17
وما يؤكل لحمه اذا كان جلالا بدليل الاجماع " وشمول الخرء لرجيع الطير مما لا سبيل إلى إنكاره ، وعن الخلاف دعوى اجماع الفرقة وأخبارهم على نجاسة بول وذرق ما لا يؤكل طيرا أو غيره ، وعن الجامعة شرح الالفية دعوى إجماع الكل على نجاستهما من الطير الغير المأكول وغير الطير .فعليه يشكل العمل بصحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال :" كل شئ يطير فلا بأس ببوله وخرئه " ( 1 ) وعن البحار :وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي نقلا من جامع البزنطي عن أبي عبدالله عليه السلام قال :" خرء كل شئ يطير وبوله لا بأس به " ( 2 ) لعدم ثبوت عمل الصدوق بها وان كان ظاهر فقيهه ، سيما مع ما عن مقنعته قال :" وان أصاب ثوبك بول الخشاشيف فاغسل ثوبك " ( 3 ) وروي " أنه لا بأس بخرء ما طار وبوله ولا تصل في ثوب أصابه ذرق الدجاج " ( 4 ) انتهى . فان الظاهر منه عدم عمله بما روي ، ولم يحضرني عبارة الجعفي وابن ابي عقيل ، ولا يعتمد بما في المبسوط مع دعوى الاجماع في الخلاف على خلافه ، ومع فتواه في النهاية التي هي معدة لذلك على نجاسة ذرق غير المأكول من الطيور ، كما أنه لا اعتماد على فتوى متأخرى المتأخرين مع إعراض الاصحاب عن الصحيحة بشهادة الحلي والعلامة مع صحة سندها ووضوح دلالتها ، ولا شبهة في أن المشهور بين قدماء أصحابنا هو النجاسة ، ولهذا لم ينقل الخلاف الا ممن ذكر ، فتكون الفتوى بالطهارة شاذة .ولو اغمض عن ذلك ومحضنا النظر إلى الروايات فيمكن أن يقال :هامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 10 - من ابواب النجاسات - الحديث 1 .( 2 ) و ( 3 ) و ( 4 ) المستدرك - الباب - 6 - من ابواب النجاسات الحديث 2 - 3 - 4 ( * ) .
18
إن بين صحيحة أبي بصير وصحيحة ابن سنان تعارض العموم من وجه بدوا ، فان الاولى بعمومها شاملة لغير المأكول والثانية باطلاقها شاملة له .نعم هنا رواية أخرى عن ابن سنان رواها الكليني في أبواب لباس المصلي عن علي بن محمد عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال :" اغسل ثوبك من بول كل مالا يؤكل لحمه " ( 1 ) فهي أيضا شاملة له بالعموم ، لكن فيها إرسال لان علي بن محمد من مشايخ الكليني ولم يدرك ابن سنان ، فانه من أصحاب أبي عبدالله ( ع ) ولم يثبت إدراكه لابي الحسن موسى عليه السلام كما يشهد به التتبع وشهد به النجاشي ، وان عده الشيخ من أصحابه عليه السلام ، ولا اشكال في عدم إدراك على بن محمد ومن في طبقته له ولمن في طبقته ، بل في طبقة متأخرة منه ايضا ، كابن أبي عمير وجميل ومن في طبقتهما .وعلى أي تقدير بينهما جمع عرفي في مورد الاجتماع ، لان الامر بالغسل من بول مالا يؤكل من الطير حجة على الالزام والوجوب مالم يرد الترخيص ، ونفي البأس ترخيص ، ولو سلم ظهوره في الوجوب لغة يجمع بينهما بحمل الظاهر على النص ، وصحيحة أبي بصير نص في عدم الوجوب .وتوهم عدم امكان التفكيك في مفاد الهيئة مدفوع ، أما على ما ذكرناه في محله بأنها لا تدل إلا على البعث والاغراء من غير دلالة على الوجوب أو الاستحباب وضعا فظاهر ، لعدم لزوم التفكيك في مفادها الذي هو البعث والاغراء وان انقطعت الحجة على الالزام بالنسبة إلى مورد الترخيص دون غيره وأما على ما قالوا فللكشف عن استعمالهاهامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 8 - من ابواب النجاسات - الحديث 3 . ( * )
19
