وما يجب في هذا السياق ان يعرفه مرجليوث ومن بعده طه حسين والمالكي ان هناك اصولا لصناعة الادب واخـرى لـصـناعة التاريخ وثالثة لصناعة الفقه ولايجوز تجاهل شي ء من ذلك اثناء محاكمة
الظواهر ولو اننا طبقنا اصول علم على آخر لالحقنا الضرر بانفسنا, وبالفن الذي نعمل به . وقدوتنا
فـي ذلـك الامـام الـبـخـاري رحـمـه اللّه , لـقد كان لصحيحه شرطه المعروف ولتاريخه الكبير
والادب المفرد منهجهما وشرطهما ومن ثم روى في التاريخ الكبير لسيف بن عمر, وهويعرف انه
ضـعـيـف لا يـحتج به في الحديث , واعود لاقول ما الذي يترتب على الاعتراف بوجود ابن سبا, او
الـقـعقاع امن الخلل المعرفي او النقص في الدين اوالقدح في الفكر او في العقل العربي اذ ليس احد
مـنـهـم اسطورة لايقبلها العقل ,وليس احد منهم ينطوي على فعل يعارض الثبوت والدلالة القطعيين
وليس احد منهم ينطوي على مغمز حضاري لا يتسع له الفعل الاسلامي المعتبر,وليس ثبوت احدهم
قـادحـا في المقتضى الشرعي او التعبدي او العقدي , فماالمحذور اذا عند السلفي , وما النتائج التي
يسعى باحث كالدكتور الهلابي ومن بعده المالكي حين انفقوا مزيدا من الجهد والوقت لمصادمة السائد
والـمتعارف عليه والمتلقى بالقبول لدى عامة علماء المسلمين الثقات من مؤرخين ومحدثين واصوليين
ومـتـكلمين . ثم لماذا يعيدان ما قاله غيرهما من انكار لهذه الشخصيات , اما كان يكفيهما الاشارة الى
هذه النتائج والاشتغال بما هو اهدى واجدى .اقـول هذا وانا على رصيف الانتظار والترقب لاجابات كافية شافية , من الهلابي , او من المالكي , او
مـنـهما معا او من غيرهما فانا طالب علم , ولا اريد لاحد ان يخلط اوراقي , واذا كان المستشرقون
واصـحـاب الـمـلل المنحرفة يرمون الى اهداف وغايات بعيدة ويحاولون بطرق ماكرة ان يخلطوا
الامـور ويـحـوسـوا الـفـكـرويـغـرسـوا الـشك والارتياب , فان باحثا ليست له الغايات نفسها,
ولاالاهـداف عينها يوظف نفسه من حيث يدري , او لا يدري لمؤازرة اولئك وخدمتهم , لقدبشمنا من
تقليب الحطب على نار الفتنة الكبرى وما احد منا شفى نفسه وابراسقمها, ومن من السلفيين من يجرؤ
على وضع نفسه بين علي وعائشة رضى اللّه عنهما.والتاريخ الاسلامي الذي انطوى على فتن بدرت بين الصحابة رضوان اللّه عليهم اوجب السلف الكف
عـنـها, ولغ في معينة الصافي علماء متضلعون وفلاسفة عميقون ومفكرون جهابذة , من اصحاب ملل ,
ونـحل واهواء, وديانات مختلفة ,وما زالت فيه بقايا لمن اراد الولوغ وكان يجب على كل من يجد في
نـفـسـه مـزيـدعـلم وفضلة قوة ووفرة وقت التصدي لاؤلئك وبخاصة من دخل منهم سدة التاريخ
لـلافـساد والتشكيك فاين المتخصصون والمثقفون والمؤرخون من فيليب حتى او بروكلمان و
جرجي زيدان وعشرات بل مئات المستشرقين الذين كتبوا عن القرآن والرسول والحديث والفقه
والتاريخ الاسلامي واوغلوا في الهدم والذم والتشكيك والاتهام .لـقد كانت زيارة حسن المالكي لنادي القصيم الادبي وحديثي معه الذي حملني على قراءة ما كتبه عن
القعقاع بتمعن وكان لكتابه الذي اصدرته مؤسسة اليمامة وقام باهدائي نسخة منه حافز لقراءة مقالاته
مـجموعة في كتاب بعد قراءتهامفرقة في جريدة , وحين فرغت من قراءة ما كتب عن الاطروحات
وعن البيعة في كتابين على الرغم من المشاغل التي تنتابني من كل جانب , عدت الى نفسي اتساءل عما
تحققه هذه المبادرات وبخاصة ما يوافق فيها هوى الاخرين وتصورت المالكي بعد هذا الجهد الجهيد
يلتقط انفاسه ويمسح جبينه وينتبذ من اهله مكانا قصيا, ينظر الى هذه الهدميات في التاريخ الاسلامي
ويحصي ما ظفربه من الغنائم على المستوى العام , او على المستوى الشخصي ومن حقنا ان نتساءل ما
الـذي كـسـبه لنفسه وما الذي كسبه لامته وما الذي حققه لتراثه وماالشوكة التي غرسها في حلق
اعـداء الامة , حين فرغ من هذا العمل الشاق المضني ومحى من الوجود شخصية ابن سبا, وشخصية
الـقـعـقـاع لقد وضع نفسه من حيث لا يعلم في خندق المشبوهين وما كان جهده المبذول ازاء قضايا
