المحيطة بمجموع حقيقته. فأما قول من قال.إن الشكر هو الاعتراف بنعمة المنعم علىوجه الخضوع فهو نظر إلى فعل اللسان مع بعضأحوال القلب. و قول من قال. إن الشكر هوالثناء على المحسن بذكر إحسانه، نظر إلىمجرد عمل اللسان. و قول القائل: إن الشكر هوالاعتكاف على بساط الشهود بإدامة حفظالحرمة، جامع لأكثر معانى الشكر، لا يشذمنه إلا عمل اللسان. و قول حمدون القصار:شكر النعمة أن ترى نفسك في الشكر طفيلياإشارة إلى أن المعرفة من معانى الشكر فقط.و قول الجنيدي. الشكر أن لا ترى نفسك أهلاللنعمة، إشارة إلى حال من أحوال القلب علىالخصوص. و هؤلاء أقوالهم تعرب على أحوالهم.فلذلك تختلف أجوبتهم و لا تتفق. ثم قديختلف جواب كل واحد في حالتين لأنهم لايتكلمون إلا عن حالتهم الراهنة الغالبةعليهم، اشتغالا بما يهمهم عما لا يهمهم. أويتكلمون بما يرونه لائقا بحال السائل،اقتصارا على ذكر القدر الذي يحتاج إليه، وإعراضا عما لا يحتاج إليه. فلا ينبغي أنتظن أن ما ذكرناه طعن عليهم، و أنه لو عرضعليهم جميع المعاني التي شرحناها كانواينكرونها. بل لا يظن ذلك بعاقل أصلا، إلاأن تعرض منازعة من حيث اللفظ، في أن اسمالشكر في وضع اللسان هل يشمل جميعالمعاني، أم يتناول بعضها مقصودا، و بقيةالمعاني تكون من توابعه و لوازمه. و لسنانقصد في هذا الكتاب شرح موضوعات اللغات،فليس ذلك من علم طريق الآخرة في شيء، والله الموفق برحمته
بيان طريق كشف الغطاء عن الشكر في حق اللهتعالى
لعلك يخطر ببالك أن الشكر إنما يعقل في حقمنعم هو صاحب حظ في الشكر. فإنا نشكرالملوك إما بالثناء ليزيد محلهم فيالقلوب، و يظهر كرمهم عند الناس، فيزيد بهصيتهم و جاههم أو بالخدمة التي هي إعانةلهم على بعض أغراضهم. أو بالمثول بينأيديهم في صورة الخدم، و ذلك تكثيرسوادهم، و سبب لزيادة جاههم فلا يكونونشاكرين لهم إلا بشيء من ذلك و هذا محال فيحق الله تعالى من وجهين. أحدهما: أن اللهتعالى منزه عن الحظوظ و الأغراض، مقدس عنالحاجة إلى الخدمة و الإعانة، و عن نشرالجاه و الحشمة بالثناء و الإطراء، و عنتكثير سواد الخدم بالمثول بين