وكـانت قبله تحت ابن عمها السكران بن عمرو, اخي سهيل بن عمرو, من بني عامر بن لؤي , وكان مـسلما فتوفي عنها, فتزوجها رسول اللّه (ص ) واسنت عند رسول اللّه (ص ) ولم تصب منه ولدا
وتوفيت آخر خلافة عمر ((16)) .
3 ـ عائشة بنت ابي بكر:
.
عـائشـة بـنـت ابـي بكر, وامها ام رومان ابنة عامر الكناني تزوجها رسول اللّه (ص ) قبل الهجرة بـسنتين , وهي بكر, وكان عمرها لما تزوجها رسول اللّه (ص ) ست سنين , وقيل : سبع سنين وبنى
بها في شوال بالمدينة وهي بنت تسع سنين , وتوفيت عائشة سنة سبع وخمسين ((17)) .
4 ـ حفصة بنت عمر بن الخطاب :
.
وامـها وام اخيها عبداللّه : زينب بنت مضعون , اخت عثمان وكانت حفصة من المهاجرات , وكانت قبل رسـول اللّه (ص ) تحت خنيس بن حذاقة السهمي , وكان ممن شهد بدرا وجرح بها وتوفي بالمدينة
فلما تايمت حفصة ذكرها عمر.
لابـي بكر وعرضها عليه , فلم يرد عليه ابو بكر كلمة , فغضب عمر من ذلك , فعرضها على عثمان
حين ماتت رقية بنت رسول اللّه (ص ), فقال عثمان : ما اريد ان اتزوج اليوم فانطلق عمر الى رسول
اللّه (ص ) فشكا اليه عثمانا, فتزوجها رسول اللّه (ص ), سنة ثلاث عند اكثر العلماء.
وتزوجها بعد عائشة , وطلقها تطليقة ثم ارتجعها.
وعـن ابن عمر قال : دخل عمر على حفصة وهي تبكي , فقال لها: ما يبكيك لعل رسول اللّه (ص ) قد
طلقك ؟ انه كان طلقك مرة ثم راجعك من اجلي , ان كان طلقك مرة اخرى لا اكلمك ابدا.
توفيت سنة خمس واربعين وقيل : سنة سبع وعشرين ((18)) .
5 ـ زينب بنت خزيمة :
.
كـان يـقال لها ام المساكيـن كانت عند الطفيـل بن الحارث فطلقها, فخلف عليها اخوه فقتل عنها ببدر فخطبها رسـول اللّه (ص ) الى نفسها فجعلت امرها اليه فتزوجها في شهر رمضان سنة ثلاث وكان
دخـولـه بها (ص ) بعد دخوله على حفصـة فاقامت عنده ثمانية اشهر, وماتت في ربيع الاخر سنة
اربع ((19)) .
6 ـ ام سلمة بنت ابي امية القرشية :
.
وكـانـت زوج ابـن عـمـهـا ابـي سـلمة بن عبدالاسد بن المغيرة وامها عمة النبي (ص ) برة بنت عـبدالمطلب وكانت ممن اسلم قديما هي وزوجها وهاجرا الى الحبشة فولدت له سلمة ثم قدما مكة
وهـاجـرا الى المدينة , فولدت له عمر ودرة ((20)) وزينب وقيل انها اول امراة خرجت مهاجرة
الـى الحبشة واول ظعينة دخلت المدينة وتحدثت ام سلمة عن هجرتها الى المدينة وقالت : لما اجمع
ابـو سـلمة الخروج الى المدينة من مكة , رحل بعيرا له وحملني , وحمل معي ابني سلمة , ثم خرج
يقود بعيره , فلما رآه رجال بني المغيرة بن عبداللّه بن عمر بن مخزوم قاموا اليه فقالوا: هذه نفسك
غـلبتنا عليها, ارايت صاحبتنا هذه ؟ علام تترك تسير بها في البلاد؟ ونزعوا خطام البعير من يده ,
واخـذوني , وغضبت عند ذلك بنو عبدالاسد, واهووا الى سلمة وقالوا: واللّه لا نترك ابننا عندها
اذ نـزعتموها من صاحبنا, فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده , وانطلق به بنوعبدالاسد رهط ابي
سـلمة , وحبسني بنو المغيرة عندهم وانطلق زوجي ابو سلمة حتى لحق بالمدينة ففرق بيني وبين
زوجي وبين ابني , قالت : فكنت اخرج كل غداة فاجلس بالابطح , فما ازال ابكي , حتى امسي , سنة او
قـريبها, حتى مر بي رجل من بني عمي , من بني المغيرة , فراى ما بي , فرحمني فقال لبني المغيرة :
الا تـخرجون من هذه المسكينة ؟ فرقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها, فقالوا لي : الحقي بزوجك ان
شئت , ورد علي بنو عبدالاسد عند ذلك ابني , فرحلت بعيري ووضعت ابني في حجري , ثم خرجت
اريد زوجي بالمدينة , وما معي احد من خلق اللّه , فقلت : اتبلغ بمن لقيت حتى اقدم على زوجي , حتى
اذا كـنـت بـالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن ابي طلحة ـ اخا بني عبدالدار فقال : اين يابنت ابي امية
قـلت : اريد زوجي بالمدينة فقال : هل معك احد؟ فقلت : لا واللّه , الا اللّه وابني هذا فقال : واللّه مالك
من مترك فاخذ بخطام البعير فانطلق معي يقودني , فواللّه ما صحبت رجلا من العرب اراه كان اكرم
مـنـه , اذا بـلغ المنزل اناخ بي ثم تنحى الى شجرة فاضطجع تحتها, فاذا دنا الرواح قام الى بعيري
فـقدمه فرحله , ثم استاخر عني وقال : اركبي فاذا ركبت واستويت على بعيري اتى فاخذ بخطامه ,
فـقـادني حتى ننزل فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي الى المدينة , فلما نظر الى قرية بني عمرو بن
عوف بقباء قال : زوجك في هذه القرية , ـ وكان ابو سلمة نازلا بها ـ فدخلتها على بركة اللّه تعالى ,
ثم انصرف راجعا الى مكة وكانت تقول : ما اعلم اهل بيت اصابهم في الاسلام ما اصاب آل ابي سلمة ,
ومـا رايـت صـاحبا قط كان اكرم من عثمان بن طلحة وشهد ابو سلمة بدرا واستشهد في احد فلما
تايمت ام سلمة ارسل اليها رسول اللّه (ص ) يخطبها, فبعثت اليه تقول : اني امراة غيرى واني امراة
مصبية وليس احد من اوليائي شاهد فاتى رسول اللّه (ص ) فذكر ذلك له , فقال : ارجع اليها فقل : اما
قـولك اني امراة غيرى فسادعو اللّه فيذهب غيرتك واما قولك اني امراة مصبية فستكفين صبيانك ,
واما قولك ليس احد من اوليائي شاهد فليس احد من اوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك , فقالت لابنها
عمر: قم فزوج رسول اللّه (ص ) فزوجه .
