مبسوط جلد 26

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 26

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(63)

المثل إذا أمكن و هذا لان ضمان المتلفات مقدر بالمثل بالنص قال الله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم و لان الزيادة على المثل ظلم على المتعدي و فى النقصان يحسن بالمتعدي عليه و الشرع انما يأمر بالعدل و ذلك بالمثل إذا ثبت هذا فنقول الدية ليست بمال للمتلف و القصاص مثل أما بيان أن الدية ليست بمثل فلان المماثلة بين الشيئين تعرف صورة أو معنى و لا مماثلة بين المال و الآدمى صورة و لا معنى و النفس مخلوقة لا ماتة الله تعالى و الاشتغال بطاعته ليكون خليفة في الارض و المال مخلوق لاقامة مصالح الا آدمى به ليكون مبتذلا في حوائجه فاما القصاص من حيث الصورة فلانه قتل بازاء قتل و إزهاق احياة بازهاق حياة و من حيث المعنى فالمقصود بالقتل ليس الا الانتقام و الثاني في معنى الانتقام كالأَول و بهذا سمى قصاصا ثم المثل واجب بطريق الجبر و لا يجعل جبران الحياة بالمال و انما جبران الحياة بحياة مثلها و ذلك في القصاص فان الله تعالى نص على أن في القصاص حياة فعلينا أن نعتقد هذا المعنى في القصاص عقلناه أو لم نعقله ثم هو معقول من الوجه الذي ذكرنا انه حياة بطريق دفع سبب الهلاك و لكن للولي الذي هو قائم مقام المقتول كما ان المال في الموضع الذي يجب انما ينتفع به الذي هو قائم مقام المقتول و لا حاجة بنا الي إثبات المماثلة في القصاص لان ذلك واجب بالقصاص و هو محض حق العبد و لا حق للعبد الا في المثل فاما أجزية الافعال المحرمة فتجب حقا لله تعالى و انما حاجتنا الي أن يثبت ان المال ليس بمثل للنفس و قد أثبتنا ذلك فقلنا لا يجب بمقابلة النفس المتلفة قتلا الا في الموضع الذي يجب بتعذر إيجاب المثل فحينئذ يجب المال بالنص بخلاف القياس و هو في حالة الخطأ لان المثل نهاية في العقوبات المعجلة في الدنيا و الخاطئ معذور فتعذر إيجاب المثل عليه و نفس المقتول محرمة لا يسقط جزء منها بعذر الخاطئ فوجب صيانتها عن الهدر فأوجب الشرع المال في حالة الخطأ لصيانة النفس المحرمة عن الاهدار لا بطريق انه مثل كما أوجب الفدية علي الشيخ الفانى عند وقوع اليأس به عن الصوم و ذلك لا يدل على أن الاطعام مثل الصوم و إذا ثبت أن وجوب المال بهذا الطريق ففى الموضع الذي يتمكن فيه من استيفاء مثل حقه لا معنى لايجاب المال و كما ثبت هذا المعني في الخطأ قلنا في كل موضع من مواضع العمد بتحقق هذا المعنى نوجب هذا المال أيضا لان المخصوص من القياس بالنص يلحق به ما يكون في معناه من كل وجه فالأَب إذا قتل ابنه عمدا يجب المال لتعذر إيجاب القصاص لحرمة الابوة و إذا

(64)

