وفـي حديث آخر له قال : دفن عثمان (رض ) بين المغرب والعتمة ولم يشهد جنازته الا مروان بن الـحـكم وثلاثة من مواليه وابنته الخامسة فناحت ابنته ورفعت صوتها تندبه , واخذ الناس الحجارة
وقالوا: نعثل , نعثل , وكادت ترجم الحديث ((328)) .
بيعـة علـي :
.
قتل عثمان ورجع الى المسلمين امرهم وانحلوا من كل بيعة سابقة توثقهم فتهافتوا على علي بن ابي طالب يطلبون يده للبيعة .
قال الطبري ((329)) فاتاه اصحاب رسول اللّه (ص ), فقالوا: ان هذا الرجل قد قتل ولابد للناس
من امام ولا نجد اليوم احق بهذا الامر منك , لا اقدم سابقه , ولا اقرب من رسول اللّه (ص ) فقال : لا
تـفـعلوا فاني اكون وزيرا خير من ان اكون اميرا, فقالوا: لا واللّه ما نحن بفاعلين حتى نبايعك قال :
ففي المسجد فان بيعتي لاتكون خفيا ولا تكون الا عن رضى المسلمين .
وروى بسند آخر وقال : اجتمع المهاجرون والانصار فيهم طلحة والزبير فاتوا عليا فقالوا: يا ابا
الـحـسن , هلم نبايعك , فقال : لا حاجة لي في امركم , انا معكم فمن اخترتم فقد رضيت به , فاختاروا
واللّه , فـقالوا: واللّه مانختار غيرك , قال : فاختلفوا اليه بعدما قتل عثمان (رض ) مرارا ثم اتوه في
آخر ذلك فقالوا له :.
انه لا يصلح الناس الا بامرة وقد طال الامر فقال لهم : انكم قد اختلفتم الي واتيتم واني قائل لكم قولا
ان قبلتموه قبلت امركم والا فلا حاجة لي فيه .
قالوا : ما قلت قبلناه ان شاء اللّه , فجاء فصعد المنبر فاجتمع الناس .
الـيه فقال : اني قد كنت كارها لامركم فابيتم الا ان اكون عليكم الا وانه ليس لي امر دونكم , الا ان
مفاتيح مالكم معي الا وانه ليس لي ان آخذ منه درهما دونكم , رضيتم ؟.
قالوا: نعم .
قال : اللّه م اشهد عليهم ثم بايعهم على ذلك .
وروى الـبـلاذري ((330)) وقال : وخرج علي فاتى منزله , وجاء الناس كلهم يهرعون الى علي ,
اصحاب النبي وغيرهم , وهم يقولون : (ان امير المؤمنين علي ) حتى دخلوا داره , فقالوا له : نبايعك ,
فـمد يدك فانه لابد من امير, فقال علي : ليس ذلك اليكم انما ذلك الى اهل بدر فمن رضي به اهل بدر
فهو خليفة , فلم يبق احد من اهل بدر الا اتى عليا (ع ), فقالوا: مانرى احدا احق بهذا الامر منك فلما
راى عـلـي ذلـك صعد المنبر وكان اول من صعد اليه فبايعه طلحة بيده , وكانت اصبع طلحة شلاء
فتطير منها علي وقال : ما اخلقه ان ينكث .
وروى الطبري ((331)) : ان حبيب بن ذؤيب نظر الى طلحة حين بايع فقال : اول من بدا بالبيعة يد
شلاء لايتم هذا الامر) انتهى .
وبينا الناس في المدينة يتشاءمون من مبادءة البيعة بيد طلحة .
الـشـلاء كانت عائشة في طريقها الى مكة وبمكة تتفاءل بتسابق الناس الى بيعة تلك اليد الشلاء وقد
كانت تتنسم اخبار المدينة بتلهف شديد.
وقـد روى الطبري ((332)) انه قدم على ام المؤمنين مكة رجل يقال له : الاخضر, فقالت : ماصنع
الناس ؟.
فقال : قتل عثمان المصريين فقالت : انا للّه وانا اليه راجعون , ايقتل قوما جاءوا يطلبون الحق .
وينكرون الظلم فقالت : ما صنع الناس ؟.
قال : قتل المصريون عثمان قالت : العجب لاخضر زعم ان المقتول هو القاتل , فكان يضرب المثل , (اكذب من اخضر).
وقـال الـبـلاذري ((333)) : فلما بلغها امره وهي بمكة امرت بقبتها فضربت في المسجد الحرام
وقالت : اني ارى عثمان سيشام قومه كما شام ابو سفيان قومه يوم بدر.
وقـد روي عن طرق مختلفة ((334)) ان عائشة لما بلغها قتل عثمان وهي بمكة قالت : ابعده اللّه
ذلـك بـمـا قدمت يداه وما اللّه بظلام للعبيد, وكانت تقول : ابعده اللّه , قتله ذنبه , واقاده اللّه بعمله ,
يـامـعـشـر قريش لايسومنكم قتل عثمان كما سام احمر ثمود قومه , ان احق الناس بهذا الامر ذو
الاصبع ثم اقبلت مسرعة الى المدينة وهي لاتشك في ان طلحة هو صاحب الامر, وكانت تقول : بعدا
لنعثل وسحقا, ايه ذا الاصبغ , ايه ابا شبل , ايه ابن عم ,للّه ابوك اما انهم وجدوا طلحة لها كفؤا, لكاني
انظر الى اصبعة وهو يبايع , حثوا الابل ودعدعوها ((335)) .
ولـما انتهت الى سرف ((336)) في طريقها الى المدينة لقيها عبيد بن ام كلاب ((337)) فقالت
له : مهيم .
قال : قتلوا عثمان (رض ) ثم مكثوا ثمانيا.
