المسير إلى دارين وكرامة أخرى للعلاء
- ثم قصد معظم الجيش إلى دارين وهي فرضة بالبحرين، وإن ما بين الساحل ودارين مسيرة يوم وليلة لسفر البحر في بعض الحالات. فركبوا إليها السفن ولحق باقي الجيش ببلاد قومهم، فكتب العلاء إلى من ثبت على إسلامه من بكر وائل يأمرهم بالقعود للمنهزمين والمرتدين بكل طريق ففعلوا، وجاءت رسلهم إلى العلاء بذلك فأمر أن يؤتى من وراء ظهره فندب الناس إلى دارين وقال لهم: (قد أراكم اللّه من آياته في البر لتعتبروا بها في البحر فانهضوا إلى عدوكم واستعرضوا البحر).وبعد ذلك ارتحلوا واقتحموا البحر على الخيل والإبل وغير ذلك وفيهم الماشي على قدميه ودعا ودعوا وهذا دعاؤهم: (يا أرحم الراحمين، يا كريم يا حليم يا أحد يا صمد يا حي يا محيي الموتى يا حي يا قيوم. لا إله إلا أنت يا ربنا).فاجتازوا ذلك الخليج بإذن اللّه يمشون على رمل فوقه ماء يغمر أخفاف الإبل.انتصار المسلمين وهزيمة المشركين
- التقى المسلمون والمشركون واقتتلوا قتالا شديدا فانتصر المشركون وانهزم المشركون. وأكثر المسلمون القتل فيهم وغنموا وسبوا فبلغ نفل الفارس ستة آلاف والراجل ألفين، وقال في ذلك عفيف بن المنذر: ألم تر أن اللّه ذلل بحره وأنزل بالكفار إحدى الجلائل دعونا الذي شق البحار فجاءنا بأعجب من فلق البحار الأوائل وجاء في أسد الغابة أن العلاء بن الحضرمي هو من حضرموت حليف حرب بن أمية وقد خاض البحر بكلمات قالها ودعا بها.إسلام راهب
- كان مع المسلمين راهب من أهل هجر فأسلم، فقيل له: ما حملك على الإسلام؟ قال: ثلاثة أشياء خشيت أن يمسخني اللّه بعدها(1): - 1- فيض في الرمال.- 2- تمهيد أثباج البحر (أي أعليه أو معظمه).- 3- دعاء سمعته في عسكرهم في الهواء سحرا: (اللّهم أنت الرحمن الرحيم لا إله غيرك، والبديع فليس قبلك شئ، والدائم غير الغافل، الحي الذي لا يموت، وخالق ما يرى وما لا يرى، وكل يوم أنت في شأن علمت كل شئ بغير تعلم).فعلمت أن القوم لم يعاونوا بالملائكة إلا وهم على حق، فكان أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم يسمعون هذا منه بعد، ولم يرو لنا التاريخ اسم هذا الراهب الذي أسلم.(1) أي إذا لم يسلم.