العصمة عن السهو والخطأ والنسيان - محاضرات فی الاعتقادات جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محاضرات فی الاعتقادات - جلد 2

السید علی الحسینی المیلانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ارتكاب المعصية أو ترك الطاعة والتكليف الشرعي.

ثم إن السيد الطباطبائي صاحب الميزان (رحمه الله)، عبّر عن هذا اللطف الإلهي بالموهبة، فالعصمة عبّر عنها بالموهبة الإلهيّة، وأرجع العصمة إلى العلم، وذكر أنها ـ أي العصمة ـ نوع من العلم والشعور يغاير سائر أنواع العلم، في أنه غير مغلوب لشيء من القوى الشعورية البتة، بل هي الغالبة القاهرة عليها المستخدمة إيّاها، ولذلك كانت تصون صاحبها من الضلال والخطيئة مطلقاً.

وإذا كانت العصمة راجعة إلى العلم، فيكون الأمر أوضح، لأن الإنسان إذا علم بقبح شيء فلا يريده، وإذا علم بالآثار المترتبة على الفعل الذي يريد أنْ يقدم عليه، تلك الآثار إنْ كانت حسنةً فإنه يقدم، وإنْ كانت سيّئة فإنه يحجم، فتكون العصمة حينئذ منبعثة عن العلم؟

ويكون الفارق بين المعصوم وغير المعصوم: أن غير المعصوم لم يحصل له ذلك العلم الذي حصل عليه المعصوم، ولذا لا يبلغ غير المعصوم مرتبة العصمة، لعدم وجود العلم اللازم فيه، وعدم حصول ذلك العلم الخاص له، وكثير من الأشياء يعجز الإنسان عن درك حقائقها من محاسن ومساوي، أما إذا كان الإنسان عالماً وبتلك المرحلة من العلم، وكان عنده تلك الموهبة الإلهية ـ كما عبّر السيد الطباطبائي رحمه الله ـ فإنه يعلم بحقائق الأشياء ويمتنع صدور مالا يجوز عنه.

ولابد من التحقيق الأكثر في نظرية السيد الطباطبائي رحمه الله، وأنه هل يريد أن العصمة منبعثة من العلم، وأنه هو المنشأ لهذه الحالة المعنوية الموجودة عند المعصوم، كما قرأنا في هذه العبارة، أو أنه يريد أنّ العصمة نفس العلم.

وعلى كل حال، فإن الإنسان إذا كان عالماً بحقائق الأشياء وما يترتب على كل فعل يريد أن يفعله، أو حتّى على كل نية ينويها فقط، عندما يكون عالماً ومطّلعاً على ما يترتب على ذلك، فسيكون عنده رادع على أثر علمه عن أنْ يقدم على ذلك العمل إذا كانت آثاره سيّئة، أو أنه سيقدم على العمل إذا كانت آثاره مطلوبة وحسنة.

العصمة عن السهو والخطأ والنسيان

أننا نشترط في العصمة أنْ يكون المعصوم منزّهاً عن السهو والخطأ والنسيان أيضاً، ولا منزهاً عن المعاصي والذنوب فقط.

كانت آية التطهير تدلّنا على عصمة الأئمة أو على عصمة أهل البيت (عليهم السلام) من الرجس، وكلمة الرجس نستبعد أنْ تطلق وتستعمل ويراد منها الخطأ والنسيان والسهو، إذن، لابد من دليل آخر، فما ذلك الدليل على أن الإمام والنبي معصومان ومنزّهان حتى عن السهو والخطأ والنسيان وما شابه ذلك؟

الدليل على ذلك: كل ما دلّ من الكتاب والسنّة والعقل والإجماع على وجوب الإنقياد للإمام أو النبي، على وجوب إطاعته إطاعةً مطلقة غير مقيدة.

تارةً نقول لأحد: عليك بإطاعة زيد في الفعل الكذائي، عليك بإطاعة زيد في الوقت الكذائي، عليك بإطاعة زيد إنْ قال لك كذا. أما إذا قيل للشخص: يجب عليك إطاعة زيد إطاعةً مطلقة غير مقيدة بقيد، غير مقيدة بحالة، غير مقيدة بوقت، فالأمر يختلف.

وبعبارة أُخرى: الإمام حجةٌ لله سبحانه وتعالى على خلقه، والخلق أيضاً إنْ انقادوا لهذا الإمام، وامتثلوا أوامره، وطبّقوا أحكامه وأخذوا بهديه وسيرته، سوف يحتجّون على الله سبحانه وتعالى بهذا الإمام.

إذن، الإمام يكون حجة الله على الخلائق، وحجة للخلائق إذا كانوا مطيعين له عند لله سبحانه وتعالى، ولذا يكون قول المعصوم حجة، فعل المعصوم حجة، وتقرير المعصوم حجة.

عندما يعرّفون السُنّة يقولون: السنّة قول المعصوم أو فعله أو تقريره، والسنّة حجة.

