من له کتاب عن یوم الجمل نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
16 ولائه للبرامكة، و كان بعض أصدقائه يلومونه على ذلك فيقول لهم: كيف ألام على حب يحيى؟ و يروي لهم قصته معه، و يذكر فضله عليه. و في أيام المأمون استعاد الواقدي شيئا ً من مكانته التي كان عليها، إذ عينه المأمون قاضيا ً بعسكر المهدي في الجانب الشرقي من بغداد (الرصافة)، فتولى القضاء هناك حتى وفاته سنة 207 هـ. كان الواقدي كريما ً سخيا ً، له قصص عديدة في إنفاقه الأموال بدون حساب، حتى أنه قال ذات مرة: صار إلي من السلطان ستمائة ألف درهم ما وجبت علي زكاة فيها. يقصد أنه كان يسارع في إنفاقها فلا يتركها حتى يحول عليها الحول و تجب فيها الزكاة. و كانت له مكتبة ضخمة جدا ً، فلما انتقل من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي من بغداد حمل كتبه على مائة و عشرين وقرا ً. و يقال أنه كان لديه ستمائة قمطر كتبا ً، كل قمطر منها حمل رجلين. و كان له غلامان مملوكان يكتبان له ليل نهار. و قبل ذلك بيعت له كتب بألفي دينار. و ذكر أبو الفرج النديم أنه " كان يتشيع، حسن المذهب يلزم التقية، و هو الذي روى أن عليا ً عليه السلام كان من معجزات النبي صلى الله عليه و آله و سلم، كالعصا لموسى عليه السلام، و إحياء الموتى لعيسى بن مريم عليه السلام، و غير ذلك من الأخبار ". و لكن هذا شيء انفرد به النديم و لم يقل أحد غيره من علماء الرجال أنه كان شيعيا ً، كما أن علماء الرجال الشيعة لم يذكروه في كتبهم الرجالية. فالمؤكد أن الرجل ليس شيعيا ً، و رواية الأحاديث في فضائل علي (ع) لا تعني التشيع بالضرورة. اختلف علماء الرجال اختلافا ً كبيرا ً في مواقفهم من الواقدي. مدحه بعضهم بأنه " ممن طبق ذكره شرق الأرض و غربها و سارت بكتبه الركبان في فنون العلم من المغازي و السير و الطبقات و الفقه "، و أنه عالم دهره، أمين الناس على أهل الإسلام، كان أعلم الناس بأمر الإسلام، فأما الجاهلية فلم يعلم فيها شيئا ً، و أنه أمير المؤمنين في الحديث، ما رأينا مثله قط، و كانت له في وقته جلالة عجيبة و وقع في النفوس بحيث أن أبا عامر العقدي لما سأله بعض التلاميذ عن رأيه في الواقدي قال: نحن نـُسأل عن الواقدي؟ ما كان يفيدنا الشيوخ و الحديث إلا الواقدي. و كذلك قال عنه عبد الله بن المبارك: كنت أقدم المدينة فما يفيدني و يدلني على الشيوخ إلا الواقدي. و قال مجاهد بن موسى: ما كتبنا عن أحد أحفظ من الواقدي. و سئل معين بن موسى عن الواقدي فقال: أنا اُسأل عن الواقدي؟ الواقدي يُسأل عني. و قالوا أنه ثقة مأمون. و هو إمام كبير في الفقه و إن أخطأ في اجتهاده، و من قال أن مسائل مالك و ابن أبي ذئب تؤخذ عمن هو أوثق من الواقدي فلا يُصدّق. و في مقابل هذا المدح و الثناء تعرض الواقدي إلى مطاعن شديدة. فقال عنه عدد من علماء الرجال أنه متروك الحديث، و تركه أحمد و ابن نمير، و أنهم سكتوا عنه، و أن كتبه كذب، و أنه كان يقلب الأحاديث، أي يغير في أسانيدها و يرويها عن غير رواتها الأصليين، و أنه كان ممن يضع الحديث، و أنه ليس بشيء، لا يكتب حديثه، و أنه ضعيف، خلط الغث بالسمين و الخرز بالدر الثمين فطرحوه لذلك، ليس بثقة، و أنه روى ثلاثين ألف (أو عشرين ألف) حديث غريب، لم يسمع بها أحد، و أنه كذاب. و اعتبره النسائي واحدا ً من أربعة اشتهروا بوضع الحديث. و كان أحمد بن حنبل أشد الناس في انتقاده، حتى أنه حـّول كتبه إلى ظهائر (أي أغلفة) للكتب. و قال الذهبي: " تقرر أن الواقدي ضعيف يُحتاج إليه في الغزوات و التاريخ. و نورد آثاره من غير احتجاج. أما في الفرائض فلا ينبغي أن يذكر. فهذه الكتب الستة و مسند أحمد و عامة من جمع في الأحكام نراهم يترخصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء، بل و متروكين، و مع هذا لا يخرجون لمحمد بن عمر شيئا ً. مع أن وزنه عندي أنه مع ضعفه يكتب حديثه و يروى، لأني لا أتهمه بالوضع. و قول من أهدره فيه مجازفة من بعض الوجوه. كما إنه لا