ابتدرها ولاقضايا قلقة وملحة انفرد بها, والامر لا يعدو تحصيل حاصل وتذكيرا بمعلوم ,وفي هذا
الـسـيـاق اذكر ان عالما من علماء الشيعة تناول في كتاب متداول مئة وخمسين شخصية في التاريخ
الاسلامي حيث اعتبرها وهمية وليس لها وجودحقيقي واذكر انني قرات عن هذا العمل المشبوه ما
لا اذكـره , ومـازلـت اتمنى الحصول عليه فانا كحذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه الذي يحرص على
مـعـرفة الشر لاتقائه , ولان ظروفي لا تسمح بالمنازلة المكافئة , فانني ارجو ان ينهض المالكي او
الهلابي لقراءة هذا الكتاب وما شاكله من عشرات بل مئات الكتب المغروسة كالخناجر المسمومة في
خاصرة التاريخ الاسلامي ونقدها واقرار مايمكن اقراره , ونفي ما يمكن نفيه فذلك هو العمل المفيد
والـجـاد والـمـاجـور, وعـلـيهماان يقرءا ما يكتبه الماديون , والعلمانيون والماسونيون ومعتزلة
العصروالتنويريون والحداثيون والسذج من مغفلي المثقفين والتبعيين والادعياءوالماجورين النفعيين
الـذين يؤجرون قدراتهم لخدمة الايديولوجيات من امثال جارودي الذي اعلن للملا توظيف امكانياته
لخدمة المذاهب التي تدفع اكثر,والتطوع للتصدي , لكل هذه الطوائف , وانقاذ ما يمكن انقاذه من تحت
حـوافـرهـافـاذا فـرغوا من كل ذلك , ولااحسبهم فارغين , امكن الدخول على التاريخ بليات الناقد
الـمـمـحـص الـمصفي النافي لما لا يليق عقلا, او علما, او اخلاقا,وهوكثير. والقعقاع وابن سبا
لايـنـدرجـان تـحـت اي مـحـذور مـن تلك المحاذير, واذاكان لاحدهما رغبة في نفي المبالغات ,
والـتـهويلات , فما في ذلك من باس , ولكن يجب ان يكون وفق الاصول المعتبرة ومحاولات المالكي
لـقـراءة الـتـاريـخ وفـق آلـيـات مـغـايـرة لـم تكن جديدة , ولكنها كانت مبكرة على شاب بسنه ,
وتجربته ,وخبرته .لـقـد تـبدى لي وانا استعرض كتابات المالكي في قراءته الجريئة للتاريخ , انه لايملك براعة العالم
الـمـتـخـصـص , ولا دقة ملاحظته . فنحن ذلك الرجل , فيمالاتخصص لنا به . والمثقف في العرف
الـمعاصر (من يعرف كل شي ء عن شي ءوشيئا عن كل شي ء). ولكي اضرب مثلا حيا على الفرق بين
الـمـتخصص والمثقف اضع ثقافة المالكي في مجال الفقه , الى جانب فقه الشيخ بكر عبداللّه ابوزيد -
مـثـلا - نجد ان بينهما فرقا حتى في لغة الفن فضلا عن دقائقه . واضرب له مثلا آخر بنفسي , لقد
كـان لـي ولـع في علم الحديث , وكتابات صحفية في الضعيف والصحيح , حتى لقد تواصل معي بعض
الـمـتخصصين لمراجعة بعض مخطوطاتهم في الحديث ظنا منه انني متخصص , وما انا بمتخصص ,
ضـع هذه الامكانيات الضئيلة الى جانب امكانيات (الالباني ) يتضح لك الفرق بين المثقف والمتخصص ,
وبحوث المالكي المثيرة لم تكن في مجال تخصصه , وانما هي في مجال اهتماماته .والخطورة تكمن في مثل هذا العمل , فهو- وكثير من المشتغلين - لم يكن متخصصا في التاريخ , ولم
يـكـن متخصصا في الحديث , وعلم الجرح والتعديل ومن ثم فان ثغرات كثيرة ستبين لو ان احدا من
المتخصصين المتعمقين في علمي الحديث , والتاريخ تعقب اطروحاته .والـشي ء الذي اود تحاميه من كل المتداخلين معه , وكل المفكرين في الدخول معه او مع غيره القول
فـي الـسـرائر, والـنوايا, او الشك في المعتقد, او التجهيل المطلق ان في مثل ذلك قمعا وتسلطا لا
يليقيان , والناس لا يملكون شق الصدور .وحـين اشير الى اهمية التخصص , فليس معنى هذا ان الثقافة غير مؤهلة للدخول في بعض القضايا,
ولـيـسـت مـانعة من الدخول فهذا العقاد - رحمه اللّه -لم يكن متخصصا في شي ء من المعارف التي
طرقها, ومع ذلك كان مجليا في كل تناولاته , كتب في التاريخ , وفي الادب , وفي الفلسفة , وفي سائر
الـمـعـارف , وهـوحـجـة فـيـمـا كـتب , ومع كل هذا الاقتدار يؤخذ من قوله ويترك . وتبدو له
هـفوات لاتحتمل , وتجاوزات لا تليق , ومن تجاوزاته التي لا تليق بحق معاوية في كتابه (معاوية في
