أضواء حول الحج نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أضواء حول الحج - نسخه متنی

عبد الله جوادی آملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید







نظرية العلامة الطباطبائي (قدس سره) حول «أمن الحرم»



يقول العلامة: المراد من الأمن
المذكور في الآية: {ومن دخله كان
آمناً}. هو الأمن التشريعي دون التكويني; لأنه حدثت في تاريخ
الكعبة الكثير من الحروب، والمذابح والاضطرابات. ولهذا السبب لا يمكن للآية
أن تدل على الأمن التكويني، ولئن كان هناك وجود للآمن، فإنما يكون مراعاة
قوانين الشريعة من قبل الناس، لا بسبب الأمن التكويني.


نقد هذه النظرية


لا يمكن
قبول هذه النظرية. لأن القرآن يقول في سورة قريش: {الذي أَطعمهم من جُوع وآمنهم من
خوف}15، فهذه الآية تريد الأمن التكويني، لأن أهل مكة كانوا يعانون من الجوع، ولكنهم نجوا بلطف الله
من الجوع والفقر الاقتصادي، مع أن منطقة مكة، ليست محلا مناسباً للزراعة
وتربية الحيوانات وممارسة الصناعة، إلاّ أنّهُ توجد فيها الكثير من النعم.
ومن الممكن طبعاً أن يرفع الله ـ سبحانهُ وتعالى ـ حكم هذه الآية (أي
الأمن) في مقطع زمني محدد، إلاّ أن أصل الأمن يبقى
تكوينياً.


والنتيجة
التي نخلص لها. هي أن خليل الرحمن (عليه السلام) وإن كان قد دعا بدعائه، ومن
ثم قال الله سبحانه وتعالى: {أولَم يروا
أَنّا جعلنا حرماً آمناً}16، ولكن ذلك لا يعني أن باستطاعة كلّ فرد أن يفعل ما يشاء في ذلك المكان بشكل مطلق; لأنه
تعالى يقول في مكان آخر: {وَضربَ اللهُ مثلا
قريةً كانت آمنة مطمئنةً يأتيها رِزقُها رَغَداً من كلّ مكان فكفرتْ بأنعُمِ
اللهِ فأَذاقها اللهُ لباسَ الجُوع والخَوفِ بما كانوا
يصنعونَ}17; أي مع أنهم كانوا
ينعمون بنعمة الأمن، إلاّ أنّه وبسبب الكفران بتلك النعمة، تغيرت الأوضاع
وزال الرزق الوفير وحلّ محلّه الجوع. إذن فإن المسألة ليست بهذا الشكل، بأن
الله ـ سبحانه وتعالى ـ لو جعل بقعةً ما من الأرض مأمناً، وكفر أهل تلك
البقعةِ بأَنعُمِ الله، فإنّه ـ تعالى ـ سيديم نعمته عليهم، ويتلطف عليهم
بدوام الأمن والأمان، كلا، حيث يقول جلّ وعلا في موضع آخر:


{ولو أنّ
أهلَ القرى آمنوا واتقوا لفتَحنا عليهم بركات من السّماء والأرضِ ولكن كذّبوا
فأخذناهم بما كانوا يكسِبُونَ}18; ـ وأهل القرى يشمل هنا كل منطقة بشكل عام ـ إذن فكلتا الحالتين ـ نزول البركات
والبلاء ـ أمران تكوينيان إلاّ أنّه من الممكن طبعاً أن يمهل الله
أحياناً ومن ثم يعود فيؤاخذهم.


إن الأمن
لا يعني عدم وقوع المذابح هناك، بل إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ جعل من
ذلك المكان مأمناً، على أساس لطفه الخاص، ولكن لو ضلّ الناس
هناك وكفروا، فإنه ـ تعالى ـ سيؤاخذهم; لأنه قال: {ولا يحسبنّ الذين كفروا أنما نملي لهم خير
لأنفسهم}19، ومن الممكن طبعاً أن تتمكن حكومة ظالمة في غير مكة أن تحكم بالظلم لسنين متمادية، ولكن
الأمر ليس كذلك في أرض مكة. إذن نخلص إلى القول، بأن أرض مكة لا يمكن أن
تتجرد عن أي أمن تكويني، وأن يعود أمنها إلى خصوص التشريع
فقط.


وبعبارة
أخرى: أن أرض مكة ليست كالجنّة لا يقع فيها أي إثم: {لا لغوٌ فيها ولا تأثيمٌ}20، بل إن لها أحكام
الدنيا، إلاّ أنّ هذا المكان يختلف عن الأماكن الأخرى، والشاهد على ذلك قوله
تعالى: {ومَن يُرد فيه بإِلحاد بظُلم نذقهُ
من عذاب أليم}21; ولكن الله تعالى
يؤاخذ الظالمين في الأماكن الأخرى أيضاً: {ولا تحسبَنّ اللهَ غافلا عمّا يعملُ
الظالمونَ}22. غير أن الأخذ
الفوري والقضاء السريع على حياة الظالم، يختص بالبلد الأمين وأرض مكة
فقط.