عفى أحد الشريكين يجب للآخر المال لانه تعذر عليه استيفاء القصاص لمعنى في القاتل و هو انه حتى يقص نفسه بعفو الشريك فكان ذلك في معنى الخطأ فوجب المال للاخر و لا يجب للعافي لانه انما تعذر استيفاء القصاص على العافي بإسقاطه من جهته لا بمعنى في القاتل ثم اقدام العافي علي العفو يكون تعبينا منه لحقه في القصاص لان العفو يعترف فيه بالاسقاط و ذلك لا يكون الا بعد تعيين حقه فيه و مع تعيين حقه في القصاص لا يجب له المال و إذا مات من عليه القصاص انما لا نوجب المال لان هذا ليس في معنى الخاطئ من كل وجه فان تعذر إيجاب استيفاء القصاص بعد موته كان لفوات المحل فلو ألحقنا هذا بالخاطئ لمعنى التعذر كان قياسا و المخصوص من القياس لا يقاس عليه غيره و إذا كانت يد القاطع شلاء فالمجني عليه هاهنا عاجز عن استيفاء مثل حقه بصفته لا لفوات المحل بل لمعنى في الجاني فان شاء تجوز بدون حقه و ان شاء مال إلى استيفاء الارش بمنزلة من أتلف على آخر كر حنطة و لم يجد عنده الا كرا رديئا فانه يتخير بين أن يتجوز بدون حقه و بين أن يطالب بالقيمة لتعذر استيفاء المثل بصفته بخلاف ما إذا قطعت يد القاطع ظلما لان تعذر الاستيفاء هاهنا لفوات المحل فلم يكن في المعنى الاول و هو بخلاف ما إذا قطعت يده في سرقة أو قصاص فانه يجب الارش لان المحل هناك في معنى القائم حكما حين قضي به حقا مستحقا عليه فيكون كالسالم له حكما فمن هذا الوجه هو في معنى الخطأ و ما قال ان في النفس حرمتين فنقول في نفس القاتل حرمتان كما في نفس المقتول فإذا أو جبنا القصاص بحصل به مراعاة الحرمتين جميعا ثم القصاص لا يجب الا باعتبار الحرمتين جميعا و إذا اعتبرناهما لايجاب القصاص لا يبقي حرمة أخرى تعتبر لايجاب المال و لو كان المعنى الذي قاله صحيحا لوجب ان يجمع بينهما استيفاء كمن قتل صيدا مملوكا في الحرم يجمع بين وجوب الكفالة لحرمة حق الله تعالى و وجوب الضمان لحق المالك و فيما قررنا جواب عما قال ان القصاص واجب بخلاف القياس فانه لما كان المثل صورة و معنى هو القصاص علم أنه هو الموجب الاصلي و الذى قال انه بالامتناع من اداء الدية يسلم نفسه في التهلكة ضعيف فان إلقاء النفس في التهلكة انما كان بالقبيل السابق فأما بالامتناع من اداء الدية يسلم نفسه لا يفاء حق مستحق عليه و يمتنع من اداء ما ليس عليه فلا يكون به ملقيا نفسه في التهلكة و أما شبه العمد فهو ما تعمدت ضربه بالعصاء أو السوط أو الحجر أو اليد فان في هذا الفعل معنين العمد باعتبار قصد الفاعل إلى الضرب و معنى الخطأ باعتبار

(65)

انعدام القصد منه إلى القتل لان الآلة التي استعملها آلة الضرب للتأديب دون القتل و العاقل انما يقصد كل فعل بآلته فاستعماله آلة التأديب دليل على انه قاصد إلى القتل فكان في ذلك خطأ لشبه العمد صورة من حيث انه كان قاصدا إلى الضرب و إلى ارتكاب ما هو محرم عليه و كان مالك رحمه الله يقول لا أدري ما شبه العمد و انما القتل نوعان عمد و خطأ و هذا فاسد فان شبه العمد ورد الشرع به على ما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه و سلم قال الا ان قتيل خطأ العمد قتيل السوط و العصا و فيه مائة من الابل أربعون منها خلفة في بطونها أولادها و الصحابة اتفقوا علي شبه العمد حيث أوجبوا الدية فيه مغلظة مع اختلافهم في صفة التغليظ على ما نبينه و قال على رضي الله عنه شبه العمد الضربة بالعصا و العزقة بالحجر العظيم فاما بيان أحكام شبه العمد فنقول انه لا قصاص فيه لتمكن الشبهة و الخطأ من حيث انعدام القصد إلى القتل و القصاص عقوبة تندرئ بالشبهات و هي تعمد المساواة و لا مساواة بين قتل مقصود و قتل مقصود ثم هذا القتل لما اجتمع فيه معنيان أحدهما يوجب القصاص و الآخر يمنع ترجح المانع على الموجب لان السعي في ابقاء النفس واجب ما أمكن فان الابقاء حياة حقيقة و في القصاص حياة حكما فلهذا لا يوجب القود في شبه العمد و إذا تعذر إيجاب القود وجبت الدية و هي مغلظة كما أشار اليه رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله أربعون خلفة في بطونها أولادها و هو مروى عن ابن عمر و ابن مسعود و أبى موسى الاشعرى و المغيرة بن شعبة رضى الله عنهم انهم أوجبوا الدية مغلظة في شبه العمد و هذا التغليظ انما يظهر في أسنان الابل إذا وجبت الدية منها لا في شيء ء آخر و هذه الدية على عاقلة القاتل بمنزلة الدية في الخطأ و هو قول عامة العلماء و كان أبو بكر الاصم يقول لا تجب الدية علي العاقلة بحال لظاهر قوله و لا تزر وازرة وزر أخرى و لقول رسول الله صلي الله عليه و سلم لابى رمثة حين دخل عليه مع ابنه أما انه لا يجنى عليك و لا تجنى عليه أى لا يؤخذ بجنايتك و لا تؤخذ بجنايته و لان ضمان الاتلاف يجب علي المتلف دون غيره بمنزلة غرامات الاموال و هذا أولى لان جناية المتلف في إتلاف النفس أعظم من جنايته في إتلاف الاموال و لكنا نستدل بما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم جعل عقل جناية كل بطن من الانصار عليهم و في حديث حمدان بن مالك ابن نابغة قال كنت بين جاريتين لي فضربت احداهما بطن صاحبتها بعمود فسطاط أو بمسطح خيمة فألقت جنينا ميتا فاختصم أولياؤها الي رسول الله صلي الله عليه و سلم فقال عليه السلام

