نعم ان كل هذا ممكن لكن بشرط التوكل علي اللة سبحانة وتعالي ، والايمان بقدرة الانسان علي التغيير.ذلك لان الانسان كفرد مبدع لة قيمة كبري في صنع التاريخ ، كونة قادر علي صنع المعجزات وتغيير وجة التاريخ ، اعتماد علي روح مبدعة تقوم باعمال ذكية وخفيفة لكنها موثرة .وقد نجح الاوربيون كثير في استخدام مثل هذه الطرق ; علي سبيل المثال ارسلت بريطانيا الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس كثير من الاشخاص للتاثير علي مجري الاحداث في منطقتنا الاسلامية ، مثل عبداللة الفيلبي ، ومسز بيل ، ولورانس العرب ، وقدم هولاء خدمات كبيرة لبلادهم بذكائهم وابداعهم .لورانس العرب مثلا استطاع ان يغير تاريخ المنطقة ، حيث كان لة الدور الاكبر في فصل العالم العربي عن الدولة العثمانية ، ثم اسس حركة معارضة للاخيرة في تركيا.وهناك بعض المعلومات التاريخية الهامة توكد ان بريطانيا هي التي دفعت هتلر للهجوم علي السوفيات ، عبر زرع شبكة جاسوسية تسللت داخل الاجهزة الالمانية ، ووصل نفوذها الي الحد الذي دفعت فية البلد الي نقض معاهدة عدم الحرب بين المانيا والاتحاد السوفياتي ، وبعدها نشبت الحرب بين الالمان والسوفيات .في الوقت الذي استفاد فية البريطانيون من حماية قواتهم العسكرية وتحطيم القوة الالمانية بواسطة السوفيات .ان مثل هذه العمليات الابداعية مطلوبة في ساحة العراق من من اجل تحقيق انتصارات باهرة .ولقد حرص آية اللة المدرسي في توجيهاتة الفكرية علي بناء انسان عراقي حيوي يتحمل علي عاتقة مهمة تبديل الوضع القائم في العراق ، خصوص بعد مجي ء حزب البعث العفلقي الي السلطة .ولكي نعرف السر وراء حرص المدرسي علي بناء هذا الانسان ، لابد ان نعرف الاثار التي انعكست علي هذه الشخصية خصوص القناعات التي تبرر لة الانعزال عن تادية ادوار حقيقية تجاة ما يجري .وهذا الانعزال جاء علي ثلاثة اشكال :ـ الاول :ـ تفكير العراقي في ان يبعد نفسة عن مثل هذه الامور.وهذا منطق خاطي ، لان الفرد الذي يعيش في مجتمع ما ترتبط حياتة بحياة ذلك المجتمع ، وحينها يكون شعور الانسان بالوحدة والانسجام مع الاخرين ، فتكون آلامهم هي آلامة ، وافراحهم هي افراحة ، وبالعكس .هذا الشعور هو الذي يجعل الشعب يعترض علي قرار اعدام انسان بري ء، لان هذه الحرمة اذا انتهكت ، فان حرمة الجميع سوف تنتهك بلا اشكال .الثاني :ـ الاعتقاد بان الزمن او حركة المعارضة العراقية هي الكفيلة بالاطاحة بنظام بغداد.الثالث :ـ الاعتقاد بانة حتي لو سقط النظام القائم ، فسوف ياتي نظام اسوا منة .وهذا ما يروج لة الاعلام العراقي .لكن آية اللة المدرسي يوكد ان حركة المعارضة اذا استطاعت ان تسقط هذا النظام ، فانها تستطيع باذن اللة ان تبني علي انقاضة نظام فاضلا حسبما تريد.هذه اشكال الانعكاس الاول الفردي .اما الانعكاس الاجتماعي ، فانة يتمثل في التفكير بالمصلحة الذاتية دون الجماعية .ولكي تتجاوز هذا الاشكال لابد من السعي الي تقوية التكتلات الاسرية والتجمعات الرسالية المومنة والقطاعات المهنية العاملة ، وهكذا..لان الشعب اذا وصل رحمة وركز علي تماسكة ونشر المحبة في ربوعة ، فسوف يكون مجتمع حيوي فاعلا.واخير يطرح آية اللة المدرسي برنامج النصر القرآني الذي يستخلصة سماحتة من سورة الانفال ، ويهدية الي المجاهدين علي ساحة العراق من اجل اصلاح الوضع القائم .وهذا البرنامج يتلخص في الاتي :ـ اولا:ـ الجهاد وتحمل المسوولية .والقرآن الحكيم يوكد مرار علي فكرة المسوولية ، حتي تبدو وكانها خلاصة الايات القرآنية .وهذا الاصرار والتكرار نابع من هروب الانسان الدائم من تحمل المسوولية .ثاني :ـ الثبات في المواجهة حتي تحقيق الاهداف ، لان موعد الانتصار قد يقصر وقد يطول ، ولئلا تكون تحركات الانسان موسمية تتحكم فيها الاهواء والامزجة .ان الامر بالنسبة للعمل الاسلامي يختلف عن ذلك ، فهو بحاجة الي تواصل ، والتواصل بحاجة الي ثبات واستقامة مع كل الظروف والاحوال وفي المد والجزر.ثالث :ـ ذكر اللة ، وهذا الشرط هو الذي يضمن الثبات والاستقامة ، لاسيما وان الشيطان يسعي جاهد لهزيمة الذات .رابع :ـ طاعة القيادة الرسالية ، فهي من اهم عوامل نصر الحركة الاسلامية واسباب منع النزاع والفشل ، خاصة اذا اطاعت الحركة امر قائد رشيد.شرط ان تمثل اللة ورسولة ، لان هذا التمثيل يعطي شرعية الالتفاف حولها.خامس :ـ الوحدة وارادة الانسان في وحدتة ، وحينما يتنازع الانسان مع غيرة او الحركات مع بعضها، فسوف تذهب ارادتها وقوتها.سادس :ـ الصبر، اذ ثمار العمل بحاجة الي وقت ، وهذا ما يدعونا الي تكثيف العمل كم وكيف .الاتجاة الثاني :ـ اهتم آية اللة المدرسي بالعمل علي اصعدة فصائل المعارضة ، باعتبارها القوي الاكثر والاقوي فعلا علي صيعد الساحة العراقية .وبلحاظ ان المدرسي لة سابقية جهادية واسعة ، فانة يحاول احداث تطورات حقيقية علي هذا الصعيد بشتي الطرق .واهم ما كان يسعي الية سماحتة ، هو التاكيد علي وحدة المعارضة العراقية .لكن هذه الوحدة بطبيعتها صعبة في وضع مثل وضع العراق ، ونظر لتاثيرات التاريخ الكبير.وعلي رغم هذه الصعوبة الا ان السيد المدرسي كان يوكد كثير علي وحدة المعارضة العراقية وبعدة صور، لان هذه الوحدة هي الكفيلة بمواجهة النظام .ولكن كيف تكون الوحدة ؟ وما هو محورها علي رغم تعدد الاتجاهات والتيارات ؟ مبدئي الوحدة لابد ان تكون حول المرجع المتصدي .وفي القضية العراقية ولاسباب ليس هنا مجال ذكرها لم تحدث هذه الحالة ، وحتي لو حدثت فان طبيعة الظروف الموضوعية التي تعود الي تاريخ طويل كما قلنا.لم تهيي لاتحاد دور المرجع المتصدي مع جهد المعارضة المتعدد الاطراف .وتلافي لهذا الامر، فان السيد المدرسي وايمان منة بان دور الحركة الاسلامية هو تجاوز الاختلافات ، لا تكريسها باي صورة من الصور، ولا ان تكون جيش ووقود للصراعات المرجعية ، لان دورها اكبر بكثير من ذلك .ولهذا دعا سماحتة القيادة الخماسية في اوائل عام 3891م المشكلة منة ومن السادة العلماء الحكيم والهاشمي والاصفي والحائري من اجل الاتفاق علي تفاصيل الاستراتيجية النافعة للقضية العراقية .و يمكن تحديد معالم الاستراتيجية التي سعي اليها السيد المدرسي في الامرين التاليين :ـ اولا:ـ الدعوة الي العمل داخل العراق .ويعتبر السيد المدرسي من اوائل الداعين الي العمل داخل العراق ، لانة كان يدعو منذ بداية عقد الثمانينات الي ما يسمي بالهجرة المعاكسة .