حديث الولادة الشريفة مشهور بين الأمّة
تحت
هذا العنوان كتب سماحته إنّ
أيسر ما يسع الباحث إثباته هو شهرة هذا النبأ العظيم بنصوص أئمّة الحديث بذلك
من ناحية ، وبتداول ذكره في الكتب من ناحية اُخرى ، وبالتسالم على
روايته واطراد أسانيده من جهة ثالثة . ولها شواهد أخرى لعلّك تقف عليها
في غضون هذه الرسالة إن شاء الله .
ثمّ
راح يذكر أقوال كبار علماء الحديث ، نكتفي بأسمائهم وكتبهم وبعض
أقوالهم ، لننتقل بعد ذلك إلى روايات الولادة المباركة للإمام علي(عليه
السلام) .
* العلاّمة المجلسي في جلاء العيون : «إنّ
ولادته(عليه السلام) في البيت ، يوم الجمعة الثالث عشر من رجب ،
سنة ثلاثين من عام الفيل ، مشهورة بين المحدّثين والمؤرِّخين من الخاصة
والعامة»36 .
* المولى محمود بن محمد باقر في تحفة السلاطين :
«إنّ حديث ولادته(عليه السلام) في البيت يوم انشقّ جداره لفاطمة بنت أسد
فدخلته، مشهور كالشمس في رائعة النهار»37.
* السلطان محمد بن تاج الدين في تحفة المجالس :
«إنّ الأقرب إلى الصواب أنّه(عليه السلام) ولد في الكعبة» وذكر بعض
أخبارها . ثمّ قال : «وفي الأخبار أنّه لم يكن شرف الولادة في
البيت لأي أحد قبله ولا بعده»38 .
* الشيخ العاملي الاصبهاني (ت 1100) في ضياء
العالمين : «إنّ الولادة في البيت كانت مشهورة في الصدر الأوّل ،
بحيث لم يمكن إنكارها مع أنّهم ـ يعني أهل الخلاف ـ أنكروها أيضاً
أخيراً»39 .
هذا
وأن هذه الشهرة في الأخبار لا يبارحها التواتر في
الأسانيد .
* وانظر العلاّمة الحلّي (ت 726) في كشف الحق وكشف
اليقين40 .
* والإربلي (ت 692) في كشف الغمّه حيث قال : «ولم
يولد في البيت أحد سواه قبله ولا بعده ، وهي فضيلة خصّه الله بها إجلالا
له وإعلاءً لرتبته وإظهاراً لتكرمته»41 .
* ومثله الشيخ ابن الفتال النيسابوري في روضة
الواعظين .
* والحافظ ابن شهرآشوب المازندراني (ت 588) في مناقبه
وبعد أن روى أحاديث الولادة42 .
* العلاّمة العاملي في الصراط المستقيم ذاكراً ارجوزة
السيّد الحسيني ومولد الوصيّ أيضاً في
الحرم بكعبة
الله العليّ ذي الكرم43
* العلاّمة الطبرسي الآملي في تحفة الأبرار44 .
* القاضي السعيد الشهيد سنة 1019 التستري حين طفق ينازل
ويناضل القاضي روزبهان من علماء المعقول والمنقول ، حنفي الفروع أشعري
الأصول ، في إحقاق الحق حيث قال : «إنّ الفضيلة والكرامة في أنّ
باب الكعبة كان مقفلا ، ولما ظهر آثار وضع الحمل على فاطمة بنت أسد ـ
رضي الله عنها ـ عند الطواف خارج الكعبة انفتح لها الباب بإذن الله
تعالى ، وهتف بها هاتف بالدخول .
كما
عقّب التستري على مسألة ولادة حكيم قائلا وعلى
تقدير صحّة تولّد حكيم بن حزام قبل الإسلام في وسط بيت الله الحرام ،
فإنّما كان بحسب الاتفاق كما يتّفق بسقوط الطفل من المرأة ، والعجل من
البقرة في الطريق وغيره ، على أنّ الكلام في تشرّف الكعبة بولادته
فيها ، لا في تشرّفه بولادته في الكعبة»45 .
* أبو الحسن المالكي في (الفصول المهمّة في معرفة أحوال
الأئمّة) يذهب المذهب نفسه في ولادة حكيم : فبعد أن يذكر ولادة عليّ في
جوف الكعبة قال : وأمّا حكيم بن حزام فولدته أمّه في الكعبة اتفاقاً لا
قصداً» وقد أصفق في هذا الكلام معه البحّاثة عبد الرحمن الصفوري الشافعي في
نزهة المجالس46 .
بعد
هذا فإنّ كتباً كهذه «المتينة المبنية على الحجاج والنضال لاسيما كتب
العلاّمة والقاضي التستري وابن بطريق لم يتوخّ مؤرخوها ـ والكلام ما زال
للشيخ المؤلف ـ سرد الوقائع التاريخية من أينما حصلت ، وإنّما قصدوا
فيها إلزام الخصوم بالحجج النيّرة ، فهل يمكنهم إذن أن يسترسلوا بإيراد
ما توسع بنقله القالة من دون تثبت؟ لا ، ولكن شريعة الحجّ والدين تلزمهم
بإثبات الشائع الذائع المتلقّى عند الفريقين بالقبول المشهور نقله ،
الثابت إسناده بحيث لا يدع للمتعنت وليجة إلى إنكاره ، وإلا لعاد ما
يذكره ثلماً في بيانه ، وفتّاً في عضد برهانه ، فمن الواجب إذن أن
يكون هذا الجواب ممّا يخضع له الخصم ولا يتقاعس عن الإخبات به الأولياء لمكان
شهرة النقل له .