الميزان ), ويقال مثل ذلك عن كثير من العلماء. من امثال احمد امين في مشروعه عن حضارة الاسلام .ومـن اقرب الشواهد ابو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري لقد خاض في قضاياكثيرة , اخطا واصاب ,
وابدع واخفق , وهو لم يكن متخصصا في كثير من المعارف التي تطرق لها.ولكن يجب على الدارس الذي يبحث في غير تخصصه , ويحس في نفسه القدرة ,ان يتجنب القطع في
الامـور, وسد طرق المعالجة والاستبعاد او الاضافة من الاخرين . والمالكي تبلغ به الثقة , والزهو
حدا لا يطاق من القطع في الامور,والتحدي وتلك سمة لا تليق .ولـي ان اضرب مثلا بالمحدث محمد بن ناصر الدين الالباني . لقد رجع عن كثيرمن احكامه بمحض
ارادتـه واخذ عليه من هو دونه , ومازال فيما قال , وقرر مجالاللاخذ والرد وهو من هو في مجال
الـحديث ومعرفة الرجال والدقة والعمق والشمولية , ثم انه حين يدخل في غير مجال تخصصه يقع
فـي المحذور, وقد بدر منه شي ء من ذلك , وكل انسان يؤخذ من رايه ويترك الا الرسل المعصومون
الـذيـن لاينطقون عن الهوى , وانما يتلقون ما يقولون عن طريق الوحي , ولعل اقرب مثل على تفاوت
العلم وتفاضله ما اجراه اللّه بين موسى عليه السلام , والخضرالذي مكنه اللّه من بعض العلم اللدني ,
وهومن اولي العزم من الرسل . والمالكي لا تلين عريكته , ولا يذعن للمساءلة .لقد ادت كتابات المالكي الي اشكاليات مثيرة , لما فيها من حدة اسلوبية وتناوله للرسائل العلمية كشفت
عـن هـشـاشـة بـعضها, وظهورها بمظهر لا يليق بانتمائهاالاكاديمي , وكم قلت , واوصيت بوضع
مـشـرفـين لكل رسالة علمية : احدهماللمنهج , والاخر للمادة العلمية ومتى تداخل العمل مع معارف
اخـرى , كـان يـجـب اسـتـشارة متخصص في مجال التداخل , واشراكه في المنافسة . ومما يحمد
لـكـلـيـة اصـول الدين بجامعة الامام اخذها بهذا المبدا الاخير بحيث لا تجد غضاضة من الاستعانة
بـمـتـخـصـص في مجال التناول وقد شرفت بتكليف من هذا النوع . وماساءني اطلاعي على بعض
مـخـطـوطـات رسائل جامعية لطباعتها ضمن اصدارات النادي او لغرض التحكيم , وتبين لي ضعف
لايطاق واخطاء لاتحتمل , ونتائج لاتقبل , ولا احسب كلياتنا يشرفها نسبة هذه الاعمال اليها, لما فيها
من تسطح ,وخلل .وكـلـمـة اخيرة للمالكي نقولها ناصحين : (السكينة السكينة ) و(التروي التروي )و(الاناة الاناة )
و(التبصر التبصر) فالامر اخطر من ان تتلاحق فيه الاحكام ,وتستمر الهدميات , والقفز من قضية
الـى اخرى , والتشايل مع الطرح المشبوه واحسب ان استخدام منهج المحدثين في محاكمة الروا ية
الـتـاريـخـيـة عـلى الاطلاق ,ودون قيد معتبر, فيه ما فيه من القسوة , والظلم , والنتائج السلبية .ولعلمائناالاجلاء راي صائب في الموقف من الروايات المتعلقة بالعقيدة , والروايات المتعلقة بالعبادة ,
والروايات المتعلقة باحداث التاريخ وكل الذي اتمناه ان يستحضر المالكي هذه الوسطية الفذة , والا
يخضع كل الاحداث لهذه المحاكمة الشديدة الجائرة وغير المنطقية .ثـم ان فـي الـتاريخ احداثا مهمة , تحتاج الى تمحيص ومساءلة , وبخاصة مايتعلق منها بالنيل من خلفاء
الـدولـة الامـويـة والعباسية , مما لا يليق بهم , ولايتوقع من مثلهم بوصفهم قادة كبارا, حققوا للامة
الاسـلامية امجادا لا تنازع من فتوحات ,وانظمة , واشاعة علم , وعدل , وغير ذلك ولنضرب مثلا
بـهـارون الـرشـيـد وفـي الـتاريخ قصص وحكايات تعقبها البعض لنكارتها, لالضعف سندها ولكن
السندالضعيف آنس الناقد وعضده ولعلنا نذكر في هذا السبيل ما يشاع عن ظاهرة الغناء والترف في
الحجاز, في العهد الاموي , عن طريق تمر الامويين , وتعاقب العلماء على قبول ذلك , والتاليف فيه من
امـثال , شوقي ضيف , وشكري فيصل على ما اذكر وبعد تمحيص دقيق اكد الزميل الدكتور عبداللّه
الخلف برسالة علمية مخطوطة كذب هذا الادعاء, ونفى عن مجتمع الحجاز هذه الفرية .على ان مبدا الشك في الروايات , وا لاخبار, اتخذها كتاب مشهورون استخدموافي سبيل ذلك المنهج
