28) الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان الحارثي(125)
كنيته أبو عبد الله. ولد في واسط، و يقال في عكبرى شمال بغداد، في سنة 336 هـ. كان أبوه معلما ً، و لذلك كان من بين ألقابه " ابن المعلم ". ما أن تجاوز المفيد سني الطفولة، و أتقن مبادئ القراءة و الكتابة حتى انحدر به أبوه إلى بغداد، و هناك دخل حلقات الدرس و التعليم، و لفت أنظار شيوخه و أساتذته بنباهته و قدرته على توجيه الأسئلة و إلزام الخصوم بأقوالهم. و يقال أن لقب الشيخ المفيد أطلق عليه في هذه المرحلة من حياته. عاصر الشيخ المفيد الدولة البويهية، و ارتبط بزعمائها برابطة قوية، و خصوصا ً عضد الدولة البويهي الذي كان يزوره أحيانا ً و لا يرد له شفاعة و لا طلبا ً. و كان الشيخ المفيد يدور في الأسواق و الكتاتيب، فإذا لمح صبيا ً عليه ملامح الفطنة و الذكاء، اتفق مع والديه على أن يدفع لهم أجرا ً مقابل السماح لولدهم بالتفرغ للدراسة عنده، فكثر بذلك تلامذته، و تعزز المذهب الشيعي بهذه الدماء الشابة الذكية. و قد أثارت بعض المناظرات التي دخل فيها الشيخ المفيد مشاكل و فتنا ً بين الشيعة و السنة في بغداد، مما دفع البويهيين إلى أن يطلبوا منه الخروج من بغداد مرتين لتهدئة الخواطر، و لكن علاقتهم به ظلت جيدة في كل الأحوال. و بعد عمر طويل قضاه في المناظرة و التدريس توفي الشيخ المفيد في سنة 413 هـ، و دفن في بغداد في الكاظمية قرب مرقدي الكاظم و الجواد (ع)، إلى جانب قبر شيخه الصدوق. أطنب علماء الشيعة في مدحه، و وصفوه بأنه من أجلاء متكلمي الإمامية، و إليه انتهت رئاستهم العلمية، و كان متقدما ً في صناعة الكلام، و كان فقيها ً متقدما ً في الفقه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة حاضر الجواب، برز في جميع المعارف الإسلامية، و اشتهر في الآفاق إلى الحد الذي لا يقدر كبار علماء الأديان و أصحاب المذاهب و الآراء مقاومته في البحث و المناظرة، و كان يتغلب عليهم بالحجة الواضحة و البرهان الدامغ. و كان قوي النفس كثير البـِرّ عظيم الخشوع كثير الصلاة و الصوم يلبس الخشن من الثياب، و كان مديما ً للمطالعة و التعليم و من أحفظ الناس، حتى قيل أنه ما ترك للمخالفين كتابا ً إلا و حفظه، و بهذا قدر على حل شبه القوم. و ما كان ينام من الليل إلا هجعة، ثم يقوم يصلي أو يطالع أو يدرس أو يتلو القرآن.و قد ورد في بعض الروايات أن الشيخ المفيد تلقى توقيعات (أي رسائل خطية) من الإمام المهدي (ع) يمدحه فيها و يثني عليه. و يعلق السيد الخوئي على هذه الروايات قائلا ً: " هذه التوقيعات لا يمكننا الجزم بصدورها من الناحية المقدسة، فإن الشيخ المفيد - قدس سره - قد تولد بعد الغيبة الكبرى بسبع أو تسع سنين، و موصل التوقيعات إلى الشيخ المفيد - قدس123 - الصدوق ، من لا يحضره الفقيه ، ج3 ص74 - 75 المجلسي ، بحار الأنوار ، ج32 ص147 . 124 - الصدوق ، معاني الأخبار ، ص305 المجلسي ، بحار الأنوار ، ج32 ص278 - 279 . 125 - مصادر الترجمة : ابن داود ، الرجال ، ص333 الطوسي ، الرجال ، ص449 الطوسي ، الفهرست ، ص157 العلامة الحلي ، الرجال ، ص147 الخوئي ، معجم رجال الحديث ، ج18 ص213 الشيخ المفيد ، الجمل و النصرة لسيد العترة في حرب البصرة ، المقدمة التعريفية للكتاب صائب عبد الحميد ، معجم مؤرخي الشيعة ، مجلة " تراثنا " ، العدد 62 ص96 الشيخ محمد علي الحائري الخرم آبادي ، الشيخ المفيد دراسة في كتبه الكلامية ، مجلة " تراثنا " ، العدد 13 ص91 و ما بعدها حامد السعيدي ، الشيخ المفيد ، مجلة " النبأ " ، العدد52 الشيخ المفيد ، مقالة منشورة على موقع الإنترنت www.al-shia.com الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ، ج3 ص231 الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج17 ص344 .