هامش: ( 1 ) و ( 2 ) الوسائل - الباب - 14 - من أبواب النجاسات - الحديث 4 - 5 .( 3 ) مرت قريبا . ( * )
301
إني أخالط المجوس فآكل من طعامهم ، فقال :لا " ( 1 ) والظاهر منها النهي عن المؤاكلة ، فتدل على نجاستهم .وفيه أنه لا دلالة لها على النجاسة ، لقوة احتمال مرجوحية المؤاكلة معهم مطلقا لا للسراية ، كما أنه مقتضى إطلاقها الشامل لليابس سيما مع اشتمالها على النهي عن الاقعاد على الفراش والمسجد ونحوهما وتشهد له حسنة الكاهلي قال :" سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوم مسلمين يأكلون وحضرهم رجل مجوسى أيدعونه إلى طعامهم ؟ فقال :أما أنا فلا أواكل المجوس ، وأكره أن أحرم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم " ( 2 ) والمراد من التحريم المنع ، وظاهرها أن الحكم على سبيل التنزه لا الحرمة ، كما هو ظاهر هذا التعبير في غير واحد من المقامات .وصحيحة عيص بن القاسم قال :" سألت أبا عبدالله عليه السلام عن مؤاكلة اليهودي والنصراني والمجوسي ، فقال :إن كان من طعامك وتوضأ فلا بأس " ( 3 ) وصحيحته الاخرى قال :" سألت أبا عبدالله عليه السلام عن مؤاكلة اليهودي والنصراني ، فقال :لا بأس إذا كان من طعامك ، وسألت عن مؤاكلة المجوسي فقال :إذا توضأ فلا بأس " ( 4 ) ولعل المراد بالتوضي الاستنجاء بالماء أو غسل يده ، وهما ظاهرتا الدلالة في عدم نجاستهم ، والنهي عن مؤاكلتهم على سبيل الكراهة مطلقا أو في بعض الصور .هامش: ( 1 ) و ( 2 ) الوسائل - الباب - 14 - من ابواب النجاسات - الحديث 7 - 2 .( 3 ) و ( 4 ) الوسائل - الباب - 53 - من ابواب الاطعمة المحرمة - الحديث - 1 - 4 . ( * )
302
ومنها - ما وردت في النهي عن آنيتهم ، كصحيحة إسماعيل بن جابر قال :" قال لي أبوعبدالله عليه السلام :لا تأكل ذبائحهم ولا تأكل في آنيتهم - يعني أهل الكتاب - " ( 1 ) ونحوها روايته الاخرى ( 2 ) وكذا رواية عبدالله بن طلحة ( 3 ) وصحيحة محمد بن مسلم قال :" سألته أبا جعفر عليه السلام عن آنية أهل الذمة والمجوس ، فقال :لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ، ولا في آنيتهم الذي يشربون فيه الخمر " ( 4 ) بدعوى أن النهي عنه ظاهر في نجاستهم .وفيها أن هاهنا احتمالين آخرين أقرب مما ذكر :أحدهما احتمال المرجوحية النفسية ، لكون الاكل في آنيتهم أيضا نحو عشرة معهم ، والدليل عليه - مضافا إلى أن إطلاقها يقتضي منع الاكل من مطلق أوانيهم سواء كان المأكول يابسا أو لا والآنية يابسة أولا - رواية زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام في آنية المجوس فقال :" إذا اضطررتم اليها فاغسلوها بالماء " ( 5 ) فان الظاهر منها أن المنع ليس لنجاستهم وإلا لما قيده بالاضطرار ، نعم ظاهر الامر بالغسل نجاسة إنائهم ، وإطلاقه يقتضي نجاستهم ، وإن أمكن أن يقال :إن إطلاقه يقتضي لزوم غسل إنائهم ولو لم يستعملوها في المايعات أو شك فيه ، فيكون الغسل نحو نفور وانزجار عنهم ، تأمل ثانيهما أن الامر بالغسل لكونها مستعملة في أكل النجس وشربههامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 27 - من ابواب الذبائح - الحديث 10 وهذه الرواية ضعيفة فان ابن سنان الواقع في سندها محمد بن سنان لا عبدالله بن سنان كما في التهذيب ج 9 ص 63 الرقم 269 والاستبصار ج 4 ص 81 الرقم 302 .( 2 ) و ( 3 ) و ( 4 ) و ( 5 ) الوسائل - الباب - 54 - من أبواب الاطعمة المحرمة - الحديث 7 - 3 - 2 - 8 . ( * )
303
وتدل عليه صحيحة محمد بن مسلم قال :" سألته عن آنية أهل الكتاب فقال :لا تأكل في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيها الميتة والدم ولحم الخنزير " ( 1 ) وصحيحة إسماعيل بن جابر قال :" قلت لابي عبدالله عليه السلام :ما تقول في طعام أهل الكتاب ؟ فقال :لا تأكله ، ثم سكت هنيئة ، ثم قال :لا تأكله ، ثم سكت هنيئة ، ثم قال :لا تأكله ولا تتركه ، تقول :إنه حرام ولكن تتركه تتنزه ( تنزها خ ) عنه إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير " ( 2 ) .وهما مفسرتان لسائر الروايات . وظاهرتان في طهارتهم ، وشاهدتان للجمع بين جميع الروايات لو فرضت دلالتها على النجاسة في نفسها .