348
عليها ، وأما الاولى فللاشكال في روايتها سندا ودلالة .أما رواية حمزة بن أحمد عن أبي الحسن عليه السلام قال :" سألته أو سأله غيري عن الحمام قال :أدخله بمئزر . وغض بصرك ، ولا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام ، فانه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت ، وهو شرهم " ( 1 ) فمع ضفعها وإرسالها أن الظاهر منها أن اغتسال الجنب بما هو مانع عن الاغتسال بغسالة الحمام لا للنجاسة ، ولعله لكون البقية هو الماء المستعمل فلا يمكن الاستدلال بها لنجاسة ولد الزنا ولو كان الناصب نجسا .وقريب منها رواية علي بن الحكم عن رجل عن أبي الحسن عليه السلام في حديث أنه قال :" لا تغتسل من غسالة الحمام ، فانه يغتسل فيه من الزنا ، ويغتسل فيه ولد الزنا ، والناصب لنا أهل البيت ، وهو شرهم " ( 2 ) والظاهر منها أن غسالة الغسل من الزنا بما هي من غسل الزنا مانع ، وهو غير نجس بالضرورة ، والحمل على نجاسة عرقه خلاف ظاهرها .وأما رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبدالله عليه السلام قال :" لا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها غسالة الحمام ، فان فيها غسالة ولد الزنا ، وهو لا يطهر إلى سبع آباء " ( 3 ) فمع ضعفها وارسالها تدل على خلاف مطلوبه ، ضرورة أن قوله عليه السلام :" لا يطهر إلى سبع آباء بمنزلة التعليل للمنع ، مع قيام الضرورة بعدم نجاسة آباء ولد الزنا أو أبنائه ، فيعلم أن ما اوجب النهى عن غسالته ، هو خباثته المعنوية لا النجاسة الصورية ، ولو كان المراد منه المبالغة فلا تناسب إلاهامش: ( 1 ) و ( 2 ) و ( 3 ) الوسائل - الباب - 11 من أبواب الماء المضاف - الحديث 1 - 3 - 4 . ( * )
349
للخباثة المعنوية
.بل هي شاهدة على صرف سائر الروايات على فرض دلالتها ، فأخبار هذا الباب ينبغي أن تعد من أدلة طهارة ولد الزنا لا نجاسته ، فما في الحدائق من دعوى دلالة الاخبار الصحيحة الصريحة الغير القابلة للتأويل على كفره أو نجاسته على فرض ارادتها أيضا في غاية الغرابة بعد ما عرفت من عدم دلالة رواية واحدة على مطلوبه . بل عرفت دلالتها على خلافه ، وأغرب منه توهم عدم وقوف علمائنا الاعلام على هذه الاخبار التي خرجت من لديهم ، وإليه إلى مثله ، وهو عيال لهم في العثور عليها ، وكم له من نظير .تتميم
يذكر فيه بعض ما هو محل خلاف بين الاصحاب :منها - عرق الجنب من الحرام ، فعن جملة من المتقدمين كالصدوقين والشيخين والقاضي وابن الجنيد القول بالنجاسة ، وعن الخلاف الاجماع عليه . وعن الاستاذ دعوى الشهرة العظيمة عليه ، وعن الرياض الشهرة العظيمة بين القدماء ، وعن المراسم والغنية نسبته إلى أصحابنا ، وعن المبسوط إلى رواية أصحابنا ، وعن أمالي الشيخ الصدوق أنه من دين الامامية .واستدل عليه بجملة من الروايات ، كرواية إدريس بن داود الكفرثوثي " انه كان يقول بالوقف ، فدخل سر من رأى في عهد أبي الحسن عليه السلام وأراد أن يسأله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلى فيه ؟ فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره حر كه أبوالحسن عليه السلام350