(66)

لاولياء الضاربة دوه فقال أخوها عمران بن عويمر الاسلمى أيدي من لا صاح و لا استهل و لا شرب و لا أكل و مثل دمه بطل فقال عليه الصلاة و السلام أسجع كسجع الكهان و فى رواية دعني و أراجيز العرب قوموا فدوه الحديث ففيه تنصيص علي إيجاب الدية على القاتل ثم هو معقول المعنى من أوجه أحدها ان مثل هذا الفعل انما يقصده القاتل بزيادة قوة له و ذلك انما يكون بالتناصر الظاهر بين الناس و لهذا التناصر أسباب منها ما يكون بين أهل الديوان باجتماعهم في الديوان و منها ما يكون بين العشائر و أهل المحال و أهل الحرف فانما يكون تمكن الفاعل من مباشرتهم بنصرتهم فيوجب المال عليهم ليكون زجرالهم عن غلبة سفهائهم و بعثا لهم على الاخذ على أيدي سفهائهم لكيلا تقع مثل هذه الحادثة هذا في شبه العمد و كذلك في الخطأ لان مثل هذا الامر العظيم قلما يبتلى به المرء من قصد الا لضرب استهانة و قلة مبالاة تكون منه و ذلك بنصره من ينصره ثم الدية مال عظيم و في إيجاب الكل على القاتل إجحاف به فأوجب الشرع ذلك على العاقلة دفعا لضرر الاجحاف عن القاتل كما أوجب النفقة على الاقارب بطريق الصلة لدفع ضرر الحاجة و لهذا أوجب عليهم مؤجلا على وجه يقل ما يؤديه كل واحد منهم في كل نجم ليكون الاستيفاء في نهاية من التيسير عليهم و لان كل واحد منهم يخاف على نفسه أن يبتلى بمثل ذلك فهذا يواسي ذلك إذا ابتلي به و ذلك يواسى هذا فيدفع ضرر الاجحاف من كل واحد منهم و يحصل معنى صيانة دم المقتول عن الهدر و معنى الاعسار لورثته بحسب الامكان و بهذا يتبين أنا لا نجعل وزر أحد على غيره و انما نوجب ما نوجبه على العاقلة بطريق الصلة في المواساة و بهذا لا نوجب ذلك ان كان المتلف ما لا لان الواجب قل ما يعظم هناك بل يتقدر بقدر المتلف فلا يؤدى إلى الاجحاف بالمتلف ان لو ضن به و هذا لا نوجب القليل من الارش و هو ما دون أرش الموضحة على العاقلة و من موجب شبه العمد أيضا حرمان الميراث لانه جزاء أصل الفعل و هو ما لا يندرئ بالشبهات و من موجبه الكفارة أيضا باعتبار هذا المعنى لانه جزاء أصل الفعل و هو مما لا يندرى بالشبهات و بهذا ثبت في الخطأ المحض ففى شبه العمد أولى و أما الخطأ فهو ما أصبت مما كنت تعمدت غيره و الخطأ نوعان أحدهما أن يقصد الرمى إلى صيد أو هدف أو كافر فيصيب مسلما فهذا خطأ من حيث انه انعدم منه القصد الي المحل الذي أصاب و الثاني أن يرمى شخصا يظنه حربيا فإذا هو مسلم أو يظنه صيدا فإذا هو مسلم فهذا خطأ باعتبار ما في قصده و ان كان هو قاصدا الي المحل الذي أصابه و حكم

(67)