توفيت في خلافة يزيد بعد ما جاءها نعي الحسين بن على (ع ) سنة .
احدى وستين او اثنتين وستين , وهي من آخر امهات المؤمنين موتا ((21)) .
7 ـ جويرية بنت الحارث :
.
جويرية بنت الحارث سبيت في غزوة بني المصطلق , سنة خمس , وقيل : سنة ست , فوقعت في سهم ثـابت بن قيس بن شماس وابن عم له فكاتبته على نفسها, فاتت رسول اللّه (ص ) تستعينه في كتابتها
فـلـما دخلت على رسول اللّه (ص ) قالت : يارسول اللّه , انا جويرية بنت الحارث , سيد قومه , وقد
اصابني من البلاء مالم يخف عليك , وقد كاتبت على نفسي , فاعني على كتابتي فقال رسول اللّه (ص )
او خير من ذلك , اؤدي عنك كتابك واتزوجك فقالت : نعم : ففعل رسول اللّه (ص ), فبلغ الناس انه قد
تـزوجها, فقالوا: اصهار رسول اللّه (ص ) فارسلوا ما كان في ايديهم من بني المصطلق , فلقد اعتق
بها مائة اهل بيت من بني المصطلق , فما اعلم امراة اعظم بركة منها على قومها.
ولـمـا تزوجها رسول اللّه (ص ) حجبها, وقسم لها ((22)) , وكان اسمها برة فسماها رسول اللّه
جويرية ((23)) .
8 ـ صفية بنت حيي بن اخطب , سبيت في غزوة خيبر:
. قـال ابـن اسحاق : ولما افتتح رسول اللّه (ص ) القموص ((24)) امر بصفية فحيزت خلفه , والقى
عليها رداءه , فعرف المسلمون ان رسول اللّه (ص ) قد اصطفاها لنفسه .
وعن انس : ان رسول اللّه (ص ) اعتق صفية وجعل عتقها صداقها.
وعن زيد بن اسلم قال : اجتمع نساء النبي (ص ) في مرضه الذي توفي فيه واجتمع اليه نساؤه فقالت
صـفـيـة بـنـت حـيي : اني واللّه يانبي اللّه لوددت ان الذي بك بي , فغمزن ازواجه ببصرهن فقال :
(مضمضن ) فقلن من اي شي ء فقال (من تغامزكن بها, واللّه انها لصادقة ).
وتوفيت سنة ست وثلاثين وقيل : سنة خمسين ((25)) .
9 ـ ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية :
.
تزوجها رسول اللّه (ص ) بعد وفاة زوجها سنة سبع في عمرة القضاء في ذي القعدة .
قال العباس لرسول اللّه (ص ) ان ميمونة بنت الحارث قد تايمت من ابي رهم بن عبدالعزي , هل لك ان
تزوجها؟ فتزوجها رسول اللّه (ص ) ولما فرغ رسول اللّه (ص ) من عمرته اقام بمكة ثلاثا فاتى
خـمـسـة نـفر من اهل مكة فقالوا: يامحمد (ص ) اخرج عنا فاليوم آخر شرطك وكان شرط في
الـحديبية ان يعتمر من قابل ويقيم بمكة ثلاثا فقال : دعوني ابتني باهلي واصنع لكم طعاما فقالوا: لا
حاجة بطعامك فخرج فبنى بها بسرف قريب مكة وتوفيت سنة احدى وخمسين ((26)) .
10 ـ زينب بنت جحش :
.
خبر زواج النبي (ص ) بزينب بنت جحش :.
ا ـ في القرآن الكريم :.
قال اللّه سبحانه في سورة الاحزاب :.
(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى اللّه وروسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص
اللّه ورسـوله فقد ضل ضلالا مبينا واذ تقول للذي انعم اللّه عليه وانعمت عليه امسك عليك زوجك
واتـق اللّه وتـخفي في نفسك ما اللّه مبديه وتخشى الناس واللّه احق ان تخشاه فلما قضى زيد منها
وطـرا زوجناكها لكي لايكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم اذا قضوا منهن وطرا وكان
امـر اللّه مـفعولا ما كان على النبي من حرج فيما فرض اللّه في الذين خلوا من قبل وكان امر اللّه
قـدرا مقدورا الذين يبلغون رسالات اللّه ويخشونه ولا يخشون احدا الا اللّه وكفى باللّه حسيبا ما
كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول اللّه وخاتم النبيين وكان اللّه بكل شي ء عليما) (الايات /
36 ـ 40).
ب ـ في الروايات مع تفسير الايات :.
خـبـر زواج زينب بزيد اولا, ثم بالنبي (ص ) بعد طلاق زيد اياها: كان من خبر زيد بن حارثة بن
شراحيل الكلبي انه اصابه سباء في .