بمقرعة ، وقال مبتدئا :إن كان من حلال فصل فيه ، وإن كان من حرام فلا تصل فيه " ( 1 ) .وعن إثبات الوصية لعلي بن الحسين المسعودي نقل الرواية بتفصيل آخر ، وفي آخرها " فقال لي :يا إدريس أما آن لك ؟ فقلت :بلى يا سيدي ، فقال :إن كان العرق من الحلال فحلال ، وإن كان من الحرام فحرام من غير أن أسأله ، فقلت به وسلمت لامره " ( 2 ) .وعن البحار :وجدت في كتاب عتيق من مؤلفات قدماء أصحابنا رواه عن أبي الفتح غازي بن محمد الطريفي ، عن علي بن عبدالله الميموني عن محمد بن على بن معمر ، عن علي بن يقطين بن موسى الاهوازي عن الكاظم عليه السلام مثله ، وقال :" إن كان من حلال فالصلاة في الثوب حلال ، وإن كان من حرام فالصلاة في الثوب حرام " ( 3 ) كذا في مفتاح الكرامة ، وفي المستدرك ذكره بعد رواية المناقب نقلا عن البحار وعن مناقب ابن شهراشوب " أن علي بن مهزيار كان أراد أن يسأل أبا الحسن عليه السلام عن ذلك وهو شاك في الامامة - إلى أن قال - :ثم قلت :أريد أن أسأله عن الجنب إذا عرق في الثوب ؟ فقلت في نفسي :إن كشف عن وجهه فهو الامام ، فلما قرب مني كشف وجهه ، ثم قال :إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لا تجوز الصلاة فيه ، وإن كان جنابته من حلال فلا بأس ، فلم يبق في نفسى بعد ذلك شبهة " ( 4 ) .وعن الفقه الرضوي " إن عرقت في ثوبك وأنت جنب فكانتهامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 27 - من ابواب النجاسات - الحديث 12 .( 2 ) و ( 3 ) و ( 4 ) المستدرك - الباب - 20 - من ابواب النجاسات الحديث 7 - 5 - 5 . ( * )
351
الجنابة من الحلال فتجوز الصلاة فيه ، وإن كان حراما فلا تجوز الصلاة فيه حتى يغسل " ( 1 ) نقله في الحدائق ولم ينقله صاحب المستدرك .وقد يؤيد بما ورد في غسالة الحمام ، كرواية علي بن الحكم عن رجل عن أبي الحسن عليه السلام قال :" لا تغتسل من غسالة ماء الحمام فانه يغتسل فيه من الزنا " ( 2 ) .وفي الكل نظر ، أما الاجماع أو الشهرة فغير ثابت لا بالنسبة إلى النجاسة ولا المانعية ، أما الاولى فلان عبارات القدماء إلا الشاذ منهم خالية عن التصريح بالنجاسة ، بل ولا ظهور فيها يمكن الاتكال عليه ، ففي الامالي ( 3 ) فيما يملي من دين الامامية :" وإذا عرق الجنب في ثوبه وكانت الجنابة من حلال فحلال الصلاة في الثوب ، وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه " .وفي الفقيه :" ومتى عرق في ثوبه وهو جنب فليستنشف فيه إذا اغتسل ، وإن كانت الجنابة من حلال فحلال الصلاة فيه ، وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه " .وهما كما ترى ظاهران في المانعية لا النجاسة ، بل الظاهر من الثاني الطهارة مع المانعية ، لان الظاهر أن الضمير المجرور في ذيله راجع إلى الثوب الذي أجاز التنشيف به ، وفي الخلاف :" عرق الجنب إذا كان الجنابة من حرام يحرم الصلاة فيه ، وإذا كان من حلال فلا بأس بالصلاة فيه - ثم قال - دليلنا إجماع الفرقة ودليل الاحتياط والاخبار التي ذكرناها في الكتابين المتقدم ذكرهما " .هامش: ( 1 ) فقه الرضا - ص 4 .( 2 ) مرت في ص 348 .( 3 ) ص 384 - 385 ط قم . ( * )
352
