- كان مسيلمة يصانع قومه ويلاطفهم مع ادعائه النبوة ليلتفت قومه حوله وليكثر أتباعه وأنصاره، وقد ساعده على ذلك نهار الرجال بن عنفوة الذي كان قد هاجر إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وقرأ القرآن وفقه في الدين وبعثه معلما لأهل اليمامة وليشغب على مسيلمة، لكنه ما لبث أن انضم إلى مسيلمة وصدقه في الظاهر. لذلك قيل إنه كان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة، وهو الذي شهد أن محمدا صلى اللّه عليه وسلم شهد لمسيلمة أنه رسول اللّه. وقد اتفق المؤرخون على أن مسيلمة ادعى النبوة قبل وفاة رسول اللّه(1)، غير أن الأستاذ مرجوليث يزعم أنه تنبأ قبل مبعث رسول اللّه، وهذا من الغرابة بمكان وليس في التاريخ ما يؤيد زعمه. فما الذي ألجأه إلى ذلك؟ إن السبب الذي دعاه إلى ذلك هو نفس السبب الذي دفعه إلى الاعتراض والطعن في السيرة النبوية لتشويهها، إنه يريد أن يفهم القارئ أن رسول اللّه هو الذي قلد مسيلمة وحذا حذوه، فادعى النبوة، وهو يعلم حق العلم أن مسيلمة كذاب، وأنه مقلد طامع في الملك، ولهذا قدم إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم في وفد بني حنيفة وسأله أن يشركه معه في النبوة فأبى وحاول أن يضاهي القرآن تغريرا بعقول السذج من قومه فجاء كلامه سخيفا.وإنا بعد ذلك نورد من أسجاعه ما عثرنا عليه ليتبين القارئ هذا المتنبئ ومبلغ علمه.- 1 - والليل الدامس. والذئب الهامس(2). ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس.- 2 - والليل الأطحم(3): والذئب الأدلم(4). والجذع الأزلم(5). ما انتهكت أسيد من محرم.