اسـتـعـمـل عـلينا محمد بن ابي بكر فكتب عهده وولاه ووجه معهم عدة من المهاجرين والانصار يـنـظـرون فـيما بينهم وبين ابن ابي سرح وقال علي بن ابي طالب ((270)) لعثمان : اخرج فتكلم
كلاما يسمعه الناس منك ويشهدون عليه , ويشهد اللّه على ما في قلبك من النزوع والانابة فان البلاد
قد تمخضت عليك , فلا آمن ركبا آخرين يقدمون من الكوفة فتقول : ياعلي اركـب الـيهم , ولا اسمع عذرا, ويقدم ركب آخرون من البصرة فتقول : ياعلي افعل رايتني قطعت رحمك , واستخففت بحقك .
قـال : فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها, واعطى من نفسه التوبة , فقام فحمد اللّه , واثنى
عليه بما هو اهله ثم قال :.
امـا بـعـد ايها الناس مـنـتني نفسي وكذبتني وضل عني رشدي , ولقد سمعت رسول اللّه (ص ) يقول : من زل فليتب , ومن
اخـطـا فـلـيتب , ولا يتمادى في الهلكة ان تمادى في الجور كان ابعد من الطريق وانا اول من اتعظ
اسـتـغفر اللّه مما فعلت واتوب اليه فمثلي نزع وتاب , فاذا نزلت فلياتني اشرافكم فليروني رايهم ,
فواللّه لئن ردني الحق عبدا لاستن بسنة العبد, ولاذلن ذل العبد, ولاكونن كالمرقوق ان ملك صبر,
وان عـتق شكر, وما عن اللّه مذهب الا اليه , فلا يعجزن عني خياركم ان يدنوا الي , فان ابت يميني
لتتابعن شمالي .
قـال : فـرق الـناس له يومئذ وبكى من بكى منهم , وقام اليه سعيد بن زيد, فقال : ياامير المؤمنين ليس
بـواصـل لـك مـن ليس معك اللّه اللّه في نفسك , فاتمم على ما قلت , فلما نزل عثمان وجد في منزله
مـروان وسـعـيـدا ونـفرا من بني امية , ولم يكونوا شهدوا الخطبة , فلما جلس قال مروان : ياامير
المؤمنين فـقالت نائلة بنت الفرافصة امراة عثمان الكلبية : لا بل اصمت فانهم واللّه قاتلوه ومؤثموه انه قد قال
مقالة لاينبغي له ان ينزع عنها فاقبل عليها مروان وقال :.
مـا انت وذاك فواللّه لقد مات ابوك وما يحسن يتوضا, فقالت له : مهلا يامروان عن ذكر الاباء, تخبر
عن ابي وهو غائب تكذب عليه , وان اباك لايستطيع ان يدفع عنه , اما واللّه لولا انه عمه وانه يناله
غـمـه لاخبرتك عنه ما لن اكذب عليه قال : فاعرض عنها مروان ثم قال : ياامير المؤمنين اصـمت , قال : بل تكلم فقال مروان : بابي انت وامي واللّه لوددت ان مقالتك هذه كانت وانت ممتنع منيع
فكنت اول من رضي بها واعان عليها ولكنك قلت .
مـا قـلت حين بلغ الحزام الطبيين ((271)) , وخلف السيل الزبى ((272)) , وحين اعطى الخطة
الـذليلة الذليل واللّه لاقامة على خطيئة تستغفر اللّه منها اجمل من توبة تخوف عليها وانك ان شئت
تـقـربـت بـالـتوبة ولم تقرر بالخطيئة , وقد اجتمع عليك بالباب مثل الجبال من الناس , فقال عثمان :
فـاخـرج اليهم فكلمهم فاني استحيي ان اكلمهم قال : فخرج مروان الى الباب والناس يركب بعضهم
بعضا, فقال : ما شانكم قد اجتمعتم الا مـن اريـد؟ جئتم تريدون ان تنزعوا ملكنا من ايدينا عليكم منا امر لايسركم ولا تحمدوا غب رايكم ؟ ارجعوا الى منازلكم فانا واللّه ما نحن مغلوبين على
ما في ايدينا قال :.
فـرجـع الـناس وخرج بعضهم حتى اتى عليا فاخبره الخبر فجاء علي (ع ) مغضبا حتى دخل على
عثمان , فقال :.
امـا رضيت من مروان ولا رضي منك الا بتحرفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث
يسار به وما انا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك , اذهبت شرفك وغلبت على امرك .
فـلما خرج علي دخلت عليه نائلة بنت الفرافصة امراته , فقالت اتكلم ام اسكت فقال : تكلمي فقالت قد
سمعت قول علي لك , وانه ليس يعاودك وقد اطعت مروان يقودك حيث شاء قال : فما اصنع ؟ قال : تتقي
اللّه وحده لا شريك له وتتبع سنة صاحبيك من قبلك , فانك متى اطعت مروان قتلك , ومروان ليس له
عـند الناس قدر ولا هيبة ولا محبة , وانما تركك الناس لمكان مروان , فارسل الى علي فاستصلحه
فان له قرابة منك وهو لا يعصى قال فارسل عثمان الى علي فابى ان ياتيه , وقال : قد اعلمته اني لست
بـعـائد فبلغ مروان مقالة نائلة فيه فجاء الى عثمان فجلس بين يديه فقال : اتكلم او اسكت فقال : تكلم
فـقـال : ان بـنت الفرافصة فقال عثمان لا تذكرنها بحرف فاسوء لك وجهك فهي واللّه انصح لي منك
فكف مروان .
واخـرج الـطـبـري ((273)) بسنده الى عبدالرحمن بن الاسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن
الحكم قال :.
قبح اللّه مروان الى لحية عثمان مخضلة من الدموع وهو يقول :.
