احادیث ام المومنین عائشه جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

احادیث ام المومنین عائشه - جلد 1

سید مرتضی العسکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




وفي رواية البلاذري عن ابي اسحاق قال : فخرج في امره الى عثمان اربعة نفر: ابو زينب , وجندب بـن زهـيـر, وابو حبيبة الغفاري , والصعب بن جثامة , فاخبروا عثمان خبره , فقال عبدالرحمن بن
عوف : ماله اجن يـشـرب الـخمر ((213)) من جوفه واني
اخذت خاتمه من يده وهو سكران لايعقل .


وفـي رواية الاغاني : فشخصوا اليه وقالوا: انا جئناك في امر ونحن مخرجوه اليك من اعناقنا وقد
قلنا انك لا تقبله .


قال : وما هو؟.


قالوا: راينا الوليد وهو سكران من خمر قد شربها وهذا خاتمة اخذناه وهو لايعقل ((214)) .


وفي رواية المسعودي : (ثم تقايا عليهم ماشرب من الخمر, فانتزعوا خاتمه من يده فاتوا عثمان بن
عفان فشهدوا عنده على الوليد انه شرب الخمر, فقال عثمان : وما يدريكما انه شرب خمرا, فقالا:
هي الخمر التي كنا نشربها في الجاهلية , واخرجا خاتمه فدفعاه اليه فرزاهما ودفع في صدورهما,
وقـال : تنحيا عني فخرجا واتيا علي بن ابي طالب (رض ) واخبراه بالقصة , فاتى عثمان وهو يقول :
دفعت الشهود وابطلت الحدود الحديث ) ((215)) .


وفـي روايـة الـبلاذري عن الواقدي : وقد يقال : ان عثمان ضرب بعض الشهود اسواطا فاتوا عليا
فشكوا ذلك اليه فاتى عثمان , فقال : عطلت الحدود وضربت قوما شهدوا على اخيك فقلبت الحكم .


واخـرج البلاذري عن ابي اسحاق قال : فاتى الشهود عائشة فاخبروها بما جرى بينهم وبين عثمان
وان عثمان زبرهم , فنادت عائشة : ان عثمان ابطل الحدود وتوعد الشهود ((216)) .


واخـرج ابـو الفرج ((217)) عن الزهري انه قال : خرج رهط من اهل الكوفة الى عثمان في امر
الـوليد فقال : اكلما غضب رجل منكم على اميره رماه بالباطل ؟ لئن اصبحت لانكلن بكم , فاستجاروا
بـعـائشة , واصبح عثمان فسمع من حجرتها صوتا وكلاما فيه بعض الغلظة فقال : اما يجد مراق اهل
الـعـراق وفساقهم ملجا الا بيت عائشة رسـول اللّه صـاحـب هذا النعل فتسامع الناس فجاءوا حتى ملاوا المسجد فمن قائل : احسنت , ومن
قائل : ما للنساء ولهذا ((218))؟ انما
: ان عـائشة اغلظت لعثمان , واغلظ لها وقال : وما انت وهذا امرت ان تقري في بيتك , فقال قوم مثل قوله , وقال آخرون : ومن اولى بذلك منها, فاضطربوا بالنعال ,
وكان ذلك اول قتال بين المسلمين بعد النبي (ص ).


واخرج اليعقوبي في تاريخه ((219)) وابن عبدالبر بترجمته من الاستيعاب قريبا مما اوردناه من
موقف ام المؤمنين في هذه القصة .


واخـرج الـبـلاذري ((220)) عن الواقدي وابي مخنف وغيرهما انهم قالوا: اتى طلحة والزبير
عـثـمان , فقالا له : قد نهيناك عن تولية الوليد شيئا من امور المسلمين فابيت , وقد شهد عليه بشرب
الخمر والسكر فاعزله .


وقـال لـه علي : اعزله وحده اذا شهد الشهود عليه في وجهه , فولى عثمان سعيد بن العاص الكوفة
وامره باشخاص الوليد فلما قدم سعيد الكوفة غسل المنبر ودار الامارة .


وروى الطبري ((221)) في بيان هذا وقال : فقدم سعيد بن العاص الكوفة فارسل الى الوليد ان امير
المؤمنين يامرك ان تلحق به , قال : فتضجع اياما فقال له :.


انـطـلـق الـى اخيك فانه قد امرني ان ابعثك اليه , قال : وما صعد منبر الكوفة حتى امر به ان يغسل
فناشده من قريش ممن كانوا خرجوا معه من بني امية , وقالوا:.


ان هـذا قـبيح : واللّه لو اراد هذا غيرك لكان حقا ان تذب عنه , يلزمه عار هذا ابدا قال فابى الا ان
يفعل فغسله وارسل الى الوليد ان يتحول من دار الامارة فتحول عنها ونزل دار عمارة بن عقبة .


وفي الاغاني ((222)) : لما شهد على الوليد عند عثمان بشرب الخمر كتب اليه يامره بالشخوص ,
فخرج وخرج معه قوم يعذرونه , فيهم عدي بن حاتم , فنزل الوليد يوما يسوق بهم , فقال يرتجز:.





  • لاتـحـســبـنـا قـد نسـينا الايجاف
    والنشـوات من عتيـق اوصـاف وعـزف قينـات علينـا



  • والنشـوات من عتيـق اوصـاف وعـزف قينـات علينـا
    والنشـوات من عتيـق اوصـاف وعـزف قينـات علينـا



.
اقم
فقال عدي : اين تذهب بنا وفي رواية البلاذري ((224)) :.


واشخص الوليد فلما شهد عليه في وجهه واراد عثمان ان يحده البسه جبة حبر ((225)) وادخله
بيتا فجعل اذا بعث اليه رجلا من قريش ليضربه , قال له الوليد:.


انشدك اللّه ان تقطع رحمي , وتغضب امير المؤمنين عليك فيكف فلما راى ذلك علي بن ابي طالب اخذ
السوط ودخل عليه ومعه ابنه الحسن , فقال له الوليد:.


