهما لان ما صرح به صار لغوا لم يثبت به شيء آخر و عند أبى حنيفة رحمه الله يجعل ذلك عبارة عن الاقرار بالعتق مجازا فهنا أيضا تحصيل الزيادة في المسلم فيه عبارة عن حق حصته من رأس المال فجاز و ان كان السلم عشرة دراهم في رأس المال جاز لان المعقود عليه قائم في الذمة فتجوز الزيادة في السلم ملتحقة بأصل العقد ثم مجلس الزيادة فيما زاد كمجلس العقد في رأس المال لانها وجبت في هذا المجلس فيشترط قبضها قبل ان يتفرقا فان تقرقا قبل أن يقبض العشرة بطلت حصتها من الكر كما لو كانت الزيادة مذكورة في أصل العقد فتفرقا قبل قبضها فان كان السلم ثوبا يهوديا قد حل فصالحه على نصف رأس المال و على أن يعطيه نصف الثوب جاز عند نا لانهما تقايلا السلم في النصف و ذلك جائز اعتبارا للبعض بالكل و فيه يقول ابن عباس رضى الله عنهما ذلك المعروف الحسن الجميل فان أتاه بنصف ثوب مقطوع لم يجبر على أخذه لانه في حال قيام العقد في الكل لو أتاه بالثوب مقطوعا نصفين لم يجبر على اخذه فكدلك بعد الاقالة في النصف و هذا لان القطع في الثوب عيب فكما استحق صفة السلامة في جميع الثوب بالعقد
(46)
يستحقها في النصف الذي بقي فيه العقد فلا يجبر على أخذ ثوب مقطوع و لكنه تأيد بثوب صحيح فيكون له نصفه و يكونان شريكين فيه و لو كان السلم إلى أجل فصالحه على أن يأخذ نصف رأس المال و يناقضه السلم و يعجل له نصف السلم قبل الاجل جاز النقض في نصف رأس المال و لم يجز التعجيل لان الصلح على رأس المال اقالة و قد شرط في الاقالة تعجيل النصف الآخر و إسقاط المسلم اليه حقه في الاجل و هو شرط فاسد الا أن الاقالة لا تتعلق بالجائز من الشروط و لهذا لا يشترط فيها تسمية البدل فالفاسد من الشروط لا يبطلها و أما شرط التعجيل في النصف الآخر فباطل لانه مقابلة الاجل بشيء مما عاد اليه المسلم فيه أو بمنفعة حصلت له بالاقالة في النصف و ذلك باطل فيكون الباقى عليه إلى أجله و لو كان أسلم كر حنطة إلى رجل فصالحه على أن زاده في الاجل شهرا على ان حط عنه من رأس المال درهما ورد عليه الدرهم لم يجز لانه مقابلة الاجل بالدرهم المردود و ذلك ربا و لو كان حالا فرد عليه من رأس المال درهما على أن الكر عليه كما كان أو علي أن أخره شهرا كان جائزا أما إذا شرط أن الكر عليه كما كان فهو مشكل لان المسلم اليه حط درهما من رأس المال و لم يشرط لنفسه بمقابلته شيئا و انما الاشكال في قوله أو علي انه أخره شهرا فان كان المراد علي أن أخر المسلم فيه عنه شهرا فهو غلط لانه مقابلة الاجل بالدرهم الذي رده عليه و ذلك ربا و ان كان المراد منه على ان أخره بالدرهم المحطوط شهراط فهذا صحيح لان المحطوط واجب رده باعتبار القبض فيجوز التأجيل فيه كالمغصوب المستهلك و هو الظاهر من مراده لانه قال و كذلك لو افترقا قبل أن يقبض الدرهم فبه تبين أن المراد بيان أن المحطوط لا يجب قبضه في المجلس و يجوز التأجيل فيه و إذا اصطلحا على أن يرد عليه رأس المال و هي جارية قد ولدت عند المسلم اليه فانه يأخذ قيمتها يوم دفعها اليه لان الزيادة المفصلة متولدة من عينها و مثل هذه الزيادة تمنع فسخ العقد على العين لان الولد يبقى فضلا خاليا عن المقابلة فيكون ربا و قد بيناه في البيوع الا أن الاقالة لا تبطل بالشرط الفاسد و اشتراط رد عينها بعد الولادة بشرط فاسد لا يمنع صحة الاقالة و بعد صحتها يجب رد قيمتها يوم قسطها لتعذر رد عينها و كذلك لو قتل الولد فأخذ أرشه لان قيام بدله في يده كقيام عينه و ان كان الولد مات كان له أن يأخذ الجارية لان المانع كان هو الزيادة و قد فات من صنع أحد فصار كأن لم يكن فان كانت الولادة بقبضها كان لرب السلم الخيار ان شاء أخذها و ان شاء أخذ قيمتها يوم دفعها بمنزلة
(47)
ما لو تعيبت عنده بعيب آخر و هذا لان تعذر الرد بعد النقصان فحق رب السلم فإذا رضي به جاز رده فأما بعد الزيادة بعد الرد فحق الشرع و هو معنى الربا فلا يسقط ذلك برضا رب السلم بها و لو لم تكن ولدت و لكنه جنى عليها فاخذ أرش الجناية لم يكن لرب السلم الا قيمتها لان الارش بدل جزء من عينها فهو بمنزلة الزيادة المنفصلة المتولدة من العين و لو كان المسلم اليه باعها لرب السلم ثم صالحه على رأس المال فعلى المسلم اليه قيمتها يوم قبضها بمنزلة ما لو باعها من غيره و كذلك لو وهبها له على عوض فالهبة بشرط العوض بعد التقابض كالبيع و ان وهبها بغير عوض ففى القياس كذلك بمنزلة ما لو وهبها من غيره و فى الاستحسان لا يرجع بشيء