يا نفس:
فكيف أمنت هذه الحالة، وأنت صائرة إليها لا محالة؟! أم كيف تتهنئين
بحياتك، وهي مطيتك إلى مماتك؟! أم كيف تسيغي طعامك وأنت تنظري حمامك؟!
وهل يحرص على الدنيا لبيب، أو يسر بلذتها أريب، وهو على ثقة في فنائها،
وغير طامع في بقائها؟! أم كيف تنام عين من يخشى البيات (1)، أو تسكن نفس
من يتوقع الممات؟!
ومن يصحب الدنيا يكن مثل مستق
فطلقهما يمن المفازة دائما (2)
وتنجو بعون الله من كل موجل
من الماء من بئر عميق بمنخل
وتنجو بعون الله من كل موجل
وتنجو بعون الله من كل موجل
يا نفس:
ضعي فخرك، واحططي كبرك، واذكري قبرك، ولا تقولي: غرتني
الدنيا وقد أرتك مضاجع آبائك من الثرى، ومصارع (3) أمهاتك من البلى، كم
مرضت بكفيك، وكم عالجت بيديك؟! تبتغي لهم الشفاء، وتستوصفي لهم
الأطباء، مثلت لك بهم الدنيا مضجعك، وبمصرعهم مصرعك.
(1) البيات: الأخذ بالمعاصي. مجمع البحرين 2: 194 بيت.
(2) كذا في ب، ولم يرد البيت بأكمله في أ.
(3) في ج، د: ومنازل.