مـثـل تلك المقالة , فقال له الحسن : صدق يا ابت , فقال علي : ما انا اذا بمؤمن , وجلده بسوط له شعبتان
اربـعين جلدة , ولم ينزع جبته , وكان عليه كساء فجاذبه علي اياه حتى طرحه على ظهره وضربه
وما يبدو ابطه .


وفي رواية الاغاني ((226)) : فقال له الوليد نشدتك باللّه والقرابة , فقال علي : اسكت ابا وهب فانما
هلكت بنو اسرائيل بتعطيلهم الحدود فضربه وقال :.


لتدعوني قريش جلادها.


وقـال المسعودي ((227)) : فلما نظر الى امتناع الجماعة عن اقامة الحد عليه توقيا لغضب عثمان
لـقـرابـتـه مـنـه , اخـذ عـلـي الـسـوط ودنـا منه , فلما اقبل نحوه سبه الوليد, وقال : يا صاحب
مكس ((228)) .


فـقـال عقيل بن ابي طالب وكان ممن حضر: انك لتتكلم يا ابن ابي معيط كانك لا تدري من انت وانت
علج من اهل صفورية ـ وهي قرية بين عكا واللجون من اعمال الاردن من بلاد طبرية كان ذكر ان
اباه يهوديا منها ـ فاقبل الوليد يروغ ((229)) من علي فاجتذبه فضرب به الارض وعلاه بالسوط.


فـقـال عـثـمان : ليس لك ان تفعل به هذا, قال : بلى وشرا من هذا اذا فسق ومنع من حق اللّه تعالى ان
يؤخذ منه .


وروى البلاذري ((230)) وقال : لما ضرب علي الوليد بن عقبة جعل الوليد يقول :.


((231)) وقال حين حد:.




  • باعـد اللّه ما بينـي وبينـكم
    ان يكثر المـال لايذمم فعالـكم
    وان يعش عائـلا مولاكم يخـب .



  • بني امية من قربى ومن نسـب .
    وان يعش عائـلا مولاكم يخـب .
    وان يعش عائـلا مولاكم يخـب .



وروى انه سئل عثمان ان يحلق , وقيل له ان عمر حلق مثله , فقال : قد كان فعل ثم تركه .


وروى اليعقوبي ((232)) ان عثمان بعث اخاه الوليد ـ بعد ان اجري الحد عليه ـ على صدقات كلب
وبلقين .


فـي هذه القصة نجد الوليد بن عقبة ام ءرا موصوفا في القرآن بالفسق , ومشهورا لدى الناس بالسكر
والزنا, ونجده عارفا بضعف نفس اخيه الخليفة خبيرا بكيفية التصرف فيه .


ونـجـده يـبـسـط يـده في اموال المسلمين , كما نجده يتخذ من السلطة سلما الى التمتع بشهواته ,
ويـتـجـاهـر في سبيل ذلك غير هياب ولا متحرج اعتمادا على مركز اخيه الخليفة وتدليله اياه ,
فنجده يقطع نديمه الشاعر النصراني ارضا واسعة , ويجري عليه لحم الخنزير والخمر, ويدخله
الـمـسـجـد الـجـامـع وهو سكران , ويدخل الساحر اليهودي المسجد ايضا ليقوم له فيه باعماله
السحرية , ويخرج سكران في غلائله ليصلي بالمسلمين في محرابهم , ويتقيا الخمرة لاكثاره منها,
حتى اذا اشخص الى المدينة اخرج معه الاشراف ليعذروه ولكنه لايستطيع ان يكف عن ذكر الخمر
والعزف فيتغنى بهما وهو في طريقه الى مجلس الحكم .


ونـجـد فيها المسلمين كافة متذمرين من السلطة معلنين استنكارهم عليها غير ان هناك شخصيتين
متميزتين على من عداهما:.


اولاهما: ابن ابي طالب فانه الشخص الوحيد الذي تقدم من بين المسلمين والصحابة لاقامة الحد على
اخي الخليفة غير مبال بسخط الخليفة , ونقمة اسرته من بني امية , ومن المصادقات الفريدة ان يكون
هذا الشخص ضارب راس الاب الكافر وجالد ظهر الابن الفاسق , وحق له ان يقول : لتدعوني قريش
جـلادهـا, ولـقـد ادخر بافعاله هذه كرها شديدا في صدور قريش , وحقدا دفينا جنى ثمارها في
مستقبل ايامه .


وثـانـيـهما: ام المؤمنين عائشة فانها كانت في الناقمين على عثمان تملك قيادة جماهير الناس , وقد
استطاعت ان تحشد الجماهير ضده بعمل فذ لم يقم به احد قبلها ولا بعدها, فانها اخرجت نعل رسول
اللّه فـي وقـت كـان الـنـاس مـتعطشين الى رؤية آثار رسول اللّه (ص ) وبذلك اثارت عواطفهم وهـيجتهم ويتضاربون بالنعال الـى النزول عند رغبة الجماهير فعزل اخاه واحضره للحكم , ولولا براعتها في تحشيد الجماهير
وقـيادتها, لما وقع شي ء من ذلك , وانها لم تكن الوحيدة ممن بقيت من ازواج الرسول بعده , فقد كانت
هـنـاك حفصة وام سلمة وام حبيبة وقد اشترك بعضهن في بعض المواقف السياسية غير ان واحدة
منهن لم تفعل ذلك .


