هامش: ( 1 ) مرت في ص 148 . ( * )
154
الواردة في ماء البئر والمياه ، كموثقي عمار ( 1 ) وحفص بن غياث ( 2 ) فما يظهر من بعضهم كالمحكي عن المبسوط والجمل والمراسم والوسيلة مما يوهم النجاسة وإن عفي عنه على فرض ثبوته لعله لزعم قصور الادلة عن إثبات طهارتها بعد إطلاق أدلة النجاسة ، لان نفي البأس أعم من الطهارة ، فلا يدل إلا على العفو ، وهو مقتضى الجمع بين الادلة والاقتصار على تقييد المطلقات وتخصيص العمومات ، وفيه - مضافا إلى أن المتفاهم من نفي البأس في المقام الطهارة - لا إطلاق ولا عموم في الادلة كما مر مرارا حتى يأتي فيها ما ذكر .فرع :المشكوك في كونه دما أو غيره أو كونه مما له نفس أو غيره أو من الدم المتخلف أو غيره محكوم بالطهارة ، للاصل بعد قصور الادلة عن إثبات نجاسة الدم مطلقا ، فلا مجال للتشبث بترك الاستفصال في الروايات الكثيرة الواردة في الدم ، كقوله :" بئر قطرت فيه قطرة دم " وقوله عليه السلام :" فان رأيت في منقاره دما " . وقوله عليه السلام :" إن رأيت في ثوبك دما " . وقوله :" فأصاب ثوبا نصفه دم " وغيرها . ضرورة أن ترك الاستفصال دليل العموم أو الاطلاق فيما إذا كان المتكلم في مقام بيان الحكم ، وتلك الروايات في مقامهامش: ( 1 ) عنه عن ابي عبدالله عليه السلام قال " سئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه ، قال :كل ما ليس له دم فلا بأس به " راجع الوسائل - الباب - 10 من أبواب الاسئار - الحديث 1 .( 2 ) عنه عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال :" لا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة " راجع الوسائل - الباب - 10 - من أبواب الاسئار - الحديث 2 . ( * )
155
بيان أحكام أخر .وبعبارة أخرى :أنه فرض نجاسة قسم من الدم سأل فيها عن الابتلاء بما هو نجس ، وفي مثله لا معنى للاستفصال ، ولا وجه لتوهم العموم مع تركه ، وهذا الاشكال مشترك الورود في جميع الروايات ويختص بعضها باشكال أو إشكالات لا مجال لعدها بعد ضعف أصل الدعوى ثم على فرض تسليم كون الادلة أو بعضها في مقام البيان لكن لا مجال لتوهم العموم اللفظي فيها لفقدانه جزما ، فلا يكون في المقام إلا الاطلاق المتوهم ، والتمسك بالشبهة الموردية في المطلقات المتقيدة ولو بتقييد منفصل أضعف جدا من التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية ، لقرب احتمال صيرورة المطلق بعد التقييد بمنزلة المقيد ، فتكون الشبهة من قبيل الشبهة الموردية في المقيد المتصل ، بخلاف تخصيص العام بالمنفصل فانه لا يوجب حصول عنوان أو قيد فيه ، وإن توهمه بعضهم قياسا بالمطلق والمقيد ، وقد فرغنا عن تهجينه في محله .وكيف كان لا عموم في المقام حتى يأتي فيه ما ذكر في بيان جواز التمسك به في الشبهة المصداقية للمخصص من تمامية الحجة بالنسبة إلى الفرد المشمول للعام ، وعدم حجة على دفعها ، لكون الفرد من الشبهة المصداقية لنفس المخصص ، فالعام حجة بالنسبة إلى الفرد ، الخاص ليس بحجة .ونحتاج إلى الجواب عنه بأن حجية العام تتوقف على مقدمات :منها أصالة الجد ، وبعد خروج أفراد من العام يعلم عدم تطابق الجد والاستعمال بالنسبة إلى الافراد الواقعية من المخصص ، وتطابقهما بالنسبة إلى غير مورد التخصيص والمورد المشتبه من الشبهة المصداقية ، لاصالة التطابق ، وليس بناء العقلاء على جريانها في مورده كما لا يخفى ،156
أو نحتاج إلى ما اتعب به شيخنا الاعظم نفسه الشريفة من التصدي للجواب عن التمسك بالعام في الشبهة المصداقية .وربما يقال في الدم المتخلف في الذبيحة إذا شك في أنه من القسم الطاهر أو النجس :بأن الظاهر الحكم بنجاسته عملا بالاستصحاب أو بالعام مع لبية المخصص ، ويحتمل التفصيل بين ما إذا كان الشك من جهة احتمال رد النفس فيحكم بالطهارة لاصالة عدم الرد وبين ما كان لاجل احتمال كون رأسه على علو فيحكم بالنجاسة عملا بأصالة عدم خروج المقدار المتعارف .وفيه أن الاستصحاب في الدم غير جار ، لعدم العلم بنجاسته في الباطن ، لقصور الادلة عن اثباتها ( 1 ) والتمسك بالعلم في المخصص اللبي فرع وجوده ، وهو مفقود ، مع أن في التمسك به مع لبيته إذاهامش: ( 1 ) ويمكن أن يفصل في المقام في جريان استصحاب النجاسة وعدمه من حيث الموجب لنجاسة الدم المتبقى في الذبيحة اذا كان رأسها عاليا بأن يقال :إن قلنا إن الموجب لنجاسته عدم خروجه منها بمقدار المتعارف لا يجري استصحاب نجاسته فيما إذا شك في أن المتخلف من القسم الطاهر أو النجس لعدم العلم بنجاسته في الباطن لقصور الادلة عن اثباتها كما افاده الاستاذ دام ظله ، واما اذا قلنا بأن الموجب لها هو الذبح غير أن خروجه بمقدار المتعارف سبب لطهارة المتخلف فيها ، بدعوى أن الدم في الباطن طاهر ما دام جاريا في الدورة الدموية وأما عند الذبح فحاله كحال المبتقى في الذبيحة اذا لم يخرج بمقدار المتعارف ، وعليه يجري استصحاب النجاسة في المقام لانه عند الذبح محكوم بالنجاسة ، فعند الشك في حصول سبب الطهارة نستصحب نجاسته المتيقن سابقا ، تأمل .