قالت : ثم صنعوا ماذا؟.
قـال : اخـذهـا اهـل المدينة بالاجماع فجازت بهم الامور الى خير مجاز, اجتمعوا الى علي بن ابي
طالب , فقالت :.
واللّه ليت ان هذه انطبقت على هذه ان تم الامر لصاحبك , ويحك انظر ماتقول قال : هو ما قلت لك يا ام المؤمنين , فولولت , فقال لها: ما شانك ياام .
المؤمنين ((338)) احدا اولى بها منه ولا احق ولا ارى له نظيرا في
جميع حالاته فلماذا تكرهين ولايته انتهى .
صـاحت ام المؤمنين : ردوني ردوني فانصرفت الى مكة وهي تقول : قتل واللّه عثمان مظلوما, واللّه
لاطـلـبـن بـدمه اقتلوا نعثلا فقد كفر, قالت :.
انهم استتابوه ثم قتلوه , وقد قلت وقالوا: وقولي الاخير خير من قولي الاول , فقال لها ابن ام كلاب :.
.
فمنـك البـداء ومنك الغيـر
وانـت امـرت بقتل الامـام
فهبـنا اطعنـاك في قتلـه
ولم يسـقط السـقف من فوقـنا
وقـد بايـع النـاس ذا تـدرا
يزيـل الشـبا ويقيـم الصـعر
ومنـك الرياح ومنك المطـر.
وقلـت لنا انـه قد كفـر.
وقاتلـه عندنا مـن امـر.
ولم تنكسـف شـمسـنا والقمر.
يزيـل الشـبا ويقيـم الصـعر
يزيـل الشـبا ويقيـم الصـعر
((339)) .
ويلبـس للحـرب اثـوابها
وما من وفى مثل من قد غـدر.
وما من وفى مثل من قد غـدر.
وما من وفى مثل من قد غـدر.
يا ايها الناس ان عثمان قتل مظلوما واللّه لاطلبن بدمه وكانت تقول :.
يـامعشر قريش ان عثمان قد قتل , قتله علي بن ابي طالب , واللّه لانملة ـ او قالت ـ لليلة من عثمان
خير من علي الدهر كله ((340)) .
علـي والمتخلفون عن بيعته :
.
وتخلف عن البيعة عبداللّه بن عمر, ومحمد بن مسلمة , واسامة بن زيد, وحسان بن ثابت , وسعد بن ابي وقاص , فجاء عمار والاشتر الى علي فقال عمار:.
يا امير المؤمنين عن المهاجرين والانصار.
فقال : يا عمار فـقال الاشتر: ان هؤلاء وان كانوا سبقوا بعضنا الى رسول اللّه غير ان هذا الامر يجب ان يجمعوا
عليه ويرغبوا فيه .
فقال علي : يا مالك فـجـاء سعد الى علي وقال : واللّه ياامير المؤمنين لاريب لي في انك احق الناس بالخلافة وانك امين
عـلى الدين والدنيا غير انه سينازعك على هذا الامر اناس , فلو رغبت في بيعتي لك اعطني سيفا له
لسان , يقول لي : خذ هذا, ودع هذا.
فقال علي : اترى احدا خالف القرآن في القول او العمل ؟ لقد بايعني .
الـمـهاجرون والانصار على ان اعمل فيهم بكتاب اللّه وسنة نبيه فان رغبت بايعت والا جلست في
دارك فاني لست مكرهك عليه انتهى ((341)) .
اما من تخلف من بني امية فقد ذكروا عن بيعتهم ما قاله اليعقوبي ((342)) في تاريخه حيث قال :.
ان مروان بن الحكم وسعيد بن العاص والوليد بن عقبة حضروا عند علي , فقال الوليد ـ وكان لسان
الـقوم ـ: ياهذا يوم بدر, وكان ابوه ثور قريش , واما مروان فقد شتمت اباه وعبت على عثمان حين ضمه اليه , وانا
نبايعك على ان تضع عنا ما اصبنا وتعفي لنا عما في ايدينا وتقتل قتلة صاحبنا, فغضب علي .
وقـال : (امـا ماذكرت من وتري اياكم فالحق وتركم , واما وضعي عنكم عما في ايديكم مما كان للّه
وللمسلمين فالعدل يسعكم , واما قتلي قتلة عثمان فلو لزمني قتلهم اليوم لزمني قتالهم غدا, ولكن لكم
ان احملكم على كتاب اللّه , وسنة نبيه .
فمن ضاق الحق عليه , فالباطل عليه اضيق وان شئتم فالحقوا بملاحقكم ).
فقال مروان : (بل نبايعك , ونقيم معك فترى ونرى ).
غايتنا من عرض هذه الحوادث :
.
