آراء و أصداء حول عبد الله بن سبأ و روایات سیف فی الصحف السعودیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آراء و أصداء حول عبد الله بن سبأ و روایات سیف فی الصحف السعودیة - نسخه متنی

السید مرتضی العسکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


والغريب ان الاخ المدخلي لم يذكر (سيفا) في المصادر البتة .. ! وهذا - كما قلت سابقا - يظهر انه هدف اساسي من اهداف الاخ المدخلي حتى لا يتهم بانه اعتمد على مصدر واحد غير موثوق ..

(مصادر المدخلي 116 مصدرا..

واغـرب مـن هـذا كـله ان المدخلي في رسالته قد احال على مائة وستة عشرمصدرا ومرجعا..

سـردهـا في نهاية الرسالة في ثلاث وعشرين صفحة ..

ولـيـس هناك مصدر من تلك المصادرذكرت القعقاع استقلالا..

بـذكـر مـصـدر واحـدفـقـط وهـو سـيـف لكان افضل واصدق واقل تكلفة وجهدا من كتابة ذلك
(الـثـبـت )الطويل الذي بدا بالقرآن الكريم وانتهى بمحمد عمارة ..

(سيف بن عمر) في هذه المصادر والمراجع البتة ..

يسجل نادرة من نوادر الرسائل الجامعية في هذاالعصر.

كـل هـذه الـمـصادر - سوى القرآن الكريم - نقلت اخبار القعقاع عن سيف بن عمر الكذاب .. الذي
يعترف المدخلي بانه (متروك الرواية ) لكن (لم يترك )رواياته ..

امـا عـن سـبـب ورود الـقرآن الكريم هنا فقد ذكره المدخلي لانه زعم - تبعا لسيف - ان القعقاع
صحابي ..

والغريب في القعقاع انه يزحف بقوة فهو لم يكن موجودا اصلا فزعم سيف انه شهد وفاة النبي (ص )
ثـم تـوقع احمد كمال انه (اسلم في السنة التاسعة ) وزادالفقيهي بان القعقاع (وفد على النبي (ص )
فـي الـسـنـة الـتـاسـعة ) وتوقع عبد اللّه صقر (انه شهد الخندق )..

(الـتـوقـعات ) على انهاحقائق مثلما نقلنا تخيلات سيف بن عمر (القصصية ) على انها حقائق والفنا
فـي ذلـك الـمؤلفات والرسائل الجامعية ..

الخلفاء الراشدين وهكذا نجد ان اكاذيب سيف بن عمر قد سرت في دمائنا من حيث لا نشعر واصبح
لها فعل المخدر..

بـمـنهج علمي ولااصول تحقيق ولا اثم الكذب لاننا نشعر اننا اصحاب (نيات حسنة ) وهذا الشعور
نجعله مبررا لنا لمخالفة المعايير والضوابط البحثية , اضافة الى مخالفة مانعد الناس به من التزام بهذا
المنهج وتلك الضوابط.

واخـيـرا فـقـد حاولت ان اخصص هذه الحلقة لهذه الايضاحات لاننا بحاجة من وقت لاخر لتذكير
الـنـاس بما ننادي به وما نتبناه من آراء نزعم ان لها ادلتهاالعلمية , وما دام ان هذه الايضاحات متعلقة
بـمـوضـوع (الـقعقاع ) فقد جعلناه في السلسلة نفسها لهذا السبب ولسبب آخر ذكرناه وهو مصادر
ترجمة القعقاع التي نقلها لنا المدخلي .

في النور:
الاسـتـاذ شـاكـر محمود عبدالمنعم , ان دراستكم عن (ابن حجر العسقلاني مصنفاته ودراسة في
منهجه وموارده في كتابه الاصابة ) دراسة تستحق الاشادة ولعل ممايهمنا في هذا الموضوع ما كتبه
الاسـتـاذ شـاكـر في الباب الثالث عن (منهج الحافظفي الاصابة ..

حجر وهو لايعرف منهجه ..


المالكي و التاريخ
د.

حسن بن فهد الهويمل
صحيفة الرياض - 4 ربيع الاول - 1418 ه
كـنت منهمكا في تصحيح طبعة محاضرتي عن وعي الانا ووعي الاخر طريق الفاعلية في مكتبي
بنادي القصيم الادبي فاذا بي افاجا بشاب يقدم نفسه اخوك حسن فرحان المالكي وسعدت برؤيته بين
يـدي دون سـابق وعد. وتلك كانت اول مرة اراه فيها وجها لوجه , وماكنت احسب هذا الكاتب المثير
الـى حـدالازعـاج بـهذا السن , وتذكرت نرجسية ابن ابي ربيعة : (اهذا المغيري الذي كان يذكر)
ونـبـذت مـا فـي يدي , واقبلت على الشاب , اجادله في بعض ما يشغلني حول اطروحاته , واثير معه
بعض القضايا, واستعرض اطراف المحاذير حول تناولاته التي شغلت البعض .

ولـمـا لـم يـكـن اللقاء المتاح كافيا لاستكمال الحوار, رتبنا لقاء آخر, مساء اليوم نفسه , وفيه كانت
مطارحات شيقة , ومفيدة , وتساؤلات كثيرة , اكدت لي ان المالكي تنحصر رسالته في فترة تاريخية
وازاء قـضـية او قضايا متجانسة . ولكن - وبسبب حداثة السن - تنقصه اشياء, ما كنت سعيدا بفقدها
عند من يشتغل في مناطق حساسة , فانا حريص على ان يستكمل مثلها مثله .