الخطأ انه لا يجب فيه القصاص لان الخطأ موضوع عنا رحمة من الشرع قال الله تعالى و ليس عليكم جناح فيما أخطاتم به و قال ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا و قال عليه السلام رفع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه فإذا تعذر إيجاب القصاص وجبت الدية بالنص قال الله تعالى و من قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبتة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله و بينا المعنى فيه لصيانة دم المقتول عن الهدر فاستحقاق صيانة نفسه لا يسقط بعذر الخاطئ و من موجبه الكفارة فانها تثبت بهذا النص أيضا و المعنى فيه معقول فان القتل أمر عظيم قل ما يبتلى به المرء من قصد ما لم يكن به تهاون في التحرز و على كل أحد المبالغة في التحرز لكيلا يبتلى بمثل هذا الامر العظيم فإذا ترك ذلك كان هو ملتزما بترك التحرز فنوجب عليه الكفارة جزاء على ذلك و لان مثل هذا الامر العظيم لا يبتلى به المرء الا بنوع خذلان و هذا الخذلان لا يكون الا عن ذنوب سبقت منه و الحسنة تذهب السيئة قال الله تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات فنوجب عليه الكفارة لتكون ماحية للذنوب السابقة فلا يبتلي بمثل هذا الامر العظيم بعدها و في سيئة العمد معنى إيجاب الكفارة أظهر لما يلحقه من المأثم بالقصد إلى أصل الفعل و فيه حديث وأثلة ابن الاسقع حيث قال أتينا رسول الله صلى الله عليه و سلم بصاحب لناقد أوجب النار بالقتل فقال عليه السلام أعتقوا عنه رقبة يعتق الله تعالى بكل عضو عضوا منه من النار و إيجاب النار لا يكون الا بالاقدام على قتل محرم و قد قامت الدلالة على ان الكفارة لا تجب في العمد المحض فعرفنا ان المراد شبه العمد ثم قال الشافعي المعنى في وجوب الكفارة بالقتل انه نقص من عدد المسلمين أحدهم ممن كان يحضر الجمع و الجماعات فعليه اقامة نفس مقام ما أتلف و لا يمكنه ذلك احياء فعليه اقامة مقام النفس المتلفة تحرير ا لان الحرية حياة و الرق تلف و بهذا أوجب الكفارة علي العامد و قلنا نحن انما أوجب الكفارة عليه لان الشرع سلم له نفسه شكر لله حين أسقط عنه القود بعذر الخطأ مع تحقق إتلاف النفس منه فعليه اقامة نفس مقام نفسه شكرا لله و ذلك في أن تحرز نفس منه لتشتغل بعبادة الله و ان عجز عن ذلك فعليه صوم شهرين متتابعين شكرا لله حيث سلم له نفسه و بهذا لا نوجب الكفارة علي العامد لان الشرع أوجب عليه القصاص و نوجبها في شبه العمد لان الشرع سلم له نفسه تخفيفا عليه و ترجيح أحد المعنيين على الآخر يبين في مسألة كفارة العمد إذا انتهينا إليها ان شاء الله تعالى و ليس في هذه الكفارة إطعام عندنا و في أحد قولي الشافعي إذا عجز عن الصوم يطعم ستين مسكينا بالقياس على كفارة

(68)

الظهار و هو بناء علي أصله ان قياس المنصوص على المنصوص يجوز فان المطلق و المقيد في حادثتين يحمل أحدهما على الآخر و ذلك جائز عندنا و موضع بيانه أصول الفقة فاما ما أجرى مجرى الخطأ على ما ذكره الرازي فهو النائم إذا انقلب على إنسان فقتله و هذا ليس بعمد و لا خطأ لانه لا تصور للقصد من النائم حتى يتصور منه ترك القصد أو ترك التحرز و لكن الانقلاب الموجب لتلف ما انقلب عليه يتحقق من النائم فيجرى هذا مجرى الخطأ حتى تجب الدية على عاقلته و الكفارة و يثبت به حرمان الميراث ليوهم أن يكون متهاونا و لم يكن نائما قصدا منه إلى استعجال الميراث و أظهر من نفسه القصد إلى محل آخر فأما ما ليس بعمد و لا خطأ و لا أجرى مجرى الخطأ فهو حافر البئر و واضع الحجر في الطريق فليس بمباشر للقتل لان مباشرة القتل بإيصال فعل من القاتل بالمقتول و لم يوجد و انما اتصل فعله بالارض فعرفنا انه ليس بقاتل عمد و لا شبه عمد و لا خطأ و لا ما أجرى مجرى الخطأ بل هو بسبب متعد فنوجب الدية علي عاقلته للحاجة إلى صيانة النفس المتلفة عن الهدر و لا يجب عليه الكفارة و لا يحرم الميراث على ما يأتيك بيانه في بابه قال و في النفس الدية معناه بسبب إتلاف النفس فان حرف في للظرف حقيقة و النفس لا تكون ظرفا للدية بل قتلها سبب لوجوب الدية كما يقال في النكاح حل و في الشراء ملك و هذا لقوله تعالى ودية مسلمة إلى أهله و قال عليه السلام في النفس مائة من الابل و قال علي رضى الله عنه في النفس الدية و ما لا يعرف بالرأي و المنقول عنه فيه كالمرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و فى الانف الدية و الحاصل ان ما لا ثاني له في البدن من اعضاء أو معان مقصودة فاتلافها كإتلاف النفس في انه يجب بها كمال الدية و الاعضاء التي هى افراد ثلاثة الانف و اللسان و الذكر و ذلك مروي في حديث سعيد ابن المسيب ان النبي عليه السلام قال في الانف الدية و في اللسان الدية و في الذكر الدية و هكذا روى عن علي بن أبى طالب ثم قطع الانف تفويت جمال كامل و منفعة كاملة و امتياز الآدمى من بين سائر الحيوانات فات بهما فتفويتهما في معنى تفويت النفس فكما تجب الدية بقطع جميع الانف بحيث يقطع المارن لان تفويت الجمال به يحصل و كذلك تفويت المنفعة لان المنفعة في الانف اجتماع الروائح في قصبة الانف لنقله منها إلى الدماغ و ذلك تفويت بقطع المارن و المارن ما دون قصبة الانف و هو مالان منه و كذلك في اللسان الدية لان الآدمى قد امتاز من بين سائر الحيوانات باللسان و قد من الله تعالى به على عباده فقال تعالى خلق الانسان علمه البيان