ونـجـد فـي هـذه الـقـصة ـ ايضا ـ الخليفة عثمان قد اتخذ لنفسه سريرا يجلس عليه مما لم نجد
الـخـليفتين قبله قد فعلا ذلك , ثم نجده يشرك معه على السرير ابا سفيان كبير قريش في حروبها
لـرسول اللّه , واخاه الموصوف في القرآن بالفسق شريب الخمر الزاني , ونجده يحترم عمه الحكم
طـريـد رسـول اللّه ولـعـينه اكثر من اي انسان كان , فيزحل له عن مجلسه , ونجده يطعم النصف
الـشرقي من بلاد المسلمين الى اخيه الماجن هذا ليجبر بذلك نفسه الكسيرة , ونجده يبسط يد هذا
الـمـتـهـتـك عـلى بيت مال المسلمين , ويعاقب الصحابي الجليل ابن مسعود على انكاره على اخيه ,
ويخاطبه بذلك الخطاب المقذع , ويامر به فيضرب حتى تنكسر ضلعاه , ويحرمه عطاءه ويمنعه من
الـخـروج الـى الجهاد في سبيل اللّه , ويحبسه في المدينة حتى يموت , كل ذلك يفعله غضبا لاخيه
الـفـاسـق هذا, ونجده يرد شهادة الشهود على اخيه , ويضربهم على شهادتهم , وبعد ان يجبر على
اقامة الحد عليه يلبسه جبة حبر تمنع من جسده الم السياط, ثم لا يحلق راسه بعد الحد, وبعد ذلك
كله يوظفه على الصدقات .


هذه واحدة من حوادث سياسية اشتركت فيها ام المؤمنين ضد الخليفة عثمان .


ثـانيا: في خبر عمار مع الخليفة الحادثة الاخرى التي اشتركت فيها ام المؤمنين , وقادت الجماهير
فيها ضده كانت في قصة الخليفة مع عمار بن ياسر.


وعـمار بن ياسر هو ابو اليقظان بن ياسر بن عامر, وكان ياسر والد عمار عربيا قحطانيا مذحجيا
مـن عـنـس قـدم من اليمن الى مكة وحالف ابا حذيفة بن المغيرة المخزومي وتزوج امته سمية بنت
خـبـاط فـولـدت عـمارا فاعتقه ابو حذيفة , فمن هنا صار عمار مولى لبني مخزوم كان هو وابواه
واخوه عبداللّه من السابقين الى الاسلام , واجهروا باسلامهم فعذبوا عليه اشد العذاب البسوا ادراع
الـحـديـد, ثـم صهروا في الشمس على ان يتركوا الاسلام وهم يابون ذلك , وكان رسول اللّه يمر
عـليهم بالابطح وهم يعذبون في رمضاء مكة فيقول : (صبرا آل ياسر موعدكم الجنة ) وكانت سمية
اول شهيد في الاسلام طعنها ابو جهل بحربة في قلبها فماتت من ذلك وقتل بعدها ياسر.


اما عمار فانه اعطاهم ما ارادوا بلسانه مكرها فاخبر النبي بان عمارا كفر فقال : كلا, ان عمارا ملئ
ايـمـانـا مـن قرنه الى قدمه , واخلط الايمان بلحمه ودمه , فاتى رسول اللّه (ص ) وهو يبكي فجعل
رسول اللّه يمسح عينيه , وقال : ان عادوا لك فعد لهم بما قلت , فانزل اللّه تعالى فيه :.


(من كفر باللّه من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان )الاية ((233)) (النحل / 106).


هـاجـر عـمار الى المدينة وشهد بدرا وما بعدها, ولما قدم النبي الى المدينة جمع احجارا وبنى له
مسجد قبا فهو اول من بنى مسجدا في الاسلام ((234)) .


واشترك في بناء مسجد النبي (ص ) قال ابن هشام ((235)) عند ذكره .


بـنـاء رسـول اللّه مـسـجده في المدينة : فدخل عمار وقد اثقلوه باللبن , فقال : يارسول اللّه قتلوني
يحملون علي مالا يحملون .


قالت ام سلمة زوج النبي (ص ) فرايت رسول اللّه (ص ) ينفض وفرته بيده وكان رجلا جعدا وهو
يـقـول : (ويـح ابن سمية ليسوا بالذين يقتلونك انما تقتلك الفئة الباغية ) وارتجز علي بن ابي طالب
(رض ):.





  • لايستوي من يعمر المسـاجدا
    وقائما طورا وطـورا قاعـدا
    ومن يرى عن الغبـار حائـدا.



  • يداب فيها قائما وقاعـدا.
    ومن يرى عن الغبـار حائـدا.
    ومن يرى عن الغبـار حائـدا.



فاخذها عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها.


قـال ابـن هـشـام : فلما اكثر, ظن رجل من اصحاب رسول اللّه انه انما يعرض به , فقال : قد سمعت
ماتقول منذ اليوم يا ابن سمية واللّه اني لاراني ساعرض هذه العصا لانفك , قال : وفي يده عصا, قال :
فـغضب رسول اللّه ثم قال : (مالهم ولعمار بين عيني وانفي فاذا بلغ ذلك من الرجل فلم يستبق فاجتنبوه ) قال ابو ذر في شرح سيرة ابن هشام :
ان هذا الرجل هو عثمان بن عفان ((236)) .


وقد اثنى عليه رسول اللّه (ص ) في مواطن كثيرة منها قوله فيه لما راى خالدا يغلظ له القول : (من
عادى عمارا عاداه اللّه , ومن ابغض عمارا ابغضه اللّه ) شهد مع علي الجمل وصفين , وكان في صفين
لاياخذ في ناحية ولا واد الاوتبعه اصحاب النبي كانه علم لهم , وكان يرتجز ويقول :.


الـيــوم الــقـى الاحبـة ـــــ مـحـمـدا وحـزبـه ولما قتل اختصم في قتله اثنان فقال عمرو بن
الـعـاص : واللّه ان يـخـتـصـمـان الا فـي الـنـار, واللّه لـوددت انـي مت قبل هذا اليوم بعشرين
سنة ((237)) .


هذا هو عمار بن ياسر, واما قصته مع الخليفة عثمان فانه غضب عليه في عدة موارد.


منها في قصة ترحمه من كل قلبه على ابي ذر في ما روى البلاذري ((238)) وقال :.