واذا كـنـت اخـتـلف معه في بعض ما يذهب اليه , اتمنى ان تكون تناولاته مثيرة ,وحافزة لاخواننا,
وزمـلائنـا في اقسام التاريخ في جامعاتنا التي تتوفر فيها مثل هذه الاقسام , ليعيدوا النظر في امور
كـثـيـرة ثم ليخوضوا مع الرجل , ومع غيره ,معترك الجدل حول القضايا التي اختار لنفسه الخوض
فـيـهـا, والح في طرحها,وخرج فيها على السائد, وعلى النمط فاما ان يقلموا اظفاره , ويضعوه في
حـجـمـه الـطـبيعي , واما ان يتشايلوا معه المهمة وليس من اللائق ان يصول , ويجول وحده في تلك
الـفـجـاج , اذ مـن واجـب المتخصصين ايقاف هدمياته , لاحقاق الحق ,والدخول في واحد من ثلا ثة
مـسـتويات فاما ان يكونوا معه واما ان يكونوا ضده في كل ما ذهب اليه واما ان يكونوا وسطا يقبلون
الحق ويردون ماسواه ان كان يخلط واما ان يتوقفوا فيما لا يعرفون وجه الحق فيه وهو قليل . واذا
كان الرجل الذي يكتب من خلال آليات ثقافية لا تخصيصة يمتلك كل هذا الجلد, فاين من يملكون العلم
الـتخصصي , والاليات التخصصية اين هم من هذا الطرح المثيرالذي سيكون له اثر في الموقف من
الـتـاريـخ الاسـلامـي , اين هم من قبل ان ياتي ومن بعد ما جاء اقول ابتداء: ان اندهاشي من مغامراته
الجريئة لايعني موافقتي ,ولا مخالفتي له على الاطلاق , ولا يعني ارتياحي من بعض تناولاته , كما لا
يـعـنـي رغـبتي في احترام التاريخ , وعدم المساس به ومع كل هذه التحفظات اجد بعض الرغبة في
التناولات المثيرة , والمحركة للركود, فالساحة الفكرية , والثقافية بحاجة الى تحريك ما ينتابها من
الـركـود. واختلافي معه , وترددي في قبول كل رؤاه لايضيره بشي ء, ان كان ما يطرحه , ويثيره
عـن عـلـم , وحـسن نية . فالبشر عرضة للخطا, وعرضة للجهل , واذا كان التاريخ الاسلامي مظنة
لـلـمـسـاءلة , والمحاكمة ,والاقرار, والنفي فان له حرمته , ومكانته في نفوس المسلمين , ولا يليق
الـمساس به الا بقدر ما يخدم النص والحدث من اسقاط, او تصحيح , او تاييد, او دفاع ,ووفق منهج ,
وآليات معتبرة , وفي ظل نتائج لاتؤدي الى سحب الثقة به كتراث نعتز به والتاريخ الاسلامي يرتب
ط قوة وضعفا بالمؤرخ و بمنهجه , ومصادره ,فالبعض يتسع للاساطير, و اللامعقول , وآخرون يرونه
للمتعة والتسلية ,وطائفة منهم يرونه للاعتبار, و قليل منهم من يمحص الروايات ويحاكم الاخبار,
ولا يـدون الا ما وافق العقل و الواقع وايدته الرواية المستفيضة ولايعول على كل المصادر. وفي
ظـل الـفعل , ورد الفعل , لم اجد الحوار الموضوعي الذي يدع شخص الكاتب جانبا, ويمسك بكلامه
مـوضوعا, حتى يتبين الحق ,ومن ثم يحكم القراء على الكاتب كل الذي اقرؤه - مع الاسف - تلاسن
واتهام ,والقضايا مازالت بعيدة عن الحوار.

والـمالكي الذي طبق منهج المحدثين على الرواية التاريخية تاسيا بسلف صالح ,وطالح , سيجد نفسه
يـوما ما امام ركام مخيف من المبالغات , والاكاذيب , قديخدم بعضها التاريخ نفسه . ولكن التسرع في
اصـدار الاحكام على ضوء تلك الاليات سيؤثر في النهاية على المسلمات . ومنهج المحدثين واحد من
الـمـناهج التي طبقت في قراءة التاريخ , كمنهج الشك مثلا عند اسد رستم الذي يرى ان شك المؤرخ
رائع حكمته , وهو ما يذهب اليه انجلو وسينويوس من ان نقطة الابتداءللباحث هي (الشك المنهجي )
بـحـيث يرتاب المؤرخ في كل الاقوال , وهومايذهب اليه ايضا حسن عثمان , وقد علل عبد الرحمن
بدوي اسباب الكذب في التاريخ من خلال رؤية عقلية او حدسية , وفقاعة المالكي واحتدام مشاعره
فـي سـياق الفعل الكتابي ادى اليه دابه , وتقصيه للقضايا القابلة للتداول وغيرالقابلة , وهو ما لا نجده
عـند كثير من لداته , وشي ء آخر ارجو ان يتقبله المؤرخون المعاصرون , وهو تخوفهم وترددهم ,
وضـعف آلياتهم ونمطيتهم في تناول الاشياء والاحداث , وقلة بضاعة البعض منهم ولو ان احدا منهم
كـشـف عن ساقه ودعى بقلمه و محبرته و نازل الرجل من خلال علمية متفوقة ومنهجية منضبطة ,
لكان بالامكان حفظ التوازن بين داخل بليات صارمة ,ومدافع من خلال آليات متسامحة .

وانـا اتـحـفـظ على جراة المالكي , ومحدودية تناوله والتي ياتي في ذروتها البيعة وابن سبا و
سيف بن عمر واتمنى لو انه حد من اندفاعه , وخفف من حدته ,وعدل من احكامه , وبحث في قضايا
غـير مطروقة , وغير مثيرة للتساؤل والشك , ثم - بعد تناوله - ارجا اصدار الاحكام , وترفع عن
الـتـحـدي , وطلب المبارزة ,فالامر ليس من السهولة بحيث تتلاحق فيه الاحكام بهذه الحدة , وبتلك
الجراة .ولناخذ على سبيل المثال موقفه من ظاهرة عبد اللّه بن سبا بعد اتفاقنا معه فيمايتعلق بالبيعة
لعلي , وضعف ابن عمر في الحديث وهشاشة بعض الرسائل العلمية في منهجها, ومادتها, ونتائجها.