وقد دار الجدل كثير علي هذه الاطروحة خصوص اثناء قيام الحرب العراقية ـ الايرانية ، حيث القت بعض الفصائل العراقية الدور الاكبر علي نتيجة هذه الحرب التي كانت نهاياتها في 8891م تدل علي ميل الميزان العسكري لصالح الجمهورية الاسلامية في ايران .الا ان السيد المدرسي مع وجود هذا التطور كان يوكد دوما علي نقطتين هامتين من اجل فهم الحد الفاصل بين جهود المعارضة العراقية وجهود الحرب الايرانية ، وهاتان النقطتان هما التالي :1 ـ ان الحرب التي نشبت عام 0891م خلطت اوراق القضية العراقية ، بحيث لم يعد ممكنا منذ قيام الحرب التفريق بين ما تقوم بة ايران كدولة تخوض حربا عسكرية مع العراق ، وبين ما تقوم بة المعارضة العراقية كحركة تحررية تقود حربا ضد نظام بغداد منذ مجيئة عام 8691م .لكن كما هو معروف ان اصوات الصراع العسكري تغطي علي جهود المعارضة ، اذ ان المقارنة بين امكانات الدولة الايرانية وامكانات المعارضة غير واردة ، وفي مثل هذه الحالة فان فعالية الجهد العسكري بالبداهة هو الذي يقرر مسار الحدث السياسي علي راي البعض وليس العكس .هذا من جهة ، ومن جهة اخري فان نظام بغداد خلط متعمدا بين نشاطات المعارضة العراقية وبين الجهد العسكري الايراني ، واعتبرها اعلاميا وسياسيا خطوة واحدة موجهة ضدة .2 ـ ان الجمهورية الاسلامية لم تدخل الحرب بارادتها، حتي يكون لها الخيار بين ان تقاتل بقواتها العسكرية الخاصة وبين ان تساعد الاخرين للوصول الي ذات الهدف .وانما الحرب فرضت عليها بهجوم مفاجي ء من القوات العراقية اجتاحت فية الاف الكيلومترات من الاراضي الايرانية ، وتوغلت الي عمق ثلاثين كيلومترا، واحتلت مدنا باكملها.وبهذه الصورة لم يكن امام ايران الا خيار الدفاع عن النفس .ولاجل هذا الامر لايمكن المقارنة بين الجهدين ، اذ غاية الجهد الايراني تحرير الارض المحتلة ، وغاية المعارضة احداث تغيير حقيقي داخل العراق .وعلي هذا الاساس لم تتبن الحكومة الايرانية كثيرا من الاطروحات التي قدمتها بعض فصائل المعارضة ، مطالبة فيها بنقل الحرب الي الداخل عبر تسليح العشائر وامداد المعارضة بالمساعدات الممكنة التي تتكفل بزعزعة نظام بغداد من الداخل .ونحن هنا لا ننكر الدعم الايراني ، لان المسوولين في الجمهورية الاسلامية في ايران دعموا المعارضة وازداد هذا الدعم بعد عام 4891م .حيث بدات القوات الايرانية تسترجع قوتها وتفرض نفسها علي ساحة الحرب .وهذه المرة لم يكن الدعم قائما علي اساس ان تودي المعارضة اهدافا ايرانية في حربها مع نظام بغداد بمقدار ما هو تادية لمهمات المعارضة نفسها.واهم هذه المهمات في نظر هذه المعارضة هو اسقاط النظام الحاكم ، مستندة في ذلك الي مبررات عراقية بحتة راجعة الي طبيعة النظام السياسي .واعتمادا علي هذه الروية كان آية اللة المدرسي يوكد دائما علي ان الجهد العسكري ليس بديلا عن جهود المعارضة العراقية التي تستطيع القيام بطفرات نوعية داخل العراق .قد تقلب المعادلة باسرع مما تودية الحرب العراقية - الايرانية ، خصوصا وان تجارب تاريخ الحروب العسكرية شاهدة علي ان القليل من الانظمة السياسية تسقط بفعل هجوم عسكري تقليدي حدودي ، خصوصا مع حكومة التوازن العسكري ان صح التعبير.ومن هذا المنطلق دعا السيد المدرسي الي اعادة النظر في استراتيجية البعض والتوجة الي العمل داخل العراق ، باعتبارة الميدان الاول والاستراتيجي الذي لا يمكن التخلي عنة .وفي ضمن هذه الاستراتيجية يطرح سماحتة ثلاث نقاط مركزية :اـ نقل جوهر التجربة الاسلامية في ايران الي داخل العراق ، لئلا يشتبة بنقل مظهر التجربة وشكلها عن نقل مضمونها، لان المظهر والشكل راجع الي المعطيات والظروف الموضوعية .ب ـ التركيز علي الاستراتيجية التي تقصم ظهر النظام .فالتظاهرات المليونية علي غرار ما حدث في ايران قد تكون غير ممكنة بسبب وحشية رد الحزب العفلقي ، كما ان كتابة الشعارات والمنشورات ليست كافية لاسقاط هذا النظام .وبدلا من هذين الافتراضين لابد من المساهمة في نمو حالة ثورية تتحدي ديكتاتورية النظام ; تتسلح بالقوة ، ثم تنمو شيئا فشيئا حتي تصل الي مرحلة تستطيع فيها كسر حاجز الخوف عند الجماهير، لتقوم هي باختيار الاسلوب الامثل والممكن .ج ـ دعم بناء قوة ذاتية في داخل العراق ، حتي تنمو وتتصاعد لكي تتحول الي حركة جماهيرية عارمة .وهذا المطلب - بالطبع - لا يلغي سائر الاستراتيجيات التي تعجل باسقاط النظام ، وهذه الاستراتيجية لابد ان تنبع من واقع الشعب العراقي في الداخل .فهو مدعو الي استعادة ثقتة بنفسة وتوكلة علي ربة وتفاعلة مع قيمة وطاعتة لقيادتة الرسالية وتعاونة مع الحركات الاسلامية من اجل احداث تغيير نوعي في الداخل وبة ايضا.ثانيا:ـ تحريك الساحة الجماهيرية .التاكيد علي حضور الجماهير العراقية في حلبة المواجهة مع النظام ، كان مدار سعي آية اللة المدرسي .وقبل ان نخوض في غمار هذا البند، لابد ان نشير الي ضعف التفاعل الايجابي والمثمر بين فصائل المعارضة العراقية كتشكيلات سياسية وبين التيار الواسع من الجماهير الذي يتعاطف مع هذه الحركات ويعلق عليها الامال ، علي الرغم من مظاهر الولاء الجماهيري في عملية اسقاط النظام .وهناك اسباب عديدة لعدم وصول ذلك الي المستوي المقبول ، منها شدة قمع النظام او ضعف وسائل الاتصال مع الشعب او قد يكون عجز البرامج التنظيمية التي تومنها هذه الفصائل لاحتواء التكتلات الشعبية .ويري السيد المدرسي هذه الاسباب جميعها، لكنة يوكد ايضا ان محدودية الجهد الذي تقوم بة فصائل المعارضة من اجل اشراك هذا التيار الواسع هو السبب الاساسي في عدم وضوح دور بناء لهذا التيار في مسيرة القضية العراقية .وهذا التحريك سواء للجماهير العراقية في الداخل او في الخارج لة ايجابيات كثيرة علي مسيرة عمل المعارضة .فهو من جانب يبقي القضية العراقية حية في اذهان الناس وفي اجهزة العالم الاعلامية ليجعلها حاضرة امام الجميع .والهدف الاسمي من ذلك ايضا هو الدعوة الي اشتراك قطاعات واسعة من الجماهير في نشاطات حقيقية وجهود فعليه لاسقاط النظام ..وفي هذا المعني دعا آية اللة المدرسي الي مشاريع كثيرة تودي هذا الغرض ، منها علي سبيل المثال مشروع اسبوع شهداء الاسلام في العراق ، ويوم المجاهد العراقي ، واسبوع النصرة للقضية العراقية .ويهمنا في هذا المكان ان نعطي القاري ء نبذة موجزة عن اسبوع شهداء الاسلام في العراق .دعي السيد المدرسي الي احياء هذه الذكري المباركة في عام 7041هـ ما بين 71 - 11 جمادي الثانية .