هامش: ( 1 ) راجع أصول الكافي - ج 3 ص 37 ( باب أن الاسلام قبل الايمان ) ( 2 ) هذه الرواية ضعيفة ، لان في سندها محمد بن سنان على ما في أصول الكافي ج 2 - ص 388 من الطبعة الحديثة ( باب الكفر - الحديث 19 ) ( 3 ) أصول الكافى ج 2 ص 399 من الطبعة الحديثة ( باب الشك - الحديث 3 ) . ( * )
315
وبين غيرها مما حكم فيه بكفر الشاك كصحيحة منصور بن حازم قال :" قلت لابي عبدالله عليه السلام :من شك في رسول الله صلى الله عليه وآله قال :كافر ، قال :قلت :فمن شك في كفر الشاك فهو كافر ؟ فأمسك عني ، فرددت عليه ثلاث مرات ، فاستبنت في وجهه الغضب " ( 1 ) وعن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة :" لا ترتابوا فتشكوا ، ولا تشكوا فتكفروا " ( 2 ) وفي صحيحة ابن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال :" من شك في الله تعالى وفي رسوله صلى الله عليه وآله فهو كافر " ( 3 ) .وبالجملة لا إشكال بحسب ارتكاز المتشرعة في مقابلة الكفر والاسلام وأن الكافر من لم يكن مسلما ، ومن شأنه ذلك ، فلابد في تحصيل معنى الكفر من تحصيل مفهوم الاسلام حتى يتضح هو بمقابلته .فنقول :إن المسلم بحسب إرتكاز المتشرعة هو المعتقد بالله تعالى ، ووحدانيته ، ورسالة رسول الله صلى الله عليه وآله ، أو الشهادة بالثلاثة على احتمالين يأتى الكلام فيهما .وهذه الثلاثة مما لا شبهة ولا خلاف في اعتبارها في معنى الاسلام ويحتمل أن يكون الاعتقاد بالمعاد إجمالا أيضا مأخوذا فيه لدى المتشرعة على تأمل يأي وجهه .هامش: ( 1 ) أصول الكافى ج 2 ص 387 من الطبعة الحديثة ( باب الكفر - الحديث 11 ) .( 2 ) أصول الكافي ج 2 ص 399 من الطبعة الحديثة ( باب الشك - الحديث 2 ) .( 3 ) أصول الكافى - ج 2 ص 386 من الطبعة الحديثة ( باب الكفر - الحديث 10 ) . ( * )
316
وأما الاعتقاد بالولاية فلا شبهة في عدم اعتباره فيه ، وينبغي أن يعد ذلك من الواضحات لدى كافة الطائفة الحقة إن أريد بالكفر المقابل له ما يطلق على مثل أهل الذمة من نجاستهم وحرمة ذبيحتهم ومساورتهم وتزويجهم ، ضرورة استمرار السيرة من صدر الاسلام إلى زماننا على عشرتهم ومؤاكلتهم ومساورتهم وأكل ذبائحهم والصلاة في جلودها ، وترتيب آثار سوق المسلمين على أسواقهم من غير أن يكون ذلك لاجل التقية ، وذلك واضح لا يحتاج إلى مزيد تجشم .لكن اغتر بعض من اختلت طريقته ببعض ظواهر الاخبار وكلمات الاصحاب من غير غور إلى مغزاها ، فحكم بنجاستهم وكفرهم ، وأطال في التشنيع على المحقق القائل بطهارتهم بما لا ينبغى له وله ، غافلا عن أنه حفظ أشياء هو غافل عنها ، فقد تمسك لنجاستهم بأمور :منها روايات مستفيضة دلت على كفرهم ، كموثقة الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال :" إن الله تعالى نصب عليا علما بينه وبين خلقه ، فمن عرفه كان مؤمنا ، ومن جاء بولايته دخل الجنة ، ومن أنكره كان كافرا ، ومن جهله كان ضالا ، ومن نصب معه شيئا كان مشركا ، ومن جاء بعدواته دخل النار " ( 1 ) .ورواية أبي حمزة قال :" سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :إن عليا باب فتحه الله تعالى من دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كانهامش: ( 1 ) أصول الكافي - ج 2 ص 388 من الطبعة الحديثة ( باب الكفر - الحديث 20 ) وفيه :" فمن عرفه كان مؤمنا ومن انكره كان كافرا - - إلى أن قال - :ومن جاء بولايته دخل الجنة ومن جاء بعدواته دخل النار " . ( * )
317