الـجـاهـلية وبيع في بعض اسواق العرب , فاشتري لخديجة , ثم وهبته خديجة للنبي (ص ) قبل ان
يـبـعـث وهو ابن ثماني سنين , فنشا عند النبي (ص ), وبلغ الخبر اهله فقدم ابوه وعمه مكة لفدائه
فـدخـلا عـلى النبي (ص ) وقالا يا ابن عبدالمطلب عندك فامنن علينا واحسن الينا في فدائه فـهلا غير ذلك ؟ قالا: ماهو؟ قال ادعوه وخيروه فان اختاركم فهو لكم , وان اختارني فواللّه ما انا
بـالذي اختار على من اختارني احدا, قالا: قد زدتنا على النصف واحسنت , فدعاه رسول اللّه (ص )
فقال :.
هـل تعرف هؤلاء قال : نعم هذا ابي , وهذا عمي اخترهما قال : ما اريدهما وما انا بالذي اختار عليك احدا, انت مني مكان الاب والعم زيـد انا بالذي اختار عليه احدا ابدا, فلما راى رسول اللّه (ص ) ذلك اخرجه الى الحجر ـ في بيت اللّه
ـ فـقـال : يامن حضر وانـصرفا ونسب زيد بعد ذلك الى رسول اللّه (ص ) وقيل له : زيد بن محمد (ص ) اسلم زيد قديما
وبعد الامام علي (ع ).
وزوجه الرسول من ام ايمن وكانت وصيفة لعبداللّه والد النبي وكانت من الحبشة وتزوجت اولا من
عبيد بن عمرو من بني الحارث وبعده تزوجت زيد بن حارثة , فولدت له اسامة بن زيد وتوفيت بعد
رسول اللّه (ص ) بخمسة اشهر.
وشهد زيد بدرا وارسله النبي (ص ) الى المدينة بشيرا بالفتح وزوجه ابنة عمته زينب بنت جحش
وفي بيته ام ايمن وكان من خبر زواجه ما ذكرناه .
وارسله النبي في السنة الثامنة من الهجرة الى الشام في غزوة مؤتة وجعله احد الامراء على الجيش
فاستشهد فيها وخبر زواج الرسول بزينب وزواج زيد وطلاقه اياها كالاتي :.
خبر زواج زيد من زينب ابنة عمة الرسول (ص ):
.
بـعـد الـهـجـرة الـى المدينة خطب زينب ابنة اميمة ابنة عبدالمطلب عدة من اصحاب النبي (ص ) فارسلت اخاها الى النبي (ص ) تستشيره في امرها, فقال : فاين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسنة نبيها
فـسـالـت : مـن هو فقال زيد حـسـبا يـكـون لـهم الخيرة من امرهم ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) (الاحزاب / 36),
فـرضـيت فزوجها الرسول (ص ) من زيد بعد ام ايمن السوداء الحبشية , ولها اسامة بن زيد, فكانت
تـعلو على زيد وتشتد وتاخذه بلسانها, فكان يشكوها الى الرسول (ص ) ويحاول تطليقها, واقتضت
مـشيئة اللّه وحكمته ان يتزوجها الرسول (ص ) بعد زيد ليلغى بذلك التبني بين المسلمين , واشعره
الـوحـي بذلك , فخشي الرسول (ص ) ان يقول الناس تزوج حليلة ابنه , فكتم الوحي في نفسه وقال
لـزيـد: اتـق اللّه وامسك عليك زوجك , ولما ضاق زيد ذرعا بزوجته زينب طلقها وانقضت عدتها,
فنزلت الايات على الرسول (ص ) مرة واحدة الى قوله تعالى :.
(فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم ما كان
مـحـمـد ابـا احد من رجالكم ولكن رسول اللّه وخاتم النبيين ) (الاحزاب 37 و 40), فتزوجها
الـرسول (ص ) وقال عز اسمه لسائر المؤمنين : (وما جعل ادعياكم ابناءكم ذلكم قولكم بافواهكم
واللّه يـقـول الـحـق وهـو يهدي السبيل ادعوهم لابائهم هو اقسط عند اللّه فان لم تعلموا آباءهم
فاخوانكم في الدين ومواليكم )(الاحزاب 4 ـ 5) ((27)) .
11ام حبيبة :
.
اسـمـهـا رمـلة او هند بنت ابي سفيان الاموية وامها صفية بنت ابي العاص بن امية ولدت قبل البعثة بـسـبـعة عشر عاما تزوجها حليفهم عبيداللّه بن جحش الاسدي من بني اسد بن خزيمة فاسلما ثم
هاجرا الى الحبشة , فولدت له حبيبة , فبها كانت تكني .
وتنصر زوجها عبيداللّه بن جحش وارتد عن الاسلام , وفارقها قالت ام حبيبة : رايت في المنام كان
زوجـي عـبيداللّه بن جحش باسوا صورة ففزعت , فاصبحت فاذا به قد تنصر فاخبرته بالمنام فلم
يحفل به واكب على الخمر حتى مات فاتاني آت في نومي فقال : يا ام المؤمنين ففزعت فما هو الا ان
انـقـضـت عـدتـي , فبعث رسول اللّه (ص ) الى النجاشي ليخطبها له قالت ام حبيبة : فما شعرت الا
بـرسـول الـنـجـاشـي يستاذن فاذا هي جارية له يقال لها ابرهة فقالت : ان الملك يقول لك وكلي من
يـزوجك , فارسلت الى خالد بن الوليد سعيد بن العاص بن امية فوكلته , فاعطيت ابرهة سوارين من
فضة , فلما كان العشي امر النجاشي جعفر بن ابي طالب فحمد اللّه واثنى عليه وتشهد ثم قال اما بعد
فـان رسـول اللّه (ص ) كـتب الي ان ازوجه ام حبيبة فاجبت وقد اصدقتها عنه اربعمائة دينار, ثم
سـكـب الـدنانير فخطب خالد: فقال قد اجبت الى ما دعا اليه رسول اللّه (ص ) وزوجته ام حبيبة ,
وقبض الدنانير وعمل لهم النجاشي طعاما فاكلوا قالت ام حبيبة : فلما وصل الي المال اعطيت ابرهة
مـنـة خمسين دينارا قالت فردتها علي وقالت ان الملك عزم عليه بذلك وردت علي ما كنت اعطيتها
اولا ثـمـ جـاءتـني من الغد بعود وورس وعنبر وزباد كثير فقدمت به معي على رسول اللّه (ص )
وكان ذلك سنة سبع .
