كما أن الإلحاد عبارة عن الميل، فخصص بمنمال إلى الباطل عن الحق و كذا الارتداد ولا خفاء بالحاجة إلى التوفيق. و لذلك قيل
إذا لم يكن عون من الله للفتى
فأكثر مايجنى عليه اجتهاده
فأكثر مايجنى عليه اجتهاده
فأكثر مايجنى عليه اجتهاده
فأما الهداية فلا سبيل لأحد إلى طلبالسعادة إلا بها لأن داعية الإنسان قدتكون مائلة إلى ما فيه صلاح آخرته، و لكنإذا لم يعلم ما فيه صلاح آخرته حتى يظنالفساد صلاحا، فمن أين ينفعه مجردالإرادة؟ فلا فائدة في الإرادة، و القدرة،و الأسباب، إلا بعد الهداية. و لذلك قالتعالى رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّشَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى و قالتعالى وَ لَوْ لا فَضْلُ الله عَلَيْكُمْوَ رَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ منأَحَدٍ أَبَداً وَ لكِنَّ الله يُزَكِّيمن يَشاءُ و قال صلّى الله عليه وسلّم[1]«ما من أحد يدخل الجنّة إلّا برحمة اللهتعالى» أي بهدايته فقيل و لا أنت يا رسولالله؟ قال «و لا أنا».
و الهداية ثلاث منازل
الأولى: معرفة طريق الخير و الشر.
المشار إليه بقوله تعالى وَ هَدَيْناهُالنَّجْدَيْنِ و قد أنعم الله تعالى بهعلى كافة عباده، بعضه بالعقل، و بعضه علىلسان الرسل. و لذلك قال تعالى وَ أَمَّاثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّواالْعَمى عَلَى الْهُدى فأسباب الهدىهي الكتب، و الرسل و بصائر العقول. و هيمبذولة. و لا يمنع منها إلا الحسد، والكبر، و حب الدنيا، و الأسباب التي تعمىالقلوب و إن كانت لا تعمى الأبصار. قالتعالى فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُوَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فيالصُّدُورِ. و من جملة المعميات الإلف والعادة، و حب استصحابهما و عنه العبارةبقوله تعالى إِنَّا وَجَدْنا آباءَناعَلى أُمَّةٍ الآية و عن الكبر و الحسدالعبارة بقوله تعالى وَ قالُوا لَوْ لانُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ منالْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ و قوله تعالى أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ فهذهالمعميات هي التي منعت الاهتداء و الهداية
_
[1] حديث ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمةالله: متفق عليه من حديث أبي هريرة لن يدخلأحدكم عمله الجنة قالوا و لا أنت يا رسولالله قال و لا أنا لا أن يتغمدني: الله بفضلمنه و رحمة و في رواية لمسلم ما من أحديدخله عمله الجنة- الحديث: و اتققا عليه منحديث عائشة و انفرد به مسلم من حديث جابر وقد تقدم