تعالى، فيلزم تكليف ما لا يطاق، ولأنالواجبات الشرعية تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: ما يختص بالنبي صلى آله عليه وآله. الثاني: ما يختص بالأمة. الثالث: ما يشترك بينهم. فلو وجبت الإمامة بالشرع لكان إما منالقسم الأول وهو على تقدير وجوبه سمعاباطل إجماعا (1) وإما من الثاني وهو باطلأيضا لأن الإمام إنما وجب لإلزام المكلفينبالواجبات وترك المحرمات وبه تحصيل نظامالنوع، فهو أهم الواجبات فيستحيل إيجابملزم لهذه الواجبات التي لا يعم نفعها ولاتشمل من المصالح على ما يشتمل عليهالإمامة من دون إيجاب ملزم لهذه الواجباتالعظيمة واستحالة هذا من الحكيم ضرورية (2)فيلزم التسلسل، ولأن الاتفاق، إما أن يكونشرطا أولا، والأول إما اتفاق الكل أوالبعض، فإن كان الأول انتفى الواجب، إذاتفاق الكل مع الاختلاف الأهواء وتشتتالآراء مما يتعسر بل يتعذر بل يستحيل وإنكان الثاني فأما بعض معين (1) وذلك لأن القائلين بوجوب الإمامة سمعالا يرونها من الواجبات على النبي صلّىالله عليه وآله. (2) إيضاح ذلك أن نقول: إن الغرض من الإمامةحفظ الشريعة وحمل الأمة على الهدى وصدهمعن الردى ونظام نوع البشر واجتماعهم تحتلواء واحد إلى غير ذلك، فوجوب الإمامة منأهم الواجبات، بل هي أهم واجب، لأن بهاأداء الواجبات ومنع المحرمات، ونرى أنهناك واجبات غير عامة النفع، ولا تشتملعلى مصالح كمصالح الإمامة، وكانت مصالحهاأوجبت الالزام بها، بل نرى كثيرا منالمسنونات من عبادات وغيرها اهتم الشارعلبيانها، فكيف لا تكون مصالح الإمامةالعظمى وفوائدها الكبرى لا توجب الالزامبها، فيستحيل على الحكيم سبحانه أن تكونلديه تعالى تلك المصالح الضعيفة باعثة علىالالزام بتلك الواجبات ولا تكون المصالحالجلي والمنافع المهمة في الإمامة غيرملزمة بإيجابها عليه جل شأنه فوجوب نصبالإمام من قبله جل شأنه لتلك المصالح يجبأن يكون من البديهيات التي لا يختلجهاالشك ولا يعتريها الريب، ويستحيل عليهتعالى إيجاب تلك الواجبات دون الإمامة.