لـقـد تـساوق مع غيره من مذهبيين ومستشرقين , وعقلانيين , في انكار هذه الشخصية , واعتبارها
مـختلقة , وحمل سيف بن عمر مسؤولية ذلك . وهذه الشخصية دار حولها جدل طويل قبل ان يثيرها
الـمـالكي , بل قبل ان يثيرهاقدوته الهلابي ولعل اكثر الاطروحات اثارة , وازعاجا على المستوى
الـخـليجي ,وعلى مستوى جامعة الرياض , ما قام به زميلنا وصديقنا الصامت الى حدالسكون الاستاذ
الـدكـتـور عـبـدالعزيز الهلابي . وذلك عندما نشر بحثه المحكم في حوليات كلية الاداب بجامعة
الكويت (الحولية الثامنة , الرسالة الخامسة والاربعون عام 1407/1408 ه بعنوان عبداللّه بن سبا
دراسـة لـلـمـرويـات التاريخية عن دوره في الفتنة . وهذا البحث المثير هو الذي حفز المالكي ,
وفتق حلقه , وحمله على اهداء كتابه (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي - قراءة نقدية لنماذج من الاعمال
والـدراسـات الجامعية ) الذي قامت مؤسسة اليمامة الصحفية مشكورة بطباعته ضمن سلسلة (كتاب
الرياض ) لاستاذه ومعلمه الذي لم يتلق على يده الدراسة , ولكنه تلقى على بحوثه وكتبه الثقافية .

والـدكـتـور الـهـلابـي توخى واسطة العقد في منظومة اشكاليات التاريخ الاسلامي ,ومارس فيها
حـفـرياته المعرفية . وما اعده الا كاتبا يتلقط في كتاباته الاشياءالحساسة والمثيرة , ولا يعنيه بعد
ذلـك , مـا اذا كـان ارضـى الناس , او اسخطهم واذكر انه اهداني قبل سنوات مستلة من بحثه عن
الـقـراء, ودورهـم فـي مـعركة (صفين ) وكان بحثه هذا, وآخر لا اذكره الان , مثار اعجابي به ,
وتساؤلي عن مصداقية النتائج التي توصل اليها. ولما لم اكن اذ ذاك مهتما بالتاريخ وقضاياه المثارة على
كل المستويات , فقد صرفت النظر عن مساءلة الباحث القدير عن تلك الاراء المخالفة للسائد واحسب
انها مرت بسلام فالاجواء يوم ذاك طبيعية ,والحالة هادئة لا توتر فيها.

ومـن قـبـل ومـن بـعـد اخذت الاقلام المشبوهة تتجه صوب التاريخ الاسلامي ,وتراثه , تنقب عن
هـفواته , وتنفخ في هناته لاغراض دنيئة , هذه القنافذ الهداجة حفزتني على الاهتمام بالتاريخ , وبما
يـدور حـولـه مـن دراسـات باقلام عربية وغريبة منصفة او متحاملة مريبة او مستريبة في هذه
الاجـواء الـمـلـوثـة ,والـمشبوهة استكملت الدراسات حول تفسير التاريخ كالتفسير الاشتراكي
كمايصفه انجلز مردريك , ومناهجه عند الغرب وعند العرب كما يجليه الدوري وعبد الغني حسين
وعـثـمـان حـسـن واسـد رسـتم وشوقي الجمل , وحسين نصارومن ثم عرفت شيئا عن مدارسه
وخـصـائصـها وصلة التاريخ بالعلوم الاخرى ومصادره المشروعة وغير المشروعة , والموثوقة
وغـير الموثوقة ومستويات نقدالتاريخ لقد سعدت حين عدت الى مكتبتي فوجدت فيها العشرات من
هذه الانواع .

وزاد اهتمامي بالتاريخ الاسلامي بعد ان اوغل فيه العلمانيون , والحداثيون ,وقرؤوا بعض الاحداث
واتـخـذوهـا سـلما للطعن في التجربة الاسلامية في الحكم .ومازلت انحي باللا ئمة على اخواننا
المؤرخين , الاكاديميين , الذين يمرون بهذه الاشياء وكانها لا تعنيهم وانحي باللائمة - ايضا - على
اقـسـامـنـا الـعـلـمـية المتخصصة , التي لم تتخلص من نمطيتها, واسلوب تناولها المعتق واتحسر
عـلى ضحالة الاكثرية منهم , وارتجالهم الاشياء, او التسطح عليها واعجب كل العجب من ضعف التقي
وجلد المنافق .

ومـمـا زاد اسـتيائي وصعدمن حرصي على قراءة التاريخ الاسلامي ما تتابع من مناهج غربية تسابق
الـمـؤرخـون عـلى تطبيقها في دراسة التاريخ الاسلامي وتعمدالبعض محاكمة الاسلام فيما كتبه
بـعـض الاسلاميين كفعل المستشرقين مع الاسرائيليات في التفسير, ومحاكمة الاسلام فيما يفعله
الاسـلامـيون كالذي كتبه العلماني الهالك فرج فودة في كتابه (الحقيقة الغائبة ) وما تلفظه المطابع ,
ودورالـنشر المشبوهة والمرتزقة من كتب تسي ء الى رموز الاسلام , ومقدساته ,ولاتعف عن النيل
مـن شـخـص الـرسول - صلى اللّه عليه وسلم - واصحابه الكرام , واحداث التاريخ . ومن قبل هذا
قـرات بـاستياء روايات جرجي زيدان التي وظف فيها آليات فرويد الجنسية وكتابات الدكتور طه
حـسـيـن عـن الفتنة الكبرى و المعذبون في الارض , و الادب الجاهلي ومن بعد اولئك جمع
غـفيرمن الماركسيين القذرين الذين لم يتورعوا عن النيل من الرسول ومن المجتمع المدني وعندي
من ذلك ما يغثي النفوس .