العقلي من امثال الباحث العراقي عبدالعزيز الدوري , يقول وليد نويهض عنه (اعتمد منطق الشك في
الـعـديد من القصص والاخبار) واشارالى ان الدوري لم يكن الوحيد في منهج التفسير المؤامراتي
لـلـحـوادث فـقـد سـبقه (طه حسين ) و(نبيل ياسين ) و(نصر حامد ابو زيد). ومنهج الشك الذي
الـمـحـت اليه في صدر هذا الحديث ليس على اطلاقه , فهو كمنهج المحدثين لا يستدعى حتى تقوم
الحاجة اليه .ان هـناك مناهج عدة لتفسير التاريخ , اورده , وتكذيبه واللاحقون ركبوا متون تلك المناهج والكثير
مـنـهـم لم يع المكائد التي ينطوي عليها سلفهم . على ان هناك قراءات نقدية فيها شي ء من المعقولية ,
وكـثـير من المبالغات , والفرضيات , كنقدالشيخ عبداللّه العلايلي , غير انه مع هذا اوغل في الخطا
حين ارجع حروب الردة الى قتال قبلي بين العدنانية والقحطانية .وهـنـاك قـراءات تـحت ظلال النص التاريخي , ومن اخطرها القراءات الاستشراقية الني تستبعد
الـوحـي , والـقـراءات المارقة من مثل قراءة ادونيس في الثابت والمتحول , ومن قبله قراءة جرجي
زيـدان الـذي خـادع بـكـتـابـه تـاريخ التمدن الاسلامي حيث ركز على بؤر الترف , والمجون ,
والـجـواري , والـقـيـان ,لـيجعل من هذه المخازي مؤشرا للتمدن الاسلامي ولدي نسخة مطبوعة
عـام1330 ه في الرد عليه , وهي مجموعة مقالات كتبها (شبلي النعماني ) ونشرها في مجلة المنار
ثـم جـمعها في كتاب , ومن بعد زيدان , جاء محمد الخضري في محاضراته المثيرة في قراءة التاريخ
الاسـلامي , قراءة عقلية , وقد تصدى له الاستاذ المؤرخ محمد التباني فكشف عن زلاته . والتفسير
الماركسي . والقومي للتاريخ من هذه الموجات العاتية التي زعزعت الثقة في مضامين التاريخ وغاياته .وهناك قراءات متفاوتة في مستوى الجودة , وتعدد المناهج , وفي دركات التمر,لا تعد ولا تحصى ,
تـقـرض الـتاريخ ذات اليمين وذات الشمال , وتفلسف الدوافع والنتائج فعلى المستوى الاستشراقي
وفـي الـسيرة العطرة فقط نجد المستشرقين (رينان ت 1892 م وجرونيه ت 1936 م وحريمه
ت 1942 م وهـوتـنـجـرت 1667 م وبـيـلادمين ت 1621 م وريلاند ت 1718 م وبولانفلييه )
ومئات غيرهم ولك ان تراجع (سيرة الرسول في تصورات الغربيين ) للمستشرق الالماني جوستاف
بفانموللر ترجمة محمود زقزوق لترى البواقع ومن ابرز من تناول التاريخ بهذه الروح حسين مروة
الـمـاركـسـي الـمتعصب , وعبد اللّه العروي في كتابه (العرب والفكر التا ريخي ) وكتابه (مفهوم
الـتاريخ ) بجزايه المشتملين على الحديث عن الالفاظ والمذاهب , والمناهج , والاصول , وقسطنطين
زريق في كتابه (نحن والتاريخ ) ومن اوسع الدراسات الوصفية التحليلية الحكمية الحصرية لمناهج
التاريخ كتاب فرانز روزنتال (علم التاريخ عند المسلمين ) ترجمة الدكتور صالح احمد العلي . وفي
اسـلوب التعامل معه , كتب فهمي جدعان , ومحمدعابد الجابري , وحسين مروة , وغير اولئك كثير,
ولـكـل مـفكر مدرسته , ومنهجه , ونواياه , منهم المسي ء, وقليل منهم المحسن وواجبنا ان نكون في
مـسـتوى هذاالطرح , وفي مستوى اولئك المفكرين . فليس الاسلام وحماته باقل من غيرهم لنواجه
بندية . وعلى العموم فان التاريخ الاسلامي يواجه هجمات شرسة ,وتطبق بحقه مناهج غير ملائمة ,
ويقرا من خلا ل ايديولوجيات متعددة , ويفسرتفسيرات مخلة , ومحرفة لاهدافه واذ يكون الاسلا
م عـقـيـدة وشـريـعـة . حـضـارة ,وتـاريخا فان رصد احداثه , وشخصياته , يعني التاريخ للعقيدة ,
والشريعة ,وللحضا رة .والـمـسـتـشـرقـون الذين يمتلكون قدرة فائقة , وصبرا), وتحملا لا نظير لهما, وظفواكل هذه
الامكانيات لمحاربة الامة الاسلامية من عدة ثنيات , ومنها ثنية التاريخ .واذ لا نعدم الماكرين , يجب ان نرمي في نحورهم بمن نثق بعلمه , وعقيدته , من ناشئة الامة المسلمة
الـذيـن تربوا على منهج السلف , ورضعوا لبان العلم الصحيح , و ارجوا ان يكون اخونا حسن المالكي
واستاذه عبدالعزيز الهلابي من اولئك النفر.
القعقاع بن عمرو حقيقة ام اسطورة (6)
د.