وتقام في هذا الاسبوع مهرجانات خطابية واسعة في كل من ايران وسوريا ولندن والولايات المتحدة الاميركية وسائر المناطق التي يتواجد فيها عراقيون .وعادة ما تحاط هذه المهرجانات بصور كواكب الشهداء، امثال الشهيد آية اللة السيد محمد باقر الصدر وآية اللة الشهيد السيد حسن الشيرازي والعلامة الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم وصور الطلائع المومنة التي ضحت بنفسها من اجل حرية وكرامة الشعب العراقي .وينطلق السيد المدرسي في هذه الذكري من قولة :>ان امة تحيي ذكري شهدائها امة لن تموت ، وان دماء شهداء الحركة الاسلامية في العراق كانت سورا عاليا لقيم الدين وحصنا منيعا للماذن والقباب في مساجد العراق ، بل لولاهم لاطبقت الضلالة افاق بلاد الرافدين ان احياء ذكري الشهداء خطوة متقدمة للسير علي خطاهم ، ذلك لان اكرامهم يعني اكرام الامة لنفسها.فبعد ان تسمو روح الشهيد الي جنان الخلد الابدية تاركة وارءها بهارج الدنيا وزينتها في سبيل النزوح بالمجتمع الي طريق العزة والكرامة .هنا ينتهي دور الشهيد الظاهري ، لتبدا مسيرة ادوار تنبعث من ذلك الدور، تتوالي مع بعضها البعض ، لتكون معادلة جديدة كان الشهيد يستهدفها في الاساس حين قرر الشهادة .ومن هنا فان رسالة دم الشهيد في الواقع لاتنقطع بمجرد شهادتة ، بل انها رسالة متواصلة يبعثها الشهداء علي الدوام الي كل من يتنفس الصعداء في هذه الحياة ، داعية اياة الي العمل للصالح الاجتماعي العام .ولهذا السبب ينهي اللة سبحانة وتعالي عن الادعاء بموت الشهداء، اذ يقول في كتابة الحكيم : ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل اللة اموات بل احياء ولكن لا تشعرون البقرة - 451.ولايكتفي اللة عزوجل بهذا النهي ، بل يقول في آية اخري : ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل اللة امواتا بل احياء آل عمران - 961.ان هذا النهي الصريح يبدا من النهي علي صعيد الاعلام كما هو صريح الاية الاولي ، وينتهي بالنهي علي صعيد التفكير كما هو مفاد الاية الثانية ، وهذا مما يوكد عظمة منزلة الشهداء.وكلمة الاحياء الواردة في الايتين السابقتين تكتمل بصورة اوضح حين يقوم الاحياء بادوار مكملة لدور الشهداء، سواءا علي صعيد الاعلام بذكر محاسن الشهداء والمساهمة في نشر الغايات النبيلة التي ضحوا من اجلها، او بتنمية روح حب الشهادة في نفوس سالكي هذا الطريق وبخلق عناصر نموذجية تقتفي خطي الشهداء وتحتذي اثارهم .وحينها يكون الفرق الفاصل بين هذا الصنف وصنف الشهداء، ان الصنف الاخير ارتقي الي مستوي الشهادة علي مايحدث في المجتمع من فساد وانحراف عن الجادة الالهية بالدم ، بينما الصنف الاول يسارع الخطي في تطبيق قيم الشهيد ومبادئة دون ان يصل الي مرحلة التوقيع بالدم .وبمعني آخر ان حياة الشهداء الحقيقية التي يذكرها القرآن نابعة من كونها تولد طاقة حرارية تدفع كثيرا من الطلائع والامة الي العمل الحقيقي .ولعل الهدف الاسمي الذي يسعي الية السيد المدرسي من احياء هذه الذكري العطرة ، هو خلق شهداء احياء يسيرون علي درب الشهداء مع ملاحظة ان يكونوا خلفاء صالحين لاسلاف صالحين ، ويكون ايضا برفع مظلوميتهم ، واخيرا بالاهتمام بعوائلهم معنويا وماديا.وبهذه الصور كلها يدرك الجميع سر حياة الشهداء التي تتداخل مع حركة المجتمع السائر في طريق تحقيق الحرية والاستقلال .وهذا يعني علي صعيد القضية العراقية ان جميع ابناء الشعب مدعوون الي المشاركة الفعليه في عملية اسقاط نظام بغداد.اذن خلاصة هذه المرحلة التي بدات عام 9791م وانتهت بالتحديد في عام 7891م ، حيث تاكدت قناعة لا غالب ولا مغلوب في الحرب العراقية - الايرانية .كان دور آية اللة المدرسي سياسيا بالدرجة الاولي ، سعي فية الي الكشف عن سواة نظام بغداد.وباضافة هذا الدور تبني خيار العمل داخل العراق ودعوة الفصائل الاخري الي الاتفاق علي هذه الاستراتيجية المركزية منذ بداية الثمانينات .وهو بهذا يوكد ضرورة الفصل بين جهد المعارضة وجهد ايران كدولة فرضت عليها حرب عسكرية .ومن هنا اكد علي ان الدور الاكبر هو دور العراقيين انفسهم في انقاذ بلدهم ، ولهذا كان يسعي تحت عدة صور واطر الي ربط الجماهير العراقية بواقع العملية القائمة تمهيدا لمشاركتهم الفعليه في اسقاط النظام .كما تابع السيد المدرسي العمل علي صعيد فصائل المعارضة العراقية من اجل وحدتها بالصورة الممكنة ملاحظة لظروف التجربة القائمة .
المرحلة الثالثة :
وانكشف القناع 7891م - 1991م بدات هذه المرحلة بوتيرة هادئة ، حيث بقت الحرب العراقية - الايرانية علي حالها.القوات الايرانية من جانبها حررت اغلب اراضيها ودخلت في العمق العراقي في محافظة البصرة ، لكنها لم تسفر عن تبديل في ميزان القوي العسكري .وسارت الايام وانتهي هذا العام ، وبعد ان تعززت القناعة ذاتها عند الحكومة الايرانية وافقت علي قرار الامم المتحدة رقم 895 القاضي بايقاف الحرب واجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين لحلحلة باقي الامور.النظام الدولي من جانبة كان سعيدا من هذه النهاية ، لاسيما وانها في نطرة استطاعت ان توقف المد الايراني علي الوطن العربي ، والي العراق بشكل خاص .النظام العراقي من جهتة اعتبر ذلك نصرا عسكريا وسياسيا، ومن جهة اخري خابت امال بعض فصائل المعارضة العراقية التي تصورت ان نهاية الحرب لن تاتي الا بسقوط نظام بغداد.ولهذا كانت قد نشطت بصورة ملحوظة عندما كاد يميل الميزان العسكري لصالح ايران ، حتي انها جعلت ذلك رهانها الاول .لكن الدعم العالمي الشامل والهائل كان لهذا الرهان بالمرصاد، وبهذه النتيجة فان المعارضة العراقية كاملة بدات تتخوف من المستقبل القادم لنظام العراق الخارج لتوة من حرب عسكرية ما من شك في انة استثمرها داخليا.ولعل افضل استثمار حققة هو ان شخص الرئيس صدام حسين اصبح محور السلطة ، بل محور كل شي ء، بل هو العراق .فكل القوي تجمعت بحجة الحرب والهم المشترك والسيادة الوطنية .آية اللة المدرسي كان يواصل من جهتة نشاطة السياسي والاعلامي والارتباط بالداخل العراقي ، لان دور الانسان لا مفر منة .غاية الامر ان الظروف تكون ملائمة وقد لاتكون ، ولهذا كان سماحتة يكرر دائما وطوال المرحلة الثانية فكرة طالما كررها في خطاباتة الجماهيرية لابناء الشعب العراقي ، وهي :ان نظام بغداد الذي حصل علي دعم وتشريف دولي لانظير لة طوال الحرب المفروضة وبعدها بقليل ، سياتي عليه اليوم الذي يفتضح فية هذا النظام بنفس المقدار ايضا الي الحد الذي لن يقبل بة احد.