اللّه م انـي اتـوب اليك , اللّه م اني اتوب اليك , اللّه م اني اتوب اليك واللّه لئن ردني الحق الى ان اكون
عـبـدا قـنـا لارضـيـن بـه , اذا دخلت منزلي فادخلوا علي , فواللّه لا احتجب منكم , ولاعطينكم ,
ولازيدنكم على الرضا, ولانحين مروان وذويه .
قـال : فلما دخل امر بالباب ففتح ودخل بيته ودخل عليه مروان , فلم يزل يفتله في الذروة والغارب
حـتـى فتله عن رايه , وازاله عما كان يريد: فلقد مكث عثمان ثلاثة ايام ماخرج استحياء من الناس ,
وخـرج مـروان الـى الـنـاس فقال : شاهت الوجوه الا من اريد, ارجعوا الى منازلكم فان يكن لامير
الـمؤمنين حاجة باحد منكم يرسل اليه والا قر في بيته , قال عبدالرحمن فجئت الى علي فاجده بين
القبر والمنبر فاجد عنده عمار بن ياسر ومحمد بن ابي بكر ((274)) وهما يقولان : صنع مروان
بالناس وصنع قال : فاقبل علي علي فقال : احضرت خطبة عثمان ؟.
قلت : نعم .
قال : افحضرت مقالة مروان للناس ؟.
قلت : نعم .
قـال عـلـي : عياذ اللّه يا للمسلمين , اني ان قعدت في بيتي قال لي تركتني وقرابتي وحقي , واني ان
تـكلمت فجاء ما يريد يلعب به مروان فصار سيقة له يسوقه حيث شاء بعد كبر السن وصحبة رسول
اللّه (ص ).
قـال عـبـدالرحمن بن الاسود: فلم يزل حتى جاء رسول عثمان ائتني , فقال علي بصوت مرتفع عال
مغضب :.
قل له : ما انا بداخل عليك ولا عائد.
قـال : فانصرف الرسول , فلقيت عثمان بعد ذلك بليلتين جائيا فسالت (ناتلا) غلامه : من اين جاء امير
المؤمنين ؟ فقال : كان عند علي , فقال عبدالرحمن بن الاسود: فغدوت فجلست مع علي (ع ) فقال لي :
جـاءني عثمان بارحة فجعل يقول : اني غير عائد واني فاعل , قال : فقلت له بعدما تكلمت به على منبر
رسـول اللّه (ص ) واعـطيت من نفسك , ثم دخلت بيتك , وخرج مروان الى الناس فشتمهم على بابك
ويـؤذيـهـم ؟ قال : فرجع وهو يقول : قطعت رحمي وخذلتني وجرات الناس علي , فقلت : واللّه اني
لاذب الـنـاس عـنـك , ولكني كلما جئتك بهنة اظنها لك رضى جاء باخرى فسمعت قول مروان علي
واستدخلت مروان قال : ثم انصرف الى بيته فلم ازل ارى عليا منكبا عنه لا يفعل ماكان يفعل الحديث .
اخرج الطبري ((275)) بسنده الى عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال :.
لـمـا حصر عثمان الحصر الاخر قال عكرمة : فقلت لابن عباس : او كانا حصرين ؟ فقال ابن عباس :
نـعم الحصر الاول حصر اثنتي عشـرة وقدم المصريون فلقيهم علي بذي خشب فردهم عنه , وقد
كـان واللّه علي له صاحب صدق حتى اوغر نفس علي عليه , جعل مروان وسعيد وذووهما يحملونه
على علي فيتحمل ويقولون : لو شاء ماكلمك احد, وذلك ان عليا كان يكلمه وينصحه , ويغلظ عليه في
المنطق في مروان وذويه , فيقولون لعثمان هكذا يستقبلك وانت امامه وسلفه وابن عمه وابن عمته ,
فـمـا ظـنـك بما غاب عنك منه , فلم يزالوا بعلي حتى اجمع الا يقوم دونه , فدخلت عليه اليوم الذي
خـرجـت فيه الى مكة فذكرت له ان عثمان دعاني الى الخروج , فقال لي : مايريد عثمان ان ينصحه
احـد, اتـخذ بطانة اهل غش ليس منهم احد الا قد تسبب بطائفة من الارض ياكل خراجها ويستذل
اهـلـهـا فـقلت له ان رحما وحقا فان رايت ان تقوم دونه فعلت , فانك لا تعذر الا بذلك , قال : قال ابن
عـبـاس : فـاللّه يـعلم اني رايت فيه الانكسار والرقة لعثمان , ثم اني لاراه يؤتى اليه عظيم الحديث
واخرج ((276)) في حديث آخر له : ان عثمان صعد يوم الجمعة المنبر, فحمد اللّه واثنى عليه ,
فـقـام رجـل فقال : اقم كتاب اللّه , فقال عثمان : اجلس فجلس حتى قام ثلاثا, فامر به عثمان فجلس ,
فـتـحـاثوا بالحصباء حتى ما ترى السماء وسقط عن المنبر وحمل فادخل داره مغشيا عليه فخرج
رجل من حجاب عثمان ومعه مصحف في يده وهو ينادي : (ان الذين فارقوا ((277)) دينهم وكانوا
شيعا لست منهم في شي ء انما امرهم الى اللّه ).
ودخـل عـلـي بن ابي طالب على عثمان (رض ) وهو مغشي عليه وبنو امية حوله , فقال : مالك ياامير
المؤمنين ؟ فاقبلت بنو امية بمنطق واحد فقالوا: يا علي اما واللّه لئن بلغت الذي تريد لنمرن عليك الدنيا فقام علي مغضبا.
واخـرج فـي حـديـث آخـر ((278)) وقـال : كـتب اهل المدينة الى عثمان يدعونه الى التوبة ,
ويحتجون ويقسمون له باللّه لا يمسكون عنه ابدا حتى يقتلوه او يعطيهم ما يلزمه من حق اللّه , فلما
خـاف الـقـتل شاور نصحاءه واهل بيته , فقال لهم : قد صنع القوم ما قد رايتم فما المخرج ؟ فاشاروا
عليه ان يرسل الى علي بن ابي طالب فيطلب اليه ان يردهم عنه ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتى
ياتيه امداده .