انه لما بلغ عثمان موت ابي ذر بالربذة قال : رحمه اللّه فقال عمار بن ياسر: نعم فرحمه اللّه من كل
انـفـسـنا, فقال عثمان : يا عاض اير ابيه بمكانه فلما تهيا للخروج جاءت بنو مخزوم الى علي فسالوه ان يكلم عثمان فيه فقال له علي: ياعثمان اتـق اللّه فـانـك سـيـرت رجلا صالحا من المسلمين فهلك في تسييرك , ثم انت الان تريد ان تنفي
نظيره , وجرى بينهما كلام حتى قال عثمان : انت احق بالنفي منه فقال علي رم ذلك ان شئت , واجتمع
المهاجرون فقالوا: ان كنت كلما كلمك رجل سيرته ونفيته فان هذا شي ء لا يسوغ فكف عن عمار.


ومـنـهـا فـي قـصـة اخـذه كـتـاب اسـتـنـكار الصحابة من عثمان اليه في ما اخرجه البلاذري
وغـيـره ((239)) قـال البلاذري : ان المقداد بن عمرو, وعمار بن ياسر, وطلحة , والزبير في
عدة من اصحاب رسول اللّه (ص ) كتبوا كتابا عددوا فيه احداث عثمان وخوفوه ربه واعلموه انهم
مـواثبوه ان لم يقلع , فاخذ عمار الكتاب واتاه به فقرا صدرا منه فقال له عثمان : اعلي تقدم من بينهم ؟
فقال عمار:.


لاني انصحهم لك فقال : كذبت يا ابن سمية بـيـديه ورجليه ثم ضربه عثمان برجليه وهي في الخفين على مذاكيره فاصابه الفتق , وكان ضعيفا
كبيرا فغشي عليه .


ومنها قصة استنكاره اخذ عثمان جواهر من بيت المال في ما رواه .


الـبـلاذري ((240)) وقال : كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجوهر, فاخذ منه عثمان ما
حلى به بعض اهله فاظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلموه فيه بكلام شديد حتى اغضبوه فخطب
فـقال : لناخذن حاجتنا من هذا الفي ء وان رغمت انوف اقوام فقال له علي: اذا تمنع من ذلك ويحال بينك
وبـيـنـه وقـال عـمـار بـن يـاسر: اشهد اللّه ان انفي اول راغم من ذلك , فقال عثمان : اعلي يا ابن
الـمتكا ((241)) تجـترئ خذوه , فاخذ ودخل عثمان ودعا به فضربه حتى غشي عليه ثم اخرج
فـحمل حتى اتي به منزل ام سلمة زوج رسول اللّه (ص ) فلم يصل الظهر والعصر والمغرب فلما
افـاق تـوضـا وصـلى وقال : الحمد للّه ليس هذا اول يوم اوذينا فيه في اللّه وقام هشام بن الوليد بن
الـمـغـيرة المخزومي وكان عمار حليفا لبني مخزوم فقال : ياعثمان اما علي فاتقيته وبني ابيه , واما
نحن فاجترات علينا وضربت اخانا حتى اشفيت به على التلف , اما واللّه لئن مات لاقتلن به رجلا من
بني امية عظيم السرة , فقال عثمان : وانك لهاهنا يا ابن القسرية , قال :.


فـانـهما قسريتان (وكانت امه وجدته قسريتين من بجيلة ) فشتمه عثمان وامر به فاخرج , فاتى ام
سلمة فاذا هي قد غضبت لعمار, وبلغ عائشة ما صنع بعمار فغضبت واخرجت شعرا من شعر رسول
اللّه (ص ) وثـوبا من ثيابه ونعلا من نعاله ثم قالت : ما اسرع ماتركتم سنة نبيكم وهذا شعره وثوبه
ونعله لم يبل بعد, فغضب عثمان غضبا شديدا حتى مادرى ما يقول , فالتج المسجد وقال الناس :.


سـبـحان اللّه , سبحان اللّه , وكان عمرو بن العاص واجدا على عثمان لعزله اياه عن مصر وتوليته
اياها عبداللّه بن سعد بن ابي سرح فجعل يكثر التعجب والتسبيح .


ومـنـها في قصة دفن ابن مسعود فانه كان قد اوصى ان يصلي عليه عمار ولا يؤذن به عثمان ففعل ,
فلما اخبر بذلك غضب عليه ولم يلبث يسيرا حتى توفي المقداد فصلى عليه عمار وكان اوصى اليه
ولـم يـؤذن عثمان به , فاشتد غضب عثمان على عمار وقال : ويلي على ابن السوداء, اما لقد كنت به
عليما ((242)) .


ومـما يلفت نظرنا في هذه القصة مجابهة الخليفة عمارا بقوله : يا ابن المتكاء, ويا عاض اير ابيه الى
امـثـالـهـمـا, هـذا مع ما ورد في الصحاح والمسانيد عن ام المؤمنين من ان عثمان رجل حيي , وان
الملائكة واللّه لتستحي من عثمان , وان رسول اللّه قد استحى منه لشدة حيائه , الى غيرها مما فيه
الاشادة بذكر حيائه ونـجد فيها ايضا لام المؤمنين دور القيادة الحكيمة في تحشيد الناقمين من الخليفة ضده , والبصيرة
الـنـافـذة بـمـا يؤثر في نفوس الجماهير من الناس , فانها ان كانت قد باغتت الخليفة في تلك المرة
بـاخراج نعل رسول اللّه لتهييج الجماهير عليه واثرت الاثر الذي كانت تتوخاه , ولم يكن لتكراره
مـرة ثـانية ذلك الاثر على النفوس , فانها في هذه المرة ايضا لم تعدم الوسيلة لاثارة العواطف ضده ,
فـقـد اضـافـت الى ما اخرجت : ثوب رسول اللّه وشعره , فكان لها الاثر الفعال في اثارة الناس على
عثمان وتحطيم مركزه كخليفة للمسلمين كما كان ذلك للتي قبلها.


وفـي الـقـصـتـين جميعا تمكنت ام المؤمنين من ان ترفع عن عثمان الحصانة التي كان يتمتع بها في
المجتمع الاسلامي لمكانه من خلافة رسول اللّه , فانها قد استطاعت بوسائلها المحسوسة ان تجعله
فـي جـانب وسنة رسول اللّه وآثاره وازواجه في جانب آخر, وبذلك قد ازالت عنه كل حرمة في
الـنفوس وكرامة في المجتمع , فاصبح المسلمون يستسيغون النيل منه , ثم تعدى اثر ذلك من شخص
الـخـلـيـفـة الـى مقام الخلافة فانه لم يبق بعد هذا لمقام الخلافة ايضا حرمته الاولى في المجتمع
الاسلامي وبذلك اثرت حتى على من جاء بعده من الخلفاء.


