الرأي الحقّ في مسألة عدالة الصحابة
وأمّا الرأي الحق في المسألة، بعد أن بطلت أدلة القول الأوّل الذي ادعي عليه الإجماع، فهو أنْ ننظر إلى الكتاب وإلى السنّة نظرة أُخرى، فنجد في القرآن الكريم أنّ الذين كانوا حول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ثلاثة أقسام:إمّا مؤمنون، وهذا واضح.وإمّا منافقون، وهذا واضح.وإمّا في قلوبهم مرض، وهذا أيضاً واضح.هؤلاء طوائف كانوا حول رسول الله.فإذن، ليس كلّ من كان مع رسول الله كان مؤمناً، المؤمنون طائفة منهم، المنافقون طائفة أُخرى، والذين في قلوبهم مرض طائفة ثالثة.ومن الجدير بالذكر ـ وعلى الباحثين أن يتأمّلوا فيما أقول ـ أنّ في سورة المدّثر وهي ـ على قول ـ أوّلُ ما نزل من القرآن الكريم في مكّة المكرّمة، ولو لم تكن أوّل ما نزل فلعلّها السورة الثانية، أو السورة الثالثة، في أوائل البعثة النبويّة والدعوة المحمّديّة نزلت هذه السورة المباركة، في هذه السورة نجد أنّ الله سبحانه وتعالى يقول: ( وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) لاحظوا بدقّة ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) هذه طائفة من أهل مكّة ( وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً )إذنْ، في مكّة عند نزول الآية أُناس كانوا أهل كتاب واُناس مؤمنين ( وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً )(1).1- سورة المدثر: 31.