كافرا " ( 1 ) ونحوهما أخبار كثيرة ، وفيه أن كفرهم على فرض تسليمه لا يفيد ما لم يضم إليه كبرى كلية هي :كل كافر نجس ، ولا دليل عليها سوى توهم إطلاق معاقد إجماعات نجاسة الكفار .وهو وهم ظاهر ، ضرورة أن المراد من الكفار فيها مقابل المسلمين الاعم من العامة والخاصة ، ولهذا ترى إلحاقهم بعض المنتحلين إلى الاسلام كالخوارج والغلاة بالكفار ، فلو كان مطلق المخالف نجسا عندهم فلا معنى لذلك ، بل يمكن دعوى الاجماع أو الضرورة بعدم نجاستهم ، وتخيل أن المحقق أول من قال بطهارتهم باطل ، لقلة مصرح بنجاستهم قبله أيضا .نعم قد صرح جمع بكفرهم ، منهم المحقق في أوصاف المتسحقين من كتاب الزكاة ، قال :" وكذا لا يعطى غير الامامي وإن اتصف بالاسلام ، ونعنى بهم كل مخالف في اعتقادهم الحق ، كالخوارج والمجسمة وغيرهم من الفرق الذين يخرجهم اعتقادهم عن الايمان - إلى أن قال - :إن الايمان هو تصديق النبي صلى الله عليه وآله في كل ما جاء به ، والكفر جحود ذلك ، فمن ليس بمؤمن فهو كافر " انتهى .ومع ذلك قد صرح بطهارتهم في كتاب الطهارة ، فالقول بكفرهم وطهارتهم غير متناقضين ، لعدم الدليل على نجاسة مطلق الكفار ، والعلامة أيضا - مع ظهور كلامه في محكي شرحه لكتاب فص الياقوت تصنيف الشيخ ابن نوبخت في كفرهم بالمعنى المعروف على تأمل - لم يحكم بنجاستهم في طهارة القواعد والتذكرة والمنتهى ، بل صرح في التذكرة بطهارة من عدا النواصب منهم ، فيظهر منه أن كفرهم لا يلازم نجاستهم .هامش: ( 1 ) أصول الكافي - ج 2 ص 388 الطبعة الحديثة ( باب الكفر - الحديث 16 ) . ( * )
318
ومن ذلك يعلم عدم استفادة النجاسة من مثل قول ابن نوبخت :" دافعوا النص كفرة عند جمهور أصحابنا ، ومن أصحابنا من يفسقهم " ولا من قول ابن ادريس المحكي عن السرائر بعد اختيار عدم جواز الصلاة على المخالف تبعا للمفيد " وهو أظهر ، ويعضده القرآن ، وهو قوله تعالى :" ولا تصل على أحد منهم مات أبدا " ( 1 ) يعني الكفار ، والمخالف لاهل الحق كافر بلا خلاف بيننا " انتهى .ولعل السيد المرتضى أيضا حكم بكفرهم دون نجاستهم وإن كان ما نقل عنه خلاف ذلك ، وهكذا حال سائر العبارات الموجبة لاغترار الغافل .وبالجملة لو التزمنا بكفرهم لا يوجب ذلك الالتزام بنجاستهم بعد عدم الدليل عليها وعلى نجاسة مطلق الكفار الشامل لهم ، بل مع قيام الادلة على طهارتهم من النصوص المتفرقة في أبواب الصيد والذباحة وسوق المسلم وغيرها ، وتوهم أن المراد من المسلم في النصوص والفتاوى في تلك الابواب خصوص الشيعة الاثنى عشرية من أفحش التوهمات .هذا كله لو سلم أنهم كفار ، مع أنه غير مسلم ، لتطابق النصوص والفتاوى في الابواب المتفرقة على إطلاق المسلم عليهم ، فلا يراد بذبيحة المسلمين ولا سوقهم وبلادهم إلا ما هو الاعم من الخاصة والعامة لو لم نقل باختصاصها بهم ، لعدم السوق في تلك الاعصار للشيعة كما هو ظاهر كما أن المراد من إجماع المسلمين في كتب أصحابنا هو الاعم من الطائفتين ، هذا مع ما تقدم من ارتكاز المتشرعة خلفا بعد سلف على إسلامهم .وأما الاخبار المتقدمة ونظائرها فمحمولة على بعض مراتب الكفر ، فان الاسلام والايمان والشرك أطلقت في الكتاب والسنة بمعان مختلفة ،هامش: ( 1 ) سورة التوبة :9 - الآية 84 . ( * )
319
ولها مراتب متفاوتة ومدارج متكثرة ، كما صرحت بها النصوص ، ويظهر من التدبر في الآيات ، ففى آية " قالت الاعراب :آمنا قل :لم تؤمنوا ، ولكن قولوا أسلمنا ، ولما يدخل الايمان في قلوبهم " ( 1 ) وفى آية " فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا " ( 2 ) وفي آية " إن الدين عند الله الاسلام " ( 3 ) وفى آية " فان أسلموا فقد اهتدوا " ( 4 ) وفي آية " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام " ( 5 ) .وفى رواية :" الاسلام ما ظهر من قول أو فعل ، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها " ( 6 ) وفي أخرى " والاسلام شهادة أن لا إله إلا الله ، والتصديق برسول الله صلى الله عليه وآله " ( 7 ) وفى ثالثة :" إن الله خلق الاسلام فجعل له عرصة ، وجعل له نورا ، وجعل له حصنا ، وجعل له ناصرا " الخ ( 8 ) وفي رابعة " الاسلام عريان فلباسه الحياء ، وزينته الوفاء ، ومروته العمل الصالح ، وعماده الورع ، ولكل شئ أساس وأساس الاسلام حبنا أهل البيت " ( 9 ) وفي خامسة " قال أمير المؤمنين عليه السلام :لانسبن الاسلام نسبة لم ينسبه أحد قبلي ولاهامش: ( 1 ) سورة الحجرات :49 - الآية 14 .