ومـمـا نـرى فـي هـذه الحوادث , تردي العلاقات بين ام المؤمنين وعثمان من سيئ الى اسوا, فقد
اصـبـحـت مـن اشـد المعارضين له بعد ان كانت من اقوى مؤيديه , ومن الجائز ان يكون بدء تنقيص
عطائها في خلال هذه المعارك الكلامية .


واخـيـرا فـقـد حـولـت هذه الحوادث المتتالية ام المؤمنين من منتقمة لغيرها الى ثائرة لكرامتها,
فاصبحت المعركة معركتها اكثر من ان تكون معركة غيرها, واشركت في المعركة افراد اسرتها
حـتـى قـالـوا: (واجـلـب عـلـيـه مـحـمد بن ابي بكر ببني تيم واعانه على ذلك طلحة بن عبيد
اللّه ) ((243)) .


وقصة جلب محمد بن ابي بكر عليه يبدا من مصر حيث اشترك مع محمد ابن ابي حذيفة بالثورة ضد
عبداللّه بن سعد بن ابي سرح عامل عثمان عليها مما سنوردها بعد ايراد تراجمهم .


اولا ـ عـبـداللّه بـن سعد بن ابي سرح بن الحارث القرشي العامري وهو اخو عثمان من الرضاعة
ارضعت امه عثمان .


اسـلـم قـبل الفتح وهاجر الى المدينة وكتب الوحي لرسول اللّه ثم ارتد مشركا وصار الى قريش
بـمـكة , فقال لهم : اني كنت اصرف محمدا حيث اريد, كان يملي علي : (عزيز حكيم ) فاقول : (عليم
حكيم )؟ فيقول : نعم , كل صواب , فانزل اللّه تعالى فيه :.


(ومـن اظـلـم ممن افترى على اللّه كذبا او قال اوحي الي ولم يوح اليه شي ومن قال سانزل مثل ما
انـزل اللّه ولـو تـرى اذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا ايديهم اخرجوا انفسكم
اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على اللّه غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ) (الاية
93 من سورة الانعام ).


فـلما كان يوم الفتح اهدر رسول اللّه دمه وامر بقتله ولو وجد متعلقا باستار الكعبة ففر عبداللّه الى
عـثـمان فغيبه حتى اتى به الى رسول اللّه (ص ) فاستامنه له , فصمت رسول اللّه (ص ) طويلا, ثم
قـال : نـعم , فلما انصرف عثمان قال لمن حوله : ما صمت الا ليقوم اليه بعضكم فيضرب عنقه , فقالوا:
هلا اومات الينا, فقال : ان النبي لاينبغي ان يكون له خائنة الاعين .


ولاه عثمان مصر سنة 25ه وعزل عنها عمرو بن العاص ففتح افريقية فاعطاه عثمان خمس غنائم
الـغزوة الاولى , وبقي اميرا على مصر حتى سنة 34 حيث ثار ابن ابي حذيفة في مصر فمضى الى
عسقلان فاقام بها حتى قتل عثمان وتوفي سنة 57 او 59 ه ((244)) .


ثانيا:ـ محمد بن ابي بكر عبداللّه بن ابي قحافة عثمان , وامه اسماء بنت عميس الخثعمية كانت تحت
جـعـفـر وتزوجها ابو بكر بعد وفاة جعفر بن ابي طالب فولدت له محمدا في طريقهم الى مكة في
حجة الوداع , ولما توفي ابو بكر تزوجها علي فنشا محمد في حجر علي وكان ربيبه , شهد مع علي
الـجـمل وصفين , ثم ولاه مصر فدخلها في الخامس عشر من شهر رمضان سنة 37, فجهز معاوية
عـمرو بن العاص الى مصر سنة 38 فتغلب عليه وقتله معاوية ابن خديج صبرا وادخلوا جثته في
بطن حمار ميت واحرقوه ((245)) .


ثالثا: ـ ابو القاسم محمد بن ابي حذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشي العبشمي , وامه سهلة بنت سهيل بن
عمرو العامرية , ولد بارض الحبشة على عهد رسول اللّه (ص ) واستشهد ابوه ابو حذيفة باليمامة
فضم عثمان ابنه هذا اليه ورباه .


استاذن عثمان في ان يذهب الى مصر للغزو فاذن له فاخذ هناك يؤلب الناس على عثمان ثم وثب على
خـلـيـفة عبداللّه بن سعد بمصر واخرجه منها وبايعه اهل مصر بالامارة , ولما استخلف علي اقره
عـليها فبقي عليها حتى سار اليه معاوية عند مسيره الى صفين , فخرج اليهم محمد ومنعه من دخول
الـفـسـطاط ثم تصالحوا على ان يخرج محمد بن ابي حذيفة ومن معه آمنين فخرج محمد وثلاثون
رجـلا فـغـدر بهم معاوية وحبسه في سجن دمشق ثم قتله رشدين مولى معاوية ادركوا صحبة الرسول ((246)) .


وقـصـتهم بمصر في مارواه الطبري ((247)) : ان عمرو بن العاص كان على مصر عاملا لعثمان
فـعـزلـه عـن الخراج واستعمله على الصلاة , واستعمل عبداللّه بن سعد على الخراج ثم جمعهما
لعبداللّه بن سعد.