وحكى ابن عبدالبر ان الذي عقد لرسول اللّه (ص ) عليها عثمان بن عفان .
ولما بلغ ابا سفيان ان النبي (ص ) نكح ابنته قال : هو الفحل لا يقدع انفه ((28)) .
الواهبات انفسهن :
.
كان في النساء المسلمات يومذاك من يطلبن من الرسول (ص ) ان .
يـتـزوجـهـن ويهبن له مهورهن ويسمين في السيرة بالواهبة نفسها للرسول (ص ) كما ياتي بعض
اخبارهن باذنه تعالى .
ا ـ في صحيح مسلم وصحيح البخاري واللفظ للاول , بسنده عن ام المؤمنين عائشة :.
قالت : كنت اغار على اللاتي وهبن انفسهن لرسول اللّه (ص ) واقول : وتهب المراة نفسها؟ فلما انزل
اللّه عـز وجـل : (ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت ) (الاحزاب /
51), قالت قلت : واللّه ((29)) .
ب ـ فـي صـحـيـح البخاري قال : كانت خولة بنت حكيم من اللاتي وهبن انفسهن للنبي (ص ) فقالت
عـائشة : اما تستحي المراة ان تهب نفسها للرجل , فلما نزلت ترجي من تشاء منهن قلت : يا رسول اللّه
(ص ) مـا ارى ربـك الايسارع في هواك رواه ابو سعيد المؤدب ومحمد بن بشر وعبدة عن هشام
عن ابيه عن عائشة , يزيد بعضهم على بعض ((30)) .
ج ـ في طبقات ابن سعد ما موجزه :.
اسـلم زوج ام شريك , وهي غزية بنت جابر الدوسية من الازد, وهو ابو العكر, فهاجر الى رسول
اللّه (ص ) مع ابي هريرة مع دوس حين هاجروا قالت ام شريك : فجاءني اهل ابي العكر فقالوا: لعلك
عـلى دينه ؟ قلت : اي واللّه اني لعلى دينه قالوا: لا جرم واللّه لتعذبنك عذابا شديدا فارتحلوا بنا من
دارنـا ونـحن كنا بذي الخلصة وهو موضعنا, فساروا يريدون منزلا وحملوني على جمل ثفال شر
ركابهم واغلظه .
وجـاء فـي الـخـبر بعد هذا, كيفيه تعذيبهم اياهما واسلامهم بعد ذلك ثم جاء في الخبر, وهي التي
وهـبـت نـفـسها للنبى (ص ), وهي من الازد, فعرضت نفسها على النبي (ص ) وكانت جميلة وقد
اسنت , فقالت اني اهب نفسي لك واتصدق بها عليك فقبلها النبي (ص ) فقالت عائشة : ما في امراة حين
تـهـب نفسها لرجل خير قالت ام شريك : فانا تلك فسماها اللّه مؤمنة , فقال : (وامراة مؤمنة ان وهبت
نفسها للنبي ) فلما نزلت هذه الاية قالت عائشة : ان اللّه ليسرع لك في هواك ((31)) .
د ـ في صحيح البخاري بسنده :.
عـن سـهل بن سعد قال جاءت امراة الى رسول اللّه (ص ) فقالت : اني وهبت من نفسي فقامت طويلا
فـقـال رجـل : زوجـنـيها ان لم تكن لك بها حاجة قال : هل عندك من شي ء تصدقها ازاري الـتمس ولو خاتما من الحديد, فلم يجد, فقال : امعك من القرآن شي ء قال : نعم سورة كذا وسورة كذا
لسور سماها فقال : زوجناكها بما معك من القرآن ((32)) .
وفي رواية :.
فلما رايت المراة انه لم يقض فيها شيئا جلست فقام رجل من اصحابه فقال :.
اي رسـول اللّه ان لـم تـكـن لـك بها حاجة فزوجنيها فقال (ص ): هل عندك من شي ء قال : لا واللّه
يارسول اللّه قال (ص ): اذهب الى اهلك فانظر هل تجد شيئا فذهب ثم رجع فقال : لا واللّه يارسول
اللّه ما وجدت شيئا قال : انظر ولو خاتم من حديد ثم رجع فقال : لا واللّه يا رسول اللّه ولا خاتم من
حـديـد, ولكن هذا ازاري فقال رسول اللّه (ص ) ما تصنع بازارك ان لبسته لم يكن عليها منه شي ء,
وان لـبـسته لم يكن عليك منه شي ء فجلس الرجل حتى طال مجلسه , ثم قام فرآه رسول اللّه (ص )
موليا, فامر به فدعى فلما جاء قال ماذا معك من القرآن ؟ قال معي سورة كذا وسورة كذا, عددها قال :
اتقراهن عن ظهر قلبك ؟ قال : نعم , قال : اذهب ملكتكها بما معك من القرآن ((33)) .
عن ابي جعفر (ع ) قال : جاءت امراة من الانصار الى رسول اللّه (ص ) فدخلت عليه وهو في منزل
حفصة , والمراة متلبسة متمشطة , فدخلت على رسول اللّه (ص ) فقالت : يا رسول اللّه ان المراة لا
تـخـطب الزوج , وانا امراة ايم لا زوج لي منذ دهر ولا ولد, فهل لك من حاجة ؟ فان تك فقد وهبت
نفسي لك ان قبلتني , فقال لها رسول اللّه (ص ) خيرا, ودعا لها ((34)) .
نتيجة البحث :.
عـلـى اثـر انتشار الجوع والفقر في شبه الجزيرة العربية كانت الاسر الفقيرة في مكة تعتفد, اي
تـذهب الى البر وتستسلم للموت , ليموت افراد الاسرة واحدا بعد الاخر, وهذا الامر وان كان قد
عـالـجـه هـاشـم في مكة الا ان الفقر كان سائدا في غيرها من المناطق الفقيرة في شبه الجزيرة
الـعربية , الى حد انهم كانوا يئدون بناتهم خشية الفقر والاملاق , ولذلك منعهم اللّه سبحانه عن ذلك
وقال :.
