الذر، من الخير والشر (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال
ذرة شرا يره) (1) ولا ينجي من هذه الأخطار الجليلة، إلا محاسبة (2) النفس
كل يوم وليلة.
فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة (3) حسابه، وحضر
عند السؤال جوابه، وعظم يوم القيامة ثوابه (4)، وحسن منقلبه وما به (5).
ومن لم يحاسب نفسه، وأضاع يومه وأمسه، وتلفع (6) بملاءة الهوى،
وتعرى من لباس التقوى، وجب أن يطول في عرصات القيامة مقامه، وتدوم
في مواقف يوم الطامة آلامه.
فحق على كل ذي علم، وحتم على كل ذي حزم:
محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة
فإن النفس بالطبع متمردة عن الطاعات، مستعصية عن العبادات،
فكن لها من الواعظين (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) (7).
ففي الخبر: لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه، فيعلم
طعامه وشرابه ولبسه.
وعنه عليه السلام: قيدوا أنفسكم بمحاسبتها، واملكوها بمخالفتها،
تأمنوا من الله الرهب، وتدركوا عنده الرغب، فإن الحازم من قيد نفسه
(1) الزلزلة 99: 7 و 8.
(2) في ب: إلا بمحاسبة.
(3) في ب: يوم القيامة.
(4) جملة: وعظم يوم القيامة ثوابه، لم ترد في أ، ب.
(5) أي: مرجعه. اللسان 1: 218 أوب.
(6) أي: التحف، والالتفاع والتلفع: الالتحاف بالثوب، وهو أن يشتمل به حتى يجلل جسده. اللسان
8: 320 لفع.
(7) الذاريات 55: 51.