لايـهـمنا من عرض هذه الحوادث ما يهم الكتاب العقائديين ـ المتكلمين ـ من هجوم ودفاع , او مدح وذم , ولا نـبحث بحث الفقيه عن حكم قتل الخليفة وقاتله في الشريعة الاسلامية وصواب اجتهاد ام
الـمـؤمنين او خطاه , ولسنا بصدد سرد الوقائع التاريخية لنلم بها من جميع نواحيها ليس كل ذلك ما
يـهـمـنا, وانما يهمنا من هذا العرض ما يكون سبيلا ممهدا لفهم احاديث ام المؤمنين من حيث دراسة
شـخـصـيـتـها كما ذكرنا ذلك غير مرة , ولذلك فقد تركنا ذكر حوادث لا تتصل بموضوع بحثنا
كـالـلاتي نقم فيها على عثمان مما لم يكن لام المؤمنين فيها دور مذكور, واوجزنا ذكر غيرها مما
لايـتصل ببحثنا اتصالا مباشرا كواقعة الدار, وبيعة علي الى نظائرها السابقة الذكر او الاتية , مما
ذكرناها لاتصالها ببعض الابحاث التي نروم بحثها, ولما فيها من مواقف لافراد من اسرة ام المؤمنين
كـاخـيها محمد وابن عمها طلحة , مما نريد ان نعرف منها مدى مقدرة ام المؤمنين السياسية , وعظم
نفوذها في الناس , وخبرتها بما يؤثر في النفوس , وكيف انها استطاعت ان تزعزع كيان خليفتين من
الـراشـدين , فافتت بقتل خليفة فقتل , وانه لولاها لما تعدى الامر حصره الى قتله , ولم يجرؤ احد
على اراقة دم الخليفة , وهتك حرمة الخلافة , وكيف انقلبت من مفتية بقتله الى طالبة بثاره بعد فشلها
فـي خـطـتها المدبرة بتامير ابن عمها طلحة , وكيف استطاعت ان تبرئ القاتل وتجعله مطالبا بثار
الـقـتـيل ومن اذب الناس عنه , وكيف استطاعت ان تجمع بين القاتلين والموتورين في جيش واحد,
وكيف استطاعت ان تتهم عليا بقتل عثمان وكان انصح الناس له واجداهم نفعا في الدفاع عنه , وكيف
استطاعت ان تثور المسلمين على علي مع سوابقه الشهيرة .
هـذه الـمـقـدرة الـسـياسية الفذة في التاريخ امتازت بها ام المؤمنين على غيرها ولم يعن الى اليوم
بـدراسـتـهـا دراسـة موضوعية صحيحة ((343)) فنسال اللّه ان يوفقنا للسير في هذا الطريق
واكماله .
بواعث حرب الجمـل :
.
اضـطـر طلحة والزبير تحت ضغط الراي العام ان يقطعا املهما في الخلافة , ويبادرا الى بيعة علي قـبـل غيرهما ليمنا بذلك عليه , ويكون لهما السهم الاوفر في عهده , غير انه لم يميز بينهما وبين
الاخرين من افراد المسلمين , فخاب فالهما, وضاع املهما في علي , وكانا يراجعانه في ماكانا يبغيان
من الحظوة بالامرة على ماذكره اليعقوبي ((344)) في تاريخه وقال :.
اتاه طلحة والزبير, فقالا: انه قد نالتنا بعد رسول اللّه جفوة فاشركنا في امرك , فقال :.
(انتما شريكاي في القوة والاستقامة وعوناي على العجز والاود).
وروى بـعضهم : انه ولى طلحة اليمن والزبير اليمامة والبحرين , فلما دفع اليهما عهديهما, قالا له :
وصلتك رحم , قال :.
(وانما وصلتكما بولاية امور المسلمين ) واسترد العهدين منهما, فعتبا من ذلك وقالا: (آثرت علينا)
فقال : (لولا ما ظهر من حرصكما فقد كان لي فيكما راي ) ((345)) .
وفـي الطبري ((346)) : وسال طلحة والزبير ان يؤمرهما على الكوفة والبصرة فقال : (تكونان
عـنـدي فاتجمل بكما فاني وحش لفراقكما) وقد اورد ابن ابي الحديد في شرح النهج ((347))
تفصيل ما دار بينهما وبين ابن ابي طالب وكيف تلقيا مساواة علي بين المسلمين في العطاء عندما وزع
بـيت المال على المسلمين فاعطى لكل واحد منهم ثلاثة دنانير سواء المولى والعربي خلافا لما كان
عليه الامر في عهد الخليفة عمر, وما دار من كلام واحتجاج حول ذلك ((348)) .
وروى الطبري ((349)) ان طلحة قال : (مالنا من هذا الامر الا كلحسة الكلب انفه ).
بقي طلحة والزبير في المدينة اربعة اشهر يراقبان عليا من قريب , حتى اذا ايسا منه وبلغهما موقف
ام المؤمنين بمكة عزما على الخروج من المدينة , فاتيا عليا, فقالا:.
انـا نريد العمرة , فائذن لنا في الخروج , فقال علي لبعض اصحابه : (واللّه ما ارادا العمرة , ولكنهما
ارادا الـغدرة ) ((350)) فاذن لهما في الخروج بعد ان جددا له البيعة فخرجا من المدينة , والتحقا
بركب ام المؤمنين عائشة .
كـمـا الـتـحـق بركبها بنو امية , فانهم كانوا يتربصون في المدينة , فلما بلغهم مجاهرة ام المؤمنين
بـالـخـلاف على علي , غادروا المدينة الى مكة , والتحق بها ايضا ولاة عثمان الذين عزلهم علي عن
الامصار, وهم يحملون معهم من اموال المسلمين ما يحملون .
اخرج الطبري ((351)) عن الزهري انه قال : ثم ظهرا ـ يعني طلحة والزبير ـ الى مكة بعد قتل
عـثـمـان بـاربعة اشهر, وابن عامر بها يجر الدنيا, وقدم يعلى بن امية معه بمال كثير, وزيادة على
اربعمائة بعير, فاجتمعوا في بيت عائشة (رض ),.
فاداروا الراي , فقالوا: نسير الى علي فنقاتله , فقال بعضهم : ليس لكم طاقة باهل المدينة ولكنا نسير
حـتـى نـدخـل الـبصرة والكوفة , ولطلحة بالكوفة شيعة وهوى , وللزبير بالبصرة هوى ومعونة
فـاجـتـمـع رايهم على ان يسيروا الى البصرة والى الكوفة , فاعطاهم عبداللّه بن عامر مالا كثيرا
وابلا, فخرجوا في سبعمائة رجل من اهل المدينة والكوفة , ولحقهم الناس حتى كانوا ثلاثة آلاف
رجل .
