محاضرات فی الاعتقادات جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
يظهر من هذه الآية المباركة: أنّ حين نزول السورة المباركة في مكة كان الناس في مكّة على أربعة أقسام: كافرون، أهل كتاب، مؤمنون، في قلوبهم مرض.الكافرون معلوم، وهم المشركون، وأهل الكتاب أيضاً معلوم، يبقى المؤمنون وهم الذين آمنوا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).أمّا الذين في قلوبهم مرض، فمن هم؟ ففي مكة، المسلمون الذين كانوا حول رسول الله عددهم معيّن محصور، وأفراد معدودون جدّاً، يمكننا معرفة المؤمن منهم من الذي في قلبه مرض، نحن الآن لسنا بصدد تعيين الصغرى، لسنا بصدد تعيين المصداق، لكنّا عرفنا على ضوء هذه الآية المباركة أنّ الناس في مكّة في بدء الدعوة المحمديّة كانوا على أربعة أقسام: أُناس مشركون كافرون وهذا واضح، في الناس أيضاً أهل كتاب وهذا واضح، وفي الناس آمن برسول الله وهذا واضح، الذين في قلوبهم مرض، هؤلاء ليسوا من الذين آمنوا، وليسوا من المشركين والكافرين، وليسوا من أهل الكتاب، فمن هم؟ فيظهر، أنّ هناك في مكة المكرمة وفي بدء الدعوة المحمديّة أُناساً عنوانهم عند الله وفي القرآن الكريم: ( الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ).ولو راجعتم التفاسير لرأيتم القوم متحيّرين في تفسير هذه الآية وحلّ هذه المشكلة، ولن يتمكّنوا إلاّ أنْ يفصحوا بالحق وإلاّ أنْ يقولوا الواقع، فما دام لا يريدون الواقع تراهم متحيّرين مضطربين.يقول الفخر الرازي بتفسير الآية(1) ـ لاحظوا بدقّة ـ: جمهور المفسّرين قالوا في تفسير قوله: ( الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) إنّهم الكافرون، والحال أنّ في قلوبهم مرض قسيم وقسمٌ في مقابل الكافرين، هذا رأي جمهور المفسّرين.ثمّ يقول ـ لاحظوا بدقّة ـ: وذكر الحسين بن الفضل البجلي: أنّ هذه السورة مكيّة، ولم يكن بمكّة نفاق، فالمرض في هذه الآية ليس بمعنى النفاق.