جعفر الطیار نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

جعفر الطیار - نسخه متنی

حسن محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


تقول رواية أمّ سلمة



لما ضاقت على النبي
(صلى الله عليه وآله)
مكّة ، وأوذي أصحابه ، وفتنوا ، ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم ، وأن رسول الله
(صلى الله عليه وآله)
لا يستطيع دفع ذلك عنهم ، وكان رسول الله
(صلى الله عليه وآله)
في منعة من قومه ومن عمّه ، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه ، فقال لهم رسول الله
(صلى الله عليه وآله)
: إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده ، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه .

فخرجنا إليها أرسالا حتى اجتمعنا بها ، فنزلنا بخير دار إلى خير جار ، أمنا على ديننا ، ولم نخش ظلماً .

فلما رأت قريش أنا قد أصبنا داراً وأمناً ، اجتمعوا على أن يبعثوا إليه فينا ; ليخرجنا من بلاده ، وليردنا عليهم . فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة ، فجمعوا له هدايا ولبطارقته ، فلم يَدَعُوا منهم رجلا إلاّ بعثوا له هدية على حِدَة ، وقالوا لهما : ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا فيهم ، ثمّ ادفعوا إليه هداياه ، وإن استطعتما أن يردهم عليكم قبل أن يكلمهم فافعلوا .

أقول : كانت تخشى قريش أن ينطلق الحقّ من لسانهم ووقع الذي كانت تخشاه .

فقدما علينا ، فلم يبق بطريق من بطارقته إلاّ قدّموا إليه هديته ، فكلموه ، فقالوا له : إنّا قدمنا على هذا الملك في سفهاء من سفهائنا ، فارقوا أقوامهم في دينهم ، ولم يدخلوا في دينكم ، فبعثَنا قومُهم ليردهم الملك عليهم ، فإذا نحن كلمناه فأشيروا عليه بأن يفعل ، فقالوا : نفعل ، ثم قدّموا إلى النجاشي هداياه ، فكان من أحبّ ما يهدى إليه من مكّة الأَدَم . فلما أدخلوا عليه هداياه ، فقالوا له : أيها الملك إن فتية منا سفهاء ، فارقوا دين قومهم ، ولم يدخلوا في دينك ، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه ، وقد لَجأُوا إلى بلادك ، فبَعَثنا إليك فيهم عشائرهم ، آباؤهم وأعمامهم وقومهم لتردهم عليهم ، فهم أعلى بهم(10) عيناً .

فقالت بطارقته : صدقوا أيها الملك ، لو رددتهم عليهم وكانوا هم أعلى بهم ، فإنهم لم يدخلوا في دينك فيمنعهم أملك . فغضب ، ثمّ قال : لا ، لعمر الله ، لا أردهم عليهم حتى أدعوهم وأكلمهم وأنظر ما أمرهم ، قوم لَجأُوا إلى بلادي ، واختاروا جواري على جوار غيري ، فإن كانوا كما تقولون رددتهم عليهم ، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم ، ولم أدخل بينهم وبينهم ، ولم أنعمهم عيناً فأرسل إليهم النجاشي فجمعهم ـ ولم يكن شيء أبغض إلى عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة من أن يسمع كلامهم ـ فلما جاءهم رسول النجاشي اجتمع القوم فقال : ماذا تقولون؟ فقالوا : ماذا نقول؟! نقول والله ما نعرف وما نحن عليه من أمر ديننا ، وما جاء به نبينا
(صلى الله عليه وآله)
كائن من ذلك ما كان ، فلما دخلوا عليه كان الذي يكلمه منهم جعفر بن أبي طالب ، فقال له النجاشي :

ما هذا الدين الذي أنتم عليه؟ فارقتم دين قومكم ، ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانيه ، فما هذا الدين؟

فراح جعفر رضوان الله عليه يبين له حيث قال
:

. . أيها الملك كنّا قوماً على الشرك ، نعبد الأوثان ، ونأكل الميتة ، ونسيء الجوار ، ونستحلّ المحارم . . وغيرها ، لا نحلّ شيئاً ولا نحرّمه ، فبعث الله إلينا نبياً من أنفسنا نعرف وفاءَه وصدقَه وأمانتَه ، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له ، ونصلَ الرحم ، ونُحسِنَ الجوار ، ونصلّي لله تعالى ، ونصوم له ، ولا نعبد غيره ، فقال : هل معك شيء مما جاء به؟ وقد دعا أساقفته فأمرهم فنشروا المصاحف حوله ، فقال له جعفر : نعم ، فقال : هلمّ فاتلُ عليَّ ما جاء به . فقرأ عليه صدراً من
}
كهـيـعص
{
فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته ، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم . ثم قال : إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى; انطلقوا راشدين ، لا ، والله لا أردهم عليهم ، ولا أنعمكم عيناً ، فخرجنا من عنده ، وكان أتقى الرجلين فينا عبدالله بن أبي ربيعة ، فقال عمرو بن العاص : والله لأثنينه غداً بما أستأصل به خضراءهم(11) . فلأخبرنه أنهم يزعمون أن إلهه الذي
يعبد عيسى بن مريم عبد .