ثـم مـا نـراه ونـسمعه من كتابات المتطرفين في فكرهم كال (العروى ) وغيره , ممن حكموا العقل
الـمـطـلـق , او حـكـمـوا الـمناهج الغربية في قراءة التاريخ ومع انني لااترددفي ادانة كثير من
المؤرخين , ومع انني - ايضا- اومن ايمانا لايزعزعه الشك ,ان تاريخنا بحاجة الى غربلة , ومساءلة ,
وتـصفية , وتنقية , الاان هذا لا يجعلني اتفق مع المفكرين , والعقلانيين , والماديين , في قراءة التاريخ
عـلـى هذه الشاكلة , ولمثل هذه الاهداف الدنيئة . ويقال مثل ذلك عن التفسير الملي ء بالاسرائيليات ,
مـمـافـتـح ثنيات على فكر الامة , وتراثها. ثم يجب ان نعرف ان مدار الاعمال على النية وعلى العلم
واستكمال آليات البحث , فمن آخذ التا ريخ , ولام المؤرخين وآخذالمفسرين لغرض شريف ومقصد
سليم , وبعد اهلية الاجتهاد لا يرمى في مؤاخذته الى تقرير نتائج مناهضة للاسلام , فاولئك مع الذين
انـعـم اللّه عـلـيهم واستعملهم في خدمته , وطاعته ومن مارس الفعل نفسه وله نوايا دنيئة ,ومقاصد
سـيـئة , ثم هو دون القدرة المطلوبة لمثل هذا العمل فاولئك مع الذين لايستطيعون توصية ولا الى
اهلهم يرجعون .

والمالكي واحد ممن نتحفظ على بعض قراءاته .

ولا اشـك انه يمثل عنصر الاثارة لزملائنا في الاقسام التاريخية فهل هم معه , اوضده والى اي حد
يـمـضـون مـعه او ضده ولماذا هذا الصمت الطويل هل ما يقوله لايستحق الرد, والمساءلة , ام انهم
يرون انفسهم اكبر من الرجل , ومن المجال الصحفي الذي يشتغل من خلاله . وامنيتي ان يمد المالكي
عـينه لاارادة لزينة الحياة الدنيا, ولكن اتقاء كالذئب الذي ينام باحدى مقلتيه , ويتقي باخرى الاعادي ,
يـمـدها ليقرا لاولئك الذين اسالوا دم التاريخ من عقلانيين , وعلمانيين ,ومستشرقين , ثم ينازلهم , ان
كان ثمة فضلة من جهد وعلم . اذ كلما رايتهم يخبون ,ويضعون في تراثنا, دون منازع , تذكرت قول
الشاعر:
لو كنت من مازن لم تستبح ابلي ----- بنو اللقيطة من ذهل ابن شيبان
ان كتابات المالكي الفاقعة اللون , تهز المسلمات , وتحفز القارئ الى اعادة النظر في مصداقية التاريخ ,
ولـيست باقل اثارة مما يكتبه الاخرون . فمتى يهب الاخوة في الجامعات , لاعادة الثقة بهم , وبالتاريخ
المستباح , لايقاف هذه الهدميات التي تمارس بين الحين والاخر من مغرضين حاقدين اليس فيهم رجل
علم واثق ,ينازل باقتدار, ويسائل بحكمة , ويوقف هذه الجراة التي نحترمها عند البعض ,وقد لانتفق
مع طائفة من مفرداتها .

ومن المؤكد ان (التاريخ الاسلامي ) الذي ارى ان يسمى (تاريخ المسلمين ) يهتم باحداث السلاطين ,
ولا يـتـسـع لـلفكر, ورجلاته , والعلم واساطينه , كما يمتلى ءبالمبالغات , والخرافات والاساطير,
واللا معقول , واللالائق وسبق ان قيل : (لايكتب التاريخ الا المنتصر). ومع شديد الاستياء, فالتاريخ
فـي مـفـهـومـنـا لايمتد الى تراجم الرجال من علماء, وفلاسفة , ومفكرين , والى منجزهم , بل يقف
حـيـث تـكون الاحداث السياسية , والعسكرية , واخبا ر السلا طين . هذا التاريخ بلياته , ومرجعياته
واهـتـمـامـته , ومناهجه , بحاجة الى اقلام مخلصة واعية , تمسه بلطف ,وتنقيه باقتدار, لكي توقف
طوفان التساؤلات المحرجة .

لقد كانت الضربات الموجعة للتاريخ , تاتي من علماء الملل والنحل الاسلامية ,التي تعمدت انكار بعض
الاحـداث , وبعض الشخصيات المؤثرة , كبعض الصحابة , والتابعين المشبوهين وتاتي هذه الاثارات
مـن الـمستشرقين الذين دخلوا على التاريخ الاسلامي بليات غير ملائمة ونوايا مشبوهة , ووجدوا
فيه مايريدون . وكنت اود لو عمد علماؤنا ومفكرونا ونفوا من التاريخ ما لا يتسع له نص ولا يحتمله
عقل ولا تقبله اوضاع , فنحن احق بالمعالجة منهم , وهذه مسؤوليتنا. واذ يكون ابن سبا محور كتابات
الـمـالـكي فان ممن كتب عن شخصية ابن سبا في سياق انكار هذه الشخصية مرتضى العسكري في
عملين هامين ومشبوهين في آن هما:
(عـبداللّه بن سبا بحث وتحقيق فيما كتبه المؤرخون والمستشرقون عن ابن سبا)المطبعة العلمية
فـي الـنجف 1375ه - 1956م ) وعبد اللّه بن سبا واساطيراخرى ) دار الغدير بيروت طهران
1392ه/ 1972م .

والـجـدل حـول ابن سبا ياخذ ثلاثة مستويات - المستوى السائد عند المؤرخين الاسلاميين . وهو
ثبوت وجوده , وثبوت دوره في الفتنة , بكل حجمها المبالغ فيه .