فـقـال : ان الـقـوم لـن يقبلوا التعليل وهم محملي عهدا وقد كان مني في قدمتهم الاولى ماكان , فمتى
اعطهم ذلك يسالوني الوفاء به .
فقال مروان بن الحكم : ياامير المؤمنين مـا سالوك , وطاولهم ما طاولوك فانما هم بغوا عليك فلا عهد لهم , فارسل الى علي فدعاه فلما جاءه
قال :.
ياابا حسن عـنـي , فان لهم اللّه عز وجل ان اعتبهم من كل ما يكرهون , وان اعطيهم من نفسي ومن غيري وان
كان في ذلك سفك دمي .
فقال له علي : الناس الى عدلك احوج منهم الى قتلك , واني لارى قوما لا يرضون الا بالرضا وقد كنت
اعـطيتهم في قدمتهم الاولى عهدا من اللّه لترجعن عن جميع ما نقموا, فرددتهم عنك , ثم لم تف لهم
بشي ء من ذلك , فلا تغرني هذه المرة من شي ء, فاني معطيهم عليك الحق.
قال : نعم , فاعطهم فواللّه لافين لهم .
فـخـرج عـلـيـ الى الناس فقال : ايها الناس منصفكم من نفسه ومن غيره , وراجع عن جميع ما تكرهون , فاقبلوا منه ووكدوا عليه .
قال الناس : قد قبلنا فاستوثق منه لنا فانا واللّه لانرضى بقول دون فعل .
فقال لهم علي : ذلك لكم , ثم دخل عليه فاخبره الخبر.
فـقـال عـثمان : اضرب بيني وبينهم اجلا يكون لي فيه مهلة فاني لا اقدر على رد ما كرهوا في يوم
واحد.
قال علي : ما حضر بالمدينة فلا اجل فيه , وما غاب فاجله وصول امرك .
قال : نعم , ولكن اجلني في ما بالمدينة ثلاثة ايام .
قال علي : نعم فخرج الى الناس فاخبرهم بذلك , وكتب بينهم وبين عثمان كتابا اجله فيه ثلاثا على ان
يـرد كـلـ مظلمة , ويعزل كل عامل كرهوه , ثم اخذ عليه في الكتاب اعظم ما اخذ اللّه على احد من
خـلـقـه مـن عـهد وميثاق , واشهد عليه ناسا من وجوه المهاجرين والانصار, فكف المسلمون عنه
ورجـعوا الى ان يفي لهم بما اعطاهم من نفسه , فجعل يتاهب للقتال ويستعد بالسلاح , وقد كان اتخذ
جـنـدا عظيما من رقيق الخمس , فلما مضت الايام الثلاثة وهو على حاله لم يغير شيئا مما كرهوه ,
ولـم يـعـزل عاملا, ثار به الناس , وخرج عمرو بن حزم الانصاري حتى اتى المصريين وهم بذي
خشب فاخبرهم الخبر وسار معهم حتى قدموا المدينة فارسلوا الى عثمان :.
الم نفارقك على انك تائب من احداثك , وراجع عما كرهنا منك واعطيتنا على ذلك عهد اللّه وميثاقه .
قال : بلى انا على ذلك .
قالوا: فما هذا الكتاب الذي وجدنا مع رسولك وكتبت به الى عاملك قال : ما فعلت ولا لي علم بما تقولون قالوا: بريدك على جملك , وكتاب كتابك عليه خاتمك قال : اما الجمل فمسروق , وقد يشبه الخط الخط, واما الخاتم فقد انتقش عليه .
قـالـوا: فانا لا نعجل عليك وان كنا قد اتهمناك : اعزل عنا عمالك الفساق , واستعمل علينا من لايتهم
على دمائنا واموالنا, واردد علينا مظالمنا.
قال عثمان : ما اراني اذا في شي ء ان كنت استعمل من هويتم واعزل من كرهتم الامر اذا امركم .
قالوا: واللّه لتفعلن, او لتعزلن, او لتقتلن فانظر لنفسك او دع , فابى عليهم وقال :.
لم اكن لاخلع سربالا سربلني اللّه .
وقصة عثور المصريين على الكتاب في ما اخرجه البلاذري وغيره ((279)) .
والـلـفظ للبلاذري عن ابي مخنف قال : لما شخص المصريون بعد الكتاب الذي كتبه عثمان فصاروا
بـايـلة ((280)) او بمنزل قبلها راوا راكبا خلفهم يريد مصر فقالوا له : من انت فقال : رسول امير
الـمـؤمنين الى عبداللّه بن سعد, وانا غلام امير المؤمنين وكان اسود فقال بعضهم لبعض : لو انزلناه
وفتشناه الا يكون صاحبه قد كتب فينا بشي ء, ففعلوا فلم يجدوا معه شيئا, فقال بعضهم لبعض : خلوا
سـبيله , فقال كنانة بن بشر: اما واللّه دون ان انظر في اداوته فلا فقالوا: سبحان اللّه ايكون كتاب
في ماء؟ فقال : ان الناس حيلا ثم حل الاداوة فاذا فيها قارورة مختومة ـ او قال مضمومة ـ في جوف
القارورة كتاب في انبوب من رصاص فاخرجه فقرئ فاذا فيه :.
امـا بعد: فاذا قدم عليك عمرو بن بديل فاضرب عنقه , واقطع يدي ابن عديس , وكنانة وعروة , ثم
دعهم يتشحطون في دمائهم حتى يموتوا ثم اوثقهم على جذوع النخل .
فـيـقـال : ان مـروان كتب الكتاب بغير علم عثمان , فلما عرفوا ما في الكتاب , قالوا: عثمان محل, ثم
رجـعوا عودهم على بدئهم حتى دخلوا المدينة فلقوا عليا بالكتاب , وكان خاتمة من رصاص , فدخل
به علي على عثمان فحلف باللّه ما هو كتابه ولا يعرفه , وقال : اما الخط فخط كاتبي واما الخاتم فعلى
خاتمي , قال علي :.
