وجیزة حول أسرار الحج نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
و الحاصل ان اللّه تعالى لا يسنح له حالدون حال و لا يحجبه شيء عن شيء و لا يحجبعنه شيء فلا الصغر يمنعه عن الإحاطةالعلمية به و لا البعد يحجبه عن الشهود ولا الحجاب يمنعه عن الحضور و لا الظلمةتصده و تحجبه عن الظهور بل هو تعالى عالمبالصغير كالكبير و شاهد للبعيد كالقريب وحاضر في المحجوب كالمشهور و ظاهر فيالظلمة كالنور حيث يقول عز من قائل. يابُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَحَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِيصَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِيالْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّاللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (سورة لقمان آية16).يعنى ان صغر الخردلة و حجاب الصخرة و بعدالسموات و ظلمة الأرض لا يمنع اللطيفالخبير عن الشهود التام لأنه لطيف و كللطيف خبير و لأنه خبير و كل خبير لطيف لانكل لطيف و مجرد فهو عالم و كل عالم فهو لطيفو مجرد حسبما بينه الحكمة الإلهية فيموطنها.و السر في ذلك كله انه تعالى هو الأول قبلكل شيء فلا يسبقه شيء أصلا حتى يكونالسبق موجبا لغيبة السابق عن المسبوق و هوالأخر بعد كل شيء فلا يلحقه شيء أصلاحتى يكون اللحوق مانعا عن شهود اللاحق و هوالظاهر فلا ظهور لغيره الا به فلا يظهرعليه شيء أبدا حتى يكون ظهوره الفائققاهرا على ظهوره تعالى فيكون حجابا نورياله تعالى عن الحضور و هو الباطن فلا بطونلغيره بحيث يكون خافيا له تعالى حتى لايكتنهه بل هو مع كل شيء و داخل في الأشياءلا بالممازجة و خارج عنها لا بالمزايلة وهو الذي في السماء إله و في الأرض إله و لذايعلم عجيج الوحوش في الفلوات و اختلافالنينان في البحار الغامرات و معاصيالعباد في الخلوات.فتبين بذلك انه يمتنع فرض الجهل أو السهوفي حقه تعالى بحيث لم يكن عالما في هدايةالإنسان و تبيين أحكامه في أمر ما ثم صارعالما به حتى يكون هو الموجب لتغير الدينالإلهي و هكذا في السهو و التذكر فحينئذ لامجال لتوهم التغير في الدين الوحيد اىالإسلام من ناحية القابل أو الفاعل أصلا ويشهد له قوله تعالى شَرَعَ لَكُمْ مِنَالدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ماوَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لاتَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَىالْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ(الشورى 13).