وفـيما روى البلاذري ((248)) ان محمد بن ابي حذيفة ومحمد بن ابي بكر حين اكثر الناس في
امـر عـثـمـان قـدمـا مـصـر وعـلـيـهـا عبداللّه بن سعد بن ابي سرح , ووافقا بمصر محمد بن
طـلحة ((249)) بن عبيداللّه وهو مع عبداللّه بن سعد, وان ابن ابي حذيفة شهد صلاة الصبح في
صـبيحة الليلة التي قدم فيها, ففاتته الصلاة فجهر بالقراة فسمع ابن ابي سرح قراته فامر اذا صلى
ان يـؤتـى بـه فلما رآه قال : ماجاء بك الى بلدي , قال : جئت غازيا, قال : ومن معك , قال : محمد بن ابي
بكر, فقال : واللّه ماجئتنا الا لتفسدا الناس , فامر بهما فسجنا, فارسلا الى محمد ابن طلحة يسالانه
ان يـكـلمه فيهما لئلا يمنعهما من الغزو, فاطلقهما ابن ابي سرح وغزا ابن ابي سرح افريقية فاعد
لهما سفينة مفردة لئلا يفسدا عليه الناس فمرض ابن ابي بكر فتخلف , وتخلف معه ابن ابي حذيفة , ثم
انهما خرجا في جماعة الناس فما رجعا من غزاتهما الا وقد اوغرا صدور الناس على عثمان .


وقـال فـي حديث آخر وكانت غزوة ذات الصواري في المحرم سنة 34 وعليها عبداللّه بن سعد,
فصلى بالناس فكبر ابن ابي حذيفة تكبيرة افزعه بها فقال :.


لولا انك حدث احمق لقربت بين خطوك ولم يزل يبلغه عنه وعن ابن ابي بكر مايكره وجعل ابن ابي
حذيفة يقول : يااهل مصر انا خلفنا الغزو وراءنا يعني غزو عثمان الحديث .


وقال الطبري ((250)) :.


خـرج محمد بن ابي حذيفة ومحمد بن ابي بكر عام خرج عبداللّه بن سعد, فاظهرا عيب عثمان وما
غير وما خالف به ابا بكر وعمر وان دم عثمان حلال , ويقولان : استعمل عبداللّه بن سعد رجلا كان
رسـول اللّه (ص ) ابـاح دمـه , ونزل القرآن بكفره [حين قال : سانزل مثل ما انزل اللّه ] ((251))
واخـرج رسـول اللّه (ص ) قـوما وادخلهم ((252)) ـ الى قوله ـ فافسدا اهل تلك الغزاة وعابا
عثمان اشد العيب .


وقـال : (ومحمد بن ابي حذيفة يقول للرجل : اما واللّه لقد تركنا خلفنا الجهاد حقا فيقول الرجل : واي
جـهـاد؟ واظهروا من القول مالم يكونوا ينطقون به ).


ومما ساعد المحمدين في امرهم تذمر المصريين من سيرة ابن ابي سرح فيهم , وظلمه اياهم , وقد
بلغ الامر به معهم ان يضرب بعض من شكاه الى عثمان حتى يتوفى , وقد اورد قصة قدوم المصريين
عـلـى عـثـمان في شكواهم من ابن ابي سرح كل من الطبري وابن الاثير في حديثيهما عن شكوى
المصريين من ابن ابي سرح وقالا:.


(وقـد قدموا في كلامهم ابن عديس فذكر ماصنع ابن سعد بمصر وذكر تحاملا منه على المسلمين
واهـل الـذمـة واستئثارا منه في غنائم المسلمين , فاذا قيل له في ذلك قال هذا كتاب امير المؤمنين
الي ) ((253)) .


وابن اعثم في تاريخه ((254)) حيث قال :.


جاء الى المدينة وفد من اشراف مصر يشكون عاملهم عبداللّه بن ابي سرح , فدخلوا مسجد الرسول
فراوا فيها جماعة من اصحاب رسول اللّه (ص ) من المهاجرين والانصار, فسلموا عليهم , فسالتهم
الـصحابة عما اقدمهم من مصرهم , فقالوا: ظلم والينا, وفساده , فقال لهم علي: لا تعجلوا في امركم ,
واعـرضـوا عـلى الامام شكواكم , فلعل عاملكم عمل برايه فيكم اذهبوا الى الخليفة واشرحوا له
ماساءكم من عاملكم , فان انكر عليه وعذله اصبتم بغيتكم , وان لم يفعل واقره على ما هو عليه , رايتم
امركم , فدعا له المصريون وقالوا: اصبت القول فنرجوا ان تحضر مجلسنا عنده , فقال : لاحاجة في
ذلـك فـالامر يتم بحضوركم عنده , فقالوا: وان كان الامر كذلك غير انا نرغب ان تحضر وتشهد,
فقال علي: يشهدكم من هو اقوى مني واعظم من جميع المخلوقين وارحم على عباده .


فـذهـب اشـراف مصر الى دار عثمان واستاذنوا للدخول عليه , فلما اذن لهم ودخلوا عليه اكرمهم
واجلسهم الى جنبه , ثم سالهم وقال : ماالذي اقدمكم ؟.


وماذا دهاكم فقدمتم دونما رخصه مني او من عاملي فقالوا: جئنا نستنكر منك مايصدر منك , ونؤاخذك بما يصدر من عاملك .


ثم ذكر ابن اعثم ماجرى بينهم من حجاج واقوال .



محنة المسلمين وموقف علي منها:


. وكان نتيجة شكوى اهل مصر ماذكره البلاذري ((255)) حيث قال :.
لـمـا ولـي عثمان كره ولايته نفر من اصحاب رسول اللّه (ص ) لان عثمان كان يحب قومه , فولي
الناس اثنتي عشرة حجة , وكان كثيرا ما يولي من بني امية من لم يكن له مع النبي (ص ) صحبة فكان
يـجي ء من امرائه ماينكره اصحاب محمد (ص ), وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم , فلما كان في الست
الاواخر استاثر ببني عمه , فولاهم وولى عبداللّه بن سعد بن ابي سرح مصر, فمكث عليها سنين ,
فـجـاء اهـل مـصر يشكونه ويتظلمون منه فكتب اليه كتابا يتهدده فيه فابى ان ينزع عما نهاه عنه
وضرب بعض من شكاه الى عثمان .


حتى قتله .