كان هذا الكلام نوعا من المبالغة المفرطة في نظر الذين تصم اذانهم اجهزة الاعلام يوميا موكدة علي قوة نظام بغداد وحكمتة وقدرتة و..و..، لكن مرت الايام والشهور وارادت الاقدار الالهية ان يتحقق هذا التنبو النابع من سنن الدين وبصائر التاريخ ومسار الاحداث ، واذا بالعالم يستيقظ علي انباء لاتكاد تصدق في صبيحة الثاني من آب اغسطس لعام 1991م ، وهو غزو القوات العسكرية العراقية للكويت واحتلالها.انصعق كل من سمع الخبر واسرتة المفاجاة لما حدث ، وانذهل المراقبون والسياسيون والمتابعون للاحداث العالمية .الراي العام العالمي من تخبطة في اول الامر ذهب يمنة ويسرة في تحليلاتة لما حدث ; فتارة يقول بان هذا الحدث تم بالتنسيق مع قوي كبري ، وتارة يقول بانة خطوة زائدة علي الاتفاق مع هذه القوي ، وتارة ...وتارة ...، لكن الذي يهمنا هنا هو ان القوات العراقية احتلت ارض الكويت وعاثت فيها فسادا وخرابا لايمكن اصلاحة الا بعد عشر سنوات تقريبا، هذا بالاضافة الي خسارة المليارات من الدولارات .ان ما حدث في الكويت اوصل الشعب العربي والنظام الدولي بجميع اجنحتة الي قناعة واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، وهذه القناعة هي ان نظام بغداد هو مصدر الازمات الحقيقي في منطقة الشرق الاوسط الاستراتيجية التي تعتبر شريان التطور العالمي .لكن مع الاسف كما يقول آية اللة المدرسي جاءت هذه القناعة بعد ستة اشهر من التدمير والتخريب والارهاب الذي قام بة العراق في الكويت .هذا التخريب والتدمير والديكتاتورية تعرض لها الشعب العراقي طوال ثلاثة وعشرين عاما، وهو يعدها بالساعات وبالايام من شدة ما حدث فيها!! كما ان شراسة هذا الغزو العسكري اثبت للعالم مدي الدمار الواسع الذي لحق بالفي قرية ايرانية ، واودي بحياة الالاف من الابرياء.ان اكتشاف هذه القناعة بالنسبة للعالم امر جديد، لكنة بالنسبة للشعب العراقي قديم جدا، ويكفي ان تعرف ان عدد الفارين من العراق يقارب المليوني شخص كلهم معارضون للنظام ، لان من يعارض النظام هناك لايمكن ان يعيش باعتبار ان النظام قائم علي اسس فاشية ، بل هي كما يقول السيد المدرسي نسخة متطورة من النازية والفاشية مشوبة ببعض السلبيات الستالنية .لكن الظروف التي مر بها العالم في عقد الثمانينات من تصاعد الصحوة الدينية ، صور لهم بان الخطر يكمن في ايران .فدعم نظام بغداد بالسلاح والتاييد السياسي الي حد الجنون ، حيث وقفت الي جانبة كل الموسسات الدولية مويدة لة ، ومن جهة اخري تغطي علي انتهاكاتة .هذا علي الرغم من ان المعارضة العراقية قدمت العديد من الوثائق والصور والشهادات التي تدين هذا النظام .ولم تكن هي الوحيدة التي قدمت ذلك ، بل حتي اجهزة الاعلام المستقلة والمحايدة وسفارات بعض الدول اكدت ذلك .لقد ارتكب هذا النظام مجازر عديدة بحق الجميع ، بحق الشيعة والاكراد وباقي الشعب وبحق ابناء الشعب الايراني ، ومع ذلك كان موضع اجلال وتقدير عند كثير من العواصم العالمية .هذا النظام بالذات هو الذي ادخل العالم في مازق خطير، لاسيما وان منطقة الخليج العربي كما هو معروف ، تشكل منطقة استراتيجية وضرورة حيوية وخطا احمر لايمكن لاي احد تجاوزة .واذا حدث وان تجاوز البعض هذا الخط، فانة سوف يتعرض لعقاب كبير من النظام الدولي عبر تجييش عسكري وحشد اعلامي وسياسي من اجل ضمان استمرار دورة الحياة الصناعية والحضارية في بلاد العالم الصناعي .اذا عرفنا ذلك يمكننا بسهولة معرفة السر الذي تداعت لة قوي سبعة وعشرين دولة بزعامة الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وفرنسا وسائر الدول الحليفة لوضع حد سريع لازمة الاحتلال العراقي للكويت .وما يهمنا في هذا الحدث بالطبع هو ان المعارضة العراقية خلال العقدين الماضيين كانت محاصرة اعلاميا وسياسيا، حتي ان المتامل للقضية العراقية يكتشف ان هناك شبة اجماع علي عدم حضور هذه المعارضة في وسائل الاعلام العالمية وعواصم القرار الموثرة .وهذا راجع طبع الي اهمية الدور الذي كان يقوم بة نظام بغداد في الحفاظ علي الامن العالمي بوقوفة سد امام المد الايراني .ان هذا الوضع تبدل تمام ،فالمعارضة العراقية وجدت لها فرصة كبيرة للتعبير عن آرائها وعن مواقفها تجاة ما يجري علي ارض الخليج بالذات ، وتجاة ما يجري داخل العراق المظلوم .وبالخصوص حينما ندرك ـ انصاف ـ ان المعارضة العراقية اقوي حركة سياسية معارضة في الشرق الاوسط، لكنها بموازاة ذلك تعرضت لاشرس نظام في ذات المنطقة ايض .ولذلك وجدت هذه الظروف الجديدة متنفس اعلامي وسياسي يعتبر مقدمة للتاثير في مسار الاحداث في المنطقة .وقبل ان ندخل في متطلبات هذه المرحلة ، فاننا لابد ان نشير اولا الي السبب الاساسي وراء اشتعال الازمة في الخليج او ما يسمي بحرب الخليج الثانية .ان السبب الرئيسي كما يقول آية اللة المدرسي هو ان نظام بغداد كان يعاني من ازمة داخلية عبارة عن صراع طويل بين الشعب وبين الحكم ، وازدادت هذه الازمة بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية حيث خرج العراق بديون متراكمة بلغت اكثر من 08 مليار دولار.وهذا يعني ان عائدات البترول العراقي تغطي فوائد الديون فقط، هذا بالاضافة الي الدمار والخراب الذي طبع ببصماتة علي كل ما في العراق .وكان اهم ما يقلق نظام بغداد مشكلة الجنود العائدين من الحرب ، اذ يطالب كل واحد منهم باستحقاقاتة بعد حرب الثمان سنوات .وبسبب هذه المظاهر كان الاعلام العراقي قبيل غزوة للكويت يمهد الاجواء ويهيي الارضية تعبير عن نية بغداد في القيام بعمل ما.علي سبيل المثال قبل اربع وعشرين ساعة من احتلال العراق للكويت كان التلفزيون العراقي ينقل زيارة الرئيس صدام لبعض العوائل العراقية .يذهب الي المخازن فيراها خاوية علي عروشها، فيقول لهم صدام بعدئذ:هذه الكويت بجانبكم !! ان هذه الخطوات كانت اشارة عراقية الي ضرورة المشاركة الخليجية في تحمل اعباء الحرب التي عادت اضرارها علي العراق اكثر من اي بلد آخر.علي الرغم من ان الرابح الاكبر من هذه الحرب ـ من وجهة نظر بغداد ـ هو البلاد الخليجية .ولان صدام لم ير همة خليجية في انقاذ ما يمكن انقاذة من العراق المدمر، لم يكن امامة خيار الا غزو الكويت الجارة الصغيرة ذات القوة المحدودة املا منة في ايجاد مخرج لازمتة ..ولهذا حدث ما حدث .
