الصلة الثانية: في أن الكعبة أسست علىالتوحيد المحض
ان هندسة الكعبة كانت بهداية اللّهالَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُثُمَّ هَدى و قال عز من قائل. وَ إِذْبَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَالْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً(الحج 27) يعنى ان تبوئة البيت و تعيين مكانهو هندسة تأسيسه انما هو على التوحيد الصرفالذي لا يشوبه اى شرك أصلا لا الشرك الجليكالوثنية و لا الخفي كالرياء لأن النكرةالتالية للنفي تفسير سراية النفي الى كلما يصدق عليه الشرك حيث قال تعالى لاتُشْرِكْ بِي شَيْئاً.و هذا التوحيد المحض الذي أسس عليه الكعبةلا يتحقق إلا في الأوحدي من المؤمنين إذاالأكثري منهم ليس مصونا عن لوث الشركالجلي كالتواضع للغني لغناه و التذللللطاغوت لطغيانه أو الشرك الخفي كتركالدنيا للدنيا و الزهد فيها للجاه والمقام و لذا قال تعالى وَ ما يُؤْمِنُأَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْمُشْرِكُونَ (يوسف 106) أي أكثر المؤمنينمشركون بالمعنى المتقدم و هؤلاء الأكثرونلا يرثون الأرض بل يرثها العباد الصالحونالذين يمكنهم اللّه دينهم الذي ارتضى لهمو يؤمنون به و لا يشركون به شيئا.و هذا التوحيد المحض قد تجلى في كلماترسول اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)الذي أوتى جوامع الكلم حيث قال (صلّى اللهعليه وآله وسلّم) لا إله إلا اللّه وحدهوحده وحده. و لعله ناظر الى التوحيد فيمراتبه الثلث من التوحيد الذاتي و الصفاتيو الافعالى فمعه لا مجال للشرك أصلا إذ لايخلو شيء من المراحل الوجودية عنالتوحيد حتى يكون ذلك الخلاء بنفسه شركا