وقفة المؤلف مع الكازروني
قال
أحمد بن منصور الكازروني في (مفتاح الفتوح) ولدت
فاطمة عليّاً(عليه السلام) في الكعبة ، ونقل عنها أنّها كانت إذا أرادت
أن تسجد لصنم وعليّ في بطنها لم يمكِّنها; ولذا يقال عند ذكر اسمه :
«كرّم الله وجهه ، أي كرّم الله وجهه عن أن يسجد
لصنم» .
وهنا
يقول الشيخ : أنا لا أحاول تصديق الرجل في كلّ ما يقول غير ما أتيت به
من كلامه شاهداً لموضوع الرسالة ، فإني لا أصافقه على أنّ فاطمة كانت
تسجد للصنم ، وإن كان ابنها أكبر وازع عن عبادة الأوثان ، ولو كنت
أجوّز لها تلكم الاسطورة ، لما عداني اليقين بما ذكره من أمر
جنينها . لكنّي أعتقد أنّ كون الإمام سلام الله عليه في بطنها
حملا ، وتقدير كونها حاملا له(عليه السلام) من الله سبحانه منذ
الأزل ، كان عاصماً لها عن عبادة الأصنام كبرهان الربّ (العصمة) المانع
يوسف عن الزنا ، وهذا هو الذي نعتقده في آباء النبيّ والأئمّة عليهم
وعليه السلام وأُمّهاتهم ، فهم مبرّؤون عمّا يصمهم في دين أو
دنيا .
. . . ثمّ قال : إنا لا نقيم لهاتيك الرواية الساقطة
وزناً ، وإن وافق راويها في إخراجها ابن حجر في (الصواعق) ولقد أُسرَّ
ناقلها حَسواً في ارتغاء يزيد وقيعة في اُمّ الإمام كما تحامل على أبيه
المقدّس فحكم بكفره لأمر دبّر بليل ، فصبّها في قالب الفضيلة له
وتلقّاها الغير في غير ما رويّة ، انتهى .
أما
عبد الرحمن الجامي في (شواهد النبوّة)86
فقد أسند حديث ولادة الإمام علي(عليه السلام) إلى بعضهم . وإن خلط
الحابل بالنابل ـ كما يقول عنه المؤلّف ـ وجاء بعثرات لا تقال حول تاريخ
الولادة مخالفة للضرورة والإجماع ، إلاّ أنّ المهمّ في كلامه هو إسناد
حديث الولادة .
وما
قاله الشيخ عبد الحق بن سيف الدين المحدّث الدهلوي في (مدارج
النبوّة) . . . وقالوا : إنّ ولادته كانت في جوف
الكعبة»87 .
وأمّا
حديث الولادة الذي رواه يزيد بن قعنب فقد ذكره الأمير محمد صالح الكشفي
الترمذي الأكبر آبادي في كتابه (المناقب) بأسانيد متكرّرة ، وقد أرسله
إرسال المسلّم في كتابه المذكور ، ونقل أيضاً في كتابه هذا قول أبي داود
البناكتي : «لم يحظ أحد قبل الإمام(عليه السلام) ولا بعده بشرف الولادة
في البيت»88 .
وصدر
الدين أحمد البردواني وهو من متأخّري علماء السنّة في (روائح المصطفى)
قال : كانت ولادته(عليه السلام) في جوف
الكعبة . . .»89 .
وشاه
محمد حسن الجشني في كتاب (آئينه تصوف) قال : إنّه(عليه السلام) ولد في
الكعبة . . . وميرزا محمد بن رستم البدخشي قال في (مفتاح
النجا في مناقب آل العبا) : . . . ولم يولد في البيت
الحرام أحد سواه ، قبله ولا بعده ، وهي فضيلة خصّه الله
بها» .
وأمّا
العلاّمة الشيخ الشنقيطي المدرس بالأزهر في (كفاية الطالب لمناقب علي ابن
أبي طالب) وهو شديد التحرّز من أحاديث الروافض المكذوبة كما يزعم; لأن
الإمام(عليه السلام) في غنى عنها كما يرى الشنقيطي لكثرة ما ثبت في السنّة من
أحاديث فضائله ، أرسله إرسال المسلّم أن من مناقبه ـ كرّم الله وجهه ـ
أنّه ولد في داخل الكعبة ، ولم يعرف ذلك لأحد غيره إلاّ حكيم بن حزام
رضي الله عنه .
وقد
أوضحنا القول في هذه الولادة الأخيرة المزعومة في المقدّمة وفي متون هذا
الكتاب فلا نعيد .