في مطلق الرجحان .وكيف كان لا تعارض بينهما بعد الجمع العقلائي مضافا إلى ما قيل من تقدم أصالة العموم على أصالة الاطلاق فيقدم صحيحة أبي بصير بعمومها على اطلاق صحيحة ابن سنان ، وروايته الاخرى وان كانت عامة ، لكن قد عرفت أنه لا ركون إليها وان كان في تقديم اصالة الاطلاق إشكال وكلام ، مع امكان أن يقال :إن صحيحة ابن سنان غير ظاهرة في الوجوب ولا حجة عليه ، لقرب احتمال ان يكون المراد مما لا يؤكل لحمه مالا يعد للاكل ولا يكون أكله متعارفا ، لا ما يحرم أكله شرعا ، بل لا يبعد دعوى ظهورها في ذلك لان ما يؤكل وما لا يؤكل ظاهر ان فيما يأكله الناس وما لا يأكله ، والحمل على ما يحرم أو يحل يحتاج إلى تقدير وتأويل .وتشهد لما ذكر صحيحة عبد الرحمان أو موثقته قال :" سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل يصيبه بعض أبوال البهائم أيغسله أم لا ؟ قال :يغسل بول الفرس والحمار والبغل فأما الشاة وكل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله " ( 1 ) حيث قابل فيها بين الفرس وأخويه وبين ما يؤكل لحمه .ورواية العياشي عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال :" سألته عن أبوال الخيل والبغال والحمير قال فكرهها فقلت :أليس لحمها حلالا ؟ قال :فقال :أليس قد بين الله لكم :والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ، وقال في الخيل :والخيل والبغال والحمير ؟ وليس لحومها بحرام ولكن الناس عافوها " ( 2 ) .هامش: ( 1 ) مرت في صفحة 14 .( 2 ) المستدرك - الباب - 5 - من أبواب النجاسات - الحديث 2 . ( * )
20
مضافا إلى الروايات الكثيرة الآمرة بالغسل عن أبوال البهائم الثلاث ( 1 ) فيضعف ظهور قوله عليه السلام :" اغسل ثوبك من أبوال مالا يؤكل لحمه " في الوجوب حتى يستفاد منه النجاسة ، بعد معلومية عدم نجاسة بول تلك البهائم من الصدر الاول خصوصا في زمان الصادقين عليهما السلام . حيث كانت طهارته ضرورية مع كثرة ابتلاء الاعراب بها ، وكثرة حشرهم مع تلك الدواب في الحروب وغيرها من زمن رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عصر الصادقين عليهما السلام .وبالجملة ان قلنا بظهور صحيحة ابن سنان فيما لا يعد للاكل ولا يأكله الناس فعلا لا يبقى ظهور الامر بالغسل في الوجوب .ثم لو اغمض عن ذلك وقلنا بتعارض الروايتين وقلنا بعدم شمول أدلة العلاج للعامين من وجه كما هو الاقرب فالقاعدة تقتضي سقوطهما والرجوع إلى أصالة الطهارة ، إلا أن يقال باطلاق الروايات الواردة في البول ، كصحيحة ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال :" سألته عن البول يصيب الثوب ؟ قال :اغسله مرتين " ( 2 ) ونحوها غيرها ( 3 ) .وإطلاق ما وردت في العذرة تقدم جملة منها وان كان في إطلاقهاهامش: ( 1 ) المروية في الوسائل في الباب 9 من ابواب النجاسات .( 2 ) الوسائل - الباب - 1 - من ابواب النجاسات - الحديث 1 - يمكن أن يقال :انه ليس في مقام بيان أصل النجاسة للبول ، بل بصدد بيان كيفية التطهير من حيث التعدد بعد المفروغية عن نجاسته ولا يصح التمسك باطلاق كلمة البول الواقعة في كلام السائل كما لا يخفى ، وعليه ففي اطلاقها نظر .( 3 ) الوسائل - الباب - 1 - من ابواب النجاسات الحديث 2 و 3 و 4 و 7 . ( * )
21
لبول الطير كلام ، وقد يقال بعدم البول للطيور غير الخفاش ، كما يظهر من رواية المفضل ( 1 ) اختلافه مع سائر الطهور في امور :منها أنه يبول دونها ، ويحتمل أن يكون بول الطيور مخلوطا برجيعها لوحدة مخرجهما ، وتشهد لوجود البول للطيور صحيحة أبى بصير المتقدمة ، لبعد إلغاء الكلية في بول الطير ، لمكان الخفاش فقط .والانصاف انه لولا إعراض الاصحاب عن صحيحة أبي بصير ، لكان القول بالطهارة متجها ، لما مر من الوجوه ، والعمدة منها الجمع العقلائى بينها وبين غيرها ، لكن لا مجال للوسوسة بعد ما عرفت ، بل ولو لا الخدشة المتقدمة في رواية المختلف عن كتاب عمار بن موسى لكانت الرواية من أقوى الشواهد على أن علة عدم البأس في خرء الخطاف مأكولية اللحم لا الطيران ، وإلا كان التعليل به أولى بل متعينا ، فيظهر منها أن الطيور ايضا على قسمين .ومما ذكرنا يظهر حال بول الخفاش ، بل القول بالنجاسة فيه أظهر لا لرواية داود قال :" سألت أبا عبدالله عليه السلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه فلا أجده فقال :اغسل ثوبك " ( 2 ) لضعفها سندا وعدم مقاومتها لموثقة غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما السلامهامش: ( 1 ) في الخبر المشتهر بتوحيد المفضل :" تأمل يا مفضل جسم الطائر وخلقته فانه حين قدران يكون طائرا في الجو خفف جسمه وأدمج خلقه فاقتصر به من القوائم الاربع على اثنتين ، ومن الاصابع الخمس على اربع ومن منفذين للزبل والبول على واحد يجمعهما " راجع البحار - ج 3 - ص 103 - من الطبعة الحديثة .( 2 ) الوسائل - الباب - 10 - من ابواب النجاسات - الحديث 4 . ( * )
