والـعـقيلي المتوفي سنة 322 ه فقد نقل في ترجمة محمد بن السائب الكلبي انه كان يضرب صدره ويقول : سبئي انا سبئي , ثم يعلق العقيلي على ذلك بقوله :
قال ابو جعفر: هم صنف من الرافضة اصحاب عبد اللّه بن سبا.واذا كـان هـؤلاء العلماء قد ذكروا عبد اللّه بن سبا صراحة فهناك غيرهم ممن اوما اليه تلميحا لا
تصريحا.على ان هناك من الباحثين من يرى تواتر قصه ابن سبا لانها وردت في المصادر المشهورة كالحافظ
وابـن قتيبة , والناشى ء الاكبر, والقمي , والنوبختي والبغدادي , والشهرستاني - وغيرهم بنصوص
يختلف بعضها عن بعض , ممايؤكد عدم تفرد سيف او الطبري بذكرها.نلاحظ ان الهلابي يحاول ان يفصل بين شخصية ابن سباوالسبئية , فما موقفكم من هذا التوجه ؟
ت الـهـلابـي يـحـاول ان يفصل بينهما و يقطع الصلة بين السبئية وابن سبا, فيقول : اماالسبئية فقد
ت وردت مـرارا فـي الـمـصـادر الـمـتقدمة عند غير سيف بن عمر, ويبدو انه كان يقصد بها السب
والتعيير.ثم يعرض عددا من النصوص لتدعيم وجهة نظره و ينتهي الى السؤال التالي : اذن من اين جاءت كلمة
السبئية وماذا تعني ثم يجيب : ان ايسرالاجوبة على هذا السؤال هو ان نفهمها على انها منسوبة الى
عـبد اللّه بن سباالذي ذكره سيف بن عمر ومؤلفو كتب الفرق وبعض كتب الادب , وهذا فيه تدعيم
لـلـدارسين الذين بنوا دراساتهم عن ابن سبا والسبئية على رواية سيف بن عمر ومؤلفي كتب الفرق
وبـعض كتب الادب , ولكن في الحقيقة - كما يقول الدكتور - لايمكن الاخذ بهذا التفسير بحيث انه
لا يمكن وصف اي جماعة ممن اطلقت عليهم السبئية في المصادر التي استخدمناها آنفا بان لها صلة
بابن سباالمزعوم او معتقداته .. ونتوقف عند هذه النقطة معلقين بما يلى :
وقـفت على عدة نصوص عن السبئية اقدم واوثق مما ذكره الهلابي فوق ما سبق تدوينه في كتاب
عـبد اللّه بن سبا ص 205, 206, ومن هذه النصوص :نص عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - قال
ابن عدي في ترجمة محمد بن السائب الكلبي : حدثنا الساجي , ثنا ابن المثنى , ثنا عثمان بن الهيثم , ثنا
عـبـدالوهاب بن مجاهد عن ابيه عن ابن عباس قال : اذا كثرت القدرية بالبصرة استكفت اهلها, واذا
كثرت السبئية بالكوفة استكفت اهلها.نـص عـن الـشـعـبـي : وقال ابن عدي : اخبرنا الساجي , قال ثنا ابن المثنى , ثناابو معاوية , ثنا سعيد
الهمداني , قال سمعت الشعبي يقول : دست هذه الاهواء كلهابقدمي فلم ار قوما احمق من هذه السبئية .نـص عـن الاعـمـش : ونقل ابن عدي بسنده قال : اخبرنا الساجي , ثنا ابي المثنى , ثنا ابو معاوية قال
الاعمش : اتق هذه السبئية فاني ادركت الناس وانمايسمونهم الكذابين .وبـالاسناد الى محمد بن هارون بن حميد, عن ابراهيم بن سعيد الجوهري ,عن ابي معاوية الضرير
عن الاعمش قال : ادركت الناس يسمونهم الكذابين .وفي ميزان الذهبي : وقال يزيد بن زريع حدثنا الكلبي - وكان سبئيا -قال ابو معاوية : قال الاعمش :
اتق هذه السبئية ... الخ .نـص الـعقيلي : وفي الضعفاء للعقيلي حدثنا محمد بن عيسى , حدثنا عمر بن شيبة , حدثنا عبد الواحد
ابن غياث , حدثنا ابن مهدي قال : جلس الينا ابوجرى على باب ابي عمر بن العلاء فقال اشهد ان الكلبي
كـافـر الـى قـولـه : ولـكـن رايـته - يعني الكلبي - يضرب على صدره ويقول لنا: سبئي انا سبئي
قال ابوجعفر (العقيلي ) هم صنف من الرافضة اصحاب عبد اللّه بن سبا.هـذه النصوص - كما اسلفت - اقدم واوثق مما ساقه د.الهلابي - اماقدمها فمشهود لانها مروية عن
صـحـابـي او تابعي , اما توثيقها فكونها مسندة ينتهي اسنادها الى ثقات , وايا ما كان درجة اسنادها من
الـصحة فالفرق كبيربينها وبين نصوص ابي مخنف على سبيل المثال - وهو من استشهد له الهلابي
بنصين في هذا الموطن , فهو راو متهم , بل ساقط محترق كما يقول علماءالجرح والتعديل .ودلالـتها على ابن سبا لم تكن محل خلاف عندهم , وقد صرح بعضهم بنسبة السبئية الى ابن سبا كما
صنع العقيلي .والـتـمـحـل واضـح فـي مـحاولة الفصل بين المصطلح وابن سبا, والا فالكتب المختصة بالانساب
