وجیزة حول أسرار الحج نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
و ثالثها ان الحج بما له من التضحيةالخاصة موجب للتقرب المخصوص الذي فلمايوجد في غيره و ذلك ان النحر أو الذبح الذيكان في الجاهلية لم يكن خالصا عن رجس الشركبل كان متلطخا به كالتلبية و الصلاة حيثانهم كانوا يلبون بقولهم:لا شريك لك الا شريك هو لك- و كانت صلاتهمعند البيت مكاء و تصدية حسبما تقدم و كاندأبهم بعد النحر أو الذبح تلطيخ الكعبةبدم الهدى المذبوح و تعليق شيء من لحمهعليها حتى يتقبله اللّه.و اما الإسلام فقد جعل الهدى ذا حرمة خاصةلا يصح إحلاله حيث قال لا تُحِلُّواشَعائِرَ اللَّهِ وَ لَا الشَّهْرَالْحَرامَ وَ لَا الْهَدْيَ وَ لَاالْقَلائِدَ (سوره مائدة آية 2) ثم قال فيطرد تلك السنة السيئة و بيان ما للهدي منالقرب- و لعله لذا اشتهرت الأضحيةبالقربان- لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُهاوَ لا دِماؤُها وَ لكِنْ يَنالُهُالتَّقْوى مِنْكُمْ (سوره الحج 37) حيثنزه الكعبة عن ذاك التلطيخ و التعليق كمانزه اللّه عن الفاقة الى اللوح و الدماءدفعا لمن يقول بعدم لزوم النحر أو الذبحلان اللّه غنى عن العالمين فلم يلزم علىالحاج ان يذبح حيوانا فأفاد بأن أصل الهدىلازم و ان اللّه غنى عنه و ان الذي ينالهتعالى ليس هو اللحم أو الدم بل الذي ينالههو روح العمل و لب الفعل و هو التقوى و مدارالكلام الان هو في خصوص هذا التعبير حيثقال تعالى وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوىمِنْكُمْ.و الذي ينبغي التنبيه له هو انه قد يقالبان هذا العمل الصالح مثلا مما يتقبلهاللّه و قد يقال انه يصعد اليه الكلم الطيبو العمل الصالح يرفعه و قد يقال كما فيالمقام يناله التقوى منكم و لا خفاء علىالخبير المتدرب ان هذه التعبيرات ليستسواء و لا يكون على وزان واحد لان لفظالقبول يفيد امرا و لفظ الصعود اليه تعالىيفيد امرا آخر فوقه و لفظ النيل يفيد امرافائقا لا يصعد اليه شيء من ذينكالتعبيرين.و كم فرق بين الصعود الى اللّه و بين نيلهتعالى إذا الثاني يصرح بأنه لا حجاب ح بينذاك التقوى النائل و بينه تعالى بخلافالأول حيث انه لا يصرح بذلك و ان لا ينافيهو لا وجه لحمل النيل على الصعود بعد ان لابرهان عقلي و لا نقلي على