- المستوى الاستشراقي والشيعي المتاخر. وهو انكار وجود ابن سبا, ومن ثم انكار دوره . وعندما
اقـول الـشـيعي المتاخر فانما اشير الى ان المتقدمين من الشيعة لم ينكروا وجود ابن سبا وان نفوا
بعض اثره .

- الـمستوى المتوسط, وهو اثبات وجود ابن سبا, والتقليل من دوره في الفتنة وهذا ما اميل اليه , ان
كـنـت لـم اجـدا الـوقت والجهد الكافيين للقراءة النقدية الجادة حول هذه الشخصية , لاعلان رايي
بـصـراحة , وبدون تردد, فموقفي متابع لمن اثق به من العلماء والمؤرخين والدارسين , ومن ثم فهو
راي اسـتـئنـاسي تقليدي ,وليس نتيجة بحث وتقصي , وحكم شخصي , ولو فرغت للتقصي لاتخذت
موقفالا محاباة فيه , ولا تردد.

ويـاتـي الـدكـتـور الـهـلابـي , ومن بعده حسن المالكي مع تيار المتشددين , المنكرين لوجود هذه
الشخصية . ومع قراءتي لما كتبا ووقوفي على الجهد المبذول في التقصي الا انني لا اطمئن لما ذهبا
اليه , ولا ارتاح له لان في نسف هذه الشخصية نسفا لاشياء كثيرة وتفريغا لكتب تراثية لكبار العلماء
مـن امـثـال شـيخ الاسلام ابن تيمية وابن حجر والذهبي وغيرهما, فابن سبا او ابن السوداء يشكل
مذهباعقديا ويشكل مواقف اخرى لو تداعت لكنا امام زلزلة تمس بنايات كثيرة .

ومع هذا مازلت محتاجا الى مزيد من القول لكي اعدل عن رايي التبعي الاستئناسي .

وفـي سـيـاق مغاير ياتي الاستاذ الدكتور سليمان بن حمد العودة الاستاذ المشارك في قسم التاريخ
بـفـرع جامعة الامام بالقصيم متساوقا مع المستوى السائد الذي يؤكد وجود هذه الشخصية واثرها
ومثله الاستاذ الدكتور سعدي الهاشمي .

والدكتور العودة خبير كبني لهب في هذا المجال , فقد قدم رسالة ماجستير عن (ابن سبا) وهو باحث
متمكن , فيه اناة , وبعد نظر, ويملك آليات الحوار الجاد,وهو المؤهل للمنازلة , ولكنه بعد لم يقطع .

واذكر ان لدي بحثا صغيرا عن ابن سبا للدكتور سعدي , تناول فيه هذه الشخصية . وقرر انها حقيقة
لا خيال وقد حاولت الحصول عليه مع بحوث الدكتور الهلابي في مكتبتي المركومة بشكل فوضوي
فلم اجدها ووجدت كتاب (الرواة الذين تاثروا بابن سبا) للهاشمي .

والدكتور العودة كرمني حين عرض علي اخيرا بحثا قيما تحت عنوان ابن سباوالسبئية كتبه عام
1411 هـ في اطار بحوث الترقية وفيه رد, على منكري وجودابن سبا. وبالذات الدكتور الهلابي
وعـجـبـت كـثيرا من تردده في نشر هذا البحث القيم الذي اتوقع ان يثير قضايا جديدة , قد تحمل
المالكي على اعادة النظر فيماتوصل اليه من نتائج ساير فيها استاذه الدكتور الهلابي , وسايرا معا من
لايـبـحـث عـن الـحق . واملي ان يجد الدكتور العودة الشجاعة في نشره , او ارسال نسخة منه الى
الاستاذ الدكتور الهلابي , وحسن المالكي , لقراءته املا في تعديل بعض آرائهما, ان كان في البحث ما
يـحـمـلهما على ذلك او اسقاطه في سياق مايمارسانه من هدميات موسعة , في بنية التاريخ فنحن مع
الـحـق مـتـى بـدا لـنا,وليس بيننا وبين احد نسب , ولا عهد, في قضايا العقيدة , والفكر, فكل نفس
بـماكسبت رهينة , تاتي يوم القيامة تجادل عن نفسها. والذي اعرفه ان المالكي يشير دائما في بحوثه
الـمـثـيـرة الـى انه طالب حق , رجاع اليه , متى تبين له وجه الصواب , وهذا البحث هو المحك عن
المصداقية .

بـحـث كهذا سيضع الاثنين امام مساءلة لن يجدا مناصا من الاجابة عليها, ورد مايمكن رده , وقبول ما
يـمـكـن قـبوله والمالكي تناول من قبل اطروحة العودة عن ابن سبا ص 175 من كتابه (نحو انقاذ
التاريخ الاسلامي ) بحيث اشار الى اربع ملاحظات هامة , ما كان يسع العودة السكوت عليها, ولاسيما
انه يدعي امتلاك الوثائق التي تحمل المالكي على التراجع عن شي ء من رايه وعن بعض ملاحظاته .

والـبـحث الذي بين يدي للدكتور العودة يعول فيه على روايات لم تكن عن طريق سيف بن عمر في
سبيل اثبات شخصية ابن سبا.

والهلابي ومن بعده المالكي , ومن قبلهما العسكري , يقتصرون في انكار وجودشخصية ابن سبا على
روايـة سـيـف بـن عمر المجروح عند المحدثين , وربما اخذا هذاالموقف التحفظي من منهج اسد
رستم حول المصدر الواحد للقضية وكم كنت اتمنى لو ان (الهلابي والمالكي ) لم يجعلا ضعف سيف
بن عمر سبيلا لنسف حقيقة ابن سبا, ذلك ان الضعف في الراوي قد لا يحمله على اختلاق الشخصية
مـن الـعدم , واختلاق احداث لها, وانما قد يحمله على نسبة اشياء لاتصح نسبتها اليه .وشخصية ابن
سبا مستفيضة في كتب التاريخ , والعقائد, وعند علماء التاريخ ,وعلماء الكلام , وليس احد من السلف -
فـيـما اعلم - اثار هذه الاشكالية كاثارة الاخوين , ولا ارى مبررا لنسف هذه الشخصية من اساسها.