157
كان الاخراج بعنوان واحد إشكالا ، بل منعا .وأما أصالة عدم رد النفس لا تثبت كون هذا متخلفا ، لان خروج الدم بالمقدار المتعارف لازم عقلي أو عادي لعدم رد النفس ، وكون الدم متخلفا لازم لهذا اللازم ، كما أن أصالة عدم خروج المقدار المتعارف لا تثبت كون هذا الدم نجسا ، لان النجس هو الدم الغير المتخلف أو الدم المسفوح أو نحوهما ، والاصل المتقدم لا يثبت تلك العناوين ، بل أصالة عدم خروج الدم المتعارف لا تثبت لمصداق الدم حكما ، نظير ما إذا علمنا بأن واحدا من الشخصين الموجودين في البيت عالم فخرج أحدهما منه . فلا إشكال في جريان استصحاب بقاء العالم فيه ، لكن لا يثبت به أن الموجود في البيت عالم حتى يترتب عليه أثره .ثم لو حاولنا جريان أصالة عدم رد النفس لاثبات طهارة بقية الدم لجرى أصل عدم كون رأسه على علو لاثبات طهارته ( 1 ) وهو حاكم على أصالة عدم خروج الدم المتعارف ، لكن التحقيق عدم جريان واحد من تلك الاصول . والحكم بطهارة المشكوك فيه لاصالة الطهارة .السادس والسابع :الكلب والخنزير ونجاستهما في الجملة واضحة لا تحتاج إلى تجشم استدلال ، وإن ذهب إلى طهارتهما مالك والزهري وداود على ما حكى عنهم العلامة في المنتهى ، ونقل في التذكرة عن أبي حنيفة القول بطهارة الكلب دون الخنزير ، ونسب الشيخ في الخلاف إلى أبي حنيفة القول بنجاسة الكلب حكما لا عينا ، واستدل على طهارتههامش: ( 1 ) هذا إذا كان المراد برد النفس استرجاع الدم إلى الجوف قبل أن يخرج إلى الخارج أى أن الرد يوجب عدم الخروج وأما إذا كان المراد بالرد رد ما خرج إلى الجوف ففي المقام أصل آخر ، وهو أصالة عدم رجوع الدم الخارج إلى الجوف .