وحدة المعارضة العراقية .. مطلب استراتيجي
وحدة المعارضة العراقية مطلب استراتيجي تفرضها ضرورة التطور المتسارع للاحداث خلال الازمة الاخيرة في الخليج .وانطلاق من ذلك سعي آية اللة المدرسي من اول هذه الازمة ، وبادر الي الاجتماع باغلب فصائل المعارضة العراقية من اجل التوصل الي هذا الهدف العام .لكن هذا الهدف يتعرض الي عقبة كاداء من الاختلافات الايديولوجية والاستراتيجية بين هذه الفصائل التي تضم اكثر من ثلاثين تجمع معارض .ولدراسة هذا الموضوع الهام ، لابد قبل كل شي ء من الاجابة علي ثلاثة اسئلة :اولا:ـ علي ماذا نختلف ؟ ثاني :ـ هل نحن نسير في طريق الوحدة ، ام العكس ؟ ثالث :ـ ما هي العوامل التي تهيي الارضية للوحدة ؟ آية اللة المدرسي كان طوال عقد الثمانينات من دعاة جمع فصائل المعارضة العراقية والدينية منها بالذات ، من اجل الانطلاق من هذا التجمع الي جمع المعارضة العراقية ككل .وقد تطرقنا الي ذلك في المرحلة الثانية من هذا الفصل ، حيث كانت لة جهود مباركة في هذا المجال ، لاسيما علي صعيد تاسيس المجلس الاعلي للثورة الاسلامية في العراق ، الذي كان خطوة متقدمة لتوحيد الحركات الاسلامية .بيد ان هذا المجلس لم يستطع القيام بهذه المهمة لاسباب كثيرة ليس هنا مجال ذكرها.ومع ذلك يوكد آية اللة المدرسي علي عدم وجود سبب ملموس للخلاف بين فصائل المعارضة الدينية بالخصوص .وان وجد ذلك ، فانة يعود الي ظروف القمع والارهاب وانعدام الحرية في داخل العراق ، حيث منعت من ايجاد التنسيق مع الاطراف الاخري بسبب حالة اللاثقة التي كانت شائعة في الداخل .وبالرغم من ذلك فان مسيرة الجهاد والعمل الاسلامي ـ كما يقول آية اللة المدرسي ـ جعلت فصائل المعارضة الدينية ترتقي سلم الوحدة ، وهذا راجع الي كثرة الاجتماعات واللقاءات الثنائية التي من شانها هدم جدر الخلاف واحد بعد واحد.وهذا هو الذي يدعو الية القرآن الحكيم في الاية الشريفة :ـ وجعلناكم شعوب وقبائل لتعارفوا الحجرات ـ 31.فالتعارف هو قاعدة التعاون .ان الاختلافات موجودة بين فصائل هذه المعارضة الدينية ، لكنها خلافات محدودة جد ، ونقاط الالتقاء اكبر واكثر من نقاط الخلاف .ومع ذلك كانت هذه الوحدة تنتظر تحولا كبير من شانة تدعيم المسيرة الوحدوية بين هذه الفصائل .وكانت خطورة الظروف التي مرت بها القضية بعد غزو العراق للكويت ، هو الظرف الملح والمناسب الذي يدعو الي وحدة المعارضة الدينية ، فضلا عن سائر الفصائل .واستمرار لجهود سماحة السيد في عقد الثمانينات ، فلقد سعي الي ترتيب البيت الاسلامي اولا عبر تكثيف لقاءات القيادة الثلاثية المتمثلة في آية اللة المدرسي وآية اللة الحكيم والعلامة الاصفي ، باعتبارهم رجال الدين المتصدين لاقوي هذه الحركات ، لهم ابعاد علمية وفكرية وسابقيات جهادية لا تنكر.وتحدثنا عن مبررات ذلك في المرحلة الثانية من هذا الفصل ايض .ولهذا كانت في البدء محاولات جادة وناجحة في توحيد البيت الاسلامي ، حيث اثمرت هذه الجهود عن تشكيل لجنة بين الاطراف المختلفة في المعارضة الاسلامية ، ثم ابتعثت هذه اللجنة الي سوريا لتبدا مفاوضات جادة ومطولة مع سائر الاطراف الكردية والوطنية والشيوعية ، والبدء بتشكيل جبهة موحدة عريضة لاستثمار الاوضاع الجديدة .والامر الذي ساهم وعجل في هذه المفاوضات ، هو ان الامل في تبديل الوضع داخل العراق اقترب شيئ فشيئ ، خصوص وان العالم الذي كان يقف بقوة لدعم نظام بغداد يتراجع عنة ، بل ويسعي لاسقاطة ، ويفتح المجال اعلامي وسياسي امام المعارضة .وهذا ما دفع المعارضة العراقية الي تشكيل ميثاق مشترك اتفقت عليه جميع اطراف المعارضة من اسلاميين وعلمانيين ووطنيين ، ووصفت هذا الميثاق في السابع والعشرين من نوفمبر 0991م ، واثمر عن تشكيل لجنة العمل المشترك التي تتكفل بتنسيق برامج عمل المعارضة لاسقاط النظام وتحديد العلاقة فيما بين هذه الاطراف بعدئذ.وبعد توقيع هذا الميثاق عقدت المعارضة العراقية موتمر عام في بيروت حضرتة سائر الاطراف بتاريخ 01/3/0991م تحت شعار >وحدتنا ضمانة لخلاصنا من الديكتاتورية وصيانة لوحدة وطننا وانتصار للبديل الذي يختارة شعبنا ويري السيد المدرسي ان خطوة المعارضة هذه كانت مبادرة طيبة قامت بها المعارضة العراقية .ويقول بهذا الشان :ان هذا التوافق يدشن عصر جديد علي العراق ، حيث يستطيع فية كل طرف تجاوز الخلافات الايديولوجية وتركيز النظر علي القيم الثابتة التي يشترك الجميع في تقديسها مع مراعاة المصالح الحقيقية للكل دون معارضتها للصالح العام .ونرجو ان يكون هذا التوافع منطلق اساسي في ولادة مجتمع جديد يعترف فية الجميع بحقوق الاخرين .ان هذا التوافق يبشر بولادة جديدة لعراق الاسلام وعراق القيم والحرية .ان الخطوة التالية التي يراها آية اللة المدرسي بعد هذا التوافق لاطراف المعارضة ، هي محاولة الضغط علي النظام الدولي من اجل التفكير في جذر المشكلة التي جعلت الاوضاع تتدهور بهذه الصورة .اذ ان السبب في الواقع ليس هو غزو العراق للكويت فقط، وانما جذر المشكلة يعود الي وجود نظام بغداد اصلا الذي تمرس علي الجريمة ونما علي الديكتاتورية .واي حل لهذه الازمة يبقي معة نظام بغداد لا يثمر حلا حقيقي ، لان حالة اللاثقة سوف تبقي في المنطقة .ومن هذا المنطلق فان آية اللة المدرسي يدعو القوي الدولية الي الحلول الجذرية للازمات القائمة ، وهذا يتطلب فتح الملفات القديمة ، خصوص وان نظام بغداد تعمد ونجح في التعمد في خلط الاوراق وربط القضايا بعضها ببعض .والملفات التي فتحت بعد هذه الازمة هي التالية :ـ 1 ـ ملف الصراع العربي ـ الاسرائيلي وهو الاهم .2 ـ ملف العلاقات القائمة بين منطقة الخليج والقوي الكبري .ان هذين الملفين الهامين اذا لم يتحلحلا حلا جذري واستراتيجي ، فانهما سوف يوفران مناخات ملائمة لظاهرة طغيان اخري لا تقل عن ظاهرة صدام .وهذا ما يدعو القوي الدولية الي التوجة للشعوب اكثر فاكثر واحترام حقوقها وحرياتها، حتي تتوفر حالة من الاطمئنان علي مستقبل هولاء الشعوب .ومثل هذا الحل لابد ان يكون تجاة نظام بغداد، اذ استمرار بقاء صدام في حكم العراق سوف يبقي المنطقة تحت وطاة ازمات مزمنة يمكن حدوثها في المستقبل ، ذلك لان تجاوزات هذا النظام لقيت اهمالا متعمد من الاخرين .وهذا يتعاضد مع حلم صدام الكبير بان يصبح فارس العرب الاول ، وهذا الحلم سوف يشكل خطر علي المنطقة بلا شك ولا شبهة .والحل الرئيسي الذي يراة آية اللة المدرسي لهذه الازمة ، هو سحب الاعتراف بنظام بغداد، والاعتراف بالمعارضة العراقية كممثل وحيد للشعب العراقي المقهور.