والمختصة بالفرق - وهي الفيصل عند الاختلاف لا تتردد في نسبة السبئية لابن سبا, ولئن كان قد
اتـسع مصطلح السبئية فيما بعد ودخل فيه طوائف واجناس فلا مرية ان اصل التسمية يعود الى ابن
سبا.2 - وكـتـب الـفـرق هـي الاخرى مرجع عند الاختلاف في نسبة السبئية ,والغريب في الامر ان
الـهـلابي سفه احلام بعض اصحابها واتهمهم بالبلادة ,وتجاوز في نقده لهم الموضوع الاساسي الى
موضوعات اخرى , امام هذا الرصيدمن النصوص الموثقة والمراجع والمصادر الثمينة التي بلا شك
ان الهلابي قد اطلع على كثير منها ولم يفته الوقوف عليها والالمام بما في اطوائها.بماذا تعلقون على موقف الهلابي منها ؟
ت الغريب في الامر ان الهلابي لا يرى الاعتماد عليها ابدا اذ يقول : ونحن نرى بالمقابل انه لا يصح
ت ابـدا الاعـتـمـاد على كتب الفرق والمقالات في دراسة القضاياالتاريخية ثم يعلل ذلك قائلا: اذ ان
مـعـظمها ان لم تكن كلها كتبت بروح التحامل والتعصب , وتعوزها الامانة والتدقيق في صحة ما تنقل
بالاضافة الى الكثير ممافيها من المبالغات والتناقضات .وهكذا يتجشم د.الهلابي الصعاب مرة اخرى , بل ثالثة ورابعة , وهويجازف بعبارات كان خليقا به ان
يرفع قلمه عنها, ونحن لاندعي العصمة لهولاءولا لغيرهم ولا نبرئ ساحة كتبهم من الاخطاء, لكن
الـرفـق بـالـعـلـمـاء مـن سمات العلماء, وكيف اباح الدكتور لنفسه ان يتهم معظم كتب المقالات او
كـلـهـابالتحامل والتعصب , ثم هو يحكم عليها كذلك بضعف الامانة والتدقيق , وانهاتحوي الكثير من
المبالغات والتناقضات اذن اي شـي ء بـقـى لـلدكتور يثق به من تراثنا ؟ وهو الذي لم يثق بما كتبه المؤرخون حين اعتبر
المتاخرين منهم نقلة مقلدين عن اسلافهم , وشنع على الاخباريين الذين رووا قصة ابن سبا واتهمهم
بـقـلـة الامـانة وتلفيق القول واختلاف الروايات وحكم بتفردهم بذكر الخبرولم يرض بالروايات
الـواردة فـي الـكتب الاخرى فلم يستبعد ان يكون اصل كتاب البلاذري قد تعرض للتحريف من قبل
النساخ , لانه ذكر ابن سبا, اما نص الجاحظ فهو يسقطه معللاضعف مصدر الشعبي - راوي الخبر -
وهـو زحر بن قيس , بل هو يميل فوق تلك الى ان القصة وضعت في مرحلة متاخرة نسبيا و اسندت
الـى الـشـعـبـي (ت 104)والـشـعبي من الثقات الاثبات , (هكذا يجازف دون دليل ), وهو لايرى
اعـتـماداحكام اصحاب الجرح والتعديل على الاخباريين , ويرى ان القضايا التاريخية لا تعالج حسب
حـكـم اصـحـاب الحديث على روايتها ايجابا او سلبا, بل ان الروايات نفسها تعرض على محك النقد
والـتـمحيص والمقارنة فان ثبتت فذلك مايبحث عنه المؤرخ , و ان هي انهارت فلا قيمة لها بصرف
النظر عن مكانة راويهاالعلمية وسمعته فقد يكون نقلها بحسن نية .. الخ , ونحن بدورنا نقول : اي منهج
هذاوماذا بقى للدكتور يرتضيه من تراثنا ومناهج اسلافنا
منهج الهلابي
هـل ترون ان د.الهلابي يعتمد منهجا محددا لما يقبله اويرفضه من الروايات , بحيث استند عليه
ت في بحثه لهذه القضية ؟
الـذي بدا لي حقيقة ان د. الهلابي يعتمد على منهج محدد متمثل في ان لديه مقررات سابقة يحتفظ
ت بـهـا ويـحاكم النصوص اليها فيقبل منها ما ينسجم معهاويطرح جانبا ما يعارضها وقد يقبل من مؤلف
واحد نصا في موطن استشهاده ويرفض منه او يتجاهل نصا آخر في موطن استنكاره الـصورة اسوق النموذج التالي : فيما نحن بصدده قبل الدكتور بنص عند ابي الحسن الاشعري ينسب
الـسـبـئيـة فيه الى عبد الرحمن بن سبابة , واعتبر ذلك جاليالغموض هذه التسمية التي تسميها بها
بعض كتب الفرق , وان ذلك لا علاقة له بمصطلح السبئية والتي تسمى احيانا ب السبا, لكنه تجاهل
تـمـامـا نـصـا آخـر عـنـدالاشعري نفسه ينسب فيه السبئية الى عبد اللّه بن سبا فيقول : السبئية
اصـحـاب عـبـد اللّه بن سبا يزعمون ... الخ (1/86), فهل يقال ان الدكتور لم يطلع عليه , ام لانه لا
يخدمه
لا جديد
ذكـرتـم لنا ان د.عبد العزيز الهلابي كتب في الحولية الثامنة الرسالة الخامسة من حوليات كلية
ت الاداب بجامعة الكويت بحثه الذي هو بعنوان : عبد اللّه بن سبا دراسة للمرويات التاريخية عن دوره
