- لما ولي أبو بكر قال أبو عبيدة: أنا أكفيك بيت المال. وقال له عمر: أنا أكفيك القضاء فمكث عمر سنة لا يأتيه رجلان.وكان يكتب له علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وعثمان بن عفان، فإن غابوا كان يكتب له من حضر.وكان عامله على مكة (عتاب بن أسيد): وقد أسلم عتاب يوم الفتح، واستعمله رسول اللّه على مكة حين انصرف عنه بعد الفتح وسنه يومئذ عشرون سنة. قيل إنه توفي في اليوم الذي توفي فيه أبو بكر. وكان رجلا صالحا فاضلا.وكان على الطائف (عثمان بن أبي العاص): استعمله رسول اللّه على الطائف وأقره أبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما. روى له عن رسول اللّه تسعة أحاديث. روى مسلم ثلاثة منها، واستعمله عمر على عمان والبحرين ثم نزل البصرة. توفي في خلافة معاوية، وله عقب كثير أشراف.وكان على صنعاء (المهاجر بن أمية) وهو أخو أم سلمة أم المؤمنين. وله في قتال المرتدين باليمن آثار
عمل أبي بكر ومنزله مدة خلافته
- كان أبو بكر قبل أن يشتغل بأمور المسلمين تاجرا وكان منزله بالسنح عند زوجته حبيبة (والسنح من ضواحي المدينة) ثم تحول إلى المدينة بعدما بويع له بستة أشهر وكان يغدو على رجليه إلى المدينة وربما ركب على فرس وعليه إزار ورداء ممشق فيوافي المدينة، فيصلي الصلوات بالناس فإذا صلى العشاء رجع إلى أهله بالسنح، فكان إذا حضر صلى بالناس وإذا لم يحضر صلى بهم عمر بن الخطاب، فكان يقيم يوم الجمعة صدر النهار بالسنح يصبغ رأسه ولحيته ثم يروح لقدر يوم الجمعة فيجمع الناس وكان رجلا تاجرا، فكان يغدو كل يوم إلى السوق فيبيع ويبتاع، وكانت له قطعة غنم تروح عليه وربما خرج هو بنفسه فيها وربما كفيها فرعيت له، وكان يحلب للحي أغنامهم، فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي (الآن لا تحلب لنا منائح دارنا) فسمعها أبو بكر فقال: (بلى لعمري لأحلبنها لكم وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه من خلق كنت عليه) فكان يحلب لهم.ثم نظر أبو بكر في أمره فقال: (لا واللّه ما تصلح أمور الناس التجارة وما يصلحهم إلا التفرغ لهم والنظر في شأنهم ولا بد لعيالي مما يصلحهم) فترك التجارة وأنفق من مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم ويحج ويعتمر؛ وكان الذي فرضوا له في كل سنة 6000 درهم فلما حضرته الوفاة؛ قال: (ردوا ما عندنا من مال المسلمين فإني لا أصيب من هذا المال شيئا، وإن أرضي التي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم) فدفع ذلك إلى عمر ودفع إليه بعيرا وعبدا وقطيفة ما تساوي خمسة دراهم. فقال عمر: (لقد أتعب من بعده).وحسبوا ما أنفقه على أهله من بيت المال فوجدوه 8000 درهم في ولايته وكان يوزع الصدقات على الفقراء وعلى تجهيز الجيوش. كذلك كان يوزع غنائم الحرب على الناس حال وصولها أو في صباح اليوم التالي ولم يكن له حرس يحرسونه وكان يستشير عمر بن الخطاب.
بيت مال المسلمين
- كان لأبي بكر الصديق بيت مال بالسنح معروف ليس يحرسه أحد فقيل له: يا خليفة رسول اللّه ألا تجعل على بيت المال من يحرسه؟ فقال: لا يخاف عليه. فقيل له: لم؟ قال: عليه قفل. وكان يعطي ما فيه حتى لا يبقى فيه