ولاجل هذا الهدف ، فان السيد المدرسي طالب روساء العالم والمجالس البرلمانية خصوص بعد انكشاف القناع عن حقيقة صدام العدوانية ، لان المشكلة التي وقعت بين انظمة اقليمية مدعومة بشرعية دولية وبين نظام اقليمي آخر هو نظام بغداد، واهل القضية الحقيقيون بالامر لا راي لهم ولا دخل .لاجل هذا السبب يري السيد المدرسي ان دعم المعارضة العراقية وتقويتها والاعتراف بها رسمي في المحافل الدولية هو الطريق الطبيعي لحضور الشعب العراقي .وحضورها يعني بالطبع قيامها بدور ما في العواصم المعنية لصالح الشعب العراقي .لكن يبدو وكما يتصور آية اللة المدرسي ان النظام العالمي لاتزال تراودة مخاوف عديدة من صعود نظام مجهول الهوية ، حتي لو اهتم بقضايا وطنية وشعبية .وهذه المخاوف هي لعبة صليبية صهيونية قادت السياسة العالمية طوال العقود الماضية بهذا الاتجاة ، اما بالنسبة للعقود القادمة وبحسب ما تشير الية التحليلات الاستراتيجية فان الاقتصاد سوف يكون هو المحور.وهذا يعني ان اي حكومة اسلامية او وطنية لن تقوم بدور المزاحم لهذا النظام الدولي القائم علي الاقتصاد القوي ، خصوص وان تمتع الحكومة القادمة بالحرية والديمقراطية سوف يكون اضافة حسنة للامن والاستقرار العالميين .اما وجود نظام بغداد فانة يشكل خطورة حقيقية علي المصالح الحيوية لاميركا والغرب في كل الاحوال ..لهذا فان شعوب العالم وشعوب المنطقة بالذات مدعوون الي التعاون لاسقاط نظام بغداد.والتعاون يكون مع المعارضة العراقية المتصدية لهذا الامر، للوصول الي الصيغة المطلوبة .وبدون التشاور مع هذا الطرف الاساسي ، فان النظام الدولي يكون قد ظلم الشعب العراقي مرتين ; مرة حينما نما صدام في ظلة واذاق الشعب ما ذكرناة سلف ، ومرة اخري اعطاوة حق التحدث باسم العراق بعد كل ما جري .ولاجل هذا الامر يطالب آية اللة المدرسي القوي الدولية والمجالس النيابية بخمسة امور:ـ اولا:ـ طرد هذا النظام من الموسسات الدولية .ثاني :ـ محاصرتة سياسي واعلامي واقتصادي ، ومنع وصول الامدادات العسكرية الية .ثالث :ـ دعم المعارضة العراقية باعتبارها الممثل الوحيد للشعب العراقي المقهور.رابع :ـ الاعتراف رسمي بالمعارضة التي تمثل الاكثرية من ابناء الشعب .خامس :ـ مساعدة الهاربين من جحيم النظام ، والذي يبلغ عددهم زهاء المليون .
الانتفاضة الشعبانية
وانتهت عملية عاصفة الصحراء بهزيمة عسكرية مرتقبة للقوات العراقية التي انسحبت من الكويت ، ولاحقتها قوات التحالف الي داخل العراق ، في محاولة منها لتضعيف البنية التحتية لهذه القوة .لكن ما حدث في مسار هذه الازمة وخلال الستة اشهر الاخيرة بالذات من ادخال صدام للعراق في مغامرة غير محسوبة العواقب .فجر اسباب الرفض الكامنة في لاشعور الشعب العراقي ، فجاءت الانتفاضة الشعبانية المباركة في اغلب المحافظات العراقية دلالة واضحة علي هذا الرفض .ان حدث الانتفاضة يكشف بوضوح ان ثلاثة وعشرين عام من المسخ والتشوية لمعدن الشخصية العراقية ، لم تكف في التاثير علي هذا المعدن .فلقد حاول النظام طوال هذه الفترة ان يكسو هذه الشخصية بغطاء سميك من الخوف والتردد.وبدا ان ذلك للوهلة الاولي قد اصبح ساري المفعول ، لكن تتابع الاحداث التي ادخلت الشعب العراقي في نفق طويل من المشاكل والازمات لما ينتة بعد، خصوص ان اي شعب كما يقولون لا يستطيع ان يتحمل حربين متتاليتين وخاسرتين خلال عقد واحد من الزمن .هذه الاحداث اضعفت سمك هذا الغطاء رويد رويد حتي اصبح هش ، ولما ضعف هذا الغطاء اشتعل فتيل الانتفاضة في سائر المدن العراقية ، مما يدل علي رشد ونضج معين وصلت الية هذه الشخصية .وهذا الرشد والنضج لم يات علي طبق من ذهب للشعب العراقي ، بل جاء علي اثر انهار جارية من دماء القيادات والطلائع وكل معارض شريف رفض نظام صدام او فكر في رفضة .وبالاضافة الي هذه الدماء فان سجون العراق شاهدة علي وجود نصف مليون معتقل ان لم يكن اكثر، ادخلت الرعب والحزن في كل بيت والي كل اسرة .لذلك فان التعايش بين الشعب العراقي وبين النظام غير معقول ، لان الحدود الفاصلة بين الطرفين حدود مليئة بالدم والديكتاتورية والتشريد.ولهذا قامت الانتفاضة شاملة من اقصي الجنوب الي اقصي الشمال ، وشاركت فيها جميع الاطراف الدينية والقومية والعشائرية .ففي الجنوب سيطرت القوات الشعبية علي جميع المدن ، وسقط بعضها كلي بيد المعارضة ، وبعضها سقط جزئي .اما المدن المقدسة مثل كربلاء والنجف الاشرف فمن شدة المعارك فيهما نالتا نصيب وافر من الخراب والتدمير، بما في ذلك استخدام النظام لقنابل النابالم الحارقة .وفي الشمال تمكنت الجماهير المنتفضة من السيطرة علي الطرق الاستراتيجية وتحرير عدد كبير من القري والمدن .ومن ثم امتدت شرارة الانتفاضة الي الاحياء الشعبية في بغداد مثل مدينة الثورة .آية اللة المدرسي من جانبة يري ان انتفاضة العراق وتداعياتها سوف تطيح بحكم صدام عاجلا ام آجلا.ومن المعلوم ان آثار الانتفاضة لاتزال قائمة حتي كتابة هذه الاسطر، حيث تشهد كثير من المناطق عمليات هجومية متوالية ضد مراكز النظام .بالطبع ان مثل هذه الانتفاضة كما يقول آية اللة المدرسي كان بامكانها اسقاط نظام بغداد.لكن هناك سبب اساسي منع ذلك ، وهو ان النظام لايزال يملك عاملا داخلي يمكنة من البقاء، يتمثل في وجود حزب متمرس في السلطة تمتد اصابعة الي داخل المجتمع .وهذا الحزب لازال يمتلك قوة الحرس الجمهوري التي لم تتضرر كثير خلال الازمة الاخيرة ، وهي التي تملك بزمام الامن داخل البلاد، ولا تتردد في اتخاذ تدابير امنية شديدة القمع لاخماد اي صوت معارض ينشا في هذه الظروف الحساسة .وكان يمكن لهذه الانتفاضة ايض ان تسقط نظام بغداد بسرعة لو توفر ظرف واحد، هذا الظرف هو ان تلعب دول التحالف دور اساسي في التعجيل بسقوط هذا النظام ، خصوص بعد اشتعال الانتفاضة الشعبية واستخدام قرار منع استخدام السلاح العراقي :لكن الذي حدث معاكس تمام للدور المومل من هذه الدول .وهذا ان دل علي شي ء، فانما يدل علي وجود مخاوف لدي مصادر القرار السياسي في الولايات المتحدة والدول الغربية لا مبرر لها، بحجة حدوث فراغ سياسي في منطقة حساسة كالعراق وبالتالي في المنطقة .ويوكد آية اللة المدرسي ان المعارضة العراقية قامت بجهود اعلامية وسياسية كبيرة من اجل تفنيد هذا التخوف ، لاثبات انها البديل الحقيقي والطبيعي لنظام بغداد، الا ان ذلك لم يفلح في اقناع هذه القوي بامكانية ذلك .