ذبح الولد
من العجيب الذي لا يكاد يصدّق ـ لو لاالايمان ـ أن نبيّا من اولى العزم يرى في
المنام أنه يذبح ولده ، ثم يقصد تصديق
منامه ، وتلّه للجبين ، وناديناه ان يا
ابراهيم قد صدّقت الرؤيا . وهكذا سيّد قريش
عبد المطلب رضوان الله تعالى عليه ينذر ذبح
ولده العاشر وهو عبد الله أبو النبي (صلى
الله عليه وآله وسلّم) ، فيفدي بمائة من
الابل كما أفدي اسماعيل بذبح عظيم فبهذه
وذلك يدفع عنها الذبح ويبقى الفحر مدي
الزمان حتى يقول الله عليه وآله : أنا ابن
الذبيحين . 1 ـ حدثنا احمد بن الحسن القطّان ، قال :
اخبرنا احمد بن محمد سعيد الكوفي ، قال :
علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابيه قال :
سألت ابا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه
الصلاة والسلام) عن معنى قول النبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) انا ابن الذبيحين ،
قال (عليه السلام) : يعني اسماعيل بن
ابراهيم الخليل (عليه السلام) ، وعبد الله
بن عبد المطلب . أما اسماعيل فهو الغلام
الحليم الذي بشّر الله به ابراهيم ، فلما
ابلغ معه السعي ، قال يابني اني أرى في
المنام أني اذبحك ، فانظر ماذا ترى ، قال
يا أبت افعل ما تؤمر ، ولم يقل له يا ابت
افعل ما رأيت ، ستجدني ان شاء الله من
الصابرين ، فلّما عزم
على ذبحه فداه الله بذبح عظيم ،
بكبش املح
يأكل في سواد ، ويشرب في سواد ، وينظر في
سواد ، ويمشي في سواد ، ويبول ويبعر في
سواد ، وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة
اربعين عاماً ، وما خرج من رحم انثى ،
وانّما قال الله جلّ وعزّ له كن فكان ليفدي
به اسماعيل ، فكلما يذبح بمنى فهو فديه لا
سماعيل الى يوم القيامة ، فهذا احد
الذبيحين . وأمّا الآخر ، فان عبد المطلب
كان تعلق بحلقة باب الكعبة ودعا الله
عزوجلّ أن يرزقه عشرة بنين ، ونذرالله
عزوجلّ ان يذبح واحداً منهم متى اجاب الله
دعوته ، فلما بلغوا عشرة ( اولاد ) قال قد
وفي الله لي ، فلأوفّين لله عزوجل ، فأدخل
ولده الكعبة ، واسهم بيتهم ، فخرج سهم عبج
الله أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) ، وكان احبّ ولده اليه ، ثم اجالها
ثانيه ، فخرج سهم عبد الله ، ثم اجالها
ثالثه ، فخرج سهم عبد الله ، فأخذه وحبسه ،
وعزم على ذبحه فاجتمعت قريش وقنعته من ذلك
، واجتمع نساء عبد المطلب يبكين و يصحن ،
فقالت له ابنته عاتكه ، يا ابتاه اعذر فيما
بينك وبين الله عزّ و جلّ في قتل ابنك ، قال
فكيف اعذر يا بنيّة فانك مباركة ؟ .
قالت
اعمد الى تلك السوائم التى لك في الحرم ،
فاضرب باقداح على ابنك وعلى الابل ، واعط
ربك حتى يرضى ، فبعث عبد المطلب الى ابله ،
فأحضرها وعزل منها عشراً ، وضرب بالسهام
فخرج سهم عبد الله ، فما زال يزيد عشراً
عشراً حتى بلغت مائة ، فضرب فخرج السهم على
الابل ، فكبرت قريش تكبيرة ارتجت لها جبال
تهامة ، فقال عبد المطلب لا ، حتى اضرب
بالقداح ثلاث مرّاة ، فضرب ثلاثا ، كل ذلك
يخرج السهم على الابل ، فلمّا كان في
الثالثة ، اجتذبه الزبير وابو طالب
واخوانه من تحت رجليه فحملوه وقد انسلخت
جلده خدّه الذي كان على الارض ، واقبلوا
يرفعونه ،