( 2 ) سورة الجن :72 - الآية 14 .( 3 ) و ( 4 ) سورة آل عمرآن :3 - الآية 19 - 20 .( 5 ) سورة الانعام :6 - الآية 125 .( 6 ) راجع أصول الكافي - ج 2 ص 26 من الطبعة الحديثة ( باب أن الايمان لا يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان - الحديث 5 ) ( 7 ) راجع المصدر المذكور آنفا ص 25 - الحديث 1 .( 8 ) و ( 9 ) أصول الكافي - ج 2 ص 46 من الطبعة الحديثة ( باب نسبة السلام - الحديث 3 - 2 ) وفي بعض النسخ :" وزينته الوقار " . ( * )
320
ينسبه أحد بعدي إلا بمثل ذلك . إن الاسلام هو التسليم ، والتسليم هو اليقين ، واليقين هو التصديق ، والتصديق هو الاقرار ، والاقرار هو العمل ، والعمل هو الاداء " الخ ( 1 ) .وكذا للايمان مراتب لو حاولنا ذكرها عما هو مقصدنا الآن ، وبازاء كل مرتبة من مراتب الاسلام والايمان مرتبة من مراتب الكفر والشرك ، فراجع أبواب أصول الكافي وغيره :كباب وجوه الكفر وباب وجوه الشرك ، وباب أدنى الكفر والشرك ، ترى أنهما أطلقا على غير الامامي ، وعلى الكافر بالنعمة ، وعلى تارك ما أمر الله به ، وعلى تارك الصلاة . وعلى تاركها مع الجهد ، وعلى تارك عمل أقر به ، وعلى من عصى عليها عليه السلام ، وعلى الزاني وشارب الخمر ، ومن ابتدع رأيا فيحب عليه ويبغض ، ومن سمع عن ناطق يروي عن الشيطان ، وعلى من قال للنواة إنها حصاة وللحصاة إنها نواة ثم دان به ، وقد استفاضت الروايات في إطلاق المشرك على المرائي ، بل يستفاد من بعض الروايات أن من لقى الله وفي قبله غيره تعالى فهو مشرك ، إلى غير ذلك .فهل لصاحب الحدائق وأمثاله أن يقولوا :إن كل من أطلق في الروايات عليه المشرك أو الكافر فهو نجس ، وملحق بالكفار وأهل الكتاب ؟ فهلا تنبه بأن الروايات التي تشبث بها لم يرد في واحدة منهاالمجلد:3 من ص 320 سطر: 19 الى ص 328 سطر: 18 أن من عرف عليا عليه السلام فهو مسلم ومن جهله فهو كافر ، بل قابل في جميعها بين المؤمن والكافر ، والكافر المقابل للمسلم غير المقابل للمؤمن .
هامش: ( 1 ) أصول الكافي - ج 2 ص 45 من الطبعة الحديثة ( باب نسبة الاسلام - الحديث 1 ) . ( * )
321
والانصاف أن سنخ هذه الروايات الواردة في المعارف غير سنخ ما وردت في الفقه ، والخلط بين المقامين أوقعه فيما أوقعه ، ولهذا أن صاحب الوسائل لم يورد تلك الروايات في أبواب النجاسات في جامعه ، لانها أجنبية عن افادة الحكم الفقهي .ثم مع الغض عن كل ذلك فقد وردت روايات أخر حاكمة عليها لا يشك معها ناظر في أن إطلاق الكافر عليهم ليس على ما هو موضوع للنجاسة وسائر الآثار الظاهرة ، كموثقة سماعة قال :" قلت :لابي عبدالله عليه السلام أخبرني عن الاسلام والايمان انهما مختلفان ؟ فقال إن الايمان يشارك الاسلام ، والاسلام لا يشارك الايمان ، فقلت :فصفهما لي ، فقال :الاسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله صلى الله عليه وآله ، به حقنت الدماء ، وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس " الخ ( 1 ) .وحسنة حمران بن أعين أو صحيحة عن أبي جعفر عليه السلام قال :" سمعته يقول :الايمان ما استقر في القلب وافضى به إلى الله وصدقه العمل بالطاعة لله ، والتسليم لامر الله ، والاسلام ما ظهر من قول أو فعل ، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها ، وبه حقنت الدماء ، وعليه جرت المواريث ، وجاز النكاح - إلى أن قال :فهل للمؤمن فضل على المسلم في شئ من الفضائل والاحكام والحدود وغير ذلك ؟ فقال :لا ، هما يجريان في ذلك مجرى واحد ، ولكن للمؤمن فضل على المسلم " الخ ( 2 ) . وبعض فقرات هذا الحديث لا يخلو منهامش: ( 1 ) أصول الكافي - ج 2 ص 25 من الطبعة الحديثة ( باب أن الايمان يشركه الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان - الحديث 1 ) .( 2 ) راجع المصدر المذكور آنفا ص 26 - الحديث 5 . ( * )