فـي الـفتنة هل لكم ان توضحوا لنا ماذايريد الهلابي في هذة الرسالة وما الجديد فيما طرحه وما
هي اصول آرائه التي اعلنها ؟
الحق اننا حين نعود الى الكتابات السابقة لا نجد في الموضوع جديدا في طرح د.الهلابي ولا من
ت تابعه امثال تلميذه حسن المالكي في كتاباته المتاخرة .يـقول المستشرق اسرئيل فريد لندر: ان ابن سبا ليس الا شي ء في نفس سيف اراد ان يبعد به شبح
الفتنة عن الصحابة وانها انما اتت من يهودي تستربالاسلام .ومن الملاحظ ان هذا المستشرق مع محاولته لتقليل شان ابن سبا في الفتنة واتهامه لسيف وهو نفس ما
حـاوله د.الهلابي , الذي لم يجرؤ على انكارشخصية ابن سبا مطلقا فهو يقول : ليس بامكاننا ان ننكر
الاشـيـاء الايـجابية التي جاء بها سيف عن ابن سبا مثل : اصله وحياته وظهوره بين المسلمين ويقول
ان هذا جاء من الهوى .اما المستشرق كايتاني فهو اشد مهاجمة لرواية سيف , وقد خلص منهاالى القول بان مؤامرة كهذه انما
يصح تفسيرها على انها حادثة في العصر العباسي فهي تعكس احوال ذلك العصر..وهـذا الـتـعـلـيل كفانا في الرد على د.عبد الرحمن بدوي وهو يناقش آراءالمستشرقين في هذه
المسائلة .امـا مـرتـضـى الـعسكري فيقول : ان جميع من نقل قصه ابن سبا انما اخذ من معين الطبري واستقى
اخباره من كتابه .وفـي كتاب آخر له اعتبر (ابن سبا) شخصيه اسطورية نقل الطبري اخباره عن راو كذاب يدعى
سيف بن عمر التميمي
ويتهكم العسكري على كتاب المقالات والفرق ويصفهم باوصاف مشينة حين يقول : كانت تلك اقوال
اهل الملل والنحل ونسج على منوالهم في الهذر آخرون ويـقـول عـنهم : انهم تنافسوا في تكثير عدد الفرق في الاسلام .. ويبدو انهم كتبوا من عند انفسهم
شروحا عن اولئك الفرق توضح عقائدهم ويـقـترب من هؤلاء د. طه حسين فيما طرحه - فهو اقرب الى الشك منه الى اليقين فهو يستغرب
مثلا اغفال بعض المصادر لذكره كابن سعد والبلاذري ,ثم يعود اخرى ويجعل من اغفال المؤرخين
له وباتباعه السبئية في احداث صفين دليلا على ان امر ابن سبا والسبئية انما كان متكلفا منحولا.ويـقـول في موطن ثالث : فلندع اذن ابن السوداء هذا واصحابه سواء كان امرهم وهما خالصا ام امرا
غير ذي خطر بولغ فيه .اذا كـانـت آراء د. الهلابي لا تخرج عن هذه الاطر في رؤيته لشخصية عبداللّه بن سبا والسبئية
تـاكـد لنا ان ليس ثمة جديد يسبق اليه الهلابي , وبالتالي وقفنا على الاصول التي انطلق منها في هذه
الرؤية الجديدة
تشنيع في حق المؤرخين الاسلاميين
يـثير الهلابي مقولة يرددها في بعض اطروحاته استند اليهافي كثير من وقفاته وكذلك بالنسبة
ت لـمن يرى برايه امثال المالكي وغيره .. وهذه المقولة مفادها ان الطبري هوالاساس في نقل روايات
سيف لابن سبا ومعظمها عنده واقلها عند ابن عساكر وكل من جاء بعد الطبري نقل منه .بل يزيد على
ذلـك ويـقـطع بانه لم يرد عند مؤرخي القرن الثالث والرابع الهجريين اي ذكر عن ابن سبا ودوره
في الاحداث لا في مروياتهم ولا في كتب المؤرخين منهم , فماتعليقكم على هذه المقولة ؟
هذه المقولة للهلابي اعدها نموذجا للجراة غير المتزنة والتي يمارس فيها بشكل واضح الانقاص
ت من جهود المؤرخين الاسلاميين الذين سبقوه في هذا المجال والذين وصلوا الى ما لم يصل اليه هو.وهي بلا شك يعتريها الخلل الكبير وتحتاج الى المزيد من الايضاح من خلال الوقفات التالية :
1 - هـناك تمويه وتعمية من الهلابي على تاريخ ابن عساكر حيث اشار الى قلة مروياته لعبد اللّه بن
سـبـا مـن طـريق سيف وهذا حق بالمقارنة بالطبري لكن لا ادري لماذا تجاهل اي ذكر للمرويات
الاخـرى التي ساقها ابن عساكر من طريق لا تنتهي الى سيف . الان الدكتور لم يطلع عليها ؟ ام لانها
تـهـدم اسـاسـيـات بـحـثـه , الـذي اعـتمد عليه ؟ على اية حال سواء كان هذا او ذاك فهو خلاف
المنهج العلمي .ثم يكرر التمويه والتعمية مرة اخرى , بل يناقض نفسه حين يقول ان ذكرابن عساكر كمصدر مهم
لـمـرويات ابن سبا من باب الايهام و الا فهو كغيره ينقل عن الطبري رواية سيف بن عمر, او ينقلها