وفي رواية اخرى للطبري قال ((352)) : اعان يعلى بن امية الزبير باربعمائة الف , وحمل سبعين
رجلا من قريش , وحمل عائشة (رض ) على جمل يقال له :.
عسكر, اخذه بثمانين دينارا.
وقالت ام سلمة لعائشة لما همت بالخروج ((353)) :.
يـا عـائشـة الـقـرآن ذيـلك فلا تندحيه , وسكن اللّه عقيراك , فلا تصحريها, اللّه من وراء هذه الامة , قد علم
رسول اللّه مكانك لو اراد ان يعهد فيك , عهد, بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد, ما كنت قائلة لو ان
رسول اللّه (ص ) قد عارضك باطراف الفلوات ناصة قلوصك قعودا من منهل الى منهل ؟ مـثـواك هاتكة حجابا جعله اللّه علي , فاجعليه سترك , وقاعة البيت قبرك حتى تلقيه وهو عنك راض ـ وفي
روايـة بعده ((354)) ـ ولو اني حدثتك بحديث سمعته من رسول اللّه (ص ) لنهشتني نهش الحية
الرقشاء المطرقة والسلام .
فقالت عائشة : ياام سلمة مطلعا اصلحت فيه بين فئتين متناجزتين ((355)) .
وروى الطبري ((356)) وقال :.
خـرج اصـحاب الجمل من مكة واذن مروان حين فصل من مكة , ثم جاء حتى وقف عليهما فقال : على
ايكما اسلم بالامرة واؤذن بالصلاة .
فقال عبداللّه بن الزبير: على ابي عبداللّه .
وقـال محمد بن طلحة : على ابي محمد, فارسلت عائشة (رض ) الى مروان فقالت : ما لك ؟ اتريد ان
تـفـرق امرنا؟ ليصل ابن اختي , فكان يصلي بهم عبداللّه بن الزبير حتى قدم البصرة , فكان معاذ بن
عبيداللّه يقول : واللّه لو ظفرنا لافتتنا.
ما خلى الزبير بين طلحة والامر ولا خلى طلحة بين الزبير والامر ((357)) .
ولقي سعيد بن العاص مروان بن الحكم واصحابه بذات عرق فقال : اين تذهبون وثاركم على اعجاز
الابـل ؟ جميعا, فخلا سعيد بطلحة والزبير, فقال : ان ظفرتما لمن تجعلان الامر اصدقاني , قالا: لاحدنا اينا
اختاره الناس , قال : بل اجعلوه لولد عثمان فانكم خرجتم تطلبون بدمه , قالا: ندع شيوخ المهاجرين ,
ونجعلها لابنائهم , قال : افلا اراني اسعى لاخرجها من بني عبد مناف , فرجع ورجع عبداللّه بن خالد
بن اسيد ((358)) فقال المغيرة بن شعبة :.
مـن كان ههنا من ثقيف فليرجع فرجع ومضى القوم معهم ابان ابن عثمان , والوليد بن عثمان , فاختلفوا
فـي الـطـريـق فقالوا: من ندعو لهذا الامر؟ فخلا الزبير بابنه عبداللّه , وخلا طلحة بعلقمة ابن
وقـاص الـليثي , وكان يؤثره على ولده , فقال احدهما: ائت الشام , وقال الاخر: ائت العراق , وحاور
كل منهما صاحبه , ثم اتفقوا على البصرة .
واخرج في رواية الزهري قبل هذا وقال :.
فبلغ عليا مسيرهم فامر على المدينة سهل بن حنيف الانصاري , فخرج فسار حتى نزل ذا قار, وكان
مسيره اليها ثماني ليال , ومعه جماعة من اهل المدينة .
وروى ابن عبد البر بترجمة طلحة : في الاستيعاب ((359)) ان عليا قال في خطبته حين نهوضه
الى الجمل :.
(ان اللّه عز وجل فرض الجهاد وجعل نصرته وناصره , وما صلحت دنيا ولا دين الا به , واني بليت
بـاربـعـة : ادهـى الناس واسخاهم طلحة , واشجع الناس الزبير, واطوع الناس في الناس عائشة ,
واسرع الناس اى فتنة يعلى بن امية ((360)) واللّه ما انكروا علي شيئا منكرا, ولا استاثرت بمال
ولا مـلـت بهوى , وانهم ليطلبون حقا تركوه , ودما سفكوه , ولقد ولوه دوني , وان كنت شريكهم في
الانـكار لما انكروه , وما تبعة عثمان الا عندهم , وانهم لهم الفئة الباغية , بايعوني , ونكثوا بيعتي وما
اسـتانسوا بي حتى يعرفوا جوري من عدلي , واني لراض بحجة اللّه عليهم , وعلمه فيهم , واني مع
هـذا لداعيهم ومعذر اليهم فان قبلوا فالتوبة مقبولة , والحق اولى ما انصرف اليه , وان ابوا اعطيتهم
حـد الـسـيف وكفى به شافيا من باطل وناصرا, واللّه ان طلحة والزبير وعائشة ليعلمون اني على
الحق وهم مبطلون ).
وروى الـطـبـري ((361)) انه لما بلغ طلحة والزبير منزل علي بذي قار انصرفوا الى البصرة
فاخذوا على المنكدر, فسمعت عائشة (رض ) نباج الكلاب فقالت : اي ماء هذا؟.
فقالوا: الحواب .
فـقـالـت : انـا للّه وانا اليه راجعون اني لهيه , قد سمعت رسول اللّه (ص ) يقول وعنده نساؤه : ليت
شـعـري ايـتكن تنبحها كلاب الحواب , فارادت الرجوع , فاتاها عبداللّه بن الزبير فزعم انه قال :
كذب من قال ان هذا الحواب , ولم يزل بها حتى مضت , فقدموا البصرة .