فقال له عبدالله بن أبي ربيعة : لا تفعل . . فإنهم إن كانوا خالفونا فإن لهم رحماً ولهم حقاً ، فقال : والله لأفعلن ، فلما كان الغد دخل عليه ، فقال : أيها الملك ، إنهم يقولون في عيسى قولا عظيماً ، فأرسل إليهم فسلهم عنه ، فبعث إليهم ، ولم ينزل بنا مثلها . فقال بعضنا لبعض : ماذا تقولون له في عيسى إن هو سألكم عنه؟

فقالوا : نقول والله الذي قاله الله تعالى ، والذي أمرنا به نبينا
(صلى الله عليه وآله)
أن نقول فيه :فدخلوا عليه وعنده بطارقته ، فقال : ما تقولون في عيسى بن مريم؟

وهنا أيضاً كان جعفر رضوان الله عليه هو المحاور فقال له : نقول : هو عبدُ الله ورسوله وكلمتهُ وروحهُ ألقاها إلى مريم العذراء البتول ، فدلى النجاشي يده إلى الأرض ، فأخذ عوداً بين أصبعيه ، فقال : ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العويد(12) ، فتناخرت بطارقته ، فقال : وإن تناخرتم والله ، اِذهبوا ، فأنتم شيوم في
أرضي ـ والشيوم : الآمنون ـ مَن سبّكم غرم ، ثمّ من سبّكم غرم ، ثمّ مَنْ سبّكم غرم ، فأنا ما أحب أن لي دَبْراً وأني آذيتُ رجلا منكم ـ والدبر بلسانهم : الذهب ـ فوالله ما أخذ الله تعالى مني الرشوة حين ردّ علي ملكي فآخذ الرشوة منه ، ولا أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه ، ردوا عليهما هداياهما ، فلا حاجة إلي بها ، وأخرجا من بلادي . فرجعا مقبوحَيْن مردوداً عليهما ما جاءا به . فأقمنا مع خير جار ، وفي خير دار .

فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه ، فوالله ما علمنا حزناً حزنّا قط كان أشدّ منه فرقاً من أن يظهر ذلك الملك عليه ، فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرفه ، فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي ، فخرج إليه سائراً . . . فهزم الله ذلك الملك وقتله ، وظهر النجاشي عليه . . . فوالله ما علمنا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي ، ثمّ أقمنا عنده حتى خرج من خرج منا راجعاً إلى مكة ، وأقام من أقام . . .

وفي رواية ثانية ذكرها أبو نعيم في حليته عن بردة عن أبيه
:

قال : لما أمرنا رسول الله
(صلى الله عليه وآله)
أن ننطلق مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض النجاشي ، فبلغ ذلك قريشاً ، فبعثوا عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد ، فجمعوا للنجاشي هدية ، فقدمنا وقدما على النجاشي ، فأتياه بالهدية فقبلها ، وسجدا له . ثم قال له عمرو بن العاص : إنّ أناساً من أرضنا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك .

قال لهم النجاشي : في أرضي؟ قالوا : نعم ، فبعث إلينا .

فقال لنا جعفر : لا يتكلم منكم أحد ، أنا خطيبكم اليوم ، فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلس وعمرو بن العاص عن يمينه ، وعمارة عن يساره ، والقسيسون والرهبان جلوس سماطين سماطين ، وقد قال لهم عمرو وعمارة : إنّهم لا يسجدون لك ، فلما انتهينا بدرنا مَنْ عنده من القسيسين والرهبان :

اسجدوا للملك . فقال جعفر : لا نسجد إلاّ لله عزّوجلّ .

قال له النجاشي : وما ذاك؟ قال : إنّ الله تعالى بعث فينا رسولا وهو الرسول الذي بشر به عيسى
(عليه السلام)
.

قال : من بعدي اسمه أحمد . فأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئاً ، ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ، وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر .

فأعجب النجاشي قوله . فلما رأى ذلك عمرو بن العاص ، قال : أصلح الله الملك إنهم يخالفونك في ابن مريم .

فقال النجاشي لجعفر : ما يقول صاحبكم في ابن مريم؟

قال : يقول فيه قول الله عزّوجلّ : هو روح الله وكلمته ، أخرجه من البتول العذراء التي لم يقربها بشر ، ولم يفترضها ولد .

فتناول النجاشي عوداً من الأرض فرفعه ، فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه . ثمّ قال : مرحباً بكم وبمن جئتم من عنده .

وأنا أشهد أنه رسول الله ، وأنه الذي بشر به عيسى
(عليه السلام)
ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أقبل نعله . امكثوا في أرضي ما شئتم . وأمر لنا بطعام وكسوة وقال : ردوا على هذين هديتهما(13) .

وفي حلية الأولياء أيضاً كان جواب جعفر : أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف . وكنّا على ذلك حتى بعث الله تعالى إلينا رسولا منّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله تعالى لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفحش ، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة . وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً . وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام . قال : ـ فعدد عليه أمور الإسلام ـ فصدقناه وآمنا به ، واتبعناه على ما جاء به من الله عزّوجلّ ، فعبدنا الله وحده ، فلم نشرك به شيئاً ، وحرمنا ما حرم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا . فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا; ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله عزّوجلّ ، وأن نستحل ما كنّا نستحل من الخبائث ، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا ، خرجنا إلى بلادك ، فاخترناك على مَنْ سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك . . .

ولما أرسلت قريش مبعوثيها إلى الحبشة ، يقول ابن هشام في سيرته(14) :
فقال (ابو طالب) حين رأى ذلك من رأيهم وما بعثوهما فيه ، أبياتاً للنجاشي يحضّه على حسن جوارهم والدّفع عنهم :




  • ألا ليتَ شعري كيف في النأي جعفرٌ
    وهل نالت أفعالُ النجاشي جعفراً
    تعلَّم ، أبيت اللّعن ، أنّك ماجدٌ
    تعلّم بأنّ اللهَ زادك بَسطةً
    وأنّك فيضٌ ذو سِجال غزيرة
    يَنال الأعادي نفعها والأقارِب



  • وعمرو وأعداء العدوّ الأقاربُ
    وأصحابه أو عاق ذلك شاغب
    كريمٌ فلا يشقى لديك المجانب
    وأسبابَ خير كلّها بك لازب
    يَنال الأعادي نفعها والأقارِب
    يَنال الأعادي نفعها والأقارِب



/ 16