مباشرة من سيف
كـيـف اباح الدكتور لنفسه ان يقول انه لم يرد اي ذكر لابن سبا عندمؤرخي القرنين الثالث والرابع
الهجري لا في مروياتهم ولا في كتبهم - وقد وقفنافي احدى الروايات السابقة على رواية ابن ابي
خيثمة احمد بن زهير, الذي عاش في القرن الثالث , بل وادرك نهاية القرن الثاني (279 - 185 ه)
وهوصاحب كتاب التاريخ الكبير الذي امتدحه الخطيب البغدادي فقال : وله كتاب التاريخ الذي احسن
تصنيفه واكثر فائدته . ولا اعرف اغزر فوائد من كتاب التاريخ الذي صنفه ابن ابي خيثمة .وامتدحه ابن كثير, واثنى على كتابه فقال : كان ثقة حافظا ضابطامشهورا, وفي تاريخه فوائد كثيرة
وفرائد غزيرة .كـمـا جـاء عـلى ذكر ابن سبا من مؤرخي القرن الثالث ابن حبيب , المتوفي سنة 245 ه وابن قتيبة
المتوفي سنة 276 ه, والجوزجاني المتوفي سنة 256 -259 وغيرهم .اطروحات خطيرة
فـي خـتـام هـذا الـحوار, وبعد ان كشفتم لنا حقيقة ابن سباواثره في الفتنة العظيمة في صدر
ت الاسلام .. هلا بينتم لنا ماوراء الانكار او التشكيك في هذه الشخصية ؟
ان مـا وراء انـكـار وجـود ابـن سـبا والتشكيك في حقيقته انما يدركه الذين سبقواالهلابي في
ت طـرحـهـم لـهذه القضية اذ انهم اصحاب آراء ومذاهب جانحة ويعرفون جيدا ماذا يترتب على هذا
الانكار.امـا د.عـبد العزيز الهلابي فانني اجدها فرصة سانحة عبر جريدة المسلمون التي تعهدت بايصال
كـلـمة الحق الى ارجاء الامة .. لكي اذكره اكثرمن غيره , كما اذكر تلميذه الذي يسير على مذهبه
حـسـن المالكي اذكرهم جميعابخطورة هذه الطروحات , لما تفرزه من خلفيات قد تغيب عن اذهان
الـبـعض , وفوق ان هذه الاراء فيها تسفيه لاراء السابقين واتهام لهم بالسطحية والغفلة عن تحقيق ما
يـنقلون من نصوص وتعميق ما يطرحون من آراء, ففي هذا الراي نسف لكتب باكملها تعد من مفردات
كتب التراث , ويعتمد عليها في النقل والتوثيق من قرون متطاولة , فكتاب منهاج السنة - مثلا - لشيخ
الاسـلام ابـن تـيـمـيـة ينطلق من اعتبار عبد اللّه بن سبا اصل الرافضة , فهو اول من قال بالوصية
والرجعة وغيرها من معتقدات وانكار هذه الشخصية او التشكيك فيها تشكيك في الكتاب كله , ونسف
له من اصوله , بل ربما تجاوز الامر ذلك الى التشكيك في اصول الرافضة وتاريخ نشاتهم .
انا على استعداد للمحاورة حول الامور الجوهرية للرجوع الى الحق
حسن المالكي
يرد على العودة وعلي رضا
صحيفة المسلمون - 4 جمادى الاولى - 1418 هـنـشـرت صـحيفة المسلمون في اعداد مضت عدة تعقيبات و ردود علي من عدد من الاخوة حولموضوعات مختلفة منها ما يتعلق بالمقالات المنشورة في صحيفة الرياض ومنها ما يتعلق بكتابي (نحو
انقاذ التاريخ الاسلامي ) ومنهاما يتعلق بكتاب بيعة علي بن ابي طالب في ضوء الروايات الصحيحة
وبما ان كل الردود التي نشرت كان فيها تشويه لوجهة نظري - و سواء كان التشويه بتعمد او سوء
فـهـم - فانه يلزم مني ان ادافع عن نفسي من باب (على رسلكماانها صفية ) فالشرع دلنا على ابراء
الـذمـة وساحاول الاختصار ما امكن مع انه سبق ان رددت على بعضهم كالدكتور سليمان العودة في
صـحـيـفـة الرياض لكن نشره لاراء جديدة في المسلمون ولان لصحيفة المسلمون جمهورها
وقـراءهـافانه يهمني ان ارد على الافكار الجديدة فقط مع تلخيص مختصر جدا لوجهة نظري التي
سبق نشرها في الموضوع .وانـا قـبـل ان ادخل في الردود التفصيلية على هؤلاء الاخوة اتمنى من القارئ الكريم ان يمتلك
ت الـمـنـهـجية وان يعود لاقوال المردود عليه لان الناس يشوهون افكار الاخرين و يحملونهم ما لم
يقولوا فانا اطلب من القارئ ان يكون حكم عدل و ليعلم ان الذى سيحكم بمدى تحقيقه للعدالة هو اللّه
المطلع على نيته وعلى استفراغه لجهد في الوصول الى الحقيقة .و الان الى الردود على تلك التعقيبات و سالتزم بترتيب الرد عليهاحسب تاريخ نشرها ما امكن .الرد على الاستاذ علي رضا
فالاخ الاستاذ علي رضا نشر مقالا في المسلمون يوم الجمعة 29 صفر1418ه وكنت قد رددت
عـلـى بعض ما اورده و نشرت ذلك في صحيفة الرياض واقتصرت على نقد (تاييده ) لي في مسالة
