موقعة ذات السلاسل
- خرج هرمز ودعا خالدا إلى البراز، وأوطأ أصحابه على الغدر بخالد فبرز إليه خالد، ومشى نحوه راجلا ونزل هرمز أيضا وتضاربا فاحتضنه خالد وحمل أصحاب هرمز فما شغله ذلك عن قتله، وانهزم الفرس بعد أن قتل منهم عدد عظيم وسميت الموقعة)ذات السلاسل) لأن فريقا من جند الفرس قد قد قرنهم هرمز بالسلاسل خوفا من فرارهم. ونجا قباذ وأنوشجان، وأخذ خالد سلب هرمز، وكانت قلنسوته بمئة ألف لأنه كان قد تم شرفه في الفرس، وكانت هذه عاداتهم إذا تم شرف الإنسان تكون قلنسوته بمائة ألف، وكانت القلنسوة مفصصة بالجواهر، وبعث خالد بالفتح والأخماس إلى أبي بكر، ومما غنمه المسلمون في ميدان القتال فيل فأرسل إلى المدينة مع الغنائم. فلما طيف به ليراه الناس جعل ضعيفات النساء يقلن (أمن خلق اللّه هذا؟) فرده أبو بكر.حصن المرأة وحصن الرجل
- ثم صار خالد حتى نزل بموضع الجسر الأعظم بالبصرة وخرج المثنى بن حارثة حتى انتهى إلى (حصن المرأة) فخلف المثنى بن حارثة عليه أخاه فحاصرها ومضى المثنى إلى زوجها وهو في حصنه المسمى (حصن الرجل) فحاصره واستنزلهم عنوة فقتلهم وغنم أموالهم. ولما بلغ المرأة ذلك صالحت المثنى وأسلمت فتزوجها المثنى، وكان هذا الحصن قصرا واسم المرأة كما جاء في البلاذري (كامور زاد بنت نرسي) لأن أبا موسى الأشعري قد نزل بها فزودته خبيصا فجعل يكثر أن يقول أطعمونا من خبيص (المرأة) فغلب على اسمها.وقد نال كل فارس في يوم ذات السلاسل 1000 درهم والراجل الثلث.انهزام الفرس ثانياً موقعة الثنى(1) صفر سنة 12هـ - سنة 633م
- لما وصل خبر انهزام هرمز إلى المدائن عاصمة الفرس، أرسل ملكهم أردشير جيشا آخر وأمر عليه قارن بن قريانس. فلما انتهى إلى المذار(2) انضم إلى الجيش المنهزم ورجعوا ومعهم قباذ وأنو شجان ونزلوا الثنى وهو نهر متفرع من الدجلة والتقوا بالمثنى الذي كان قد توقف عند الثنى فأحدق الخطر بالمثنى، فوافاه خالد والتقوا في الوقت المناسب، ودارت رحى القتال بينهم وانتهى الأمر بفرار الفرس، وقتل مهم نحو 30.000(3) سوى من غرق وفر من نجا منهم بالقوارب. وقد كان النهر عائقا في سبيا اقتفاء أثر العدو، غير أن الغنائم كانت عظيمة، وقتل كل رجل قادر على الحرب، وأسر النساء، وأخذ الجزية من الفلاحين، وصاروا ذمة، وصارت أرضهم لهم، وكان في السبي أبو الحسن البصري وكان نصرانيا وأمر على الجند سعيد بن نعمان وعلى الجزية سويد بن مقرن المزني.أما قارن بن قريانس أمير جيش الفرس الذي أرسله أردشير لإمداد هرمز فقد قتله معقل بن الأعشى بن النباش، وقتل عاصم أنو شجان وقتل عدي بن حاتم قباذ، وكان قارن قد تم شرفه ولم يقاتل المسلمون بعده أحدا تم شرفه في الأعاجم. وزاد سهم الفارس يوم الثنى على سهمه في ذات السلاسل.(1) الثنى: من كل نهر منعطفة ويقال الثنى اسم لكل نهر.(2) المذار في ميسان بين واسط البصرة وهي قصبة ميسان وبها قبر عبد اللّه بن علي بن أبي طالب ويقال إن الحريري صاحب المقامات قد مات بها.(3) ذكر هذا العدد الطبري وابن الأثير لكن مستر موير في كتابه الخلافة لم يحدد العدد بل قال إن عدد القتلى كان كثيراً وعلى كل حال فالعدد تقريبي.