حسن بن فرحان المالكيصحيفة الرياض - 10 ربيع الاول - 1418 ه
وقفة مع الردود والتعقيبات
كـمـا راى كـثـيـر من الاخوة القراء فقد كثرت ردود الافعال حول قضية القعقاع بن عمرو مؤيدة
ومـعـارضة وقد علقت سابقا على بعض الردود ثم شارك الاخوة منصور الفيفي وعبد الاله الفنتوخ
وعـادل الماجد وعبد اللّه الناصري وعبدالرحمن الفريح وعلي رضا, ثم كان آخر هؤلاء الدكتور
حـسن الهويمل فهذه ست من المقالات حول الموضوع بين مؤيد ومعارض ولذلك اعذروني في تناول
هذه الردود باختصار شديد في عدة نقاط فاقول :
اولا: في ظني ان كثرة ردود الافعال امر سار وجيد وينبغي الا نغضب من السلبيات المصاحبة لهذه
الكثرة فمن الطبيعي جدا ان تزمجر بعض الردود في اودية بعيدة عن الموضوع . فلذلك لن ارد على
كثير من الافكار التي طرحهابعضهم لانهم خارج الموضوع .ثـانـيا: التحدي العلمي امر مشروع خاصة في الامور الواضحة جدا وهذاالتحدي كان من الاسباب
الـتـي حـفزت الاخوة على التعقيبات المؤيدة والمعارضة وليس في التحدي الا الثقة العلمية وليس
زهوا ولا تكبرا فتحديات السلف في المسائل العلمية لا تكاد تحصر.ثـالـثا: لا يزال التحدي قائما وما ذكره الدكتور الفريح من سقوط التحدي كان مجرد (تهويشة ) عـلى القراء الذين لا يستطيعون البحث وسترون في هذا الردانه لم يستطع ان يجد ترجمة للقعقاع
ولا خبرا لا من طريق سيف بن عمر كما ان قاتل ابي لؤلؤة لم يذكره احد تميميا وان المصادر وفي
مقدمتها صحيح البخاري مجمعة على ان ابالؤلؤة قتل نفسه وساذكر ذلك بالتوثيق ليرجع اليها من شاء
مع ان الموضوع الثاني لا يمثل عندي اهمية وان كان له دلالة على ميول سيف .رابـعـا: تمتاز الردود (المؤيدة ) بالتقيد العلمي والبحث وترك التقليد كما راينا في رد الاستاذ عبد
الالـه الـفنتوخ مثلا بينما كانت الردود المعارضة تخرج عن الموضوع كثيرا وتتشبث بالتقليد ولا
اقـول هـذا مـجاملة للردود المؤيدة (لانهاايدت طول المقال فليس مقياسا خامسا: القارئ الباحث هو الذي سيعرف المحق من المبطل , وسيعرف من يستغفله ممن لا يفعل ذلك اما
القارئ الذي لا يرجع ولا يبحث فسيكون عرضة لاخر الردود لـذا نـود مـن الـقارئ ان يحاكم كل من كتب في الموضوع ويكتشف بنفسه وسيجد مفاجت كبرى والان ليسمح لي القراء في التعليقات المختصرة على الردود المعارضة فاقول :
رد علي رضا
رد الاستاذ علي رضا في صحيفة المسلمون الجمعة 29/صفر/1418 ه والاستاذ علي رضا مثلما لا
يـحـسـن المعارضة فهو لا يحسن التائيد فقد ايدني ان القعقاع مختلق وان سيف بن عمر كذاب لكنه
ذكر ان الواقدي ذكر القعقاع بن عمرو و هذا يعني ان (محقق التراث الشام للواقدي ولـلاسـف ان جـل مـا طرحه علي رضا كان بعيدا عن الصواب مثل رده لعنعنة ابي اسحاق السبيعي
وحميد الطويل ومغيرة بن مقسم مع انه محتج بهذه (العنعنات )في الصحيحين فـضالة في مقاله مع انه قد صححه في تحقيقه لسند علي (انظر الاحاديث رقم 2394 - 2396)
وغير هذا كثير.ولـكـن لان الـموضوع عن (سيف والقعقاع ) لذلك فساترك التعقيب على علي رضا الى مناسبة قادمة
لـيـعرف القراء حقيقة الامر الـمـبـتـدئيـن في علم الحديث تصحيحاوتضعيفا, تجد الواحد منهم مقلدا للتقريب معرضا عن منهج
الـشيخين لـيـست منه وهذا للاسف ما فعله علي رضا فقد زاد في متن حديث نبوي الرحمن بن عديس البلوي (الوضع في الحديث )
رد الدكتور عبدالرحمن الفريح
اطـلـعـت عـلـى مقال الدكتور عبد الرحمن الفريح يوم الجمعة 29/2/1418ه المنشور بصحيفة ,
الرياض وكان ردا علي حول سيف بن عمر والقعقاع مع ان اكثر مقال الاخ الفريح لم يكن عن سيف
ولا الـقـعـقـاع وسـائر مـا يـمكن توقعه من اتهامات كالعادة فـهـم المكتوب فـيـه الاخ الـفريح ولذلك فساتجنب الرد على معظم المقال لانه خارج موضوعنا ولان بعضه قد تم
الاجابة عليه سابقا اما الملاحظات فكالتالي :
الملاحظة الاولى :
اثـنـى الفريح كثيرا على علي رضا لان الاخير رد علي المقال الاخير لعلي رضا الذي ايدني فيه بان سيفا كذاب والقعقاع مختلق لا اصل له الاخ الـفـريـح قـد (تـورط) فـي الثناء على علي رضا وتقليده شـخـصـيـة القعقاع او توثيق سيف (ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ).الملاحظة الثانية :