القعقاع بن عمرو لان تاييده لي كان غير علمي وذكرت يومها ان بقية الملحوظات على مقاله تحتاج لمناسبة اخرى لانني كنت يومها مشغولا بقضية
الـقـعقاع و الردود بيني و بين بعض الاخوة ولم اكن احب ان ادخل اكثر من قضية في الموضوع و
هـذه الـمـلـحـوظـات التي اذكرها هناساتجنب فيها ما ذكرته في ردي على علي رضا في صحيفة
الـريـاض كـمـا سـاتـجـنـب القضايا المشتركة التي ردت عليها ام مالك الخالدي في هذه الصحيفة
وفـي صحيفة البلاد وساحاول ان اذكر البقية من هذا مما يخصني فقط وكان مما بقى من الملاحظات
المهمة سبع وهي كما يلي :
الملاحظة الاولى :
ذكـر الاخ عـلي رضا انه التقى بي في مجلس من مجالس طلبة العلم وهوصادق في هذا وتحدث اننا
تـحاورنا في معاوية بن ابي سفيان وهو صادق ايضااننا تحاورنا فيه ضمن اشياء كثيرة تناولناها في
ذلك المجلس وكان من تلك الموضوعات التي تناولناها مسالة ابن عديس و معاوية وانكر علي تفضيلي
ابن عديس على معاوية في كتاب (بيعة علي ).وكـنـت قـد قلت ان ابن عديس من اصحاب الشجرة وعلى هذا فهوافضل من معاوية لانه من مسلمة
الفتح وهناك احاديث صححها بعض اهل العلم تبشر اصحاب الشجرة بالجنة بينما معاوية لم يكن منهم
و لا عمرو بن العاص لان اسلامهما كان متاخرا وعلى هذا فابن عديس الخارج على عثمان افضل من
مـعـاوية الخارج على علي وهذا كله منهج سلفي بحت في تفضيل اهل الرضوان على من سواهم ولا
زلـت مصرا عليه لانني ارى انه الحق و تدل عليه الاية الكريمة (لا يستوي منكم من انفق قبل الفتح
وقاتل اولئك اعظم درجة ..)
اما ما ذكره علي رضا من انه سالني هل يقال ان معاوية في النار وانني سكت .فهذه اما ان يكون علي رضا صادقا او كاذبا وانا لا اذكر الموقف البتة لكن ان كان صادقا فسكوتي اما
ان يـكـون اسـتغرابا من طريقة حواره او انشغالابشي ء آخر لم انتبه لكلمته او تاييدا و اقرار بان
معاوية في النار و قـد يـقـول احـدهـم كـلمة لا ينتبه محاوره لها او لا يسمعها جيدا او يستغرب صدورهافيسكت
والتجارب كثيرة و مشاهدة وماساوية واما ان اراد الثالثة وهي انني احكم على معاوية بالنار - وهذا هو الظاهرمن كلام علي رضا - فهذا
مما ابرا الى اللّه منه و اذا كان علي رضا يقصد هذا فاناادعوه للمباهلة لنجعل لعنة اللّه على الكاذبين
ليس عندي الا هذا او ياتي بشهودعلى كلامه و الاخ علي رضا مثلما حرف الكلام المكتوب الواضح
فـتحريف (سواليف المجالس ) من باب اولى و رحم اللّه منهج اهل الحديث تلك الكلمة البتة لكن التفصيل السابق كان احتياطا مني لان الانسان قد ينسى هل تكلم او سكت لكنه لن
ينسى عقيدته .وانا بحمد اللّه لا احكم بالنار على من هو دون معاوية فلا احكم بالنارعلى الحجاج ولا يزيد ولاكل
مـن قـال لا الـه الا اللّه مـحـمد رسول اللّه فكيف احكم على معاوية بالنار ؟ ولابـالنار على من هو افضل من معاوية كخالد بن الوليد مثلا لكنني ارجو لهم الجنة و اخشى عليهم
مـن النارويزداد الرجاء كلما كان الرجل صالحا و تزداد الخشية كلما زادت مظالم الرجل لنفسه ايا
كان ذلك الرجل اللهم الا ان يكون مبشرا بالجنة وهذه عقيدة اهل السنة الصحيحة ومن شاء ان يتاكد
فـلـيـراجع كتب العقيدة وانا على استعدادللمناظرة والمباهلة في هذه المسالة والقضية بحمد اللّه
واضحة و ميسورة لاتحتاج لكثير ايضاح .الملاحظة الثانية :
ضعف علي رضا رواية خزيمة بن ثابت في بيعة علي بحجة ان ابا اسحاق السبيعي مدلس وقد عنعن ولم يبين انه (ثقة ثبت ) ولو رجع الاخ علي رضالصحيح البخاري و مسلم لوجدهما يحتجان بعنعنات
ابـي اسـحـاق السبيعي في الصحيحين 158...)من صحيح البخاري فقط.الملاحظة الثالثة :
ذكـر علي رضا ان رواية الحسن البصري عن وثاب (في الحوار الذي جرى بين عثمان والاشتر)
ضعيفة بسبب جهالة وثاب شيخ الحسن البصري .اقـول : اولا انـا قلت (بسند صحيح الى الحسن البصري ) وهذه فيها الماحة الى انني متوقف في امر
وثاب وكان الراجح هو توثيقه .ثانيا: الفقيهي هو الذي اورد الرواية محرفة فاعدتها على الصواب وذكرت انها صحيحة الى الحسن