فمن تتهم قال : اتهمك واتهم كاتبي فخرج علي مغضبا وهو يقول : بل هو امرك .
قـال ابـو مخنف ,: وكان خاتم عثمان بدءا عند حمران بن ابان , ثم اخذه مروان حين شخص حمران
الى البصرة فكان معه .
وفـي روايـة اخـرى : ثـم وجـدوا كتابا الى عامله على مصر ان يضرب اعناق رؤساء المصريين ,
فرجعوا ودفعوا الكتاب الى علي فاتاه به فحلف له انه لم يكتبه ولم يعلم به .
فقال له علي : فمن تتهم فيه .
فقال : اتهم كاتبي واتهمك يا علي وجاء المصريون الى دار عثمان فاحدقوا بها, وقالوا لعثمان وقد اشرف عليهم :.
ياعثمان فقالوا: هذا شر, يكتب عنك بما لا تعلمه , ما مثلك يلي امور المسلمين , فاختلع من الخلافة .
فقال : ما كنت لانزع قميصا قمصنيه اللّه .
وقالت بنو امية : ياعلي فقال : ياسفهاء رددت اهل مصر عن عثمان ثم اصلحت امره مرة بعد اخرى , فما حيلتي ؟.
وانصرف وهو يقول : اللّه م اني بري مما يقولون ومن دمه ان حدث به حدث .
قـال : وكتب عثمان حين حصروه كتابا قراه ابن الزبير على الناس ـ وقيل بل قراه الزبير والاول
اصح ـ يقول فيه :.
واللّه مـاكتبت الكتاب , ولا امرت به , ولا علمت بقصته , وانتم معتبون من كل ماساءكم , فامروا على
مصركم من احببتم , وهذه مفاتيح بيت مالكم فادفعوها الى من شئتم .
فقالوا قد اتهمناك بالكتاب فاعتزلنا.
وفـي رواية اخرى للطبري ((281)) : حتى اذا كانوا بالبويب وجدوا غلاما لعثمان معه كتاب الى
عـبداللّه بن سعد فكروا وانتهوا الى المدينة وقد تخلف بها من الناس الاشتر وحكيم بن جبلة فاتوا
بالكتاب فانكر عثمان ان يكون كتبه وقال : هذا مفتعل .
قالوا: فالكتاب كتاب كاتبك ؟.
قال : اجل , ولكنه كتبه بغير امري .
قالوا: فان الرسول الذي وجدنا معه الكتاب غلامك .
قال : اجل ولكنه خرج بغير اذني .
قالوا: فالجمل جملك .
قال : اجل ولكنه اخذ بغير علمي .
قالوا: ما انت الا صادق او كاذب فان كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما امرت به من سفك دمائنا بغير
حـقـهـا, وان كنت صادقا فقد استحققت ان تخلع لضعفك وغفلتك وخبث بطانتك , لانه لاينبغي لنا ان
نـتـرك على رقابنا من يقتطع مثل هذا الامر دونه لضعفه وغفلته , وقالوا له : انك ضربت رجالا من
اصحاب النبي (ص ) وغيرهم حين يعظونك ويامرونك بمراجعة الحق عندما يستنكرون من اعمالك
فاقد من نفسك من ضربته وانت له ظالم .
فقال : الامام يخطئ ويصيب فلا اقيد من نفسي لاني لو اقدت كل من اصبته بخطا آتي على نفسي .
قالوا: انك قد احدثت احداثا عظاما فاستحققت بها الخلع , فاذا كلمت فيها اعطيت التوبة , ثم عدت اليها
والـى مثلها, ثم قدمنا عليك فاعطيتنا التوبة والرجوع الى الحق ولامنا فيك محمد بن مسلمة وضمن
لـنـا مـاحدث من امر فاحضرته فتبرا منك وقال : لا ادخل في امره , فرجعنا اول مرة لنقطع حجتك
ونـبـلغ اقصى الاعذار اليك نستظهر باللّه عز وجل عليك فلحقنا كتاب منك الى عاملك علينا تامره
فينا بالقتل والقطع والصلب وزعمت انه كتب بغير علمك وهو مع غلامك وعلى جملك وبخط كاتبك
وعـلـيه خاتمك فقد وقعت عليك بذلك التهمة القبيحة مع ما بلونا منك قبل ذلك من الجور في الحكم
والاثـرة في القسم , والعقوبة للامر بالتبسط من الناس , والاظهار للتوبة ثم الرجوع الى الخطيئة ,
ولقد رجعنا عنك وما كان لنا ان نرجع حتى نخلعك ونستبدل بك من اصحاب رسول اللّه (ص ) من لم
يـحـدث مثل ما جربنا منك , ولم يقع عليه من التهمة ما وقع عليك فاردد خلافتنا واعتزل امرنا, فان
ذلك اسلم لنا منك , واسلم لك منا.
فقال عثمان : فرغتم من جميع ما تريدون ؟.
قالوا: نعم .
قـال : ـ بـعد الحمد والثناء ـ اما بعد: فانكم لم تعدلوا في المنطق ولم تنصفوا في القضاء, اما قولكم :
تـخـلع نفسك فلا انزع قميصا قمصنيه اللّه عز وجل واكرمني به وخصني به على غيري ولكني
اتوب وانزع ولا اعود لشي ء عابه المسلمون , فاني واللّه الفقير الى اللّه الخائف منه .
قالوا: ان هذا لو كان اول حدث احدثته ثم تبت منه ولم تقم عليه لكان علينا ان نقبل منك , وان ننصرف
عنك , ولكنه قد كان منك من الاحداث قبل هذا ما قد علمت ولقد انصرفنا عنك في المرة الاولى وما
نخشى ان تكتب فينا ولا من اعتللت به بما وجدنا في كتابك مع غلامك , وكيف نقبل توبتك , وقد بلونا
منك انك لاتعطي من نفسك التوبة من ذنب الا عدت اليه ؟ فلسنا منصرفين حتى نعزلك ونستبدل بك ,
فـان حـال مـن مـعك من قومك وذوي رحمك واهل الانقطاع دونك بقتال قاتلناهم حتى نخلص اليك
فنقتلك او تلحق ارواحنا باللّه .