ولما ضاق الامر بالمسلمين كتب من كان من اصحاب النبي بالمدينة الى اخوانهم في الامصار يدعونهم
الى غزو عثمان فيما رواه الطبري وغيره ((256)) واللفظ للطبري قال :.


لما راى الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من اصحاب النبي (ص ) الى من بالافاق منهم وكانوا قد
تفرقوا في الثغور:.


انكم انما خرجتم ان تجاهدوا في سبيل اللّه عز وجل تطلبون دين محمد فان دين محمد قد افسد من
خلفكم وترك فهلموا, فاقيموا دين محمد (ص ).


وفـي روايـة ابـن الاثير: فان دين محمد قد افسده خليفتكم , وفي شرح ابن ابي الحديد: فاخلعوه ,
فاقبلوا من كل افق حتى قتلوه .


وروى البلاذري ((257)) وقال :.


لما كانت سنة 34 كتب بعض اصحاب رسول اللّه الى بعض يتشاكون سيرة عثمان وتغييره وتبديله
ومـا الـناس فيه من عماله , ويكثرون عليه , ويسال بعضهم بعضا ان يقدموا المدينة ان كانوا يريدون
الجهاد, ولم يكن احد من اصحاب رسول اللّه (ص ) يدفع عن عثمان ولا ينكر ما يقال فيه الا, زيد بن
ثابت , وابو اسيد الساعدي , وكعب بن مالك بن ابي كعب من بني سلمة من الانصار,.


وحـسـان بن ثابت ((258)) , فاجتمع المهاجرون وغيرهم الى علي فسالوه ان يكلم عثمان ويعظه
فاتاه فقال له :.


ان الناس ورائي قد كلموني في امرك , وواللّه ما ادري ما اقول لك , ما اعرفك شيئا تجهله , ولا ادلك
عـلى امر لاتعرفه , وانك لتعلم ما نعلم , وما سبقناك الى شي ء فنخبرك عنه , ولقد صحبت رسول اللّه
(ص ) وسـمـعـت ورايت مثل ما سمعنا وراينا, وما ابن ابي قحافة وابن الخطاب باولى بالحق منك ,
ولانـت اقرب الى رسول اللّه (ص ) رحما, ولقد نلت من صهره مالم ينالا, فاللّه اللّه في نفسك , فانك
لاتبصر من عمى , ولا تعلم من جهل فقال له عثمان : واللّه لو كنت مكاني ماعنفتك , ولا اسلمتك , ولا
عـتبت عليك ان وصلت رحما وسددت خلة وآويت ضائعا, ووليت من كان عمر يوليه , نشدتك اللّه :
الم يول عمر المغيرة بن شعبة وليس هناك (قال : نعم .


قال : فلم تلومني ان وليت ابن عامر في رحمه وقرابته ؟ قال علي: ساخبرك ان عمر بن الخطاب كان
كـلـما ولى فانما يطا على صماخه , ان بلغه حرف جلبه , ثم بلغ به اقصى الغاية , وانت لا تفعل ضعفت
ورفقت على اقربائك .


قال عثمان : هم اقرباؤك ايضا.


فقال علي: لعمري ان رحمهم مني لقريبة ولكن الفضل في غيرهم ) ((259)) .


قال : اولم يول عمر معاوية ؟.


فـقـال علي: ان معاوية كان اشد خوفا وطاعة لعمر من يرفا ((260)) وهو الان يبتز الامور دونك
ويقطعها بغير علمك ويقول للناس : هذا امر عثمان ويبلغك فلا تغير, ثم خرج , وخرج عثمان بعده ,
فصعد المنبر فقال :.


اما بعد, فان لكل شي ء آفة , ولكل امر عاهة , وان آفة هذه الامة ,.


وعـاهة هذه النعمة عيابون طعانون يرونكم ما تحبون , ويسرون لكم ما تكرهون , مثل النعام يتبعون
اول نـاعـق , احب مواردهم اليهم البعيد, واللّه لقد نقمتم علي ما اقررتم لابن الخطاب بمثله , ولكنه
وطئكم برجله , وخبطكم بيده , وقمعكم بلسانه , فدنتم له على ما احببتم وكرهتم , والنت لكم كنفي ,
وكففت عنكم لساني ويدي فاجتراتم علي فاراد مروان الكلام فقاله له عثمان : اسكت .



مسير اهل الامصار الى عثمان :


. روى الـبـلاذري ((261)) وقال : التقى اهل الامصار الثلاثة الكوفة والبصرة ومصر في المسجد
الـحـرام قبل مقتل عثمان بعام , وكان رئيس اهل الكوفة كعب بن عبدة النهدي , ورئيس اهل البصرة
المثنى بن مخربة العبدي , ورئيس اهل مصر كنانة ابن بشر بن عتاب بن عوف السكوني ثم التجيبي ,
فتذاكروا سيرة عثمان وتبديله وتركه الوفاء بما اعطى من نفسه , وعاهد اللّه عليه , وقالوا لايسعنا
الـرضـى بهذا فاجتمع رايهم على ان يرجع كل واحد من هؤلاء الثلاثة الى مصره فيكون رسول من
شهد مكة من اهل الخلاف على عثمان الى من كان على رايهم من اهل بلده , وان يوافوا عثمان في العام
المقبل في داره ويستعتبوه , فان اعتب والا راوا رايهم فيه , ففعلوا ذلك .


ولـما كانت مصر ((262)) اشد على عثمان من غيره واراد عثمان ان يخفف من غلوائهم ارسل الى
رئيـسـهم ابن ابي حذيفة بمال في مارواه البلاذري ((263)) ايضا وقال : وبعث عثمان الى ابن ابي
حـذيفة بثلاثين الف درهم وبحمل عليه كسوة فامر به فوضع في المسجد وقال : يامعشر المسلمين
الا تـرون الـى عـثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه عليه واجتمعوا الى ابن ابي حذيفة فراسوه عليهم .


ان دراهـم عثمان لم تمنع المصريين من موافاة المدينة في موعدهم مع اهل الامصار بل خرجوا من
مصر مع محمد بن ابي بكر في مارواه الطبري وقال ((264)) :.