زعـم الاخ الـفـريـح انـه وجـد ان قاتل ابي لؤلؤة المجوسي تميمي كـالمدائني وابن حجر ذكـرا ان رجلا تميميا القى على ابي لؤلؤة كساء وقيل برنسا فلما راى ابي لؤلؤة الخطر قتل نفسه
انظروا قول المدائني في العقد الفريد(5/25) وقول ابن حجر في الفتح (7/63) فانتم ترون انه
رغم اسناد القصة الضعيف الا ان ذلك التميمي انما ساعد في القبض على ابي لؤلؤة مثله مثل غيره من
الـذين احاطوا بابي لؤلؤة وقد ثبت في صحيح البخاري ان ابالؤلؤة نحر نفسه انظر صحيح البخاري
مع الفتح (7/60).امـا سـيـف بـن عـمر فزعم ان ابالؤلؤة هرب من المسجد بعد قتله عمر فلحقه رجل من بني تميم
وضـايـقـه حـتى قتله ثم رجع اليهم بعد قتله له القارئ يعرف ان هناك فرقا كبيرا بين ما اورده المدائني وابن حجر وبين ما قاله سيف بن عمر تـاملوا الروايتين فالمدائني وابن حجر يثبتان ان ابالؤلؤة قتل نفسه ومثلهماالبخاري في صحيحه اما سيف فانه انفرد بان المباشر لقتل ابي لؤلؤة كان تميميا بنفسه من الذي سقط في تحديه
الملاحظة الثالثة :
زعـم الفريح ان تحدياتي (هشة ) او اثبات حقيقة القعقاع
الملاحظة الرابعة :
ذكـر الاخ الفريح ان سيف بن عمر ثقة عند المتقدمين والمتاخرين واقول :وعليكم السلام ورحمة
اللّه وبركاته
الملاحظة الخامسة :
ذكـر الاخ الـفريح ان القعقاع بن عمرو وردت اخباره من طريق غير سيف ابوعمرو الشيباني في معجم البلدان لياقوت الحموي اقـول : وهذه ضحكة كبرى فان ياقوت الحموي كان يسرد الاشعار والاقوال عن يوم بزاخة فذكر
مـنـهـا قـول الاصـمعي ثم قول ابي عمرو الشيباني ثم شعرالقعقاع ثم شعر ربيعة الضبي ثم شعر
لجحدر بن معاوية وشعر القعقاع لن يجده ياقوت الحموي (ت 626 ه) الا في كتب سيف بن عمر او
مـن نـقـل عـنـه (يـاقـوت الـحـمـوي ) ويـجعله لابي عمرو الشيباني المقالات السابقة .ثـم لـم يـذكـر لـنـا مـن هو (الاشعري ) صاحب الانساب الذي زعم بانه ذكر القعقاع الاشعري بعد سيف ام قبله واذا كان كذلك فلماذا لم يذكره لنا الفريح حتى نرجع الى اثبات القعقاع بن عمرو كتاب (فتوح الشام )المنسوب للواقدي فقد سبق الكلام عليه في حلقات مضت , وانه لاتصح نسبته الى
الـواقـدي بـل هـو مكذوب عليه مؤلف بعده بمئات السنين الـفـريح انه في واد وكلامنا في واد آخر القعقاع مذكور في البداية والنهاية وكتاب عرموش ودار النفائس
الملاحظة السادسة :
ذكـر انـي وثـقـت الـوضاعين و الضعفاء الجرهمي و امثالهم اقـول : وهـذه دعـوى مـن الـنوع الثقيل توثيقي لهؤلاء بالنص وليس بالادعاءات التي كنت اربا بمثله ان ينشرها ويكررها اما قولي بانهم لم يذكروا القعقاع فهذا صحيح لكن هذا لا يعد توثيقا لهم وانماقصدي انهم مع ضعفهم
وكذب بعضهم الا انهم لم يتجرءوا على ما تجرا عليه سيف بن عمر
الملاحظة السابعة :
كل ما ذكره الدكتور في اكثر العمود الاول ثم كامل العمود الثاني والثالث والرابع والخامس ليس له
دخل في موضوعنا
الملاحظة الثامنة :
ذكـر انـنـي اتباهى بذ كر نشوان الحميري البتة
الملاحظة التاسعة :
ذكـر ان وهـب بـن مـنبه من الاسماء التي طرحتها انا وزكيتها ثم زعم ان (وهب بن منبه من اوائل
الملفقين الوضاعين وانه راس مدرسة الدس والتدليس ) اقول : الا يعلم الدكتور ان وهب بن منبه احتج به البخاري ومسلم في صحيحيهما والغريب في الاخ الفريح انه يطلق اقواله بلا منهج ولا ضوابط.الملاحظة العاشرة :
ذكر انني بذلت جهدي في جعل ابن عديس من الصحابة اقول : على اهل الحديث ان يتبينوا من منا المصيب الملاحظة الحادية عشرة :
ذكر انني فضلت الهمداني اليمني على الطبري وابن كثير وابن حجر اقول وعليك السلام ورحمة اللّه
الملاحظة الثانية عشرة :
خلط الدكتور بين امرين في شان ابن عديس فظن انني قلت انه لم يخرج على عثمان مـا قـلته (انظر بيعة علي ص 284) فانا اعرف ان ابن عديس خرج على عثمان واخطا لكنني انفي
