لا فكرة له، ولا فكرة لمن لا اعتبار له، ولا اعتبار لمن لا ازدجار له، ولا ازدجار
لمن لا إقلاع له.
يا نفس:
ما لي أراك إذا قرب إليك الطعام في الليل الداج (1)، تكلفت إنارة
السراج، لتبصرين ما يدخل بطنك من المأكول والمشروب، ولا تهتمين بإنارة
لبك (2) بالعلم والتقوى [ لتسلمين ] من لواحق الجهالة والذنوب، فنزهي
نفسك عن المآثم والعيوب، واعلمي: أن أعظم الخطايا عند الله تعالى اللسان
الكذوب.
وعليك بالتقوى وصحة النية في العلوم (3) والأعمال، فإن دخلها الرياء
ضاع الربح ورأس المال، فبالإخلاص يعرف الصواب من الزلل، والاستقامة
من الخطل، وكلما امتدت المعارف، اشتدت المخاوف (4).
وإياك واتباع إبليس الذي رضي بهلاك نفسه، واختار من كل شئ أقبح
جنسه، [ أترين ] من غر أباك ينصحك، ومن أفسد شأن نفسه يصلحك،
فما يغتر بالدنيا غير غر (5)، لا يعرف هرا من بر (6).
(1) أي: المظلم. مجمع البحرين 2: 297 دجج.
(2) أي: عقلك. مجمع البحرين 2: 164 لبب.
(3) في أ: في المعلوم.
(4) في أ: المجارف.
وهي من الجرف الذي هو: الأخذ الكثير. اللسان 9: 25 جرف.
(5) الغر: هو المخذوع والغافل. مجمع البحرين 3: 422 غرر.
(6) في أ: قلت في قولهم: فلان لا يعرف هرا من بر ثلاثة أقوال:
الأول: أنه لا يعرف من يكرهه ممن يبره، قال الشيخ عبد الرحمن العتايقي في كتابه الملقب بالغرر
والدرر: وهذا القول أجود الأقوال.
الثاني: لا يعرف شيئا من شئ.
الثالث: لا يعرف السنور من الفأرة.