فـقدم محمد بن ابي بكر واقام محمد بن ابي حذيفة بمصر فلما خرج المصريون خرج عبدالرحمن
بـن عديس البلوي في خمسمائة واظهروا انهم يريدون العمرة وخرجوا في رجب , وبعث عبداللّه
بـن سـعـد رسـولا سار احدى عشرة ليلة يخبر عثمان ان ابن عديس البلوي واصحابه قد وجهوا
نحوه , وان محمد بن ابي حذيفة شيعهم الى عجرود ثم رجع واظهر محمد ان قال خرج القوم عمارا
وقال في السر خرج القوم الى امامهم فان نزع والا قتلوه , وسار القوم المنازل لم يعدوها حتى نزلوا
ذا خشب .


وقـال في حديث آخر له : ثم ان عبداللّه بن سعد خرج الى عثمان في آثار المصريين وقد كان كتب
الـيه يستاذنه في القدوم عليه فاذن له فقدم ابن سعد حتى اذا كان بايلة بلغة ان المصريين قد رجعوا
الـى عثمان وانهم قد حصروه ومحمد بن ابي حذيفة بمصر, فلما بلغ محمدا حصر عثمان وخروج
عبداللّه بن سعد عنه غلب على مصر فاستجابوا له , فاقبل عبداللّه بن سعد يريد مصر فمنعه ابن ابي
حذيفة فتوجه الى فلسطين فاقام بها حتى قتل عثمان (رض ).


وروى الـطـبـري ((265)) بـسـنـده الـى الزبير بن العوام قال : كتب اهل مصر بالسقيا او بذي
خشب ((266)) الى عثمان بكتاب , فجاء به رجل منهم حتى دخل به عليه , فلم يرد عليه شيئا, فامر
بـه فـاخـرج مـن الدار, وكان اهل مصر الذين ساروا الى عثمان ستمائة رجل على اربعة الوية لها
رؤوس اربـعـة , مـع كـل رجل منهم لواء, وكان جماع امرهم جميعا الى عمرو بن بديل بن ورقاء
الخزاعي , وكان من اصحاب النبي (ص ), والى عبدالرحمن بن عديس التجيبي , فكان في ماكتبوا:.


بسم اللّه الرحمن الرحيم .


امـا بعد, فاعلم ان اللّه لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم , فاللّه اللّه , ثم اللّه اللّه فانك على دنيا
فـاستتم معها آخرة ولا تنس نصيبك من الاخرة فلا تسوغ لك الدنيا, واعلم انا واللّه واللّه نغضب ,
وفـي اللّه نرضى , وانا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى تاتينا منك توبة مصرحة او ضلالة مجلحة
مبلجة ((267)) ,.


فهذه مقالتنا لك وقضيتنا اليك , واللّه عذيرنا منك والسلام .


وروى الـبـلاذري ((268)) وقال : واتى المغيرة بن شعبة عثمان فقال له : دعني آت القوم فانظر
ماذا يريدون , فمضى نحوهم , فلما دنا منهم صاحوا به :.


يا اعور وراءك فـرجع ودعا عثمان عمرو بن العاص , فقال له : ائت القوم فادعهم الى كتاب اللّه والعتبى مما ساءهم ,
فـلـمـا دنا منهم سلم , فقالوا: لا سلم اللّه عليك بامين ولا مامون .


فـقـال لـه ابن عمر, وغيره : ليس لهم الا علي بن ابي طالب , فلما اتاه قال : يا ابا الحسن القوم فادعهم الى كتاب اللّه وسنة نبيه .


قال : نعم ان اعطيتني عهد اللّه وميثاقه على انك تفي لهم بكل ما اضمنه عنك .


قال : نعم , فاخذ علي عليه عهد اللّه وميثاقه على اوكد ما يكون واغلظ.


وخرج الى القوم .


فقالوا: وراءك قال : لا بل امامي , تعطون كتاب اللّه وتعتبون من كل ما سخطتم فعرض عليهم ما بذل .


فقالوا: اتضمن ذلك عنه .


قال : نعم .


قـالوا: رضينا واقبل وجوههم واشرافهم مع علي حتى دخلوا على عثمان وعاتبوه , فاعتبهم من كل
شي ء.


فقالوا: اكتب بهذا كتابا, فكتب :.


بسم اللّه الرحمن الرحيم .


هـذا كتاب من عبداللّه عثمان امير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين , ان لكم ان اعمل
فـيـكـم بكتاب اللّه وسنة نبيه يعطى المحروم ويؤمن الخائف ويرد المنفي ولا تجمر في البعوث ,
ويوفر الفي ء, وعلي بن ابي طالب ضمين للمؤمنين والمسلمين على عثمان بالوفاء بما في هذا الكتاب .


شـهـد الزبير بن العوام وطلحة بن عبيداللّه وسعد بن مالك ابي وقاص وعبداللّه بن عمر وزيد بن
ثابت وسهل بن حنيف وابو ايوب خالد بن زيد.


وكتب في ذي القعدة سنة 35 فاخذ كل قوم كتابا فانصرفوا.


ويـظهر من رواية البلاذري وغيره ان الخليفة كان قد كتب للمصريين خاصة كتابا آخر غير هذا
عزل فيه ابن ابي سرح عنهم وولى عليهم بدله محمد ابن ابي بكر فقد جاء في رواية للبلاذري :.


فقام طلحة الى عثمان فكلمه بكلام شديد, وارسلت اليه عائشة (رض ) تساله ان ينصفهم من عامله ,
ودخـل عـلـيه علي بن ابي طالب وكان متكلم القوم فقال له : انما يسالك القوم رجلا مكان رجل , وقد
ادعـوا قـبـلـه دما فاعزله عنهم واقض بينهم , فان وجب عليه حق فانصفهم منه فقال لهم : اختاروا
رجلا اوليه عليكم مكانه فاشار الناس عليهم بمحمد بن ابي بكر الصديق ((269)) فقالوا:.


/ 21