الـبصري ثم استخدمت كلمة (الرواية صحيحة ) واقصد الى الحسن البصري وليس الى وثاب على ذلك سياق الكلام .ثـالـثا: الاخ علي رضا غفل عن مسالة مهمة وهي ان الحسن البصري اذاروى عن رجل و سماه فهو
(ثـقة يحتج به ) هذا ما ذكره يحيى بن معين (انظرالتهذيب 1 / 347) وعلى هذا فوثاب عند يحيى
بـن معين (ثقة يحتج بحديثه )لان الحسن روى عنه و سماه وعلى هذا تكون الرواية صحيحة عند
يـحـيـى بـن مـعـين على الاقل وهو من المتشددين وعلى هذا فقول علي رضا ان مدار الرواية على
(مـجـهـول ) كـان نـتـيـجة جهل بمقولة يحيى بن معين الماضية ثم ياتي بعد هذا كله يتعالى بانه من
(المتمرسين في علم الحديث
الملاحظة الرابعة :
ذكر انني دلست ( طـلـحـة والـزبير بايعا عليا طائعين غير مكرهين ثم نكثواعليه ) وانا اطلب من القارئ الكريم ان
يرجع للفتح (13/57) لينظر من منادلس على الاخر.اما الاختلاف في يسير الالفاظ فمعظم الاحاديث الصحيحة فضلا عن المرويات لابد ان يكون بينها
يـسـير اختلاف وكم من حديث في البخاري تختلف الفاظه من موقع لاخر اختلافا يسيرا والاستاذ
عـلـي رضـا يـؤمـن بـان يـسـير الالفاظ لا تؤثر في فصل الحديث الى حديثين و ان اراد ان اذكر
عشرات النماذج من (تحقيقاته
الملاحظة الخامسة :
ذكر ان مغيرة بن مقسم كان ثقة متقنا ثم استدرك بانه يدلس روايـته عن ابراهيم النخعي ولو رجع لصحيح البخاري فقط لوجد ان البخاري يحتج بعنعنات مغيرة
بـن مـقـسـم عـن ابـراهيم النخعي انظر الاحاديث (3460, 3070, 3459, 3477, 3045)
وغيرهاكثير.فـالاخ عـلي يظهر ان عنده من النظريات (المتاخرة ) اشياء كثيرة لكنه تفوته النظريات الصحيحة
وتـطـبـيـقات الائمة المتقدمين ولاسيما الشيخين ومعرفة التطبيقات والنظريات المتقدمة اولى من
معرفة النظريات المتاخرة ومحاسبة الناس عليها لان واضعي هذه النظريات المتاخرة لا يلتزمون بها
عند التطبيق ايضا والامثلة اكثر من ان تحصر.الملاحظة السادسة :
اما ما ذكره الاخ علي رضا مرارا بانني اقلد ام مالك الخالدي فهذا لااسميه تقليدا و انما اسميه ابحاثا
مشتركة ولا غرابة ان نلتقي في كثير من الابحاث و الرؤى فنحن في بيت واحد
الملاحظة السابعة :
ذكـر انـنـي تـناقضت فذكرت ان رواية ابي سعيد مولى ابي اسيد الانصاري حسنة ثم ذكرت انها
صـحيحة الاسناد فالخطب في هذا يسير فالصحيح والحسن كلاهما حجة و اسناد هذه الرواية قال
عـنـه الحافظ ابن حجر: رجاله ثقات سمع بعضهم من بعض انظر المطالب العالية (5/24) طبعة
دار الوطن المسندة .وقول الحافظ في الطبعة الاصلية ايضا (4 / 286) وهذا التناقض لو صح تسميته تناقضا فهو اخف
مـن تناقض الاستاذ علي رضا عندما حكم على عشرات الاحاديث احكاما في غاية التناقض ولعل من
امثلة ذلك حكمه على حديث (امرت بقتال الناكثين ...) بانه موضوع ثـم حـكـم عـلـيه بانه حسن (3 / 865) ثم حكم عليه بانه صحيح (3 / 1060) فهذاالتناقض من
(الموضوع الى الصحيح ) مرورا بالحسن والضعيف صح تسميته تناقضا الـمـحـدثـة و اول مـن قـال بـالـحـسـن ولا يـريد به الصحيح كان علي بن المديني ثم توسع فيه
الـترمذي .ويستخدم الحسن عند المقارنة غالبا اما عند الاطلاق فيجوز استخدام اللفظين وكلاهما
(الحسن والصحيح ) حجة والحمد للّه اما (الموضوع و الصحيح )فلايلتقيان الا عند محقق التراث
الرد على د. سليمان العودة
تهريب عبد اللّه بن سبا
امـا د. سـلـيـمـان بن حمد العودة فقد اطلعت على اللقاء الذي اجرته معه صحيفة المسلمون يومي
الـجمعة 5, 12 ربيع الاول من هذا العام 1418 ه وكان اللقاء ردا علي وعلى د. عبدالعزيز الهلابي
الذي ينكر شخصية عبداللّه بن سبابينما انا انكر دوره في الفتنة فقط اما وجوده فهو الى الان تحت
البحث والدراسة مع ان د. سليمان خلط بين المسالتين .و د. سـلـيمان - هدانا اللّه و اياه الى الحق - يدعونا لتحري الامانة العلمية وانا ادعوه للامر نفسه
ولو قامت جهة علمية للنظر بحيادية لما كتبه الثلاثة اناوالهلابي والعودة للنظر في من يتجافى عن
(الـتـحـري العلمي ) لكان مما يسرني لانني ازعم ان د. سليمان لم يتحر الامانة العلمية انه يحرف