لان ما هو المقصود له عند الاقالة قد حصل له قبل الاقالة و هو عود رأس المال اليه مجانا فلا يستوجب عند الاقالة شيئا آخر كمن عليه الدين المؤجل إذا اجل ثم حل الاجل بخلاف البيع فهناك لم يحصل مقصوده لان رأس المال ما يسلم له الا بعوض غرمه من ماله و هذا نظير ما بيناه في الصداق إذا كان عينا فوهبته للزوج ثم طلقها قبل أن يدخل بها و إذا كان السلم حنطة رأس مالها مائة درهم فصالحه على أن يرد عليه مائتي درهم أو مائة و خمسين درهما لم يجز لان هذا استبدال و ليس بإقالة فانه يسمى فيه ما لم يكن مذكورا في العقد و الصلح انما يكون اقالة إذا كان على رأس المال فإذا كان على شيء آخر فهو استبدال و الاستبدال بالمسلم فيه باطل و ان صالحه على مائة درهم من رأس ماله فهو جائز لان حرف من هنا صلة فيبقى الصلح علي مائه درهم رأس ماله و ذلك اقالة و كذلك ان قال خمسين درهما من رأس مالك فهو جائز لانه لم يذكر فيه ما لم يكن مستحقا بالعقد فيكون اقالة فان قال مائتي درهم من رأس مالك فهو باطل لان رأس المال دون المائتين فحين ذكر في الصلح ما لم يكن مذكورا في العقد كان ذلك استبدالا للمسلم فيه و إذا كان بعض ما هو مذكور في العقد فهو اقالة صحيحة و شرط ترك بعض رأس لمال له باطل و الاقالة لا تبطل بالشرط الفاسد و إذا سلم الرجل إلى رجل ثوبا في كر حنطة و فيه المسلم اليه ثم ان المسلم اليه سلم ذلك الثوب إلى آخر ثم صالحه الاول على رأس المال ثم صالح الثاني الثالث على رأس ماله فرد عليه الثوب لم يرده على الاول و يأخذ منه الاول قيمته لان الاول صالحه على رأس المال و الثوب خارج عن ملكه فيجب عليه بهذا الصلح رد قيمته ثم عاد اليه الثوب بملك مستقبل في حق الاول على ما عرف على أن الاقالة فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في حق غيرهما و فى حق الاول عاد الثوب بملك
(48)
مستقبل فلهذا يأخد قيمته و لا سبيل له على عينه كما لو اشتراه الثاني من الثالث فان اصطلحا كان له ذلك لان رأس ماله بعينه و هو عائد اليه بطريق الفسخ في حقه و انما جعل الاقالة بمنزلة البيع الجديد في حق غيره لدفع الضرر فإذا وقع التراضى عليه فقد اندفع الضرر فهذا لان الاستبدال انما لا يجوز لما فيه من أخذ رأس المال و غيره المسلم و ذلك لا يوجد هنا فانما يأخذ رأس ماله بعينه و ان كان عوده اليه بحكم ملك جديد و هذا لان الاقالة فسخ في حق المتعاقدين لتراضيهما عليه و إذا رضى الاول بذلك كان فسخا في حقه أيضا و هذا بخلاف ما إذا قضى القاضي له بالقيمة قبل أن يصالح الثاني مع الشك لان حقه هناك تقرر في القيمة بقضاء القاضي فلا يعود في العين بعد ذلك و ان قدر على رده و فى الاول لم يتقرر حقه في القيمة بقضاء القاضي فيعود التعين إذا وقع التراضى عليه كما في المغصوب الآبق إذا عاد لان هناك بعد قضأ القاضي لو اصطلح على أخذ العبد جاز بطريق انه بدل عن القيمة التي قضى بها القاضي وهنا لا يجوز لان القمية التي قضي بها القاضي رأس مال السلم و الاستبدال برأس المال بعد الاقالة لا يجوز بالتراضي و كذلك لو كان الاوسط قبل الثوب بغير حكم بعيب بعد الصلح الاول أو قبله لان قبوله بالعيب حكم بمنزله الاقالة و لو رد عليه بعيب بقضاء قاض ثم ناقض الاقل رده بعنيه لان الرد بقضاء القاضي فسخ من الاجل أعاد اليه الثوب على الملك الذي كان له قبل ملك الثاني فهو و ما لو صالح الاول على رأس المال قبل العقد الثاني سواء و لو كان ناقضة السلم قبل أن يرد عليه الثوب فقضى له بقيمته ثم رد الثوب عليه بعيب بقضاء القاضي كان عليه قيمته بسبب المنافضة لان القيمة تقررت عليه بقضاء القاضي فلا يسقط عنه بعود رأس المال اليه بعد ذلك على أى وجه عاد و لكن الثوب رد عليه بالعيب بسبب هو فسخ من الاصل فيكون له ان يرده بالعيب على بائعه و يأخذه قيمته و انما رده بالعيب لدفع الضرر عنه و أخذ القيمة لان مناقض السلم عقد الرد فبطل و لما صار رأس المال هو القيمة التي قبضها بقي هنا الثوب ثوبا بنسفه أن يسلم اليه على رد السلم و قد تعذر رده اليه سليما فيلزمه قيمته كما في الصداق إذا رد بعيب فاحش يؤخذ قيمته من الزواج و لو كان وهبه ثم اشتراه أو ورثه ثم أقاله السلم كان عليه قيمة الثوب لانه عاد اليه الثوب بملك متجدد بالشراء و فى الوراثة كذلك لان الوراث يخلف المورث في الملك و الملك الذي كان للمورث كان ملكا متجددا سوى المستفاد بعقد السلم فيخلفه الوارث في ذلك الملك و اختلاف سبب الملك باختلاف العين لانه