(69)

و ذلك يفوت بقطع اللسان ففيه تفويت أعظم المقاصد في الآدمى و كذلك في قطع بعض اللسان إذا منع الكلام و ان كان بحيث يمنع بعض الكلام دون البعض فالجواب الظاهر ان فيه حكومة عدل لانه لم يتم تفويت المقصود بهذا القدر و انما تمكن فيه نقصان فيجب باعتباره حكومة عدل و قد قال بعض مشايخنا رحمهم الله ان الدية تقسم على الحروف فحصة ما يمكنه ان يصححه من الحروف تسقط عنه و حصة ما لا يمكنه ان يصححه من الحروف تجب عليه و لكن على هذا القول لا يعتبر في القسمة الا الحروف التي تكون باللسان فاما الهاء و الحاء و العين لاعمل للسان فيها فلا يعتبر ذلك في القسمة و في الكتاب روى ان النبي صلى الله عليه و سلم قضى في اللسان بالدية و في الانف بالدية قال و في الذكر دية لان في الذكر تفويت منفعة مقصودة من الآدمى و هي منفعة النسل و منفعة استمساك البول و الرمى به عند الحاجة و كذلك في الحشفة الدية كاملة لان تفويت المقصود يحصل بقطع الحشفة كما يحصل بقطع جميع الذكر و وجوب الدية الكاملة باعتباره و المعاني التي هى افراد في البدن العقل و السمع و البصر و الذوق و الشم ففى كل واحد منها دية كاملة هكذا روى عن عمر رضي الله عنه انه قضى لرجل على رجل بأربع ديات بضربة واحدة كان ضرب على رأسه فأذهب عقله و سمعه و بصره و منفعة ذكره و كان المعنى فيه ان العقل من أعظم ما يختص به الآدمى و به ينتفع بنفسه في الدينا و الآخرة و به يمتاز من البهائم فالمفوت له كالمبدل لنفسه الملحق له بالبهائم و كذلك منفعة السمع فانها منفعة مقصودة بها ينتفع المرء بنفسه و كذلك منفعة البصر فانها مقصودة ( ألا ترى ) أن الناس يقولون للذي لا بصر له بمنزلة الميت الذي لم يدفن و كذلك منفعة الشم منفعة مقصودة في البدن و منفعة الذوق كذلك فتفويتها من وجه استهلاك باعتبار ان فيه منفعة مقصودة فيوجب كمال الدية و كذلك في الصلب الدية كاملة إذا منع الجماع لما فيه من تفويت منفعة مقصودة و هي منفعة النسل و كذلك إذا حدث فان فيه تفويت جمال كامل لان الجمال للآدمي في كونه منتصب القامة قيل في معنى قوله تعالى لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم منتصب القامة و ذلك يفوت إذا حدب و الجمال للآدمي مطلوب كالمنفعة فتفويت الجمال الكامل بوجب دية كاملة فان عاد الي حاله و لم ينقصه ذلك شيأ الا أن فيه أثر الضربة ففيه حكومة عدل لانه نفى بعض الشيئين ببقاء أثر الضربة فيجب باعتباره حكم عدل و من هذه الجملة الافضاء في المرآة إذا كانت بحيث لا تستمسك البول فانه يوجب كمال الدية لان فيه تفويت منفعة كاملة




/ 29