الحقائق بتعمد وليس باساءة فهم وعندي الادلة الكثيرة على ذلك وهو يدعوني لتحري الامانة العلمية
بـراءتـهما جميعا اما ان نتراشق التهم فهذا لا يخدم الحقيقة وانا ارضى باية جهة علمية يرتضيها د.سليمان و حتى احدد اكثر فانا ارضى قسم التاريخ بالكلية التي يتولى عمادتها د. سليمان تـخرج حكمهاوتنشره بين الناس و اظن فعلي هذا فيه غاية الانصاف فهل يوافق د. سليمان على هذا
او على المناظرة ام يستمر في رمي اخيه المسلم بالاتهامات في المجالس وعلى المنابر.تبسيط القضية
احـب في البداية ان انبه الاخوة القراء الى امر سيسهل علينا اختصاركثير من الامور وهو كما قلت
سابقا: ان د. سليمان العودة قد حملني نفي (وجودعبداللّه ابن سبا) مطلقا الـفتنة ) فقط بمعنى انني امتلك عن احداث الفتنة اسانيد صحيحة تفسر لي كيف حدثت الفتنة و لست
بـحـاجة لاسانيد سيف وامثاله من الضعفاء و الكذابين الذين يفسرون لي احداث الفتنة تفسيرا مختلفا
فهذا هو لب ما نفيته في مسالة عبداللّه بن سبا.امـا مـسالة وجوده فهي تحت البحث و الدراسة ولا ريب ان نفيي لدورعبداللّه بن سبا في الفتنة هو
نفي ل 95 % من اخبار عبداللّه بن سبا لان بقية الاسانيد - من غير سيف - انما تتحدث عن رجل يغلو
فـي عـلـي بـن ابـي طـالـب فقط رسـالـة د.سليمان العودة التي كان الهدف منها (اثبات دور عبداللّه بن سبا في احداث الفتنة في صدر
الاسلام ) لان سقوط سيف يعده العودة سقوطا كاملالرسالته لـه و لـلـتاريخ من التمادي في الباطل ولو رجع الى نفي اساطير ابن سبا في الفتنة فانه يسجل بهذا
سـابـقـة انـصـاف لـم نعهد صدورها من كثير من الاكاديميين . ثم ان رجوعه الى نفي اخبار ابن سبا
فـي الفتنة لا يعني انتقاصا لرسالته او انه لا يستحقها وله في الشافعي اسوة حسنة فقد كان له مذهب
قـديـم و مـذهب جديد و انا على سبيل المثال كنت اثبت دورابن سبا كاملا حتى بحثته وكنت اثبت
القعقاع بن عمرو و صحبته حتى تبين لي ان المصدر الوحيد في هذا هو سيف , فرجعت الى نفي دور
ابن سبا في الفتنة و الى نفي وجود القعقاع لان المنهج يوجب علينا الا نبقي مجالا للشكوك والعواطف
والاحاسيس فـالـمـنـهـج مثلا يلزمنا بالحكم بالوضع على حديث معين اذا انفرد به كذاب ويلزمنا ان نحكم على
الحديث بالضعف الشديد اذا تفرد به متروك ويلزمناالمنهج بالحكم على الحديث بالضعف اذا تفرد به
ضعيف وهكذا. وقد نحس في انفسنا ان هذا الحديث الموضوع صحيح لكن هذا الاحساس ليس مقياسا
في ثبوت الحديث و كذلك (الحرص على التراث ) ليس مقياسا في الحفاظ على روايات الكذابين اذن فـانـا اجـد خـلطا كبيرا عند د. سليمان و عند كثير من المؤرخين الاسلاميين هذا الخلط بين
تـطـبـيق المنهج و بين (الاحساس ) او (حديث القلب )او (المصالح ) او (حب مخالفة ما توصل اليه
بـعـض الـكـفار والمبتدعة ) او (حب اثبات ما ذكره بعض علماء المسلمين ) وهكذا نجد كثيرا من
الـمـعـايـيـر لـيـسـت علمية البتة ولادخل لها بالنواحي العلمية ولو اننا لا نحكم على الحديث او
الـروايـة بـالـكـذب لـمـجـرد احساسنا بصحتها لاثبتنا كثيرا من الاحاديث الموضوعة والاخبار
المكذوبة يـحـابـي احساسا ولا عاطفة ثم ان الاحساس غير منهج المحدثين و انما قيل انه يتبعه بعض غلاة
الـصوفية و يطلقون عليه (التذوق ) كـان د.سـلـيـمـان يـرى ان تـوثيق سيف واثبات اكاذيبه عن ابن سبا وغيره من باب المحافظة على
المصلحة (مصلحة التراث ) بـل المصلحة هنا متحققة ولو كان د.سليمان يعلم - و اظنه يعلم - خطورة اثبات روايات سيف عن
ابـن سـبا لماتمسك بها البتة لان روايات سيف عن ابن سبا تثبت ان بعض كبار الصحابة من بدريين و
غـيـرهم كانوا ينفذون خطط عبداللّه بن سبا سبا بكامل دوره اخطر من نفيه و ان اكثر علماءالمسلمين على نفي دور عبداللّه بن سبا من القرون
الاولى الى اليوم ).اعود و اقول : انني عندما ابحث الرواية او الحديث لا احاول ان ارسم النتيجة قبل البحث ولا ادخل
باحكام مسبقة او احاول الا افعل هذا على الاقل ولذلك فانا متفق مع د. سليمان في امور و مختلف معه