وسيف بن عمر(عمدة في التاريخ ) كما يقول ابن حجر, مع ان هناك روايات لم تات عن طريق سيف
بـن عمر اشار اليها الدكتور العودة , ويقال عن (القعقاع ) ما يقال عن (ابن سبا), ولا سيما ان القعقاع
مـن عـشـيرة سيف بن عمر, وهو ادرى به وباخباره والماخذ على سيف ربما يقتصر على تضخيم
الدور, والتركيز على الشخصية لدافع قبلي او عقدي لكنني لا اتصور اختلاق شخصيات من الوهم
والـخـيال للتشيع , اذ ليست الامة وعلماؤها من الغفلة والسذاجة , بحيث تصنع لهاشخصيات وهمية ,
وتـمـرر عـلـيـها. احسب ان ذاكرة الامة اوعى من هذاالاستغفال وعلماء الحديث الذين كتبوا في
الـطـبـقات , وفي تاريخ الرجال , ذكرواالقعقاع , ولم يشكوا في ثبوت وجوده , كشخصية فاعلة في
الـفتوح والغزوات .وقد نبهني بعض الزملاء الى اطروحة دكتوراه كتبها طالب عراقي عن القعقاع
بين الحقيقة والخيال , وكم اتمنى الحصول عليها. وعلى ضوء ذلك فان ما يكتبه المالكي تحصيل حاصل ,
وتـسـخـين طبيخ . فلا احسبه يضيف شيئا اكثر من تاكيدما قيل . يقال هذا فيما سبق اليه , ولامساس
فيما بادر اليه من دراسات قيمة لايهمنا الحديث عنها الان .

وبـصرف النظر عن كل ما سبق , فانه يجب علينا في حالة الدخول في مثل هذه المضائق الحساسة ان
نـتـجرد من الهوى , وان نتوفر على المعلومات , وان نمتلك آليات الاجتهاد, وان نتحرى الدقة , وان
نـسـتخدم كل مانملك من امكانات , وان نكون واثقين من انفسنا, مستقبلين لكل اعتراض بصدر رحب ,
فـيـمـا يـتـعـلـق بـقضايا مثل هذه القضايا, ولاسيما اذا كانت تلك القضايا قد سبق الى التشكيك فيها
مـسـتـشـرقـون مشبوهون , واصحاب ملل مستفيدون من هذا التشكيك .وعلى الذين يهزون الثوابت
ويـحـمـلـونـنا على اعادة ترتيب معلوماتنا, ان يستمعوا لنا بادب جم , وان يحاورونا باحترام , وان
يـتـلـطـفـوا بـازالة الشك ,والارتياب , بعلمية مهذبة , وان لم يفعلوا فما بلغوا رسالتهم , وفق اصول
الـبـحـث العلمي وفي المقابل علينا ان نحسن الظن بمن لم يبد عواره , ولم يثبت ارتيابه , وان نتحامى
الحكم على النوايا فلا يحصل ما في الصدور الا اللّه , ولا يبلو السرائرالاخالقها, ولا ينجو الا من
اتى اللّه بقلب سليم .

وثـقـتي بالاستاذ الدكتور الهلابي ومن بعده الاستاذ حسن المالكي قوية , وارجوالا يحملاني على
زعـزعة الثقة بالنفار او بالاستهتار. ومع ذلك لا يمكن ان ارفعهمافوق المساءلة , والنقد, والشك في
امـكـانـاتـهـما. وعتبي الشديد على اخواننا اساتذة التاريخ في جامعة الامام وفي الجامعات المماثلة ,
وبخاصة المتخصصين منهم في التاريخ الاسلامي القديم فهم الاجدر بالمواجهة . وليس من اللائق ان
ننازل عنهم , فقد يخرج علينا من يقول : (ليس هذا العش عشك فادرجي ), ولو وجدنافسحة من الوقت
وفـضـلة من الجهد لكنا اندى صوتا, واصلب عودا. ولكنناكخراش وضبائه , فالى اللّه المشتكى وما
افعله الان على الاقل من باب الغيرة ,وفك الاشتباك , وارجو الا يقال لي زادك اللّه حرصا ولا تعد
وارجـو مـمن يجدالاهلية من نفسه , مع توفر الوقت , والقدرة , ان يدخل دخولا علميا لا تسفيه فيه ,
ولا سـخـريـة , ولا لجاجة , ولا هجاء مخلا بحشمة العلماء ووقارهم , ومسيئالمكانة القضايا مجال
الـنـقـاش , فـكم من مقتدر يمنعه من الدخول في الحوار ما يؤول اليه من مهاترات , وتراشق بكلمات
السباب , والاتهام , وما يخشاه من دخول ادعياء اذا ريع احدهم اهتاج اعزلا على حد:
(ينيلك منه عرضا لم يصنه ----- ويرتع منك في عرض مصون )
لـقد كان صمت المتخصصين مريبا, واحجامهم مخلا في الثقة بهم . فالصحافة الان وقبل الان تشتغل
فـي تـخصصهم , وتدك حصونهم , وهم صامتون ان عليهم ان يوظفوا قدراتهم ليحقوا الحق ويبطلوا
الـبـاطل , ولا يعجب الانسان ان يقول اخطات , ويعود الى الصواب ونصف العلم لا ادري ومن قال لا
ادري فـقـد افـتـى اذا كـان سـيـف بـن عـمـر متكا المنكرين (عمدة في التاريخ ) عند ابن حجر
(ويـروي عنه البخاري في التاريخ ) فالامر فيه متسع , (فابن حبان ) و(الذهبي ), و(ابن حجر), و
(المزي ), وغيرهم قالوا بضعفه , وكذبه ووضعه , وزندقته . على اختلاف فيما بينهم , وتحفظ منهم
عـلى بعض التهم وكثير غير ابن عمر اختلف العلماء حولهم فمن موثق ومن مضعف ولكن لم يقل احد
مـنـهم - فيما اعلم - بردرواياته التاريخية , ويكفيه تزكية في مجال التاريخ على الاقل , شهادة ابن
حـجـر,ورواية البخاري له , واحسب ان الرجلين شاهدا عدل , ولا يمكن استبدال الادنى بالذي هو
خـير, وفي تعليق القلعجي على العقيلي قال كان اخباريا عارفاالا انه في الحديث ضعيفا) ولم يقل في
الـتاريخ , وقضية الزندقة اتهام تحفظ عليهاالكثيرون . وعلى ضوء ذلك يحسن ب (الهلابي والمالكي )
مراجعة الموضوع .