فـقـال عـثـمـان : امـا ان اتبرا من الامارة فان تصلبوني احب الي من ان اتبرا من امر اللّه عز وجل
وخـلافـتـه , واما قولكم : تقاتلون من قاتل دوني فاني لاآمر احدا بقتالكم فمن قاتل دوني فانما قاتل
بـغير امري , ولعمري لو كنت اريد قتالكم لقد كتبت الى الاجناد, فقادوا الجنود, وبعثوا الرجال او
لـحـقـت ببعض اطرافي بمصر او عراق فاللّه اللّه في انفسكم , ابقوا عليها ان لم تبقوا علي , فانكم
مـجـتلبون بهذا الامر ان قتلتموني دما قال : ثم انصرفوا عنه وآذنوه بالحرب وارسل الى محمد بن
مـسـلـمـة فـكـلـمـه ان يـردهـم فـقـال : واللّه لااكذب اللّه في سنة مرتين وفي رواية اخرى
للبلاذري ((282)) :.
ان الـمصرين لما قدموا فشكوا عبداللّه بن سعد بن ابي سرح , سالوا عثمان ان يولي عليهم محمد بن
ابي بكر فكتب عهده وولاه ووجه معهم عدة من المهاجرين والانصار ينظرون في ما بينهم وبين ابن
سرح , فشخص محمد بن ابي بكر وشخصوا جميعا, فلما كانوا على مسيرة ثلاث من المدينة اذا هم
بغلام اسود على بعير وهو يخبط البعير خبطا كانه رجل يطلب او يطلب .
فقال له اصحاب محمد بن ابي بكر: ما قصتك وما شانك كانك هارب او طالب .
فـقـال لـهم مرة : انا غلام امير المؤمنين وقال مرة اخرى : انا غلام مروان , وجهني الى عامل مصر
برسالة .
قالوا: فمعك كتاب ؟.
قـال : لا ففتشوه , فلم يجدوا معه شيئا, وكانت معه اداوة قد يبست فيها شي ء يتقلقل فحركوه ليخرج
فلم يخرج فشقوا الاداوة فاذا فيها كتاب من عثمان الى ابن ابي سرح .
فجمع محمد من كان معه من المهاجرين والانصار وغيرهم ثم فك الكتاب بمحضر منهم فاذا فيه :.
اذا اتـاك مـحمد بن ابي بكر وفلان وفلان , فاحتل لقتلهم وابطل كتاب محمد وقر على عملك حتى
ياتيك رايي , واحبس من يجى ء الي متظلما منك ان شاء اللّه .
فـلما قراوا الكتاب فزعوا وغضبوا ورجعوا الى المدينة وختم محمد بن ابي بكر الكتاب بخواتيم
نفر ممن كان معه , ودفعه الى رجل منهم وقدموا المدينة , فجمعوا عليا وطلحة والزبير وسعدا ومن
كـان مـن اصـحاب النبي (ص ) ثم فكوا الكتاب بمحضر منهم , واخبروهم بقصة الغلام واقراوهم
الـكـتـاب , فلم يبق احد من اهل المدينة الا حنق على عثمان , وزاد ذلك من كان غضب لابن مسعود
وعـمـار بن ياسر وابي ذر حنقا وغيظا, وقام اصحاب النبي بمنازلهم ما منهم احد الا وهو مغتم لما
في الكتاب .
وحاصر الناس عثمان , واجلب عليه محمد بن ابي بكر ببني تيم وغيرهم , واعانه على ذلك طلحة بن
عبيداللّه , وكانت عائشة تقرصه كثيرا الحديث .
وفـي الـبـدء والتاريخ ((283)) : كان اشد الناس على عثمان طلحة والزبير ومحمد بن ابي بكر
وعـائشـة , وخـذلـه المهاجرون والانصار, وتكلمت عائشة في امره , واطلعت شعرة من شعرات
رسول اللّه (ص ) ونعله وثيابه وقالت : ما اسرع مانسيتم سنة نبيكم , فقال عثمان في آل ابي قحافة ما
قال وغضب حتى ماكان يدري مايقول , انتهى .
كـان اشـد الناس على عثمان رؤوس آل تيم الثلاثة : ام المؤمنين عائشة واخوها محمد بن ابي بكر
وابن عمهما طلحة بن عبيداللّه وذكروا من مواقف ام المؤمنين مع عثمان شيئا كثيرا.
مـنـهـا ماذكره اليعقوبي في تاريخه ((284)) حيث قال : كان عثمان يخطب اذ دلت عائشة قميص
رسول اللّه ونادت : (يا معشر المسلمين عثمان : (رب اصرف عني كيدهن ان كيدهن عظيم ).
وقال ابن اعثم ((285)) ولما رات ام المؤمنين اتفاق الناس على قتل عثمان , قالت له :.
اي عثمان البلاد, وتركت امة محمد في ضيق وعسر, قطع اللّه عنك بركات السماء وحرمك خيرات الارض ,
ولولا انك تصلي الخمس لنحروك كما تنحر الابل ((286)) .
فـقـرا عـلـيها عثمان : (ضرب اللّه مثلا للذين كفروا امراة نوح وامراة لوط كانتا تحت عبدين من
عـبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ) ((287))
انتهى .
ان هـذه الـكـلمات القارصة من الخليفة في ام المؤمنين عائشة ذات الطبع الحاد والتي لم تكن لتملك
نـفـسها عند سورة الغضب , والكتاب الذي عثر عليه اخوها محمد في طريقه الى مصر والذي فيه
امـر صريح بقتله وآخرين من رفقته ممن ادركوا صحبة النبي وغيرهم من المسلمين , قد دفعت ام
الـمـؤمنين ـ التي كانت تذهب نفسها في سبيل الدفاع عن ذوي قرباها ـ ان تصدر الفتوى الصريحة
بقتل الخليفة عثمان وكفره فتقول فيه :.