22
قال :" لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف " ( 1 ) لا سندا ولا دلالة ، أما الاول فواضح لعدم من يتأمل فيه في سندها إلا غياث وهو موثق أو ثقة ، بخلاف الاولى فان في سندها موسى بن عمر ويحيى ابن عمر ولم يرد فيهما توثيق .وأما دلالة فلتقدمها عليها تقدم النص على الظاهر مع تأيدها بما عن نوادر الراوندى باسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام " أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن الصلاة في الثوب الذي فيه أبوال الخشاشيف ودماء البراغيث فقال :لا بأس به " ( 2 ) بل لما تقدم من عدم العامل بمثل هذه الرواية . والشيخ الذي أفتى في المبسوط بطهارة بول الطيور وذرقها استثنى الخفاش وحمل هذه الرواية على التقية مع أنها أخص مطلقا من أدلة نجاسة بول مالا يؤكل لحمه ، فهى اذا شاذة لا يعبؤبها .وأما خرء الدجاجة فلا ينبغي الاشكال في طهارته ، بل مع شدة ابتلاء الناس به لو كان نجسا لصار من الضرورى ، مع إمكان دعوى ضرورية طهارته ، مضافا إلى العمومات وخصوص رواية وهب ( 3 ) .وأما رواية فارس قال :" كتب اليه :رجل يسأل عن ذرقهامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 10 - من ابواب النجاسات - الحديث 5 .( 2 ) المستدرك - الباب - 6 - من ابواب النجاسات - الحديث 1 .( 3 ) عن وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عن على عليهم السلام انه قال :" لا بأس بخرء الدجاج والحمام يصيب الثوب " راجع الوسائل - الباب - 10 - من ابواب النجاسات - الحديث 2 . ( * )
23
الدجاج تجوز الصلاة فيه ؟ فكتب :لا " ( 1 ) فمر دودة إلى راويها ( 2 ) الذي هو فارس بن حاتم بن ماهوية القزوينى الكذاب اللعين المختلط الحديث وشاذه ، المقتول بيد أصحاب أبي محمد العسكرى عليه السلام وبأمر أبى الحسن عليه السلام كما هو المروى .فما عن المفيد والشيخ من القول بنجاسته غير وجيه ، بل عن ظاهر الثانى في التهذيب والاستبصار موافقة الاصحاب ، ومن بعض ما تقدم يظهر وضوح طهارة أبوال الخيل والبغال والحمير وأرواثها ، فانها مع هذا الابتلاء الكثير المشاهد خصوصا في بلاد الاعراب في حروبهم وغيرها لو كانت نجسة لصارت ضرورية واضحة لدى المسلمين لا يشك فيها أحد منهم ، مع أن الطهارة في جميع الاعصار كالضرورى لا يحوم حولها التشكيك .فالقول بالنجاسة اغترارا بالروايات الآمرة بالغسل عن أبوالها في غاية السقوط ولو فرض عدم الروايات النافية للبأس عنها ، وفي مثل المقام يقال :كلما ازدادت الروايات صحة وكثرة ازدادت وهنا وضعفا مع أن الجمع بينها عقلائى والتصرف فيها من اوهن التصرفات .ففى حسنة معلى بن الخنيس وعبدالله بن أبي يعفور أو صحيحتهما قال :" كنا في جنازة وقدامنا حمار فبال ، فجائت الريح ببوله حتى صكت وجوهنا وثيابنا ، فدخلنا على أبي عبدالله عليه السلام فأخبرناه فقال :هامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 10 - من ابواب النجاسات الحديث 3 .( 2 ) وكذلك رواية وهب بن وهب المتقدمة لما عن النجاشى وابن الغضائرى في شأنه من انه كذاب ، وكذلك عن الكشى من انه اكذب البرية فلا فرق بين ما رواه فارس بن حاتم أو وهب بن وهب . ( * )
24
ليس عليكم بأس " ( 1 ) .وليس في سندها من يتأمل فيه إلا الحكم بن مسكين ، وهو مع كونه كثير الرواية ومقبولها ورواية مثل ابن أبي عمير وابن محبوبالمجلد:3 من ص 24 سطر: 4 الى ص 32 سطر: 4