(لاتـقتلوا اولادكم خشية املاق نحن نرزقهم واياكم ان قتلهم كان خطا كبيرا) (الاسراء / 55)
ومن ثم قررت قريش ان يطلق اصهار رسول اللّه (ص ) بناته ليقعده اعالتهم عن القيام باداء رسالته ,
وكل ذلك كان في الحالات الاعتيادية للانسان العربي في العصر الجاهلي , ويناء على ما ذكرنا, كيف
كان حالة الانسان الذي ترك كل وسائل الحياة في موطنه مكة وهاجر الى الحبشة في افريقيا اولا,
ثـم الـى الـمدينة وبعيدا عن موطنه واسرته ووسائل عيشه في مثل هذا الظرف آوى رسول اللّه
(ص ) نـيـفـا وثمانين من المهاجرين الفقراء في صفة مسجده وتعاون المتمكنون من المسلمين على
اعالتهم .
كـان مـن الـحـكـمـة ان يصاهر رسول اللّه (ص ) بعض خصومه لتلين قلوبهم عليه (ص ) وعلى
المسلمين وبسبب ذلك رايناه (ص ) قضى عنفوان شبابه مع زوجة ايمة حتى بلغت خمسا وستين عاما
او دون ذلـك مـن عمرها وبلغ عمره الشريف خمسين عاما تزوج بعد وفاته بايمة مسنة اخرى من
الـمـسلمات , ثم عقد على ابنة واحدة غير مزوجة في حياته الزوجية وتزوج بعدها حفصة بعد ان
تايمت وعرضها والداه عمر على ابي بكر فلم يرد عليه بكلمة , فغضب من ذلك فعرضها على عثمان
حـين توفيت زوجته رقية بنت رسول اللّه (ص ) فقال عثمان : ما اريد ان اتزوج اليوم فشكا ذلك الى
رسول اللّه (ص ) وانقذ الرسول (ص ) الموقف المتازم بين الصحابة الثلاثة وتزوج حفصة وتوفي
ابـو رهـم زوج مـيـمونة , فتايمت في مكة , فلما ذهب الرسول (ص ) للعمرة في السنة السابعة من
الهجرة وعرضها زوج اختها العباس على رسول اللّه (ص ),.
وتـداركها رسول اللّه (ص ) بزواجه بها ثم تزوج بعدها من امراة استشهد زوجها في غزوة بدر,
وبـقـيـت ايمة لا معيل لها فاقامت عنده ثمانية اشهر وتوفيت ثم تزوج من ابنة عمته ام سلمة بعد ان
اسـتـشـهـد زوجها في احد, وترك زوجته مع اربعة اولاد لا معيل لهم ثم تزوج من ابنة شيخ بني
الـمصطلق القبيلة التي كانت تسكن قريبا من المدينة وانكسرت في قتالها معه فاطلق الصحابة جميع
الاسـرى مـن قبيلة زوجة الرسول (ص ) وبذلك اصبحت قبيلة بني المصطلق من انصـار الرسول
(ص ) والـمـسـلمين وكذلك فعل في زواجه بصفية ابنة رئيس اليهود في حصن قموص من قـرى
خيبر وفي عمـرة القضاء تزوج ميمونـة بمكـة بعد ما تايمت وبقيت بين المشركين واخذها معه الى
المدينة .
وزوج ابنة عمته زينب حفيدة عبد المطلب من مولاه زيد وكان قد تبناه وبذلك كسر العرف الجاهلي
فـي الاعتداد بالنسب وجعل الكف ء في الزواج : الاسلام والايمان غير ان زينب لم تطق ذلك وجعلت
مـن الحياة الزوجية في بيت زيد جحيما لايطيق تحمله زيد وكان يشكو ذلك الى رسول اللّه (ص )
ويـريـد الـفراق منها, ويصبر الرسول عليها فاخبره اللّه ان عليه ان يتزوج مطلقة زيد الذي تبناه
لـيـكسر بذلك عرفا جاهليا آخر وهو احتسابهم الابن المتبنى في جميـع الشؤون كالابن من صلب
ابيه فاطاع الرسول (ص ) امر اللّه في ذلك .
ثـم تـزوج من ام حبيبة ابنة الد اعدائه وشيخ قريش بعد ان هاجرت مع زوجها الى الحبشة وتوفي
زوجـهـا وبـقيت بلا معيل في بلد الغربة , فهل تعود الى دار ابيها وامها في دار الشرك ليفتنوها عن
ديـنها ام ماذا تصنع ؟ واذا بها يشملها حنو الرسول (ص ) ويخطبها ويجري عقد النكاح بكل مظاهر
الاحترام , ويبلغ ابا سفيان الخبر فيقول ما يدل على اعتزازه بهذه المصاهرة انه : الفحل لايقدع انفه .
وتتجلى حكمة تعدد زوجات الرسول (ص ) في اخبار الواهبات انفسهن , فقد كن يتهافتن على رسول
اللّه (ص ) تهافت الفراش على النور كما دل على ذلك الاخبار السابقة .
ولا عـجـب من ذلك , فان المراة انسانة تحتاج الحياة الزوجية الى جنب حاجاتها المعيشية الاخرى
ولم يكن من المعيب على المراة المسلمة ان تظهر هذه الحاجة الى نبيها دون غيره , ويتضح ذلك في
خبر المراة التي عرضت نفسها على النبي (ص ) وقالت : اني وهبت نفسي , فقامت طويلا فقال رجل :
زوجـنيها ان لم تكن لك بها حاجة , فقال النبي : هل عندك من شي ء تصدقها؟ قال : ما عندي الا ازاري فقال : ان اعطيتها اياه جلست لا ازار لك , فالتمس شيئا.