(اقتلوا نعثلا فقد كفر) ((288)) وقالت : اشهد ان عثمان جيفة على الصراط.
انـطـلـقـت هذه الكلمة من فم ام المؤمنين , فانتشرت بين الناس انتشار النار في الهشيم فتلقفها منها
غـيرها ممن لم يكن يجرؤ على التفوه بمثلها وجبابرة قريش في المدينة حضر ممن سنذكرهم بعد
تدبر معنى الكلمة ومغزاها.
وكلمة نعثل في ما ذكروه بمعاجم اللغة :.
ا ـ الذكر من الضباع .
ب ـ الشيخ الاحمق .
ج ـ وقالوا: كان رجل من اهل مصر طويل اللحية يسمى نعثلا.
د ـ وقالوا: ان نعثلا كان يهوديا بالمدينة شبه به عثمان ((289)) .
ان هـذه المعاني لكلمة نعثل لم تغرب عن بال ام المؤمنين ذات العارضة القوية , وانما رمته بها بعد ان
استمدت من فصاحتها وبلاغتها فرمته من قوارضها بمقذعة اصابته في الصميم , وبقيت وصمة عليه ,
وذهـبـت فـي الـدهر مثلا, وجرت بعد قولها على لسان اعدائه حتى بعد حياته , فقد جاء في ابيات
للاعور الشني ((290)) :.
برئت الى الرحمن من دين نعـثل
ودين ابن صـخر ايها الرجلان .
ودين ابن صـخر ايها الرجلان .
ودين ابن صـخر ايها الرجلان .
نحن قتلنـا نعثـلا بالسـيرة
اذ صـد عن اعلامنا المنيـرة .
اذ صـد عن اعلامنا المنيـرة .
اذ صـد عن اعلامنا المنيـرة .
(ردوا علينا شـيخنا كما كان ).
ياجابه اهل العراق :.
ابت سيوف مذحج وهمدان
بان ترد نعثلا كما كان .
بان ترد نعثلا كما كان .
بان ترد نعثلا كما كان .
فرد عليه اهل العراق : (كيف نرد نعثلا وقد قحل ) ((292)) .
افـتـت ام الـمـؤمـنـين بقتل الخليفة , واذا كان هناك امل ضئيل ـ قبل هذه الفتيا ـ في الاصلاح بين
الـمـسـلمين والخليفة يقوم به علي او غيره , فقد وقعت الواقعة بعد صدور هذه الفتوى الصريحة ,
وانطلاقها من فم ام المؤمنين , وقضي الامر.
وذلـك لما بلغت اليه ام المؤمنين منذ عهد الخليفتين من مكانة مرموقة بين المسلمين بما كانا يعظمانها
فـي كـل شـي ء ويـرجعان اليها في الفتيا, وزاد في تاثير فتياها صدورها في اوانها حيث بلغ السيل
الـزبـى والـحـزام الطبيين ((293)) وبعد حصول الانشقاق بين الاسرة الحاكمة من آل امية في
الـبـلاد وافـراد الـمسلمين بطبقاتهم كافة مما اوردنا بعضا منها واعرضنا عن ذكر اكثرها روما
للاختصار.
وبـعد هذه الفتيا والتي كانت الجماهير الاسلامية من الصحابة وغيرهم قد صممت على تنفيذها, لم
يبق امام احد مجال الا في طريقين : الاعتزال او القتال .
والـقـتـال امـا في صف الخليفة المحاصر من قبل الجماهير واما في صف الجماهير الهادرة الثائرة
فاختار علي وسعد من اهل الشورى الاعتزال , وطلحة والزبير القتال في صف الجماهير.
انتشرت على الافواه كلمة ام المؤمنين : (اقتلوا نعثلا) فقالها غيرها لما كانوا ينقمون على عثمان ـ
وان كانت هي (اول من سمى عثمان نعثلا) ((294)) ـ وممن قالها في حياة الخليفة جبلة بن عمرو
الساعدي في ما اخرجه الطبري حيث قال : مر عثمان على جبلة بن عمرو الساعدي وهو بفناء داره
ومعه جامعة , فقال : يا نعثل الحديث .
وفي حديث البلاذري بعد هذا:.
واتـاه يـومـا بجامعة ((295)) فقال : واللّه لاطرحنها في عنقك , او لتتركن بطانتك هذه , اطعمت
الـحـارث بـن الـحكم السوق وفعلت وفعلت , وكان عثمان ولى الحارث السوق فكان يشتري الجلب
بحكمه ويبيعه بسومه , ويجبي مقاعد المتسوقين , ويصنع صنيعا منكرا, فكلم في اخراج السوق من
يـده فـلـم يفعل , وقيل لجبلة في امر عثمان وسئل الكف عنه فقال : واللّه لا القى اللّه غدا فاقول : انا
اطعنا سادتنا وكبراءنا, فاضلونا السبيل ((296)) .
وفي حديث آخر للطبري : (فلما مر عثمان سلم فرد القوم فقال جبلة : لم تردون على رجل فعل كذا
وكذا؟ قال : ثم اقبل على عثمان فقال : واللّه لاطرحن هذه الجامعة في عنقك او لتتركن بطانتك هذه
قال عثمان : اي بطانة ؟ فواللّه اني لا اتخير الناس فقال : مروان تخيرته , ومعاوية تخيرته , وعبداللّه
بن عامر بن كريز تخيرته , وعبداللّه بن سعد تخيرته , منهم من نزل القرآن بذمه واباح رسول اللّه
دمه ) الحديث ((297)) .
وممن جبه الخليفة بهذه الكلمة , الجهجاه فيما اخرجه الطبري والبلاذري ((298)) بسندهما الى
حاطب قال :.