واشكالية المالكي الاولى : انه يعيش عقدة سيف بن عمر وما وصم به من جرح قادح في روايته في
الحديث , دون التاريخ , ومن ثم يشكل المنفذ الوحيدلمرافعته ضد بعض احداث التاريخ وشخصياته .

واشـكـالـيـته الثانية : اصراره على تطبيق منهج المحدثين على الاطلاع , في تمحيص المروي من
طريق تتبع طرق الرواية , ومعرفة الرجال .

واشكاليته الثالثة : انه ما يزال في اطار المثار, ولم ينفرد بشي ء بعد.

واشكاليته الرابعة : انه يقف حيث تكون احداث الفتنة الكبرى وهي شائكة وحساسة وللسلف في ذلك
مـوقـف اسـلـم واحـكـم وتـطبيق منهج المحدثين على الروايات التاريخية دون قيد, فيه مافيه من
المحاذير, وللسلف الصالح موقف عدل في هذا الامر ولعل مشروع الدكتور ضياء العمري الذي وظف
لـه وظـائفـه مـن الدارسين كان مغريا لكثيرمن اللاحقين , اذ من اليسير على ضوء هذا المنهج نسف
الـتـاريـخ بـكامله , فهذا الطبري وهو من هو يعتمد على وضاعين , وطائفيين كابن مخنف مثلا, ولو
قـراناه بتلك العيون لما ابقينا على متنه نصا صحيحا,ومشروع ضياء العمري يقف عند تاريخ الصدر
الاول المؤثرة احداثه بامورالشريعة , والعقيدة , والعبادة , كسيرة الرسول (ص ).

واذا كـانـت الروايات الاتية من طريق سيف بن عمر, ضعيفة عند المحدثين , حجة عند المؤرخين ,
والاخـبـاريين , فلا يمكن معها ان ننسف الظاهرة كلها. فابن عمرليس من اهل البدع , والاهواء, وان
اتـهـم بـالزندقة تحاملا من ابن حبان حيث قال وكان قد اتهم بالزندقة , وليست كل رواياته مخالفة
لـنـص قـطـعـي الـدلالـة والـثـبوت , وانما هي روايات تاتي في سياق معهودات مستفيضة , فابن
سـبـا,والـقـعقاع , مثلا شخصيات تداولها, وقبل بوجودها علماء التاريخ , وعلماءالحديث , وعلماء
الـجـرح والـتعديل , وعلماء الكلام , والمؤرخون للملل والنحل وبخاصة ابن سبا فهم يذكرونها في
سياق ما يكتبون , ولم يكن اعترافهم بهذه الشخصيات الا لانها مستفيضة على الالسن يتداولها الناس ,
وعـلـماء الجرح والتعديل انصفوا سيف بن عمر حتى لقد قال ابن حجر العسقلاني عنه : ضعيف في
الحديث عمدة في التاريخ واردف : افحش ابن حبان القول فيه وقال العقيلي : يحدث عنه البخاري
اي : فـي الـتـاريخ , ولو اننا طبقنا منهج المحدثين على بقية العلوم على اطلاقه مثلما يفعل البعض مع
الروايات التاريخية , ولتكن مثلاعلى روايات الجاحظ في البيان والتبيين وفي الحيوان , او على
روايات ابي الفرج الاصفهاني في الاغاني , او على روايات علماء النحو والصرف واللغة ,والبلاغة ,
كـمـا لا نـقـبل ان يكون هذا الشعر لذلك الرجل المنسوب اليه لوصوله عن طريق مجهول الحال او
الذات , او يكون مجروحا, وهذا يمتد بنا الى انكارالشخصيات , كما انكرها الهلابي , والمالكي , ومن
قبلهم المستشرقون والمذهبيون .

واحـتـياجنا الى منهج المحدثين في الجرح والتعديل قائم , ولكنه ليس على اطلاقه ,وانما يقوم متى
قـامت الحاجة , وذلك اذا تعارضت الروايات بين المؤرخين , بحيث جاءت الواقعة عند مؤرخ مناقضة
لواقعة اخرى عند مؤرخ آخر, ولزم التوفيق بينهما, او عندما ياتي مقتضى الرواية التاريخية مخالفا
لنص ثابت , قطعي الثبوت ,او عندما يرتبط بالرواية التاريخة حكم شرعي , او عقدي , او تعبدي , او
عـقـلـي ,ففي اختلاف المؤرخين نحاول الجمع , فان امكن صرنا اليه , وان لم يمكن الجمع نظرنا الى
رجال السند, فاثبتنا ما كان رجاله ثقات , واسقطنا ما كان في رجاله قول . ومعارضة الرواية التاريخية
لـلـنـص الثابت , او القطعي تسقط الرواية ولاكرامة , وخروج الرواية على المعقول يسقطها عقلا
والـذيـن درسـوا مـناهج التاريخ وضعوا ضوابط للنقد وحصروا مخذ كل ضابط وفرقوا بين النقد
الـسـلبي والايجابي , ونقد النص , وا لاشخاص والوثائق , وما يعرف بالنقد الظاهري ,والباطني , ومع
ذلـك فـما احد منهم افاض في منهج النقد على طريقة المحدثين ,وبخاصة عندما لاتقوم الحاجة لهذا
المنهج كما اشرت .