فـقـال : ما اجد شيئا فقال التمس ولو خاتما من حديد, فلم يجد فقال : امعك من القرآن شي ء؟ قال : نعم ,
سورة كذا وسورة كذا وسمـاها, فقال : زوجتك بما معك من القرآن .
وهـكذا يتضح لنا بجلاء وجوه الحكمة في تزوج الرسول (ص ) ببضع عشر امراة مؤمنة , غير ان
احاديث ام المؤمنين عائشة التي سبق ايراد بعضها ونورد بعضا منها في البحث الاتي وبعضها الاخر
فـي الـمجلد الثاني ان شاء اللّه تعالى ان تلكم الاحاديث من ام المؤمنين عائشة هي التي شوشت تلكم
الاخبار فانها تلقي في الذهن ان تعدد الزوجات من قبل الرسول (ص ) كان استجابة منه لهوى النفس
ـ مـعـاذ اللّه ـ فان اصحاب الصحاح والسنن من الاحاديث رووا عنها ـ مثلا ـ انها قالت لرسول اللّه
(ص ) بعدما نزل قوله تعالى (ترجي من تشاء وتؤوي اليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح
عليك ) قالت : واللّه ما ارى ربك الا يسارع في هواك .
اننا نرى ان ام المؤمنين عائشة يمكن ان تتحدث بمثل هذا الحديث بعد عصر رسول اللّه (ص ) وفي
حكومة الخلفاء وحين كانت المتحدثة الرسمية للحكومة , اما ان تخاطب الرسول (ص ) وتقول له في
عصر حكومته في المدينة :.
(مـاارى ربك الا يسارع في هواك ) لايمكن ان يقع ذلك , لان في هذا القول طعنا بمنشا الوحي اذ ان
منشاه هوى نفس الرسول (ص ) ـ معاذ اللّه ـ, بل وطعن في منزلة الوحي تعالى شانه عن ذلك .
ومـهـمـا يكن من امر فان امثال هذا الحدث من ام المؤمنين عائشة حجبت الرؤية الصحيحة لحكمة
تـزوج الـرسـول (ص ) باكثر من عشر من المؤمنات به , والقت في الاذهان ان ذلك كان منه (ص )
بـدافـع هـوى النفس ومتابعتها, واستفاد منها خصوم الاسلام في ما كاتبوا ونشروا عن رسول اللّه
(ص ) ما نشروا.
واخيرا وبعد انتشار امثال هذه الاحاديث في كتب صحاح الحديث .
ومسانيدها الا ينبغي لنا ان نقوم بدراسات في سبيل تمحيص سنة .
الرسول (ص ), اذا فليعذرنا العاتبون اللائمون
مؤاخذة ابناء الغرب الزواج المبكر لدى المسلمين .
بالاضافة الى ما ذكرنا يؤاخذ ابناء الغرب على رسول اللّه (ص ).
زواجـه بعائشة في صغر سنها, والسبب في ذلك انهم دائما يتخذون من مجتمعهم واعرافهم مقياسا
لمعرفة الحق والباطل , فما وافق اعرافهم في مجتمعهم حق وتقدم وانسانية , وباطل وجهل وتخلف
مـا خالفها واذا درسنا الظروف الخاصة بكل من المجتمع الشرقي والغربي ادركنا ان المناخ في مثل
الـمـحـيط الهندي وشبه الجزيرة العربية حار يؤدي الى النضج المبكر في البنت , فهي ترى العادة
الـشـهـريـة في وقت مبكر, وليس الامر كذلك في مناخ شديد البرودة مثل مناخ الغرب ولذلك فان
الـزواج بـصـغيرة السن كان عاما في ذلك المناخ ولم يخص الرسول (ص ), ولم يكن يتاخر زواج
الصغيرة عندهم الا لظروف خاصة بالبنت , وفي الغرب ـ ايضا ـ تنكح البنت الصغيرة لكن لا من قبل
زوجـهـا بـل من قبل اخلائها, ولا تدخل البنت في بيت زوجها بكرا وبلغني ان دخولها على زوجها
بكرا يعد منها تخلفا وجهلا.
وبـعـد ذلـك لست ادري هل تنقطع صلة الخليلين بعضهم مع بعض بعد الزواج في محيط يختلط فيه
الـجـنسان بحرية مطلقة يـحـرم اتـخاذ الخليل على الجنسين كما قال سبحانه وتعالى (ولا متخذات اخدان ) (النساء / 24)
وقـولـه تـعالى : (ولا متخذي اخدان ) (المائدة / 51) والمقصود من الخدن هنا الصديق من الجنس
الاخـر وجـمـعـه الاخدان , كما يعاقب الاسلام اشد العقوبة على الاتصال الجنسي غير المشروع
ويـجـلـد الـطـرفين مائة جلدة اذا لم يكن لديهما سبيل الى الاتصال الجنسي المشروع , وفي حالة
الاتـصـال الـجنسي غير المشروع مع وجود الزوج للمراة وللرجل الزوجة او المملوكة يرجم
الـزانـي منهما, وفي مثل هذا المجتمع يتيسر المحافظة على طهارة النسل , اما في المجتمع الغربي
المتحلل عن كل هذه القيود كيف يتيسر المحافظة على طهارة النسل ؟ لست ادري بـعـد ذكرنا الحكمة في تعدد زوجات الرسول (ص ) ندرس في ما ياتي ادوارا من حياة ام المؤمنين
عائشة :.
ام المؤمنين عائشة في سطور.
