صفاته
لقد اجتمعت في جعفر خصال كثيرة قلما تجتمع في غيره ، فقد اتفقت مصادر ترجمته عليها ، فإضافة إلى شبابه وحيوته وفتوته وشجاعته كان حليماً بارّاً متواضعاً ، وكان يخشى الله خشية عظيمة ، حتى إنه قبل إسلامه كانت نفسه وكأنها قد جبلت على كره المحرمات .
يقول ابن عباس في رواية له : قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله)
لجعفر بن أبي طالب : إن الله تعالى أوحى إليّ أنه شكرك على أربع خصال ، كنتَ عليهن مقيماً قبل أن يبعثني الله ، فما هن؟
قال له جعفر : بأبي أنت وأمّي ، لولا أن الله أنبأك بهن ما أنبأتك عن نفسي كراهية التزكية : إني كرهت عبادة الأوثان ; لأني رأيتها لا تضرّ ولا تنفع . وكرهت الزنا . . . وكرهت شرب الخمر; لأني رأيتها منقصة للعقل ، وكنت إلى أن أزيد في عقلي أحبّ إليّ من أن انقصه . وكرهت الكذب; لأني رأيته دناءة(7) .
ما أعظمك يا جعفر في الجاهلية كما ما أعظمك في إسلامك!
كان جعفر جواداً كريماً سخياً سمحاً ، فقد قال فيه رسول الله
(صلى الله عليه وآله)
: أسمح أمّتي جعفر .
ولطيب نفسه ومراعاته لضعفاء الناس ومساكينهم كان رسول الله يكنيه أبا المساكين .
فعن أبي هريرة قال : كان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ويحدثهم ويحدثونه(8) .
وعنه أيضاً : كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب ، وكان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته ، وإن كان ليخرج إلينا العكة فنشقها فنلعق ما فيها .