انـا انـظـر الـى عثمان يخطب على عصا رسول اللّه (ص ) التي كان يخطب عليها ابو بكر وعمر
(رض ) فقال له جهجاه : قم يانعثل : فانزل عن هذا المنبر الحديث .
وفي حديث آخر عن ابي حبيبة فقام اليه جهجاه الغفاري ((299)) فصاح :.
ياعثمان , الا ان هذه شارف قد جئنا بها عليها عباءة وجامعة فانزل .
فلندرعك العباءة ولنطرحك في الجامعة ولنحملك على الشارف ثم نطرحك في جبل الدخان .
فـقال عثمان : قبحك اللّه وقبح ماجئت به قال ابو حبيبة ولم يكن ذلك منه الا عن ملا من الناس , وقام
الى عثمان خيرته وشيعته من بني امية فحملوه وادخلوه الدار قال ابو حبيبة فكان آخر ما رايته فيه
انتهى وآخر الحديث السابق : فما خرج بعد ذلك الا خرجة او خرجتين حتى حصر فقتل انتهى .
حـاصـر الـنـاس عـثمان بعد ان لم يتنازل الى تلبية مطالبهم , وبعد ان افتت فيه ام المؤمنين ما افتت ,
وتحلبوا عليه من البلاد بعد ان ضاقوا ذرعا بولاته وبعد ان وصلت من ام المؤمنين (كتب الى البلاد
تحرض المسلمين على الخروج عليه ) ((300)) .
(وكـان طـلحة قد استولى على امر الناس في الحصار ((301)) ولما اشتد الامر على عثمان امر
مروان بن الحكم وعبدالرحمن بن عتاب بن اسيد ((302)) فاتيا عائشة وهي تريد الحج فقالا لها:.
لـو اقـمـت , فـلـعـل اللّه يـدفـع بـك عن هذا الرجل , (وقال مروان : ويدفع لك بكل درهم انفقتيه
درهمين ((303)) .
فـقـالـت : قـد قـرنـت ركائبي واوجبت الحج على نفسي وواللّه لا افعل ومروان يقول :.
وحـرق قيـس علي البلا
د فلما اضطرمت احـجما.
د فلما اضطرمت احـجما.
د فلما اضطرمت احـجما.
وحـرق قيـس علي البـل
اد حتـى اذا اضـطرمت اجـذما.
اد حتـى اذا اضـطرمت اجـذما.
اد حتـى اذا اضـطرمت اجـذما.
من غرائري هذه واني طوقت حمله حتى القيه في البحر ((305)) .
خـرجـت ام المؤمنين من المدينة متوجهة الى مكة وخرج ابن عباس ((306)) اميرا على الحاج من
قبل عثمان فمر بعائشة في الصلصل ((307)) وهي في طريقها الى مكة ـ.
فـقـالت : ياابن عباس ((308)) ـ ان تخذل عن هذا الرجل
وفي الانساب : اياك ان ترد عن هذا الطاغية ((309)) وان تشكك فيه الناس فقد بانت لهم بصائرهم
وانهجت ورفعت لهم المنار وتحلبوا من البلدان الامر قد جم , وقد رايت طلحة بن عبيداللّه قد اتخذ
على بيوت الاموال والخزائن مفاتيح , فان يل يسر ابن عمه ابي بكر.
قال : قلت : ياامة لو حدث بالرجل حدث ما فزع الناس الا الى صاحبنا.
فقالت : ايها عنك اني لست اريد مكابرتك ولا مجادلتك ((310)) .
ولما راى عثمان استيلاء طلحة على بيوت الاموال واشتداد الحصار عليه بعث عبداللّه بن الحارث
بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب بهذا البيت الى علي :.
فان كنت ماكولا فكن انت آكلي
والا فادركني ولما امـزق
والا فادركني ولما امـزق
والا فادركني ولما امـزق
وكان علي عند حصر عثمان بخيبر فقدم المدينة والناس مجتمعون عند طلحة وكان ممن له فيه اثر
فلما قدم علي اتاه عثمان وقال له :.
امـا بـعد الجاهلية لكان عارا على بني عبد مناف ان ينتزع اخو بني تيم ـ يعني طلحة ـ امرهم .
فقال له علي : سياتيك الخبر ثم خرج الى المسجد فراى اسامة ((312)) فتوكا على يده حتى دخل
((313)) ماهذا الامر الذي وقعت
مـن الـنـاس فـقـال له : ياطلحة ((314)).
فـقال : ياابا الحسن بعدما مس الحزام الطبيين , فانصرف علي ولم يحر اليه شيئا حتى اتى بيت المال ,
فقال افتحوا هذا الباب , فلم يقدر على المفاتيح فقال :.
اكـسـروه فكسر باب بيت المال , فقال : اخرجوا المال فجعل يعطي الناس فبلغ الذين في دار طلحة
الـذي صـنـع علي , فجعلوا يتسللون اليه حتى ترك طلحة وحده , وبلغ عثمان الخبر فسر بذلك , ثم
اقبل طلحة يمشي عائدا الى دار عثمان .
فلما دخل عليه قال : ياامير المؤمنين استغفر اللّه واتوب اليه اردت امرا فحال اللّه بيني وبينه , فقال :
عثمان انك واللّه ماجئت تائبا ولكنك جئت مغلوبا اللّه حسيبك ياطلحة انتهى .
وروى الطبري وقال : فحصروه اربعين ليلة وطلحة يصلي بالناس ((315)) .
وروى البلاذري وقال : لم يكن احد من اصحاب النبي (ص ) اشد على عثمان من طلحة ((316)) .
منع طلحة الماء عن عثمان :
. روى البلاذري ((317)) وقال : وكان الزبير وطلحة قد استوليا على الامر ومنع طلحة عثمان ان
يـدخـل عـليه الماء العذب فارسل علي الى طلحة وهو في ارض له على ميل من المدينة ان دع هذا
الرجل فليشرب من مائه ومن بئره يعني من رومة ولا تقتلوه من العطش فابى الحديث .