ولـمـا انـتـهـت عائشة وطلحة الى حفر ابي موسى ((362)) قريبا من البصرة ارسل عثمان بن
حنيف ((363)) ـ وهو يؤمئذ عامل علي على البصرة ـ الى القوم ابا الاسود الدؤلي يعلم له علمهم ,
فجاء حتى دخل على عائشة , فسالها عن مسيرها.
فقالت : اطلب بدم عثمان .
قال : انه ليس بالبصرة من قتلة عثمان احد قـالت : صدقت ولكنهم مع علي بن ابي طالب بالمدينة وجئت استنهض اهل البصرة لقتاله , انغضب لكم
من سوط عثمان ولا نغضب لعثمان من سيوفكم ؟.
فـقـال لـها: ما انت من السوط والسيف ؟ انما انت حبيسة رسول اللّه (ص ) امرك ان تقري في بيتك ,
وتـتلي كتاب ربك , وليس على النساء قتال , ولا لهن الطلب بالدماء, وان عليا لاولى منك وامس رحما,
فانهما ابنا عبدمناف .
فـقالت : لست بمنصرفة حتى امضي لما قدمت اليه , افتظن ابا الاسود امـا واللّه لتقاتلن قتالا اهونه الشديد ثم قام فاتى الزبير, فقال : ياابا عبداللّه عهد الناس بك وانت يوم
بـويع ابو بكر آخذ بقائم سيفك , تقول : لا احد اولى بهذا الامر من ابن ابي طالب واين هذا المقام من
ذاك ؟ فذكر له دم عثمان , قال : انت وصاحبك وليتماه فيما بلغنا قال : فانطلق الى طلحة فاسمع مايقول
فذهب الى طلحة , فوجده سادرا في غية مصرا على الحرب والفتنة الحديث .
وروي عـن ابـي الاسـود قال : بعثني وعمران بن حصين ((364)) عثمان بن حنيف الى عائشة ,
فـقلنا: يا ام المؤمنين اخبرينا عن مسيرك هذا, اعهد عهده رسول اللّه (ص ) ام راي رايته , قالت : بل
راي رايـتـه حـين قتل عثمان انا نقمنا عليه ضربة السوط, وموقع المسحاة المحماة , وامرة سعيد
والـوليد, فعدوتم عليه , فاستحللتم منه الحرم الثلاث حرمة البلد وحرمة الخلافة وحرمة الشهر
الـحرام , بعد ان مصناه كما يماص الاناء فاستبقيناه فركبتم منه هذه ظالمين , وغضبنا لكم من سوط
عثمان , ولا نغضب لعثمان من سيفكم .
قلت : (ما انت وسيفنا وسوط عثمان وانت حبيس رسول اللّه (ص ), امرك ان تقري في بيتك , فجئت
تضربين الناس بعضهم ببعض قالت : (وهل احد يقاتلني , او يقول غير هذا)؟.
قلت : (نعم ).
قالت : من يفعل ذلك ازنيم بني عامر الحديث ((365)) .
وقال ابن قتيبة :.
لما انتهوا الى البصرة , خرج اليهم عثمان بن حنيف عامل علي عليها, وتقابلوا في المربد, فخطبت ام
المؤمنين وقالت :.
ان امـيـر الـمـؤمنين عثمان كان قد غير وبدل , ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتى قتل مظلوما تائبا,
وانما نقموا عليه ضربة بالسوط, وتاميره الشبان , وحمايته موضع الغمامة , فقتلوه محرما في الشهر
الـحـرام وحـرمة البلد ذبحا كما يذبح الجمل , الا وان قريشا رمت غرضها بنبالها, وادمت افواهها
بـايـديـها, وما نالت بقتلها اياه شيئا, ولا سلكت به سبيلا قاصدا اما واللّه ليرونها بلايا عقيمة , تنبه
النائم .
وتقيم الجالس , وليسلطن عليهم قوم لا يرحمونهم يسومونهم سوء العذاب .
ايـها الناس عـلـيـه , فقتلتموه بعد توبته وخروجه من ذنبه وبايعتم ابن ابي طالب من غير مشورة من الجماعة :
ابتزازا وغصبا ترونني اغضب لكم من سوط عثمان ولسانه ولا اغضب لعثمان من سيوفكم ؟.
الا ان عـثـمـان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته , فاذا ظفرتم بهم فاقتلوهم , ثم اجعلوا الامر شورى بين
الرهط الذين اختارهم امير المؤمنين عمر, ولا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان ((366)) .
وفـي رواية الزهري ((367)) قام طلحة والزبير خطيبين , فقالا: يا اهل البصرة , توبة بحوبة ,
انـمـا اردنـا ان يستعتب امير المؤمنين عثمان , ولم نرد قتله , فغلب سفهاء الناس الحلماء حتى قتلوه ,
فـقـال الناس لطلحة : يا ابا محمد: قد كانت كتبك تاتينا بغير هذا, فقال الزبير: فهل جاءكم مني كتاب
في شانه ؟.
ثـم ذكر قتل عثمان (رض ) وما اتي اليه واظهر عيب علي , فقام اليه رجل من عبد القيس , فقال : ايها
الرجل انصت حتى نتكلم فقال عبداللّه بن الزبير: ومالك والكلام .
فقال العبدي : يامعشر المهاجرين الناس في الاسلام كما دخلتم , فلما توفي رسول اللّه (ص ) بايعتم رجلا منكم , واللّه ما استامرتمونا
فـي شـي ء مـن ذلـك , فـرضينا واتبعناكم , فجعل اللّه عز وجل للمسلمين في امارته بركة , ثم مات
(رض ), واسـتخلف عليكم رجلا منكم , فلم تشاورونا في ذلك , فرضينا وسلمنا, فلما توفي الامير
جعل الامر الى ستة نفر, فاخترتم عثمان , وبايعتموه عن غير مشورة منا, ثم انكرتم من ذلك الرجل
شيئا فقتلتموه عن غير مشهورة منا, ثم بايعتم .