وبـشـدة ان يكون هذا الصحابي وامثاله من تلاميذ عبد اللّه بن سبا كما اراد سيف بن عمر موثقوه ومحبوه و امـا مـا ذكره الفريح من ان المؤرخين الاخرين ذكروا خروج ابن عديس فهذاصحيح وليس هذا
مـوطن نزاع لكنهم لم يذكروا انه من اتباع عبد اللّه بن سبا عـنـدنا - بحمد اللّه - تستحي من ذكره وتهمل اقوال سيف فيه ولا يذكرون ابن سبا في الفتنة تبعا
للمحققين من العلماءالمتقدمين والمتاخرين .اذن فما ذكره من انني لم اذكر مؤرخا آخر تكلم عن دور ابن عديس في الفتنة من اخف دعاواه التي
شـحـن بـه مـقاله التاسع ليرى الحقيقة التي كتبتها بعيدا عن تخرصات الفريح في هذه القضية التي ملا بها ثلاثة اعمدة
التي كانت (نصف المقال )
الملاحظة الثالثة عشرة :
ذكر ان المؤرخين تابعوا سيفا (وعدوا ابن عديس من السبئية ) وليته يذكر لنا مؤرخا واحدا من هؤلاء الذين ذكروا ان ابن عديس من السبئية وفي ظني لو قال احد
ان (معاوية من السبئية ) لغضبنا فما بالنا لا نغضب لاحداصحاب بيعة الرضوان علما بان السبئية لا تعني مجرد الخروج على عثمان كما ان الخارجية لا تعني كل خروج على علي
ابن سبا (اسطورة الاخـوان الكريمان الهلابي والعودة ويتحاوران للتوصل الى حقيقة (عبد اللّه بن سبا) لكان افضل مع
انني - حتى الان - اميل الى نتيجة الدكتور الهلابي لكن لم اجزم الا ببطلان دور ابن سبا في الفتنة
لانني بحثت الموضوع اما وجوده مطلقا فانا الى الان لااجزم بذلك .الملاحظة الرابعة عشرة :
اسـتـطـرد الـفـريـح فـي الكلام عن عبد اللّه بن سبا والسبئية معظم العمود الخامس يريد تشتيت
الـموضوع وانا اريد الابقاء عليه . وما ذ كره ايضا لا دخل له بموضوع القعقاع بن عمرو وقد سبق
الـكـلام فـي هذا الموضوع في كتاب الرياض ,لكنني انصح القارئ باقتناء كتابي العودة والهلابي ثم
ليقارن القارئ ولينظر هل ابن سبا حقيقة ام اسطورة
الملاحظة الخامسة عشرة :
ما زعمه الفريح بانني اعتمدت على كتب مطبوعة وانني لم آت بجديد زعم باطل عريض صـحيح ان الباحث يطلع على ما كتب في الموضوع ولاانكر انني قبل الكتابة عن سيف او القعقاع قد
اطلعت على ما كتبه الهلابي والعودة والمعلمي والتباني والعسكري وطه حسين وغيرهم من العلماء
والـبـاحـثين لكنني لم اقلد احدا منهم واستخرجت روايات سيف بنفسي وبحثتها رواية رواية سندا
ومتنا واستدركت عليهم اشياء كثيرة فاتتهم مع تقديري لمن سبق وعدم هضم حقه لكن اول من دفعني
لـلجراة في هذا الموضوع هو المعلمي وليس الهلابي كما ظن الهويمل الـهـلابي ثم ان كل ما كتبته عن سيف او القعقاع كان بحمداللّه نتيجة بحث ذاتي ولا يعني هذا عدم
الالـتـفـات الى الدراسات السابقة كمالايعني ان اوجب على نفسي ان اخالفهم في كل النتائج فالبحث
العلمي لا يعادي احدا ولا يقلد احدا والحكمة ضالة المؤمن ياخذها حيث وجدها.الملاحظة السادسة عشرة :
مـا ذكره الفريح بتزوير في توثيق سيف بن عمر واعتماده على نقل الطبري وابن الاثير وغيرهم
عـنـه اضافة الى تفسيره لبعض الاقوال - كاقوال ابن حجروالذهبي ثم اعتماده على توثيق صاحب
دار الـنفائس لسيف بن عمر فما بعدها).الملاحظة السابعة عشرة :
ذكر انني رميت اصحاب المصادر التاريخية الاصلية بالغباء والغفلة اقول : اي مصادر يقصد هل يقصد مصادر المتقدمين كاصحاب الكتب الستة ومن في طبقتهم ومن قبلهم
ام يـقـصـد الذين نقلوا عن سيف بن عمر فـالاخـذ بـاقوال المتاخرين اولى ان يتهم باستخفافه بالمتقدمين الذين لم يهملوا تراجم اقل شانا مما
يقوله سيف عن القعقاع ثم انا ليس لي اية مصلحة في نفي وجود القعقاع الا محبة معرفة الحقائق بعينهابعيدا عن الاختلافات
والتهويلات .رد الدكتور الهويمل :
اسعدني رد الدكتور حسن الهويمل الذي حث فيه المتخصصين على المشاركة في (تقليم اظافر هذا
الـشـاب لمعرفة الحق , لكن المشكلة الكبرى في مقالة الدكتور الهويمل - واخشى الا تكون كل مقالاته هكذا
- انـه مـقـال بـلا مـوقـف ,قراته ثلاث مرات ولم اخرج بنتيجة وتذكرت المثل الكرد ي القائل :
(الـفـاسـقـون الـخـمـسة اربعة الفار والثعبان والوزغ ) سطرواحد لذا ارجو ان تكون كتاباته المستقبلية اكثر وضوحا, واسمى هدفا وابعد عن الضبابية ..