ام المؤمنين عائشة :. عـائشـة : ابنة اول الخلفاء, ابي بكر, عبداللّه بن ابي قحافة عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم
الـقـرشـي , وامـهـا ام رومان ابنة عامر بن عويمر, ولدت في السنة الرابعة بعد البعثة , وتزوجها
الـرسول بعد وفاة زوجته الاولى خديجة , قبل الهجرة بسنتين , وعمرها ست سنوات , وبنى بها في
شهر شوال , بعد مضي ثمانية عشر شهرا من هجرته الى المدينة , وبعد غزوة بدر الكبرى , وقبض
الـنـبي وهي في الثامنة عشرة من عمرها, وقد اقامت مع النبي ثمانية اعوام وخمسة اشهر, ومكثت
بعده في خلافة ابي بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان من المؤيدين للحكم القائم , ثم انحرفت عن
عثمان , وتراست المعارضين , حتى اذا قتل قادت مناوئي ابن ابي طالب وخصومه الى حربه ـ حرب
الـجـمل ((35)) ـ في البصرة وبعد ان غلبت في الحرب اعادها ابن ابي طالب مكرمة الى المدينة
حيث بقيت هناك حتى اذا قتل ابن ابي طالب وتربع معاوية على دست الحكم واخذ يروج نشر فضائل
آل امية خاصة وحزب عائشة ومعارضي ابن ابي طالب عامة اصبح لها في هذا الدور شان خطير مما
سـنـسـتعرضه في ماياتي من هذا البحث ان شاء اللّه تعالى وكنيتها ام عبداللّه , تكنت باسم ابن اختها
عبداللّه ابن الزبير ((36)) .
وتـوفـيت (رض ) ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلون من شهر رمضان , من السنة السابعة او الثامنة او
الـتـاسـعـة والخمسين , فصلى عليها ابو هريرة وهو يومذاك خليفة مروان على المدينة ((37))
ودفنت بوصية منها مع سائر امهات المؤمنين في البقيع ((38)) .
ادوار من حياتها.
في بيت الرسول (ص ).
سماتها: حزنها المفرط كلما بنى الرسول بزوجة جديدة , تعقبها.
الرسول الى المسجد, والى البقيع , كسر اواني الطعام , مع صفية , مع .
سودة , مع الواهبات انفسهن , هي ومليكة , هي واسماء, مع مارية ,.
قصة مارية , مع ذكرى خديجة , مع ابنة خديجة وصهرها.
سماتها العامة .
كانت ام المؤمنين عائشة (رض ) من اولئك القلائل من البشر, ذوي الطموح الخارق الذين لايقر لهم
قـرار دون بلوغ القمة من المجد, وممن لايرضون لانفسهم ان يساميهم في العلياء بشر, وكانت الى
ذلك ذات مزاج عصبي حاد عنيف , فيها حدة طبع , وحدة ذكاء, وغيرة شديدة , تغار على قلب زوجها,
فـلا تـريد ان تشاركها فيه انثى غيرها, وتغار على ذوي قرباها, وتذهب نفسها حسرة على ضياع
مـصالحهم , هذه هي الصفات الغالبة على حياتها العامة وعلى حياتها الزوجية الخاصة , وهي بعد ذلك
من النساء الخالدات في التاريخ ابد الدهر.
في حياتها الزوجية ((39)) :.
مـن مـظاهر غيرتها الشديدة في حياتها الزوجية حزنها المفرط كلما بنى الرسول بزوجة جديدة ,
كـمـا حدثت هي بنفسها عن اثر الغيرة عليها عندما بنى بام سلمة ((40)) وزينب ومارية وغيرهن
ممن ياتي ذكرهن في هذا الفصل .
تعقبها النبي (ص ):.
وتعقبها النبي كلما فقدته في ليالي نوبتها, فقد حدثت وقالت : فقدت رسول اللّه (ص ) فظننت انه اتى
بـعـض جـواريه , فطلبته فاذا هو ساجد يقول : رب اغفر لي ((41)) وقالت : فقدت النبي ذات ليلة ,
فظننت انه ذاهب الى بعض نسائه , فتحسست ثم رجعت فاذا هو راكع ((42)) وقالت : فقدت رسول
اللّه (ص ) ذات ليلة من الفراش , فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهو يقول
الحديث ((43)) .
وقـالـت : لـمـا كانت ليلتي التي النبي (ص ) فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعها عند
رجليه وبسط طرف ازاره على فراشه , ثم اضطجع فلم يلبث الا ريثما ظن اني رقدت , فاخذ رداءه
رويـدا وانـتـعـل رويـدا وفـتـح الباب فخرج ثم اجافه ((44)) رويدا فجعلت درعي في راسي
واختمرت وتقنعت ازاري , ثم انطلقت على اثره حتى جاء البقيع , فقام فاطال القيام , ثم رفع يديه ثلاث
مـرات , ثـم انحرف فانحرفت , فاسرع فاسرعت , فهرول فهرولت , فاحضر فاحضرت ((45)) ,
فـسـبقته , فدخلت , فليس الا ان اضطجعت فدخل فقال : مالك يا عائش حشياء رائبة ((46)) : قالت :
قلت : لا شي ء يارسول اللّه قال : لتخبرنني او ليخبرني اللطيف الخبير, قالت : قلت : يارسول اللّه بابي
انت وامي فاخبرته , قال : فانت السواد الذي رايت امامي , قلت : نعم , فلهزني في ظهري ((47)) لهزة
فاوجعتني وقال : اظننت ان يحيف عليك اللّه ورسوله الحديث ((48)) .
وقالت : ان رسول اللّه خرج من عندها ليلا, قالت : فغرت عليه , قالت : فجاء فراى ما اصنع .
فقال : مالك ياعائشة : اغرت فقال رسول اللّه (ص ): افاخذك شيطانك الحديث ((49)) .
وقـالـت : قـام النبي (ص ) من الليل , فظننت انه ياتي بعض نسائه فاتبعته فاتى المقابر, ثم قال : سلام
عليكم دار قوم مؤمنين ثم التفت فرآني .
فقال : ويحها لو استطاعت ما فعلت ((50)) .
كسر اواني ازواج الرسول (ص ):.
ومـن آثـار حـدة طبعها كسرها اواني ازواج النبي اللائي كن يبعثن بطعام الى النبي عندما كان في
دارها, كما صنعت ذلك باناء ام سلمة , على ما اخرجه النسائي في صحيحه ((51)) عن ام سلمة : انها
اتت بطعام في صحفة لها الى رسول اللّه , فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ((52)) , ففلقت به
الصحفة , فارسل النبي صحفة عائشة الى ام سلمة .
