إنّ موسى (عليه السلام) بعدما أفاق، أخذ بالتنزيه أولاً والتوبة والانابة إلى ربّه ثانياً، وظاهر الاية أنه تاب من سؤاله، كما أنّ الظاهر من قوله: (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) إنه أوّل المصدّقين بأنه لا يرى بتاتاً.وللباقلاني أحد دعاة مذهب الامام الاشعري كلاماً في تفسير التوبة، أشبه بالتفسير بالرأي، قال:يحتمل إنّ موسى تاب لاجل أنه ذكر ذنوباً له قد قدّم التوبة منها، فجدّد التوبة عند ذكرها لهول ما رأى، أو تاب من ترك استئذانه منه سبحانه في هذه المسألة العظيمة(1) .لكن كلّ ما ذكره وجوه لا يتحمّلها ظاهر الاية، وإنّما تورّط فيها لاجل دعم المذهب، وهذا هو الذي ندّد به النبيّ الاكرم وقال: «من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار»، ومثله قول الرازي في تفسير قوله: (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) بأنه لا يراك أحدٌ في الدنيا، أو أوّل المؤمنين، بأنه لا يجوز السؤال منك إلاّ باذنك(2) .
* * *
شبهة المخالفين:
قد تقدّم أنّ الاية استدلّ بها النافون والمثبتون، وقد تعرّفت على ____________(1) الباقلاني (ت/403)، التمهيد: 270-271.(2) الرازي، مفاتيح الغيب 14: 235 بتلخيص، لاحظ خاتمة المطاف تجد فيها كلمات السلف الصالح في تفسير التوبة.