و اذا جاء الناقد التاريخي الى واقعة متعارف عليها, متداولة بين المورخين ,مقبولة عند علماء الجرح
والتعديل , ممن ضعفوا راوي الواقعة التاريخية وقبلوهامنه , مثلما يفعل ابن حجر, ومن قبله البخاري
فـي التاريخ الكبير, وهي ايضامستفيضة لدى كافة العلماء, ثم تعمد نسفها من اساسها, لمجرد ان في
سـنـدهامجروحين , فذلك امر لايمكن القبول به , ولا سيما اذا كان الحدث , او الظاهرة ,مستفيضة ,
ولـم يـكـن لاحد من العلماء المتقدمين والمتاخرين من امثال ابن حجروالذهبي وغيرهما, ومن جاء
بعدهم ممن عرفوا ان ابن سبا, - مثلا - لم يات الامن طريق سيف بن عمر, ومن الذين درسوا الملل
والنحل , وعرضوا للسبئية ولم ينكروا وجود ابن سبا واشكالية ابن سبا انه لم يعد شخصية تاريخية
وحسب كالقعقاع مثلا, فكل متحدث عن الفتنة وعن العقائد وعن التاريخ عرض لهذه الشخصية .

لـقـد مـرت بـهـؤلاء على مختلف تخصصاتهم , في الحديث , والتاريخ والملل , والنحل ,وعلى مختلف
الـعـصور, شخصيات كابن سبا والقعقاع , وقضايا, واحداث , ومااحد منهم نظر في حقيقة وجودها,
لـمـجـرد انه لا يوجد طريق الاطريق سيف بن عمر المجروح عند المحدثين . وما احد من علماء
الـسـلـف المعتبرين من شكك بوجود هذه الشخصيات , هذا فيما اعلم وفوق كل ذي علم عليم وكما
اشرت فان ضعف الراوي في مجال التاريخ يحملنا على استخدام العقل ورد المبالغات التي لاتعقل اذا لم
يـتـرتـب عـلـى ردهـا تعطيل لسلطة النص القطعي الدلالة والثبوت ,ورد الاحداث التي لا يتوقع
صـدورهـا مـن شخص , او جيل توفرت لديناالمعلومات الكافية لتزكية , لا رد الحدث او الظاهرة
الـمـعـقـولـة والـمبررة والمستفيضة , فالرواية الضعيفة في بعض احاديث الصلاة لا تنفي الصلاة
نفسها,وثبوت شخصية ابن سبا والقعقاع لايلزم منه ثبوت كل مانسب اليهما. ثم ان ثبوت شخصيتيهما
مـستفيضة , ومعروفة , ولم يشك احد من المعتبرين بوجودهما.وما اثار مثل ذلك الا المستفيدون من
انـكار مثل هذه الشخصيات . والسلفيون ليس لهم فائدة من انكار شخصية كابن سبا فلماذا نتواصل مع
غـيـرنـا لـصـالـح الـغير. واي اجحاف بحق المصداقية التاريخية يحصل لوصرفنا النظر عن مثل
هذه الامور.

وظـاهـرة الانـتحال في الشعر العربي التي التقطها مرجليوث حين حقق كتاب الحموي , تعيد نفسها
بـشكل آخر مع حسن المالكي , ومع سلفه الذين امدوه بالمادة وبالمنهج , فهو حين نظر الى شخصيات
مـثـيـرة كـابـن سـبا, والقعقاع , وليس لها طريق غير طريق سيف بن عمر المجروح راح يتقصى
الـروايـات الـمـنـسـوفـة مـن قبل ليعيد نسفها من جديد رواية رواية من خلال آليات المحدثين ,
مـتـناسياتباين القيمة الروائية بين المؤرخين والمحدثين , وفاته , او ربما فوت على نفسه ماتعارف
عـلـيه العلماء, والمؤرخون من التفريق بين شروط الرواية في الحديث والتاريخ وتفاوت الخطورة
فـي الرواية الضعيفة بين العلمين , فالرواية في الحديث تثبت حكما شرعيا او تعبديا, او عقديا يمس
احوال الناس , وقد يقدح في معقولية الحكم اما الرواية في التاريخ فامر مختلف جدا ما لم يترتب على
ذلـك ضـرر مـن اي وجـه . كـما انه لم يفرق بين الاستفاضة في الظاهرة , وارتباطهابالرواية دون
استفاضة , وفاته او فوت على نفسه - ما توصل اليه العلماء من تقرير قواعد, واصول , لكل علم . وما
اتـخـذه الـفقهاء دليل على تغير الحكم بتغيرسياقاته , ولهذا قال الفقهاء تقبل شهادة الصبيان فيما بينهم
والـرجـوع الـى اهـل الخبرة ومراعاة الاحوال في بعض الاحكام رؤية اصولية فالقاضي محتاج الى
الصانع والمزارع والطبيب في القضايا المتعلقة بمهنهم . ومن ثم يرتكب بعض الباحثين اخطاء فاحشة
عندما يعزلون القضية - اي قضية - من سياقها الزمني ,او من سياقها المعرفي , متجاهلين - لحاجة في
النفس - الضوابط والسياقات المعرفية . واذكر انني وانا اتقصى مذهب عبد اللّه القصيمي الالحادي
الهالك تبين لي انه يهدم قضية بحجة عقلية , ثم يهدم تلك الحجة باخرى , فحاجته هي التي تمنح الاشياء
مشروعية الوجود, او المعقولية ثم تنزعها, ولهذا عد من الهدامين ولم يصنف من المذهبين .

/ 16