وطيف الجنائب.
يا نفس:
كوني من المصلين ولا تكوني من المضلين، وكوني من المناجين تكوني في
الناجين، والزمي اليقين تكوني من المتقين، واتركي دنياك فإنها أنتن من جيفة
المزابل، واخرجي منها فإنها أضيق من كفة الحابل، فألقيها فإنها حليلة آبائك،
وضايقيها فإنها ضجيعة أبنائك، واغتنمي فودك (1) الفاحم قبل أن يبيض، فإنما
الدنيا جدار يريد أن ينقض، وإياك ومضاجعة هذه العجوز الشوهاء (2)، وحذار
من هذه الحية الفوهاء (3)، ولا يغرنك قطفها النضيج، ونورها البهيج، فهو غيث
أعجب الكفار نباته ثم يهيج.
يا نفس:
لا تفخري على أهل الحسب، لشرف النسب، فالشرف البالغ نباهة
النبيه، والمجبوب (4) من يفتخر بذكر أبيه، فما يخفض المرء جمول الأسلاف، إنما
الحصرم جد السلاف، والأنجاد قد تلد الأوغاد، والنار تعقب الرماد، والأرض
كما تنبت الحبات، تولد الحيات، والمرء بفضيلته لا بفصيلته، والانسان بسيرته
(1) فود الرأس: جانباه. مجمع البحرين 3: 122 فود.
(2) أي قبيحة المنظر. مجمع البحرين 6: 351 شوه.
(3) أي: الواسعة الفم. العين 4: 95 فوه.
(4) أي المقطوع. مجمع البحرين 2: 21 جبب.