ولماذا؟ لأنّ جميع حركات المعصوم وأفعاله وتروكه وحالاته يجب أن تكون بحيث لو أنّ أحداً اقتدى به في تلك الحالات، في تلك الأقوال، وفي تلك الأفعال، يمكنه أنْ يحتجّ عند الله سبحانه وتعالى عندما يُسأل لماذا فعلت؟ لماذا تركت؟ عندما يسأل لماذا كنت كذا؟ لماذا لم تكن كذا؟ فالملاك نفس الملاك بالنسبة إلى المعصية.

ولو أنك راجعت كتب الكلام من السنّة والشيعة، عندما ينزّهون النبي عن المعصية وعن ارتكاب الخطأ يقولون: بأن ذلك منفّر، ويجب أنْ يكون النبي منزّهاً عن المنفّر، لأن الله سبحانه وتعالى قد نصب هذا الشخص لأن تكون جميع أعماله حجة، ولأن يكون أُسوة وقدوة في جميع أعماله وحالاته وسيرته وهديه، فإذا جاء الأمر بالانقياد مطلقاً، جاء الأمر بالطاعة المطلقة، لابد وأنْ يكون المطاع والمنقاد له معصوماً حتى من الخطأ والنسيان.

لو أنك طلبت من أُستاذ أنْ يدرّس ولدك درساً معيّناً، فجاء في يوم من الأيام وقال: بأني نسيت درس اليوم، أو درّس هذا التلميذ درساً غير ما كان يجب عليه أنْ يدرّس، أو أخطأ في التدريس، لربما في اليوم الأول تسامحه ويكون معذوراً عندك، ولو جاء في اليوم الثاني، وأيضاً أخطأ في التدريس أو نسي الدرس، ثم جاء في اليوم الثالث وكرّر تلك القضية أيضاً، لاشك أنك ستعترض عليه، وستعوّضه بأُستاذ آخر.

وهكذا لو أن إماماً نُصب في مسجد، لأنْ يأتمّ به الناس في الصلاة، فسهى في صلاة، وفي اليوم الثاني أيضا سهى، وهكذا تكرّر منه السهو أياماً، لا ريب أن القوم سيجتمعون عليه، وسيطلبون منه مغادرة هذا المسجد، وسيتوجهون إلى شخص آخر وينصبونه إماماً لهم، وهذا شيء طبيعي.

ولو أنك راجعت طبيباً، وأخطأ في تشخيص مرضك، وراجعه مريض آخر وأخطأ أيضاً في تشخيص مرضه، وراجعه مريض ثالث وأخطأ أيضاً في تشخيص مرضه، لاجتمع الناس وأهل البلد كلهم على هذا الطبيب، ولأغلقوا عليه بابه، ولغادر البلد بكل


احترام!! وهذا شيء واضح.

الله سبحانه وتعالى يريد أنْ ينصب أحداً بين المجتمع لأنْ تكون جميع أعمال هذا الشخص، وجميع أفعاله، وجميع حالاته حجة، يحتج بها على العباد، يكون قدوة للناس فيها ويكون أُسوة، يتبعونه ويسلكون مسلكه ثم يعتذرون إلى الله ويحتجون عليه بهذا الشخص.

لاحظوا كلام بعض علماء السنّة، أقرأ لكم عبارةً واحدةً فقط تشتمل على بعض الآراء والكلمات:

يقول الزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنيّة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إنه معصوم من الذنوب، بعد النبوة وقبلها، كبيرها وصغيرها، وعمدها وسهوها على الأصح [ كلمة على الأصح إشارة إلى وجود الخلاف بينهم ] في ظاهره وباطنه، سرّه وجهره، جدّه ومزحه، رضاه وغضبه، كيف؟ وقد أجمع الصحب على اتّباعه [ هذه هي النقطة ] والتأسي به في كل ما يفعله، وكذلك الأنبياء [ أي: لا يختص هذا بنبيّنا، كل الأنبياء هكذا ] .

قال السبكي: أجمعت الأُمة على عصمة الأنبياء فيما يتعلق بالتبليغ وغيره، من الكبائر والصغائر، الخسّة أو الخسيسة، والمداومة على الصغائر، وفي صغائر لا تحط من رتبتهم خلاف: ذهب المعتزلة وكثير من غيرهم إلى جوازها، والمختار المنع [ لماذا؟ هذه هي العلة: ] لأنا أُمرنا بالإقتداء بهم في ما يصدر عنهم، فكيف يقع منهم ما لا ينبغي؟ ومن جوّزه لم يجوّز بنص ولا دليل(1).

أقول: إن قضية شهادة خزيمة بن ثابت الأنصاري، وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لقّبه في تلك الواقعة بلقب ذي الشهادتين هي من أحسن الشواهد.

وقضية شهادة خزيمة هي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اشترى من أعرابي فرساً، ثم إن الأعرابي أنكر البيع، وليس هناك من شاهد، فأقبل خزيمة بن ثابت ففرّج الناس بيده

1- شرح المواهب اللدنية بالمنح المحمديّة 5 / 314.

/ 228