- كان خبر إسلام خالد أن عمرو بن العاص لما عاد من الحبشة بعد مقابلة النجاشي لقي خالد بن الوليد وهو مقبل من مكة. قال عمرو بن العاص: (فقلت له أين يا أبا سليمان؟ قال واللّه لقد استقام الميسم "أي تبين الطريق وظهر الأمر" وأن الرجل لنبي. أذهب واللّه فأسلم فحتى متى؟ قلت: واللّه ما جئت إلا لأسلم فقدمنا المدينة على رسول اللّه فتقدم خالد بن الوليد).قدم خالد هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة العبدري على رسول اللّه فلما رآهم صلى اللّه عليه وسلم قال لأصحابه (رمتكم مكة بأفلاذ كبدها) وذلك لرفعة شأنهم في قريش.قال خالد بن الوليد (لما أراد اللّه عز وجل بي ما أراد من الخير، قذف في قلبي الإسلام وحضر لي رشدي وقلت قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد فليس موطن أشهده إلا أنصرف وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شيء وأن محمدا يظهر. فلما جاء لعمرة القضية تغيبت ولم أشهد دخوله وكان أخي الوليد بن الوليد دخل معه فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتابا فإذا فيه: "بسم اللّه الرحمن الرحيم. أما بعد فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك، أو مثل الإسلام يجهله أحد؟ قد سألني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عنك. فقال أين خالد؟ فقلت يأتي اللّه به. فقال: ما مثله يجهل الإسلام ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له ولقدمناه على غيره. فاستدرك يا أخي قد فاتك من مواطن صالحة".فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام وسرتني مقالة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ورأيت في المنام كأني في بلاد ضيقة جدبة فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة. فلما أجمعت على الخروج إلى المدينة لقيت صفوان بن أمية فقلت: يا أبا وهب أما ترى أن محمدا ظهر على العرب والعجم؟ فلو قدمنا عليه واتبعناه فإن شرفه شرف لنا؟ فقال: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدا. فقلت هذا رجل قتل أخوه وأبوه ببدر. فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان فقال مثل الذي قال صفوان. قلت فاكتم ذكر ما قلت لك. قال لا أذكره. ثم لقيت عثمان بن طلحة الحجبي. قلت هذا لي صديق فأردت أن أذكر له. ثم ذكرت قتل أبيه طلحة وعمه عثمان وإخوته الأربعة: مسافع والجلاس والحارث وكلاب، فإنهم قتلوا كلهم يومئذ يوم أحد فكرهت أن أذكر له. ثم قلت له: إنما نحن بمنزلة ثعلب في حجر لو صب فيه ذنوب من الماء لخرج. ثم قلت له ما قلت لصفوان وعكرمة فأسرع الإجابة وواعدني إن سبقني أقام بمحل كذا وإن سبقته إليه انتظرته فلم