محاضرات فی الاعتقادات جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
لاحظوا كتاب إملاء ما منّ به الرحمن في إعراب القرآن لأبي البقاء، وهو كتاب معتبر، هُناك يدّعي بأنّ كلمة ( وَأَرْجُلُكُمْ ) بناء على قراءة الرفع مبتدأ والخبر مغسولة، فتكون الآية دالّة على وجوب الغسل(1).لكنّ الزمخشري(2) وغير الزمخشري من كبار المفسّرين يقولون بأنّ تقدير مغسولة لا وجه له، لأنّ للطرف الآخر أن يقدّر ممسوحة.ومن هنا يقول الآلوسي(3): وأمّا قراءة الرفع فلا تصلح للاستدلال للفريقين، إذ لكلّ أن يقدّر ما شاء، القائل بالمسح يقدّر ممسوحة والقائل بالغسل يقدّر مغسولة.نرجع إلى القراءتين المشهورتين أو المتواترتين، بناء على تواتر القراءات السبع.أمّا قراءة الجر ( وَأَرْجُلِكُمْ ) وجه هذه القراءة واضح، لأنّ الواو عاطفة، تعطف الأرجل على الرؤوس، الرؤوس ممسوحة فالأرجل أيضاً ممسوحة (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ )، بناء على هذه القراءة تكون الواو عاطفة، والأرجل معطوفة على الرؤوس، وحينئذ تكون الآية دالّة على المسح بكلّ وضوح.أمّا بناء على القراءة بالنصب ( وَأَرْجُلَكُمْ ) الواو عاطفة، وأرجلكم معطوفة على محلّ الجار والمجرور، على محلّ رؤوسكم، ومحلّ رؤوسكم منصوب، والعطف على المحل مذهب مشهور في علم النحو وموجود، ولا خلاف في هذا على المشهور بين النحاة، وكما أنّ الرؤوس ممسوحة، فالأرجل أيضاً تكون ممسوحة.فبناء على القراءتين المشهورتين تكون الآية دالّة على المسح دون الغسل.وهذا ما يدّعيه علماء الإماميّة في مقام الاستدلال بهذه الآية المباركة.ولننظر هل لأهل السنّة أيضاً رأي في هاتين القراءتين أو لا؟ وهل علماؤهم يوافقون على هذا الاستنتاج، بأنْ تكون القراءة بالنصب والقراءة بالجرّ كلتا القراءتان