عليا عن غير مشورة منا, فما الذي نقمتم عليه فنقاتله ؟ هل استاثر بفي ء او عمل بغير الحق او عمل
شيئا تنكرونه فنكون معكم عليه والا فما هذا؟ فهموا بقتل ذلك الرجل , فقام من دونه عشيرته , فلما
كان الغد وثبوا عليه وعلى من كان معه , فقتلوا سبعين رجلا.
واخرج الطبري ((368)) عن نصر بن مزاحم : قال : واقبل جارية بن قدامة السعدي ((369)) ,
فـقـال : يا ام المؤمنين واللّه لقتل عثمان بن عفان اهون من خروجك على هذا الجمل الملعون عرضة
للسلاح , انه قد كان لك من اللّه ستر وحرمة , فهتكت سترك وابحت حرمتك , انه من راى قتالك فانه
يـرى قـتلك , ان كنت اتيتنا طائعة فارجعي الى منزلك , وان كنت اتيتنا مستكرهة فاستعيني بالناس ,
قال : فخرج غلام شاب من بني سعد الى طلحة والزبير فقال : اما انت يا زبير فـحواري رسول اللّه (ص ) واما انت يا طلحة : فوقيت رسول اللّه (ص ) بيدك وارى امكما معكما,
فهل جئتما بنسائكما قالا: لا, قال : فما انا منكما في شي ء واعتزل , وقال السعدي في ذلك :.
صنـتم حلائلكم وقدتم امكم
امرت بجـر ذيولها في بيتها
غرضا يقاتل دونها ابنـاؤها
هتكت بطلحة والزبير ستـورها
هـذا المخبر عنهم والكافى .
هـذا لعمرك قلة الانصاف .
فهوت تشـق البيد بالايجاف .
بالنبل والخطي والاسـياف .
هـذا المخبر عنهم والكافى .
هـذا المخبر عنهم والكافى .
عثمان , فقال : نعم , دم عثمان ثلاثة اثلاث ثلث على صاحبة الهودج ـ يعني عائشة ـ وثلث على صاحب
الـجـمـل الاحمر ـ يعني طلحة ـ وثلث على علي بن ابي طالب , فضحك الغلام وقال : لا اراني على
ضلال , ولحق بعلي وقال :.
سـالت ابن طلحـة عن هالك
فقـال : ثـلاثـة رهـط هـم
فثلـث على تلـك في خـدرها
وثلـث على ابن ابي طالـب
فقلـت صدقـت على الاولين
واخطات في الثالث الازهـر.
بجـوف المدينـة لم يقبر.
اماتوا ابن عفان واسـتعبر.
وثلـث على راكـب الاحمـر.
ونحـن بـدويـة قـرقـر.
واخطات في الثالث الازهـر.
واخطات في الثالث الازهـر.
وقـال الـطـبري ((370)) : فقدموا البصرة وعليها عثمان بن حنيف , فقال لهم عثمان : مانقمتم على
صاحبكم ؟ فقالوا: لم نره اولى بها منا وقد صنع ماصنع .
قـال : فان الرجل امرني فاكتب اليه فاعلمه ماجئتم له على ان اصلي بالناس حتى ياتينا كتابه , فوقفوا
عـلـيـه , وكـتب فلم يلبث الا يومين حتى وثبوا عليه فقاتلوه بالزابوقة عند مدينة الرزق فظهروا,
واخذوا عثمان فارادوا قتله , ثم خشوا غضب الانصار فنالوه في شعره وجسده .
وذكـر الـيـعـقوبي في تاريخه والمسعودي في مروجه وابن عبدالبر بترجمة حكيم ابن جبلة من
الاستيعاب ـ واللفظ للاخير ـ:.
ان عـثـمان بن حنيف لما كتب الكتاب ((371)) بالصلح بينه وبين الزبير وطلحة وعائشة على ان
يـكـفـوا عن الحرب ويبقى هو في دار الامارة خليفة لعلي على حاله حتى يقدم علي (رض ) فيرون
رايهم , قال عثمان بن حنيف لاصحابه :.
ارجـعوا وضعوا سلاحكم فلما كان بعد ايام جاء عبداللّه بن الزبير في ليلة ذات ريح , وبرد شديد,
ومعه جماعة من عسكرهم , فطرقوا عثمان بن حنيف في دار الامارة فاخذوه , ثم انتهوا به الى بيت
المال , فوجدوا ناسا من الزط يحرسونه , فقتلوا منهم اربعين رجلا.
وقال المسعودي : قتل منهم سبعون رجلا غير من جرح وخمسون من السبعين ضربت اعناقهم صبرا
من بعد الاسر.
وفـي الـطبري ((372)) والاستيعاب ـ واللفظ للطبري : انهم لما اخذوا عثمان بن حنيف ارسلوا
ابان بن عثمان الى عائشة يستشيرونها في امره .
قالت : اقتلوه .
قالت امراة : نشدتك اللّه يا ام المؤمنين في عثمان وصحبته لرسول اللّه (ص ).
قالت : ردوا ابانا, فردوه .
فقالت : احبسوه ولا تقتلوه .
قال : لو علمت انك تدعيني لهذه لم ارجع .
فـقـال لـهـم مجاشع بن مسعود: اضربوه وانتفوا شعر لحيته , فضربوه اربعين سوطا, ونتفوا شعر
لحيته وراسه وحاجبيه واشفار عينيه وحبسوه .