دروس من معركة القعقاع
د.
حسن بن فرحان المالكيصحيفة الرياض - 17 ربيع الاول - 1418 ه
كـل الـحياة مليئة بالدروس والعبر, ومن محاسن هذه العبر وخصائصها الحسنة انها لا تقتصر على
الـخـيـر او الـشر, بل لا يكاد العاقل يرى حدثا او يسمع خبرااو يقرا فكرة الا وجد في ذلك من
الدروس ما يضيفه الى ما يماثله مما سجله خاطر او سطره قلم او سنح به فكر.وعـلـى هـذا يجب ان نعلم ان الشر لا يخلو من فائدة ولو للعبرة . كما لايجوز ان نظن ان الخير لن
يـصـاحـبـه شر ولا ان الحق لن ينازعه باطل , فهذه من سنن اللّه في الحياة مزجها لتتكامل منظومة
الحياة (وبضدها تتميز الاشياء).لـهـذا كـله فانا ارغب الا تنجلي (معركة الحوار حول القعقاع بن عمرو) التي دارت عبر الاسابيع
الماضية الا ونسجل منها بعض الفوائد والدروس والعبر, هذه العبر التي نريد من القارئ ان يتذكرها
عندما تتشابه (المعارك ) وانـا لا ازعـم انني ستي على جل الفوائد فضلا عن كلها اضافة الى ان غيري قديدرك اشياء اعمق
وفـوائد اقـوى مـمـا اذكـره هنا, لكن هذا تذكير مني لنفسي ولاخواني القراء بان نستفيد من هذه
(الـمعارك الـنـاس مـن الـنـاحـيـة الـعـلـمـيـة ونـعرف طريقتهم في عرض الافكار, وطريقتهم في اخفاء
الـحقائق ,ومحاربتها ايضا الا من نسياننا لهذه الدروس والعبر التي تساعدنا في تفسير بعض الماضي وفهم اكثر المستقبل امـا الان فـساحاول ان اسجل ما اراه من ابرز الفوائد والوقفات والنصائح ايضا يعشق الحقيقة فقط ولعل من ابرز الوقفات التي يجب ان يعلمها محبو الحقيقة ما يلي :
اولا: الحقيقة والوضع السائد
يـجب ان نعلم ان هناك فرقا كبيرا بين من يكتب للحقيقة وحدها ومن يكتب لارضاء الناس من الزملاء
والاصـدقـاء والاسـاتـذة والـتلاميذ للنصوص والعقول في كثير من الامور العلمية وانمايراعي البراهين والادلة العلمية . او التي يراها علمية وقد يخطئ ايضا لكنه واضح الموقف لا
يـغش ولا يدلس ولا يتلون , ولا يستغفل القارئ , ولا يطلي الباطل بطلاء الحق , ولا ينتظر الثناء من
احد او عتابه , كما لا ينتظر موافقة احداو معارضته وينشرها بين الناس ويتعب في محاولة ايصالها مفهومة واضحة الى اكبر عدد ممكن من المهتمين .هـذا الناشد للحقيقة كان بامكانه ان يكتب ما لا يثير راكدا, ولا يخالف سائدا,ولا يجلب ضررا, لكنه
يـرى ان نـشـر الـحـقيقة مع ما يصاحبها من اذى , خير من كتمان العلم ذلك الكتمان الذي يساهم في
(تشكيل ) عقل القارئ ليكون (امعة ) ان احسن الناس القول احسنه , وان اساؤوا القول اساءه , وبالتالي
يـسـاهم ايضا في (تاسيس الجهل العلمي الـعـلـم والتحقيق تجعل القارئ يظن ان الجهل علم عظيم التي تمشي على اربع فتسبق الحي الذي يمشي على رجلين
ثانيا: الاكثرية ليست مقياسا يـردد بـعض الناس (اكثر الناس على هذا...) او (اكثر الناس يعارضون هذا الامر...) ومع ان هذا
الـحـكـم يحتاج لدراسة الا انه ليس من معايير الحق ان تتبناه الاكثرية الصحة , وليس هناك دليل شرعي ولاعقلي على هذا.بل ان اللّه عزوجل اخبرنا في كتابه بان (اكثر الناس لا يعلمون ) و(اكثرهم لايعقلون ) و (اكثرهم
يجهلون ) و (اكثرهم للحق كارهون ) التوالي كالتالي الروم (30), المائدة (5),الانعا م (6), المؤمنون (23), يونس (10).اذن فالاكثرية ليست مقياسا صحيحا للحق , ولذلك نجد اكثر الناس كفارا,واكثر المسلمين مقلدين او
جـهلة , واكثر المقلدين متعصبين , وهكذا تنتقل الاكثرية المخطئة بارتياح - من وسط الى وسط ومـن زمـن الـى زمـن اخرى ,فلا تخلو الاكثرية من رفض لحق , ولا تمسك بباطل , وواجبنا ان نقلص هذاالباطل , ونوسع
هذا الحق . اما الذي لا يعترف الا بشرعية آراء الاكثرية فهومخالف لنصوص القرآن الكريم كما ان
الـذي لا يشعر بتعصب الاكثرية او ظلمهافقد يكون من الاكثرية نفسها يشعر بالسحر فلذلك لن يشعر الفرد من الاكثرية باخطائها ولا امراضها العلمية ولو نظرتم للتاريخ لوجدتم ان (الاكثرية ) هي التي حاربت الرسل والمصلحين .