ثم لما رات هذه المصادر امكانية قيام بديل لنظام صدام ، حدثت مخاوف اخري مفادها عدم الاطمئنان الي صورة الحكومة المقبلة حتي لو كانت شعبية وطنية ، للخوف من عدم اسهامها في تحقيق المصالح الحيوية لهذه القوي .وزاد من هذه المخاوف زعم بعضهم من امكانية ان تكون هذه الحكومة اصولية ، وبالتالي فان مساعدة هذه الانتفاضة سوف يودي حسب هذا الزعم الي تعزيز المد الاصولي في الشرق الاوسط.وعلي اساس هذا التردد في مصادر القرار المذكورة ، تشكل قرار اميركي ـ غربي بعدم مساعدة الشعب العراقي المنتفض ، والحفاظ ما امكن علي نظام صدام ، لان هذا النظام خاضع بالقوة او بالفعل لقوات التحالف العسكرية وللقرارات الدولية الصادرة من مجلس الامن والبنود المتفق عليها في اتفاقية وقف اطلاق النار.وقد اكتفت دول التحالف بتقديم مساعدات انسانية ، وهي تشكر علي هذه الجهود، الا ان هذه المساعدات ايض لا ترتقي الي حجم الماساة التي يمر بها الشعب العراقي ، اذ ان جل هذه المساعدات تذهب الي اتباع النظام ، ولا تصل الي المتضررين الحقيقيين من هذه الحرب .ان دور آية اللة المدرسي خلال هذه الفترة كان واضح .فقد كان همة الاكبر حماية الانتفاضة عبر دعمها، ومن ثم استثمارها من قبل المعارضة العراقية .وهذه الاستفادة تتجلي في امرين :ـ 1 ـ دعم الانتفاضة تعبوي ، وانقاذ ما يمكن انقاذة .وفي هذا الصدد كان سماحتة يشرف شخصي علي التواصل مع داخل العراق من اجل القيام بعمليات الامداد هذه ، خصوص بعد تدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية بسبب الحصار الغذائي المفروض .2 ـ النشاط الاعلامي والسياسي ، ويستهدف طرح روية المعارضة العراقية ومواقفها ومظلوميتها خلال عقدين من الزمن .ونظر لدورة المباشر في القضية العراقية ، فقد اجري اكثر من سبعين لقاء صحفي مع مختلف الوكالات العالمية الاجنبية والاقليمية والاذاعات والصحف والمجلات .وصدرت هذه الحوارات الصحفية في جزئين هما:اضواء علي ازمة الخليج والانتفاضة الشعبية في العراق ; الاسباب والنتائج .والهدف الاسمي من هذه الحوارات الصحفية ابراز وضع الشعب العراقي ، وتوضيح الواجبات الرئيسية التي ينبغي ان يقوم بها النظام الدولي تجاة ماساة العراق .ولم يتكف سماحتة بذلك ، وانما قام بارسال العديد من الرسائل والاقتراحات الي روساء العالم ، والي المنظمات الدولية ، و الي المجالس النيابية من اجل ابقاء قضية الشعب العراقي حاضرة في الاذهان .والجدير بالذكر ان مكتب السيد المدرسي قام بجهود حثيثة ومشكورة للتوزيع الخبري والاعلامي لكافة الوكالات العالمية ، حتي ان ايام الانتفاضة لم تكن تخلو اجهزة الاعلام العربية والعالمية من خبر او حدث صادر من مكتب سماحتة ، وارد من داخل العراق .
معالم النظام السياسي
اوجدت الانتفاضة الشعبانية فرصة سانحة لتغيير نظام بغداد، والتعويض عنة بنظام بديل لا يحدث اي توتر وازمات مستقبلية في المنطقة .لان مجرد وجود صدام علي كرسي الحكم في العراق سوف لن يدع المنطقة تنعم بالامن والسلام ، اذ تركيبة هذا النظام قائمة علي الاستفادة من الثغرات لخلق مشاكل متجددة في المنطقة .ولكن مع ذلك برزت علي السطح مخاوف من مستقبل العراق السياسي .ولرد هذه المخاوف يقول آية اللة المدرسي :ان النظام الحالي اسوا من كل بديل ، ولا يمكن باي حال من الاحوال قياسة ببديل يعمل لصالح العراق ولصالح المنطقة وسلامتها.ومن اجل اثبات هذه الفكرة حرص السيد المدرسي في حواراتة الصحفية ونداءاتة السياسية علي التاكيد علي معالم النظام السياسي في عراق المستقبل ، لكي يقطع الطريق امام هذه المخاوف .وسوف نذكر هنا اربعة مبادي اساسية اكد عليها سماحتة ، وهي كالتالي :ـ اولا:الحرية والتعددية من اجل ان نبني عراق مزدهر ومتقدم تتمتع كل شرائحة الشعبية بالحرية والانفتاح ، يوكد آية اللة المدرسي علي البحث اولا علي ركائز الحرية والانفتاح ، ويعد مبدا الاصالة والاستقلالية من المبادي والمقومات الاساسية لوضع لبنة الحرية ومن ثم تشييدها في اي مجتمع وامة .فالاصالة تكرس المبادي والمعتقدات في الامة ، وتجنبها من الوقوع في وحل الفوضي والترقيع والسطحية .اما الاستقلالية ، فهي الدرع الواقي والحصن المنيع لهذه الامة الاصيلة ، وهي تجنبها التبعية والعبودية للقوي الضاغطة داخلية كانت ام خارجية .لذا، نجد ان اللة سبحانة وتعالي يشير الي دور الانبياء ع البارز في تكريس اصالة التوحيد للة عز وجل ، وفك كافة الاغلال والقيود التي تكبل المجتمعات البشرية للنهوض بها الي مستوي التحدي الحضاري .فيقول تعالي في سياق شرح مهام الرسول الاكرم محمد ص لامتة : ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم .فمن الطبيعي ان الرسول الاعظم ص لم يمتهن الحدادة ليفك القيود عنهم ، بل انة ص بعث الي قومة ليحررهم من اغلال الهوي والشهوات والتقاليد والاعراف الخرافية .اي فك القيود النفسية والاجتماعية بغية النهوض الي مستوي المسوولية الانسانية التي تقع علي كل فرد من هذه الامة .حتي انة ص لم يات ليفك اغلالهم القديمة والبالية ليستعيض بها بالاسلام بالجبر والاكراة ، بل جاء ص ليثير دفائن عقولهم ، ويشذب فطرتهم التي تدعوهم الي اللة ، والي الخير والاصلاح .فالاسلام جاء لتحرير الانسان من السلطة والهيمنة البشرية ، وهو لا يعني الضغط والارهاب ، ولا يعني مصادرة الاموال والحقوق ، بل الاسلام شعارة لا اكراة في الدين البقرة ـ 652.ومن جهة اخري يوكد السيد المدرسي علي ان التعددية جزء من ديننا، اذ ان الاسلام دين الحرية والشوري ودين احترام الاخرين .ففي القرآن الكريم يامر اللة سبحانة وتعالي رسولة الاكرم ، وهو صفوة خلقة قائلا: وشاورهم في الامر .وفي آية اخري يقول تعالي : وامرهم شوري بينهم الشوري ـ 83.اذ ان الاسلام يطمح الي ايجاد نظام يعمة التكاتف والتعاون حتي مع اهل الديانات السابقة ضمن اطار التوحيد، فيقول تعالي : قل يا اهل الكتاب تعالوا الي كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد الا اللة ولا نشرك بة شيئ ولا يتخذ بعضنا بعض ارباب من دون اللة فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون آل عمران ـ 46.بل ان اساس فكرة التوحيد تلغي التمايز بكل انواعة ، فالجميع سواسية ، امام قانون اللة تعالي .والتعددية اثبتت نجاحها تاريخي ، كما اثبتت المركزية الشديدة فشلها الذريع .هذه الحقيقة لا تنحصر في العراق فحسب ، بل هي عامة تشمل البشرية كلها.فالي اين انتهت الفاشية في ايطاليا؟ والنازية في المانيا؟ والماركسية في روسيا؟ والماوية في الصين ؟ اذ خيم الفشل الذريع علي كل ارجاء هذه الدول .