وقـال الطبري ((373)) : ولما كانت الليلة التي اخذ فيها عثمان بن حنيف وفي رحبة مدينة الرزق
طـعـام يـرتزقه الناس , فاراد عبداللّه ان يرزقه اصحابه وبلغ حكيم ابن جبلة ((374)) ما صنع
بعثمان بن حنيف , فقال : لست اخاف اللّه ان لم انصره , فجاء في جماعة من عبدالقيس وبكر ابن وائل ,
واكثرهم من عبدالقيس , فاتى ابن الزبير بمدينة الرزق , فقال : مالك ياحكيم قال : نريد ان نرتزق من
هذا الطعام , وان تخلوا عثمان فيقيم في دار الامارة على ما كتبتم بينكم حتى يقدم علي, واللّه لو اجد
اعـوانا عليكم اخبطكم بهم ما رضيت بهذه منكم حتى اقتلكم بمن قتلتم , ولقد اصبحتم وان دماءكم لنا
حلال بمن قتلتم من اخواننا, اما تخافون اللّه عز وجل؟ عفان (رض ) قال : فالذين قتلتموهم قتلوا عثمان لا نرزقكم من هذا الطعام , ولا نخلي سبيل عثمان بن حنيف حتى يخلع عليا قال حكيم : اللّه م انك حكم عدل فاشهد, وقال لاصحابه : اني لست في شك من قتال هؤلاء, فمن كان في
شـك فلينصرف , وقاتلهم فاقتتلوا قتالا شديدا, وضرب رجل ساق حكيم فقطعها, فاخذ حكيم ساقه
فـرمـاه بـها, فاصاب عنقه فصرعه وقذه ثم حبا اليه فقتله واتكا عليه , فمر به رجل فقال : من قتلك
قال : وسادتي , وقتل سبعون رجلا من عبدالقيس .
وقـال الطبري ((375)) لما قتل حكيم بن جبلة ارادوا ان يقتلوا عثمان بن حنيف , فقال : ماشئتم اما
ان سـهـل بن ((376)) حينف وال على المدينة , وان قتلتموني انتصر, فخلوا سبيله واختلفوا في
الصلاة ) الحديث .
وقـال الـيـعقوبي ((377)) : وانتهبوا بيت المال , واخذوا ما فيه , فلما حضر وقت الصلاة , تنازع
طـلـحة والزبير, وجذب كل منهما صاحبه , حتى فات وقت الصلاة , وصاح الناس : الصلاة , الصلاة ,
يااصحاب محمد وفـي الـطـبقات ((378)) : تدافع طلحة والزبير حتى كادت الصلاة تفوت , ثم اصطلحا على ان
يـصلي عبداللّه بن الزبير صلاة , ومحمد بن طلحة صلاة فذهب ابن الزبير يتقدم , فاخره محمد بن
طـلـحـة , وذهـب محمد بن طلحة يتقدم فاخره عبداللّه بن الزبير عن اول صلاة فاقترعا فقرعه
محمد بن طلحة فتقدم فقرا: سال سائل بعذاب واقع .
وفي الاغاني : وقال شاعرهم في ذلك :.
تبارى الغلامـان اذ صـليا
ومالي وطلحة وابن الزبيـر
فامهـما اليوم غرتـهما
ويعلى بن منيـة دلاهما.
وشح على الملك شـيخاهما.
وهـذا بذي الجزع مولاهما.
ويعلى بن منيـة دلاهما.
ويعلى بن منيـة دلاهما.
كنت مع الزبير (رض ) فجاء فارس يسير, وكانوا يسلمون على الزبير بالامرة .
فقال : السلام عليك ايها الامير.
قال : وعليك السلام .
قال : هؤلاء القوم قد اتوا مكان كذا وكذا, فلم ار قوما ارث سلاحا ولا اقل عددا ولا ارعب قلوبا من
قوم اتوك , ثم انصرف عنه , قال ثم جاء فارس فقال : السلام عليك ايها الامير.
فقال : وعليك السلام .
قـال : جاء القوم حتى اتوا مكان كذا وكذا, فسمعوا بما جمع اللّه عز وجل لكمن العدد والعدة والحد
فقذف اللّه في قلوبهم الرعب فولوا مدبرين .
قال الزبير: ايها عنك الان فواللّه لو لم يجد ابن ابي طالب الا العرفج لدب الينا فيه .
ثم انصرف , ثم جاء فارس , وقد كادت الخيول ان تخرج من الرهج ((380)) .
فقال : السلام عليك ايها الامير.
قال : وعليك السلام .
قال : هؤلاء القوم قد اتوك فلقيت عمارا فقلت له , وقال لي .
فقال الزبير: انه ليس فيهم .
فقال : بلى واللّه انه لفيهم .
قال : واللّه ماجعله اللّه فيهم .
فقال : واللّه لقد جعله اللّه فيهم .
قـال : واللّه مـا جعله اللّه فيهم فلما راى الرجل يخالفه , قال لبعض اهله : اركب فانظر احق مايقول ؟
فـركـب معه , فانطلقا وانا انظر اليهما حتى وقفا في جانب الخيل قليلا, ثم رجعا الينا, فقال الزبير
لصاحبه : ما عندك ؟.
قال : صدق الرجل .
قال الزبير: يا جدع انفاه او يا قطع ظهراه ثـم اخـذه افـكل ((381)) فجعل السلاح ينتفض , فقال جون : ثكلتني امي , هذا الذي كنت اريد ان
اموت معه او اعيش معه , والذي نفسي بيده , ما اخذ هذا ما ارى الا لشي ء قد سمعه او رآه من رسول
اللّه (ص ).
واخرج الطبري ((382)) عن علقمة بن الوقاص الليثي ((383)) قال :.
لـما خرج طلحة والزبير وعائشة (رض ) رايت طلحة واحب المجالس اليه اخلاها, وهو ضارب
بـلحيته على زوره , فقلت : يا ابا محمد زورك , ان كرهت شيئا فاجلس , قال :.