وتأسيساً
على ذلك، فإن دعاء سيدنا إبراهيم (عليه السلام) بطلب الأمن والرزق لمكة
وساكنيها، يجمع بين التكوين والتشريع. {وإذ
قال إبراهيم ربِّ اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهلَه منَ الثمرات مَن آمن منهم
بالله واليوم الآخِر قال ومَن كفرَ فَأمَتّعُهُ قليلا ثم أضطرُّهُ إلى عذابِ
النار وبئسَ المصيرُ}23; فبعد أن دعا (عليه السلام)ربّه بجعل هذا البلد آمناً، وأن يرزق أهله من الثمرات، خصّ دعاءَه
بالمؤمنين من الناس، ولهذا قال (عليه السلام) مباشرةً ودون فصل: من آمن منهم
بالله واليوم الآخر، دون أهل الكفر. فاستجاب الله سبحانه وتعالى لدعائه،
فجعلنا مكة أرضاً مباركةً لأهلها جميعاً، إلاّ أن المؤمن له في الدنيا حسنة
وفي الآخرة حسنة، ويمكن طبعاً أن ينعم الكافرون بنعم مكة أياماً معدودة ببركة
المؤمنين، ولكن عاقبة أمرهم ستكون سوء العذاب.


الشاهد
الآخر قوله تعالى في سورة الأنفال: {واذكروا
إذ أَنتم قليلٌ مستضعَفونَ في الأرض تَخافونَ أن يتخطّفكم الناسُ فَأويكَمْ
وأيّدكُم بنصره ورَزَقَكُم من الطيبات لعلّكم تشكرونَ}24; حيث كان الاختطاف
أمراً تكوينياً; ولذا فإن الأمن مقابل ذلك يعدّ أمراً تكوينياً
أيضاً.


والشاهد
الآخر: هو قول أهل مكة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): {وقالوا إنْ نَتَّبعِ الهدى معكَ نُتَخطّف من
أرضنا}25 أي لو آمنّا بك فلن نشعر بالأمن.


ويجيب
القرآن الكريم على دعائهم بقوله: {أَولَم
نمكّن لهم حرماً آمناً يجبى إليه ثمراتُ كلّ شيء رزقاً من لَدُنّا ولكنَّ
أكثرَهُم لا يـعلمونَ}26; أي إننا جعلنا لبلد مكّة ميزتين:


1 ـ وجود الأمن حيث إن جميع الناس
يلتزمون بمراعاة حرمة الحرم.


2 ـ البركات المادية المتمثلة بتوفر
جميع الأطعمة والثمرات فيها. بينما ينعدم توفرُ الاثنين معاً أو أحدهما في
مكان آخر، ويندر توفر هاتين النعمتين معاً في مكان واحد، طبقاً للظروف
الاعتيادية والاقليمية المألوفة.


جديرٌّ بالإشارة إلى أن أهل مكّة
وبحسب الظاهر يجب أن يفتقدوا حالة الإحساس بالأمن; لأن أهل الحجاز كانوا
مطبوعين بطابع البطش وشن الغارات من جهة، ومن جهة أخرى كانوا محرومين من
مظاهر العلم والثقافة، والزراعة وتربية الحيوانات، والصناعة وغيرها. ومن
الطبيعي أن يتحول المجتمع الجاهل الجائع إلى مجموعة قطاع طرق يتصفون بالسلب
والنهب وشن الغارات، ولكن مع ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى يقول:


لقد جعلنا مكة محلا آمناً ومباركاً،
ولهذا فإن أهل مكة لا يمتلكون حقّ التعلل وخلق الأعذار.


الجواب على إحدى الشبهات:


لو كانت أرض مكة ترفل بالأمن، فلماذا
هاجر المسلمون في صدر الإسلام، إلى أرض الحبشة؟


وجواباً عن هذا التساؤل لابد من
القول: ولئن كان المسلمون يعانون من المشقة والألم، إلاّ أنّ هجرتهم إلى
الحبشة كانت تنطوي على بعد تبليغي أكثر من تعبيرها عن الاستجابة للضغط
المستخدم ضدهم; لأن النساء كانت تعيش بأمان في مكة، بينما لاحظنا مرافقة
النساء للرجال في الهجرة إلى الحبشة، وإن دّل هذا على شيء فإنما يدل على
الرغبة في قيام النساء بالترويج للشريعة في أوساط النساء، والرجال في أوساط
الرجال.


/ 17