أمن الحرم والسلاح (بحثٌ روائي)
في نهاية هذا البحث، لابد من الإشارة
إلى أن الأمر الإلهي تحرك من أجل الحفاظ على الأمن وإقراره وتطابق التشريع مع
التكوين، حيث يقول تعالى: لا يحق لمن كان مسلماً دخول الحرم، ويمنع حمل
السلاح حال الإحرام، عند انعدام الخوف أو الضرورة. ويجوز حمل السلاح لأهل مكة
ولمن خرج من الإحرام وأصبح محلاًّ، إلاّ أنّ إظهاره غير مستحسن; لأنه من
الممكن أن يشعر الناس بالخوف فيما لو شاهدوا السلاح، في حين أن ذلك المكان،
هو بلد الأمن. وألفت انتباهكم إلى مجموعة من الروايات في هذا
الخصوص:
1 ـ
عن الحلبي عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «إنّ المحرم إذا
خافَ العدوّ يلبس السلاح فلا كفارة عليه»27; تجدر الإشارة إلى أنه
يُستفاد من مفهوم الجملة الشرطية: لا يحق له حمل السلاح، إن لم يكن في حال
الخوف.
2 ـ عن
عبد الله بن سنان قال، سألت أبا عبد الله (عليه السلام) «أيحمل السلاح
المحرم؟ فقال: إذا خاف المحرم عدوّاً أو سرقاً فليلبس السلاح»28. وبما أن
«الأمر» جاء بعد «توهم الخطر والمنع»، يدل هذا فقط على
جواز حمل السلاح وليس وجوبه; إي لا حرمة في حمل السلاح في مثل هذه
الموارد.
3 ـ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد
الله قال: «المحرم إذا خاف لبس السلاح»29.
4 ـ عن
زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: «لا بأس بأن يحرم الرجل وعليه سلاحه
إذا خاف العدو»30،
وهذه الروايات تتعلق بحال الإحرام، وحمل السلاح يعد من
تروك الإحرام، وأما الروايات التي تتعلق بالوضع العادي:
1 ـ عن حريز
عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «لا ينبغي أن يدخل الحرم بسلاح
إلاّ أن يدخله في جوالق أو يغيبه. يعني يلفّ على الحديد شيئاً»31.
2 ـ عن أبي بصير عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل يريد مكة أو المدينة يكره
أن يخرج معه السلاح، فقال: لا بأس بأن يخرج بالسلاح من بلده ولكن إذا دخل مكة
لم يظهره»32.
واستناداً إلى هذه التعاليم الدينية،
فإن التشريع سيتطابق مع التكوين. تجدر الإشارة إلى أن حمل السلاح من قبل قوات
الأمن، يوجب الأمن والاطمئنان للقادمين الجدد، ويجعلهم في مأمن من هجوم عابري
السبيل عليهم.