وهو كما ترى نقل الاجماع على حرمة الصلاة ، وهي أعم من النجاسة ، كحرمة الصلاة في وبر ما لا يؤكل ، وتوهم أن مراده النجاسة بقرينة تصريحه في نهايته بنجاسته وتظهر من تهذيبه أيضا في غير محله حتى بالنسبة إلى فتواه ، فضلا عن نقل فتوى الفرقة ، لاحتمال عدوله عن الفتوى بالنجاسة ، كما يظهر من محكي مبسوطه التوقف في الحكم ، وفى التهذيب في ذيل كلام المفيد حيث قال :" ولا يجب غسل الثوب منه - أي من عرق الجنب - إلا أن تكون الجنابة من حرام ، فتغسل ما أصابه من عرق صاحبها من جسد وثوب ، ويعمل في الطهارة بالاحتياط " قال بهذه العبارة :" فأما ما يدل على أن الجنابة من حرام فانه يغسل الثوب منها احتياطا فهو ما أخبرني - ثم نقل صحيحة الحلبي - قال :قلت لابي عبدالله عليه السلام :رجل أجنب في ثوبه " الخ ( 1 ) .ثم حمل الرواية على عرق المجنب من حرام ، ثم قال :" مع أنه يحتمل أن يكون المعنى فيه أن يكون أصاب الثوب نجاسة فحينئذ يصلي فيه ويعيد " انتهى . فترى أن كلام الشيخين مبني على الاحتياط ، نعم يظهر منهما سيما الاول أنه لاحتمال النجاسة ، وفي المراسم :" وأما غسل الثياب من زرق الدجاج وعرق الجلال وعرق الجنب من الحرام فأصحابنا يوجبون ازالته ، وهو عندي ندب " والظاهر أن المسألة لم تكن إجماعية ، لمخالفته صريحا ، وذكر زرق الدجاج ، مضافا إلى عدمالمجلد:3 من ص 352 سطر: 19 الى ص 360 سطر: 18 ظهور معتد به لكلامه في النجاسة .وفي الغنية :" وقد ألحق أصحابنا بالنجاسات عرق الابل الجلالة ، وعرق الجنب إذا أجنب من حرام " وهو غير صريح ، بل ولا ظاهر في النجاسة ، لاحتمال أن يكون مراده الالحاق الحكمي مطلقا أو في خصوص
هامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 27 - من أبواب النجاسات الحديث 11 . ( * )
353
الصلاة ، فيمكن تأييد شارح الموجز ، فعنه أن القول بالنجاسة للشيخ وهو متروك ، بل تصديقه ، بل تصديق دعوى الحلي الاجماع على الطهارة بدعوى رجوع الشيخ عن القول بها فضلا عن تصديق دعوى صاحب المختلف والذكرى والكفاية والدلائل الشهرة بها .وأما الاخبار فلا دلالة لشئ منها على النجاسة ، نعم ظهرها ما نعيته عن الصلاة ، وهي أعم منها ، نعم ما عن الفقه الرضوي لا يخلو من إشعار عليها ، لكن كون هذا الكتاب رواية غير ثابت ، فضلا عن اعتباره ، فلو ثبت اعتماد الاصحاب على تلك الروايات الدالة على عدم جواز الصلاة فيه لا محيص عن العمل بها ، لكنه أيضا محل إشكال ، سيما مع ما في الخلاف كما تقدم ، حيث تمسك في الحكم بالاخبار التي في التهذيبين .فلو كان اعتماده على تلك الاخبار لم يقل ذلك ، ولم يكن وجه لترك التمسك بها في الكتابين ، وسيما مع نقل الدلائل عن المبسوط نسبة كراهة الصلاة إلى الاصحاب ، وإن قال صاحب مفتاح الكرامة :" ولم أجد ذكر ذلك فيه " فان عدم وجدانه أعم .فاثبات المانعية بتلك الروايات الضعيفة غير المجبورة مشكل بل ممنوع ، والاتكال على نفس الشهرة والاجماع المنقول في الخلاف وغيره أيضا لا يخلو من إشكال ، لاعراض المتأخرين عنه من زمن الحلي ، مضافا إلى أن مدعي الاجماع كالشيخ توقف أو مال إلى الخلاف على ما في محكي مبسوطه ويظهر من تهذيبه . والناسب إلى الاصحاب توقف كابن زهرة أو أفتى بالخلاف كأبي يعلى سلار بن عبدالعزيز .وأما ما في الامالي فالظاهر أن ما أدى اليه نظره عده من دين الامامية ، كما يظهر بالرجوع إلى أحكام ذكرها في ذلك المجلس .354