ومنها - ما وردت في سؤرهم كصحيحة سعيد الاعرج بناء على كونه ابن عبدالرحمان كما هو الظاهر قال :" سألت أبا عبدالله عليه السلام عن سؤر اليهودي والنصراني ، فقال :لا " ( 3 ) ومرسلة الوشا عمن ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام أنه كره سؤر ولد الزنا . وسؤر اليهودي والنصراني والمشرك وكل من خالف الاسلام ، وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب " ( 4 ) بناء على كون الكراهة الانزجار على نحو الالتزام وفيه مضافا إلى معارضتهما بما هو كالصريح في الطهارة أعني موثقة عمار الساباطي عن أبي عبدالله عليه السلام قال :" سألته عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو إناء غيره إذا شرب منه على أنه يهودي فقال :نعم ، فقلت :من ذلك الماء الذي يشرب منه ؟ قال :نعم " ( 5 )هامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 54 - من أبواب الاشربة المحرمة - الحديث 6 .( 2 ) الوسائل - الباب - 54 - من أبواب الاطعمة المحرمة - الحديث 4 .( 3 ) و ( 4 ) و ( 5 ) الوسائل - الباب - 3 - من ابواب الاسئار - الحديث 1 - 2 - 3 . ( * )
304
والظاهر أن المراد بقوله :" على أنه يهودي " أنه على فرض كون الرجل يهوديا . والحمل على الظن بكونه يهوديا خلاف الظاهر ، وصحيحة ابراهيم بن أبي محمود قال :" قلت للرضا عليه السلام :الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنها نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة ، قال :لا بأس ، تغسل يديها " ( 1 ) ومقتضى الجمع بينهما وبين ما تقدم حمل النهى على الكراهة ، لاحتمال النجاسة العرفية ، بل الصحيحة الاخيرة شاهدة للجمع بين الروايات المتفرقة كما هو واضح .يمكن منع دلالتهما ، أما الثانية فهي على خلاف المطلوب أدل سيما مع اقترانه بولد الزنا ، وأما الاولى فلان استفادة نجاستهم منها انما هي بمدد ارتكاز العقلاء ، على أن النهي عن سؤرهم لانفعال الماء منه ، كما يستفاد النجاسة في سائر النجاسات من الامر بالغسل أو النهي عن الصلاة فيها أو نحو ذلك ، وهو في المقام ممنوع بعد الاحتمال العقلائي المعول عليه بأن الشرب من سؤرهم وفضلهم بما أنهم أعداء الله كان منهيا عنه ومنفورا ، سيما مع ورود النهي عن مؤالكتهم ومصافحتهم والنوم معهم على فراش واحد ، وإقعادهم على الفراش والمسجد ، فانها توجب قوة احتمال أن تكون النواهى الواردة فيهم نواهي نفسية لتجنب المسلمين ونفورهم عنهم ، لا لنجاستهم العرضية أو الذاتية ، بل لمحض كونهم مخالفين للاسلام وأعداء الله ورسوله صلى الله عليه وآله . ويؤيده قولهالمجلد:3 من ص 304 سطر: 19 الى ص 312 سطر: 18 في المرسلة :" وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب " وبالجملة لو لم نقل بأن تلك النواهي ظاهرة في ذلك ، فلا أقل من الاحتمال الراجح أو المساوي ، فلا يستفاد منها نجاستهم بوجه .ومما ذكرناه يظهر الكلام في روايات أخر . كموثقة عبدالله بن أبي
هامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 14 - من ابواب النجاسات - الحديث 11 . ( * )
305
يعفور عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث قال :" وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام ، ففيها يجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت ، وهو شرهم ، فان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب ، وأن الناصب لنا أهل البيت لانجس منه " ( 1 ) فان استفادة نجاستهم منها لمقارنتهم بالناصب مع تصريحه بأنهم أنجس من الكلب ، وهي لم تصل إلى حد الدلالة فضلا عن معارضة غيرها ، ولو سلمت دلالتها فمقتضى الجمع بينها وبين ما هو كالصريح في طهارتهم حملها على الكراهة أو على ابتلائهم بالنجاسات ، مضافا إلى قيام شواهد على ذلك في روايات المنع عن الاغتسال بغسالة الحمام أو على الحمل على الكراهة كالتعليل بأن فيها غسالة ولد الزنا ، وهو لا يطهر إلى سبع آباء ، لمعلومية أن الطهارة فيها غير ما تقابل نجاسة ظاهر أبدانهم .كرواية محمد بن علي بن جعفر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :" من اغتسل من الماء الذى قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن إلا نفسه ، فقلت لابي الحسن :إن أهل المدينة يقولون :إن فيه شفاء من العين . فقال :كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام والزاني والناصب الذي هو شرهما وكل من خلق الله ثم يكون فيه شفاء من العين ؟ " ( 2 ) بناء على أن المراد الغسل من غسالة الحمام .وعنه عليه السلام في حديث أنه قال :" لا تغتسل من غسالة ماء الحمام ، فانه يغتسل فيه من الزنا ، ويغتسل فيه ولد الزنا والناصب لنا أهل البيت ، وهو شرهم " ( 3 ) وغيرها مما تشعر أو تدل على الكراهةهامش: ( 1 ) الوسائل - الباب - 11 - من ابواب الماء المضاف - الحديث 4 .( 2 ) و ( 3 ) الوسائل - الباب - 11 - من ابواب الماء المضاف - الحديث 2 - 3 . ( * )