158
بقوله تعالى :" فكلوا مما امسكن عليكم " ( 1 ) وفيه ما لا يخفى من الوهن ، ضرورة أنها في مقام بيان حليته وتذكيته ، ولا إطلاق فيها من جهة أخرى ، ولهذا لا يجوز التمسك بها لجواز أكله من غير تغسيل عن دمه الخارج عن موضع عض الكلب ، وهو واضح .وتدل على نجاسته مضافا إلى الاجماع المستفيض روايات مستفيضة كقوله عليه السلام في صحيحة البقباق " رجس نجس لا يتوضأ بفضله " ( 2 ) وكصحيحة ابن مسلم قال :" سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل ، قال :يغسل المكان الذي أصابه " ( 3 ) وفي رواية معاوية بن شريح :" لا والله إنه نجس ، لا والله إنه نجس " ( 4 ) إلى غير ذلك .ولا فرق بين ما تحله الحياة وغيره ، فان الكلب عبارة عن الموجود الخارجي بجميع أجزائه من الشعر والظفر وغيرهما ، فما عن السيد من إنكار أن مالا تحله الحياة من جملة الحي وان كان متصلا به ، ان كان مراده أنه ليس من جملته بما هو حي أي لا تحله الحياة فهو معلوم لا كلام فيه ، لكن لا دليل على تخصيص النجاسة بما تحله الحياة في الكلب أو الخنزير ، وإن أراد أنه ليس من أجزائه مطلقا فهو غير وجيه ، فكيف يمكن نفي جزئية العظم والظفر بل الشعر ، فان الكلب في الخارج كلب بجميع أجزائه .بل المتيقن من قوله :" الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل "هامش: ( 1 ) سورة المائدة :5 - الآية :4 .( 2 ) الوسائل - الباب - 12 - من أبواب النجاسات - الحديث 2 .( 3 ) و ( 4 ) والوسائل - الباب - 12 - من ابواب النجاسات - الحديث 6 - 4 . ( * )
159
وقوله عليه السلام في صحيحة ابن مسلم قال :" سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الكلب السلوقي فقال :إذا مسسته فاغسل يدك " ( 1 ) ونحوهما ملاقاة شعره ، لانه نوعي غالبي ، ولو نوقش فيه فلا أقل من الاطلاق ، بل هو الفرد الشايع .وكيف يمكن أن يقال في مثل قول علي عليه السلام على ما في حديث أربعمائة :" تنزهوا عن قرب الكلاب ، فمن أصاب الكلب وهو رطب فليغسله ، وإن كان جافا فلنضح ثوبه بالماء " ( 2 ) لا يراد منه إصابة ظاهره ( ؟ المحفوف ؟ ) بالشعر ، ولا يلاقي الملاقي نوعا إلا شعره .نعم يمكن المناقشة في دلالة مثل صحيحة أبي العباس قال :" قال أبو عبدالله عليه السلام :إن أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله ، وان أصابه جافا فاصب عليه الماء ، قلت :ولم صار بهذه المنزلة ؟ قال :لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بقتله " ( 3 ) لاحتمال أن يكون المراد رطوبة الكلب مثل لعابه ، لا ملاقاته رطبا ، وان لا يبعد الاحتمال الثاني بقرينة قوله عليه السلام :" أصابه جافا " تأمل .وكيف كان لا شبهة في نجاسة شعره وسائر مالا تحله الحياة ، ودعوى السيد الاجماع على طهارته موهونه ، لعدم الموافقة له ظاهرا فضلا عن الاجماع عليها ، نعم ربما يمكن المناقشة في استفادة نجاسة لعابه وسائر رطوباته ذاتا من الروايات ، بل من الاجماع أيضا ، بدعوى أن الرطوبات خارجة عن اسمه ، فكما أن خرءه لا يدخل فيه لانه منفصل عنه وإن كان جوفه كذلك سائر رطوباته ، فما دلت على نجاسته عينا لا تدل على نجاستها ذاتا وعينا .هامش: ( 1 ) و ( 2 ) و ( 3 ) الوسائل - الباب - 12 - من ابواب النجاسات الحديث 9 - 11 - 1 . ( * )
160
بل لما كانت الرطوبات ملاقية له لا يمكن استفادة نجاستها الذاتية من دليل ناطق بنجاستها ، فانها أعم من العينية ، لكن الظاهر أنه شبهة في مقابل المسلم بل البديهي .بل يمكن دعوى دخول الرطوبات في إطلاقه عرفا كدخول دمه فيه إن لم يدخل فيه خرءه . ومتقضى إطلاق الادلة وخصوص صحيحة ابن مسلم المتقدمة في الكلب السلوقي نجاسة كلب الصيد كسائر الكلاب فما عن ظاهر الصدوق من طهارته ضعيف ، وربما كان منشأه دعوى عدم صدق الكلب عليه أو انصراف الادلة عنه ، او إطلاق قوله تعالى :" فكلوا مما امسكن " والجميع كما ترى ، هذا مع عدم ورود شئ منها على الصحيحة .وبهذا كله ظهر لزوم التصرف في صحيحة ابن مسكان عن أبي عبدالله عليه السلام قال :" سألت عن الوضوء مما ولغ الكلب فيه والسنور أو شرب منه جمل أو دابة أو غير ذلك ، أيتوضأ منه أو يغتسل ؟ قال :نعم إلا أن تجد غيره فتنزه عنه " ( 1 ) بتقييد إطلاقها بما فصل في سؤر الكلب بين الماء الكثير والقليل ، هذا كله في الكلب .وأما الخنزير فيدل على نجاسته مضافا إلى الآية الكريمة والاجماعات المتقدمة صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال :" سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو فيالمجلد:3 من ص 160 سطر: 19 الى ص 168 سطر: 18 صلاته كيف يصنع به ؟ قال :إن كان دخل في صلاته فليمض ، وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصابه من ثوبه ، إلا أن يكون فيه أثر فيغسله ، قال :وسألته عن خنزير يشرب من إناء كيف يصنع به ؟
هامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 2 - من ابواب الاسئار - الحديث 6 . ( * )