هذا مع ما في جملة من الروايات المصرحة بعدم البأس عن عرق الجنب لا يبعد دعوى تحكيم بعضها على تلك الاخبار ، مثل ما عن أمير المؤمنين عليه السلام :قال " سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن الجنب والحائض يعرقان في الثوب حتى يلصق عليهما ؟ فقال :إن الحيض والجنابة حيث جعلهما الله عزوجل ليس في العرق ، فلا يغسلان ثوبهما " ( 1 ) .وعن أبي عبدالله عليه السلام :" لا يجنب الثوب الرجل ، ولا يجنب الرجل الثوب " ( 2 ) فلو كان عرق الجنب موجبا للنجاسة أو المانعية في الجملة لم يعبرا بمثل ما ذكر فيهما ، هذا ولكن الاحتياط لا ينبغي أن يترك سيما بالنسبة إلى المانعية .ومنها - عرق الابل الجلالة ، والاقوى نجاسته وفاقا للمحكي عن الصدوقين والشيخين في المقنعة والنهاية والمبسوط والقاضي والعلامة في المنتهى وصاحب كشف اللثام والحدائق واللوامع ، وعن الرياض أنها الاشهر بين القدماء ، وقد تقدم ما في الغنية والمراسم من نسبة إلحاقه بالنجاسات في الاول ، ونسبة وجوب ازالته عن الثياب في الثاني إلى الاصحاب .وما قلنا في المسألة السابقة :إن المحتمل في الاول الالحاق الحكمي ، ولم يكن الثاني صريحا في النجاسة لدفع تحصيل الشهرة أو الاجماع بابداء الاحتمال لا ينافى تشبثنا بكلامهما في المقام ، للفرق بين المسألتين بأن هناك لم يدل دليل معتمد على النجاسة ، بل ولا على المانعية فاحتجنا في اثباتها اليهما ولو لجبر سند بعض ما تقدم ، والمناقشة في تحققهما أو جبر الاسناد بهما بما تقدم كافية فيه .هامش: ( 1 ) و ( 2 ) الوسائل - الباب - 27 - من أبواب النجاسات - الحديث 9 - 5 . ( * )
355
وها هنا تدل الرواية الصحيحة على نجاسته ، فلا يجوز رفع اليد عنها إلا باثبات إعراض الاصحاب عنها ، ومع المناقشة فيه باحتمال كون مراد صاحب الغنية والمراسم ذهاب الاصحاب إلى نجاسته تبقى الصحيحة سليمة عن الموهن ، وهي صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبدالله عليه السلام قال :" لا تشرب من ألبان الابل الجلالة ، وإن أصابك شئ من عرقها فاغسله " ( 1 ) وإطلاق صحيح هشام بن سالم عنه عليه السلام قال :" قال :لا تأكل اللحوم الجلالة ، وإن أصابك من عرقها فاغسله " ( 2 ) .وعن الفقيه :" نهى صلى الله عليه وآله عن ركوب الجلالات وشرب ألبانها ، وإن أصابك من عرقها فاغسله " ( 3 ) وخلافا للمراسم وعن الديلمي والحلي وجمهور المتأخرين بل عن كشف الالتباس والذكرى والبحار وغيرها نسبته إلى الشهرة من غير تقييد بل عن كشف الالتباس أن القول بالنجاسة للشيخ وهو متروك .وقد بالغ المحقق صاحب الجواهر في تشييده وتأييده بمالا مزيد عليه ، ولم يأت بشي مقنع يتجه معه ترك العمل بالحجة الظاهرة في النجاسة ، أما تمسكه بالاصول فمع الاشكال في بعضها فظاهر ، كتمسكه بعمومات طهارة الحيوان أو سؤره ، وكون الجلال طاهر العين ، وملازمة طهارة سؤره لطهارة عرقه لعدم الانفكاك غالبا ، واستبعاد الفرق بينهما وبين ما حرم أكله أصالة ، بل وبين سائر الجلالات ، بل وبين سائرهامش: ( 1 ) و ( 2 ) الوسائل - الباب - 15 - من ابواب النجاسات - الحديث 2 - 1 .( 3 ) وعن الصدوق في المقنع :" قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :لا تشرب من ألبان الابل الجلالة ، وإن أصابك شئ من عرقها فاغسله " راجع المستدرك - الباب - 11 - من ابواب النجاسات - الحديث 1 ( * ) .