في اخرى و متفق مع الهلابي في امور و مختلف في اخرى مع التفاوت الكبير بين الاثنين وهكذا ولو
كنت ادخل باحكام مسبقة و تقليد للهلابي - كم زعم د. سليمان - فلن اختلف معه في نتيجة من النتائج
التي توصل اليها.الوقفة الثانية
ان الحوار مع د. سليمان العودة فيه صعوبة بالغة لان د. سليمان لا يثبت على منهج محدد فنجده احيانا
يـحتج بمنهج اهل الحديث اذا كان يخدم فكرته فقطواحيانا اخرى يهاجم منهج اهل الحديث و يزعم
انه غير صالح لتطبيقه على الرواية التاريخية و مـرة ثـالثة نجد الدكتور محتجا بكتب الفرق والمقالات ومرة رابعة مع كتب الشيعة بينما ينقد نقل
بـعـضنا لانه اتفق في نتيجة ما مع بعض ما اورده بعض الشيعة و مرة خامسة نجد الدكتور مع منهج
المؤرخين و سادسة مع كتب الادب والانساب وهكذا ان وجد شحا في منهج انتقل منه الى منهج آخر
وذم الـمـنـهـج السابق يـهربون البضائع و الاسلحة من بلد لاخر فانهم لا يسلكون طريقا واحداو انما ان شعروا بالخوف
مـن هـذا الطريق انتقلوا الى غيره لانه ينتقل ويتجول بين مناهج مختلفة ومتباينة يرفضها اذا شاء و ياخذ بها اذا شاء ويهاجم من يتمسك
بها في مسالة لايراها و يهاجم من تركها في مسالة يراها وهكذا.. فاذا كانت تناقضاته في المنهج نفسه
فكيف يريد منا ان نتفق معه و انا اريد ان اسال د. سليمان سؤالا محددا وهو:
هل ترى تطبيق منهج المحدثين على الرواية التاريخية ام لا ؟
فاذا كنت ترى هذا فهل ترى تطبيقه على كل المؤرخين ؟
ام ترى تطبيقه على سائر المؤرخين ما عدا سيف بن عمر ؟
ولـمـاذا يكون سيف فوق مستوى منهج المحدثين . وما ذنب الواقدي و ابي مخنف الذين تضربهم بهذا
المنهج بينما لاتطبقه على سيف هـل سـيف بهذه القدسية الـمنهج اشد الاختلاف فانا احترم د. الهلابي واثني عليه لانه واضح لا يتلون وهو يتعامل مع المتون
بـعـيـدا عـن مـنـهـج اهـل الـحديث وانا اختلف معه في هذه المسالة اختلافا جذريا لكنه بعيد عن
ازدواجية د.سليمان و امثاله الذين يتشدقون بمنهج المحدثين و يتخذونه مطية لرد الروايات التي لا
يـحـبـونـها بينما لا يطبقون المنهج على رواياتهم المحبوبة وفي مقدمتها اكاذيب سيف بن عمر التي
ملات بطون الرسائل الجامعية ضحايا سيف الابرياء والذي اعرفه ان منهج المحدثين يمكن تطبيقه على كل المحدثين فضلا عن المؤرخين .امـا د. سليمان فهو يطبقه على المحدثين والمؤرخين الا سيف بن عمر فهولايرضى ان يطبق عليه
هـذا الـمـنـهج الـصـارم لـن يـخدم سيفا ولا رسالة العودة فهذا و ان كان فيه حماية لرسالة الدكتور لكن ليس فيه
حماية للحقيقة التاريخية ولا ريب ان التضحية برسالة اسهل من التضحية بالحقائق التاريخية
نماذج من ذلك
وحتى لا يكون اتهامي للدكتور انشائيا غير موثق فاليكم نماذج من تناقضاته التي كنت اربا به عنها:
النموذج الاول :
انـتـقد د. العودة على د. الهلابي عدم اعتماده على منهج اهل الحديث فقال في لقائه في المسلمون :
(والـهـلابـي لا يـرى اعتماد احكام اصحاب الجرح والتعديل على الاخباريين الـتاريخية لا تعالج حسب حكم اصحاب الحديث تـعـرض عـلـى مـحـك النقد والتمحيص والمقارنة ..) ثم يتساءل و يقول : (ونحن بدورنا نقول : اي
منهج هذا ؟ اقول : انتم هنا تلاحظون ان د. العودة يرى تطبيق احكام الجرح والتعديل على الاخباريين و يرى ان
الـقـضـايـا الـتاريخية يجب ان تعالج سلباوايجابا وفق منهج المحدثين اليس كذلك ؟ بعرض المتن فقط على المحك والدراسة والمقارنة بعيدا عن الاسناد ؟ فـي هذه النقطة مع د. سليمان ضد د. الهلابي لكن تعالوا الى تطبيقات د. سليمان فماذا كان نصيب هذه
النظرية الجميلة ؟ اولا: د. سـلـيـمان العودة لم يطبق هذا المنهج البتة على اكثر من 460 رواية احتج بها في رسالته
(عبد اللّه بن سبا) لم يدرس اسانيدها البتة وفي تلك الروايات من الاكاذيب و الطعون في الصحابة و
مـخـالـفـة الـصحيح ما لا يكاد يقع تحت الحصر الاسـواق ستجدون انه ينسب هذه الاخبار للمصادر التاريخية والادبية ولم اجد انه طبق هذا المنهج الا على سبع روايات فقط