وكسر اناء حفصة ((53)) على ما اخرجه احمد في مسنده ((54)) :.
عن ام المؤمنين عائشة في حديث لها: قالت صنعت له طعاما, وصنعت حفصه له طعاما فقلت لجاريتي :
اذهـبـي فـان جـاءت هـي بـالـطـعام فوضعته قبل فاطرحي الطعام , قالت : فالقته الجارية , فوقعت
الـقـصعة ((55)) , فانكسرت وكان نطعا ((56)) قالت : فجمعه رسول اللّه (ص ), وقال : اقتصي
ظرفا مكان ظرفك .
.
كسر اناء صفية :.
في مسند احمد ((57)) عن عائشة قالت : بعثت صفية ((58)) الى رسول اللّه بطعام قد صنعته له ,
وهو عندي , فلما رايت الجارية اخذتني رعدة حتى استقلني ((59)) افكل فضربت القصعة فرميت
بها, قالت : فنظر الي رسول اللّه (ص ) فعرفت الغضب في وجهه , فقلت اعوذ برسول اللّه (ص ) ان
يلعنني اليوم , قالت : قال اولي , قالت : قلت : وما كفارته يارسول اللّه ؟ قال طعام كطعامها واناء كانائها.
مع صفية :.
وفي طبقات ((60)) ابن سعد: استبت عائشة وصفية , فقال رسول اللّه لصفية : الا قلت : ابي هارون
وعمي موسى , وذلك ان عائشة فخرت عليها.
وروى الـتـرمذي عنها انها قالت : (قلت للنبي : حسبك من صفية كذا وكذا, فقال لها النبي (ص ): لقد
قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ـ تغير بها طعمه , ادركه لشدة نتنها ـ) ((61)) .
وفـي المستدرك ((62)) عن صفية قالت : دخل علي رسول اللّه (ص ) وانا ابكي , فقال : ياابنة حيي
مايبكيك قلت : بلغني ان عائشة وحفصة ينالان مني الحديث .
مع سودة :.
في الاجابة ((63)) : سمعت ام المؤمنين عائشة سودة ((64)) تنشد:.
(عدي وتيم تبتغي من تحالف ) فقالت عائشة لحفصة : ماتعرض الا بي وبك ياحفصة , فاذا رايتني اخذت
براسها فاعينيني فقامت فاخذت براسها, وخافت حفصة فاعانتها, وجاءت ام سلمة فاعانت سودة فاتي
النبي (ص ) فاخبر وقيل له : ادرك نساءك يقتتلن .
فقال : (ويحكن مالكن) فقالت عائشة : (يارسول اللّه الا تسمعها تقول : (عدى تيم تبتغي من تحالف ).
فقال : (ويحكن ليس عديكن ولا تيمكن , انما هو عدي تميم وتيم تميم ) الحديث .
مع مليكة :.
اخـرج ابن سعد في طبقاته ((65)) وقال : تزوج النبي مليكة بنت كعب , وكانت تذكر بجمال بارع ,
فـدخلت عليها عائشة , فقالت لها: اما تستحين ان تنكحي قاتل ابيك , فاستعاذت من رسول اللّه فطلقها,
فجاء قومها الى النبي (ص ) فقالوا: يارسول اللّه انها صغيرة وانها لا راي لها وانها خدعت فارتجعها,
فابى رسول اللّه , وكان ابوها قتل في يوم فتح مكة , قتله خالد بن الوليد بالخندمة ((66)) .
مع اسماء:.
واخـرج ابـن سـعـد فـي طبقاته ((67)) عن ابن عباس : قال : تزوج رسول اللّه (ص ) اسماء بنت
الـنعمان , وكانت من اجمل اهل زمانها اشبه , قال : فلما جعل رسول اللّه (ص ) يتزوج الغرائب , قالت
عـائشة : قد وضع يده في الغرائب , ويوشكن ان يصرفن وجهه عنا, وكان خطبها حين وفدت كندة
عليه الى ابيها, فلما رآها نساء النبي (ص ) حسدنها, فقلن لها: ان اردت ان تحظي عنده فتعوذي باللّه
مـنـه اذا دخل عليك , فلما دخل , والقى الستر, مد يده اليها, فقالت : اعوذ باللّه منك , فقال : (امن عائذ
اللّه وروى ((68)) حـمـزة بـن ابـي اسيد الساعدي عن ابيه , وكان بدريا قال : تزوج الرسول (ص )
اسـمـاء بـنت النعمان الجونية فارسلني فجئت بها, فقالت حفصة لعائشة او عائشة لحفصة : اخضبيها
انت , وانا امشطها ففعلن , ثم قالت احداهما:.
(ان النبي يعجبه من المراة اذا دخلت عليه ان تقول اعوذ باللّه منك , فلما دخلت وارخى الستر مد يده
الـيها, فقالت : اعوذ باللّه منك ((69)) بكمه على وجهه , واستتر به وقال : (عذت معاذا) ثلاث
مرات قال ابو اسيد: ثم خرج علي فقال : ياابا اسيد ـ فكانت تقول : ادعوني الشقية ) ((70)) .
يـظـهـر من هذه النصوص , ان المتعوذة باللّه من الرسول بتعليم من ام المؤمنين ايضا كانت اكثر من
واحدة .
مع مارية :.
اخـرج ابـن سـعد في طبقاته ((71)) عن عائشة , قالت : ما غرت على امراة الا دون ماغرت على
مارية , وذلك انها كانت جميلة جعدة ((72)) , واعجب بها رسول اللّه (ص ) وكان انزلها اول ما قدم
بها في بيت حارثة بن ((73)) النعمان ـ الى قولها ـ وفزعنا لها فجزعت , فحولها رسول اللّه (ص )
الـى الـعـالـية ((74)) , فكان يختلف اليها هناك , فكان ذلك اشد علينا, ثم رزقه اللّه الولد وحرمناه
الحديث .
قصة مارية :.