فبالرغم من كل الانجازات الهائلة التي حققها هولاء في الجانب المادي ، الا انها مسخت شخصية الانسان ، لانها سلبت عصارة وجودة ، وهو فكرة .لذا تجد الانسان هناك ، بدل ان يستفيد هو من الانجازات ، يحدث العكس ، حيث ان الانجازات هي التي تستفيد منة .والعراق كذلك كانت لة حصة الاسد من تجربة مركزية شديدة ، وحظة لم يكن احسن من غيرة .لذلك لابد من تكريس حالة التعددية عند خارطة النظام السياسي لعراق الغد.ويوكد آية اللة المدرسي ان ضمانة الحرية هي التعددية الثقافية باحترام الجميع بلا استثناء احد من شمالة الي جنوبة ، ومشاركتهم سياسي واقتصادي واداري في الحكم ، ومساهمة كافة شرائح المجتمع الواعي بكل طوائفة وقومياتة لدفع العراق الي الامام .وهنا يوكد السيد المدرسي ان تقدم اي بلد قائم اساس علي ثلاثة مقومات وركائز، هي :الثقافة والسياسة والاقتصاد.ومن المعروف ان للثقافة ابعاد تشمل التربية والاعلام وما شابة .وبصورة عامة هي غداء العقل ، لان الثقافة هي التي تنير العقل وتمحصة وتنشلة من رواسب التاريخ الخاطئة والافكار السلبية الضارة .بعد ذلك ياتي دور السياسة والذي يقتضي توفير الامن اولا، لان انعدام الامن يعني قتل الفكر وعرقلة الاقتصاد، وبالتالي القوقعة في دائرة التخلف .بينما في حالة وجود الامن ، فبامكان الانسان ان يفكر ويبدع ..مما يقود بلدة نحو الانطلاقة باتجاة التقدم والرقي .يوكد سماحتة علي ان الحرية السياسية اذا انعدمت ، فلا تنفع الحرية الاقتصادية آنئذ شيئ .ففي المانيا الهتلرية ، كان الامن الاقتصادي هو الحاكم ، الا ان الحرية السياسية كانت محظورة .لذلك تجد شعوبها لم تنشط سياسي ولم يتمكنوا من تحقيق اغراضهم السياسية .وهذا مما اثر تاثير بالغ علي الاقتصاد الالماني وجعلة ياخذ طريقة الي التراجع .اذن اذا اردنا ان ننشد عراق قوي ومقتدر ، فلابد ان تتوفر لدينا الحرية الحقيقية لثلاث مقومات اساسية لمستقبل العراق ، هي الحرية علي الاصعدة السياسية والثقافية والاقتصادية .وهناك ايض ضرورة ملحة لتحكيم التعددية لبلد مثل العراق ، اذ انة يضم فصائل وطوائف مختلفة ; منهم الشيعة والسنة ، واقليات يهودية ومسيحية وغيرهم ، كما ان هناك قوميات مختلفة تنتشر في مناطق العراق كالعرب والاكراد والتركمان .فاذا لم تحكم هذه التركيبة التعددية ، فان الديكتاتورية ستكون هي الحاكمة ، واذا حكمت الديكتاتورية فانها ستجعل العراق يئن تحت وطاة الارهاب .ومن هنا ينبغي ان نرسم لمستقبل العراق سياسة سليمة للتعددية تضمن عدم الوقوع في فخ الديكتاتورية من جديد.ثم يوكد السيد المدرسي ان التعددية هي ضمان التخلص من احقاد الطائفية التي زرعها الاستعمار في بلاد الامة الاسلامية .ثم يرجع السيد المدرسي الحاجة الماسة الي التعددية الي سببين :ـ 1 ـ ان شعب العراق جرب طبيعة الحكم الديكتاتوري في عهد حزب البعث العفلقي ، ويبدو ان هذه التجربة تكفية لمدة قرن كامل .2 ـ لان وضع العراق يشتمل علي طوائف متعددة ، وان اي نظام قادم لابد ان يوسس نظام يعتمد علي الحرية ولا يتجاوزها لاي اعتبار كان .وبالطبع فان المفروض في هذا النظام ان يحترم فية الشعب ومبادئة ، وخيار الشعب هذا لا يكون الا في حريتة وتعزيز مصيرة وتحديد نظامة السياسي بذاتة .ويدعو السيد المدرسي الي ان يكون هذا النظام اسلامي وهذه الدعوة نابعة من الاعتماد علي اساس ارادة الاكثرية .ثاني :وحدة العراق ويوكد السيد المدرسي ان لا منافاة بين الصفة الاولي وبين وحدة العراق .فنحن لابد ان نومن بوحدة العراق ارض وحكومة وشعب ، والاختلاف المذهبي والقومي يجب ان يجير في اتجاة الديمقراطية .وتعتبر سويسرا مثالا جيد لتجانس القوميات المتعددة فيها دون حدوث تضارب بينها، ونحن في العراق يمكن ان نصل الي هذا المستوي من التجانس حين ندرك بانة دولة اصيلة متشابكة المصالح ، خصوص وان رياح الوحدة التي تهب علي العالم اقوي بكثير من هوي التفرق .ثالث :اعادة الاعمار وعملية اعادة الاعمار هذه كما يقول آية اللة المدرسي تحتاج الي تظافر الجهود واعتماد برنامج استراتيجي بعيد المدي لتحقيق فائدة من هذه العملية .وهذا يتطلب معرفة الامكانات الداخلية من القوي الشعبية .وهنا يوكد سماحتة علي مبدا الاستقلال ، لانة سوف يضمن ابعاد متعددة لبناء عراق حر ومزدهر، والاستقلال يعتمد علي نقطة مركزية ، هي العيش دون الاحتياج للاخرين .والا اذا وجدت هذه الحاجة ، فلن يذوق الشعب العراقي حلاوة الاستقلال .ان الاحتياج ينشا ـ عادة ـ من الفقر، و الفقر سواد الوجة في الدارين وهذه حقيقة ثابتة ، ولا يمكن التغافل عنها.فان اي بلد يعتمد علي الاخرين في سد احتياجاتة من غذاء ودواء واسلحة ، فلا ريب ان الاستقلال سوف يبقي حلم يراودة ، اذ يضطرة الاحتياج الي الرضوخ لكل الضغوط التي تمليها عليه الدول التي تمدة باحتياجاتة .ولا يخفي ، ان الدول التي تمدنا بما نحتاجة منها، لا تعمل ذلك انطلاق من نظرتها الانسانية ، وعطفها علي الشعوب المستضعفة ، انما ياتي هذا الدعم كمقدمة ووسيلة لاستغلالنا، وتضعيف اقتصادنا المحلي ، وبالتالي ضرب ارادتنا الحرة .فاذا اردنا ان نحقق الاستقلال الحقيقي لبلادنا وشعبنا، يجدر بنا ان نعتمد علي انفسنا في كل قضايانا، وجعل الاكتفاء الذاتي وهذا الاستقلال لابد ان يحكم الثقافة والاقتصاد والسياسة ايض .فالاستقلال الثقافي لا يخفي دورة الكبير، لان ضمانة وتحقيقة هو ضمان وتحقيق الاستقلالين الاخرين ، هما الاستقلال الاقتصادي والاستقلال السياسي .اذ ان العبودية الثقافية تقتضي الانسلاخ عن كل شي ء، وبالخصوص انسلاخ الانسان عن معتقداتة وافكارة وخططة وبالتالي انسلاخة عن هويتة .ويوكد السيد المدرسي بان اساس الاستقلال الثقافي هو التفكير السليم المرتكز علي مقومات سليمة .وقد اكد الاسلام علي عظمة واهمية الفكر والتفكير، فقد جاء في الحديث الشريف :>تفكر ساعة خير من عبادة سنة وفي حديث آخر للامام علي ع :الفكر مرآة صافية كل ذلك لان التفكير هو الذي يهدي الانسان الي سبل الخير والاصلاح .اما الاستقلال الاقتصادي ، فلابد ان يقوم اساسة علي فكرة الاعتماد علي الذات .فمتي ما كان البلد منتج ، فقد قطع اشواط كبيرة في الاستقلال الاقتصادي .ومن هنا ينبغي التوجة الي الاكتفاء الذاتي اقتصادي ، ولتحقيق ذلك يدعو السيد المدرسي الي تاسيس مراكز للبحوث الي جانب كل مصنع وموسسة انتاجية .وبهذا نرسم السياسة الصحيحة للوصول الي الاستقلال الاقتصادي الحقيقي .وبتحقيق الاستقلال الثقافي والاقتصادي يتم تحقيق الاستقلال السياسي اتوماتيكي .واذا تحقق ذلك لابد ان ندافع عنة مهما كلف الثمن .رابع :