فقال لي : يا علقمة بن وقاص بينا نحن يد واحدة على من سوانا, اذ صرنا جبلين من حديد يطلب بعضنا
بعضا انه كان مني في عثمان شي ء ليس توبتي الا ان يسفك دمي في طلب دمه .
واخـرج الـطـبـري ((384)) عن عوف الاعرابي , قال : جاء رجل الى طلحة والزبير وهما في
الـمـسجد بالبصرة , قال : نشدتكما باللّه في مسيركما اعهد اليكما فيه رسول اللّه (ص ) شيئا؟ فقام
طلحة ولم يجبه فناشد الزبير, فقال : لا ولكن بلغنا ان عندكم دراهم فجئنا نشارككم فيها.
واخرج بعده عن ابي عمرة مولى الزبير, قال : لما بايع اهل البصرة الزبير وطلحة , قال الزبير: الا
الف فارس اسير بهم الى علي فاما بيته واما صبحته لعلي اقتله قبل ان يصل الينا, فلم يجبه احد, فقال :
ان هـذه لـهـي الـفتنة التي كنا نحدث عنها, فقال له مولاه : اتسميها فتنة وتقاتل فيها؟ قال : ويحك انا
نـبصر ولا نبصر, ما كان امر قط الا علمت موضع قدمي في غير هذا الامر فاني لا ادري امقبل انا
فيه ام مدبر.
واخـرج الـطبري ((385)) عن مجالد بن سعيد قال : لما قدمت عائشة (رض ) البصرة , كتبت الى
زيد بن صوحان ((386)) .
مـن عائشة ابنة ابي بكر ام المؤمنين حبيبة رسول اللّه (ص ) الى ابنها الخالص زيد بن صوحان , اما
بعد فاذا اتاك كتابي هذا فاقدم , وانصرنا على امرنا هذا, فان لم تفعل , فخذل عن علي .
فكتب اليها: من زيد بن صوحان الى عائشة ابنة ابي بكر الصديق (رض ) حبيبة رسول اللّه (ص ) اما
بعد فانا ابنك الخالص ان اعتزلت هذا الامر ورجعت الى بيتك , والا فانا اول من نابذك .
قال زيد بن صوحان : رحم اللّه ام المؤمنين امرت ان تلزم بيتها وامرنا ان نقاتل , فتركت ما امرت به ,
وامرتنا به , وصنعت ما امرنا به ونهتنا عنه .
ذكر ابو مخنف ((387)) وقال : لما نزل علي ذا قار ((388)) كتبت عائشة الى حفصة بنت عمر:.
اما بعد فاني اخبرك ان عليا قد نزل ذا قار, واقام به مرعوبا خائفا لما بلغه من عدتنا وجماعتنا, فهو
بـمنزلة الاشفر ان تقدم عقر, وان تاخر نحر, فدعت حفصة جوراي لها يتغنين ويضربن بالدفوف ,
فامرتهن ان يقلن في غنائهن :.
ما الخبر؟ ما الخبر؟ علي في السفر وجعلت بنات الطلقاء يدخلن على حفصة , ويجتمعن لسماع ذلك .
الـغـناء, فبلغ ام كلثوم بنت علي فلبست جلابيبها, ودخلت عليهن في نسوة متنكرات , ثم اسفرت عن
وجـهـها, فلما عرفتها حفصة خجلت واسترجعت , فقالت ام كلثوم : لئن تظاهرتما عليه منذ اليوم لقد
تظاهرتما على اخيه من قبل فانزل اللّه فيكما ما انزل ((389)) .
فقالت حفصة : كفي , رحمك اللّه واخـرج الـطبري ((390)) ان محمد بن الحنفية قال : قدم عثمان بن حنيف على علي بالربذة وقد
نتفوا شعر راسه ولحيته وحاجبيه فقال : يا امير المؤمنين بعثتني ذا لحية وجئتك امرد قال : (اصبت
اجـرا وخـيـرا, ان الـناس وليهم قبلي رجلان فعملا بالكتاب , ثم نكثا بيعتي والبا الناس علي , ومن
الـعجب انقيادهما لابي بكر وعمر (رض ) وخلافهما علي واللّه انهما ليعلمان اني لست بدون رجل
ممن قد مضى , اللّه م فاحلل ماعقدا, ولا تبرم ماقد احكما في انفسهما وارهما المساءة فيما قد عملا).
واخرج ((391)) عن ابن ابي ليلى .
قال : كتب علي الى اهل الكوفة :.
بـسـم اللّه الـرحـمـن الرحيم , اما بعد فاني اخترتكم والنزول بين اظهركم لما اعرف من مودتكم
وحبكم للّه عز وجل ولرسوله (ص ), فمن جاءني ونصرني فقد اجاب الحق وقضي الذي عليه .
وعن ابي الطفيل ((392)) قال : قال علي: ياتيكم من الكوفة اثنا عشر الف رجل ورجل , فقعدت على
نجفة ذي قار, فاحصيتم فما زادوا رجلا ولا نقصوا رجلا.
وروى الـطـبري ((393)) وقال : وبلغ الخبر عليا (يعني خبر السبعين الذين قتلوا مع العبدي ـ
بالبصرة فاقبل ـ يعني عليا ـ في اثني عشر الفا فقدم البصرة وجعل يقول :.
يا لهـف نفسـي على ربيعـة
ربيعـة السامعة المطـيعة .
ربيعـة السامعة المطـيعة .
ربيعـة السامعة المطـيعة .
وفي تذكرة سبط ابن الجوزي في ذكر حرب الجمل
((394)) :.
ثم ان عليا قارب البصرة كتب الى طلحة والزبير وعائشة ومن معهم كتابا لتركيب الحجة عليهم :.