وقـال الـطـبـري ((318)) : (ولـمـا اشتد الحصار بعثمان ومنع عنه الماء ارسل عثمان الى علي
يستسقيه , فجاء فكلم طلحة في ان يدخل عليه الروايا وغضب غضبا شديدا حتى دخلت الروايا على
عـثـمان ) وقال البلاذري ((319)) : (فحاصر الناس عثمان ومنعوه الماء فاشرف على الناس فقال :
افيكم علي ؟ فقالوا: لا, فقال : افيكم سعد؟ فقالوا: لا, فسكت , ثم قال : الا احد يبلغ عليا فيسقينا, فبلغ
ذلك عليا فبعث اليه بثلاث قرب مملوءة فما كادت تصل اليه وجرح بسببها عدة من موالي بني هاشم
وبني امية , حتى وصلت اليه ) ومر مجمع بن جارية الانصاري ((320)) بطلحة بن عبيداللّه فقال :
يا مجمع ما فعل صاحبك ؟.
قال : اظنكم واللّه قاتليه فقال طلحة : فان قتل فلا ملك مقرب ولا نبي مرسل ((321)) .
وروى الطبري ((322)) عن عبداللّه بن عياش ابن ابي ربيعة انه قال : دخلت على عثمان فتحدثت
عنده ساعة فقال : ياابن عياش : تعال فاخذ بيدي فاسمعني كلام من على عثمان فسمعنا كلاما, منهم من
يقول : ماتنتظرون به ؟ ومنهم من يقول : انظروا عسى ان يراجع فبينا انا وهو واقفان اذ مر طلحة بن
عبيداللّه فوقف فقال : اين ابن عديس ((323)) .
فقيل : ها هو ذا.
قـال : فـجاءه ابن عديس فناجاه بشي ء, ثم رجع ابن عديس فقال لاصحابه : لاتتركوا احدا يدخل على
هـذا الـرجل ولا يخرج منه عنده فقال عثمان : اللّه م اكفني طلحة بن عبيداللّه فانه حمل علي هؤلاء
والـبـهـم واللّه انـي لارجو ان يكون منها صفرا وان يسفك دمه , انه انتهك مني مالا يحل له قال ابن
عياش : فاردت ان اخرج فمنعوني حتى مر بي محمد بن ابي بكر, فقال : خلوا سبيله فخلوني .
وبـلـغ عـليا ان القوم يريدون قتل عثمان فقال للحسن والحسين اذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب
عثمان فلا تدعا احدا يصل اليه .
فـخـضـب الحسن بالدماء على بابه وشج قنبر مولى علي فلما راى ذلك محمد ابن ابي بكر خشي ان
يـغـضب بنو هاشم لحال الحسن والحسين فيثيروها فتنة , فاخذ بيد رجلين فقال لهما, ان جاءت بنو
هاشم فرات الدماء على وجه الحسن كشفوا الناس عن عثمان وبطل ما تريدون ولكن مروا بنا حتى
نـتـسـور عليه الدار فنقلته من غير ان يعلم فتسور محمد وصاحباه من دار رجل من الانصار حتى
دخلوا على عثمان وما يعلم احد ممن كان معه لانهم كانوا فوق البيوت ولم يكن معه الا امراته , فقال
مـحـمد بن ابي بكر: انا ابدا كما بالدخول فاذا انا ضبطته فادخلا فتوجه حتى تقتلاه , فدخل محمد
فاخذ بلحيته , فقال عثمان : لو رآك ابوك لساءه مكانك مني , فتراخت يده ودخل الرجلان فتوجه حتى
قتلاه ((324)) .
وفـي روايـة لابـن ابي الحديد: ان طلحة كان يوم قتل عثمان مقنعا بثوب استتر به عن اعين الناس
يرمي الدار بالسهام .
وروى ايـضـا: انه لما امتنع على الذين حصروه الدخول من باب الدار حملهم طلحة الى دار لبعض
الانصار فاصعدهم الى سطحها وتسوروا منها على عثمان داره فقتلوه ((325)) .
وروى الـطـبـري ((326)) : انـهـم دخلوا دار عمرو بن حزم ـ وكانت الى جنب دار عثمان ـ
فـنـاوشوهم شيئا منه مناوشة , وقال : فواللّه ما نسينا ان خرج سودان بن حمران فاسمعه يقول : اين
طلحة بن عبيداللّه ؟ قد قتلنا ابن عفان .
((327))
: ان عليا لما بلغه الخبر جاء وقال لابنيه : كيف قتل وانتما على الباب ؟ فـلـطـم هذا وضرب صدر ذاك وخرج وهو غضبان يرى ان طلحة اعان على ماكان , فلقيه طلحة ,
فقال : ما لك يا ابا الحسن فقال عليك لعنة اللّه , ايقتل رجل من اصحاب رسول اللّه فقال طلحة : لو دفع
مروان لم يقتل وخرج علي فاتى منزلهانتهى .
دفـن الخليفـة :
.
اتفقت الروايات على ان عثمان ترك ثلاثا لم يدفن حتى توسط علي في ذلك .
روى الطبري : انهم كلموا عليا في دفنه وطلبوا اليه ان ياذن لاهله .
ذلـك , فـفعل واذن لهم علي, فلما سمع بذلك قعدوا له في الطريق بالحجارة وخرج به ناس يسير من
اهـله وهم يريدون به حائطا بالمدينة يقال له حش كوكب كانت اليهود تدفن فيه موتاهم , فلما خرج
بـه على الناس رجموا سريره وهموا بطرحه , فبلغ ذلك عليا, فارسل اليهم يعزم عليهم ليكفن عنه
فـفـعلوا, فانطلق به حتى دفن في حش كوكب , فلما ظهر معاوية بن ابي سفيان على الناس امر بهدم
ذلك الحائط حت افضى به الى البقيع , فامر الناس ان يدفنوا موتاهم حول قبره حتى اتصل ذلك بمقابر
المسلمين .