مبسوط جلد 26

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 26

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(168)

أنه لا حاجة بالقاضي أن يسألهم عن ذلك لانه يعرف ذلك بدون شهادتهم فلا يسألهم عنه و لو شهدوا به لم يبطل شهادتهم لان المشهود به الكلام الاول فهذا الزيادة لا تكون قد حا فيها بمنزلة شهادة الشهود على أن هذا ابنه و وارثه لا وارث له غيره و إذا شهدوا انه ضربه بالسيف حتى مات و لم يزيدوا على ذلك فهذا عمد لان كل فاعل يكون قاصدا إلى فعله في المحل الذي بأشر الفعل فيه الا أن القاضي إذا سألهما أتعمد ذلك فهو أوثق لان صفة العمدية و ان ثبتت بأول كلامهما من حيث الظاهر و لكن لم ينقطع احتمال الخطأ ( ألا ترى ) أن الشهود لو بينوا أن ذلك كان خطأ كان ذلك بيانا موافقا لاول الكلام فسؤالهما عن العمدية لا زالة هذا الاحتمال يكون أوثق و هكذا يوثق فيما إذا وقع فيه الغلط لا يمكن تداركه و القاضي مندوب اليه و كذلك ان شهدا انه طعنه برمح أو رماه بسهم أو نشابة هذا كله عمد ( أ رأيت ) لو شهدا انه ذبحه أو شق بطنه بالسكين حتى مات أما كان ذلك عمدا فكذلك ما سبق لان الاسلحة في كونها آلة القتل سواء و ان شهد أحدهما انه قتله بسيف و شهد الآخر انه طعنه برمح أو انه ذبحه بالسكين أو شهد أحدهما انه رماه بسهم و الآخر انه رماه بنشابة أو اختلفا في مكان القتل أو وقته أو موضع الجراحة من بدنه فالشهادة باطلة لان الفعل يختلف باختلاف الآلة و المحل و الوقت و المكان فانه لا يحتمل التكرار و لم يوجد على كل فعل الا شهادة شاهد واحد و لو شهد شاهدان انه قطع يده عمدا من مفصله و شهد شاهد انه قطع رجله من المفصل ثم شهدوا جميعا انه لم يزل صاحب فراش حتى مات و الولي يدعى ذلك كله عمدا فانى السراد على القاتل بنصف الدية في ماله لان قطع الرجل لم يثبت عند القاضي فان الشاهد به واحد و قد ثبت قطع اليد من المفصل عند القاضي بشهادة الشاهدين و لكن قد أقر الولي انه مات من ذلك الفعل و من فعل آخر لم يعلم فاعله فيكون ذلك شبهه في إسقاط القود و يتوزع بدل النفس نصفين فيلزمه نصف الدية في ماله لان فعله كان عمدا فلا يعقله العاقلة و إقرار الولى حجة عليه في حقه و كذلك لو شهد على الرجل شاهدان فلم يزكيا لان الحجة في الرجل لا تتم بدون عدالة الشهود فهما و ما لو كان الشاهد به واحدا سواء و لو زكي أحد شاهدي اليد واحد شاهدي الرجل لم يؤخذ القاتل بشيء لان واحدا من الفعلين لم تثبت عند القاضي فان العدل من الشهود بكل فعل واحد و لا يقال قد اتفق العدلان على الحكم و هو القصاص فينبغي أن يقضى به لانه لا يمكن القضاء بالحكم الا بعد القضاء بالسبب و قد تعذر القضاء بذلك ( ألا ترى )

(169)

انه لو شهد عليه رجل انه قطع أصبعا له و شهد الآخر انه استهلك له ألف درهم لم يقض القاضي على بشيء فان اتفقا على وجوب الالف له في ماله فان نكلوا جميعا قضيت عليه بالقصاص لان الفعلين ظهرا بالحجر عند القاضي فان طلب الولى أن يقتص من اليد و الرجل لم يكن له ذلك لانه لما اتصلت بفعله السراية كان ذلك قتلا فيكون حقه في القصاص في النفس مقصودا دون الاطراف و قد بينا خلاف الشافعي في هذا و لو شهد الشاهدان عليه انه قطع يده من المفصل عمدا ثم قتله عمدا كان لوارثه أن يقتص من يده ثم يقتله فان قال القاضي له اقتله و لا تقتص من يده فذلك حسن أيضا و هذا قول أبى حنيفة و قال أبو يوسف و محمد يأمره بقتله و لا يجعل له القصاص في يده لان الجنايتين تواليا من واحد و هما من جنس واحد فيكونان كجناية واحدة ( ألا ترى ) ان في الخطأ لو قطع يده ثم قتله قبل البرء لا تجب الا دية واحدة لهذا المعنى و هذا لان قبل البرء الجناية الاولى كانت موقوفة في حق الحكم علي السراية فالفعل الثاني يكون إتماما لما يوقف عليه الجناية الاولى فيجعلان كجناية واحدة بخلاف ما إذا تخلل بين الجنايتين برء فان هناك الاولى قد انتهت و استقر حكمها بالبرء فتكون الثانية جناية أخرى بمنزلة ما لو جعلت على نفس أخرى و بخلاف ما إذا كان الجاني اثنين لان الفعل من الاول ما توقف على أن يصير بالسراية فعلا مضافا إلى شخص آخر فلا يمكن جعل الثاني إتماما للاول و بخلاف ما إذا كان أحد الفعلين عمدا و الآخر خطأ لان باختلاف صفة الفعل يختلف الموجب فلا يمكن جعل الثاني إتماما للاول كما إذا اختلف الفاعل أو محل الفعل و إيضاح جميع ما ذكرنا في فصل الخطأ انه لو قطع يده ثم قتله قبل البرء لا تجب الا دية واحدة كذا هنا و أبو حنيفة يقول ان القصاص يبنى على المساواة في الفعل و المقصود بالفعل في القتل و القطع جميعا مراعاة المساواة في صورة الفعل جميعا فيتخير الولى بينهما إلى أن يقطع الامام عليه هذا الخيار بأن يأمره باعتبار المقصود و هو القتل و أن يترك الاستيفاء بمراعاة الصورة و هذا منه اجتهاد في موضعه فعليه أمره به و به فارق الخطأ فالمعتبر هناك صيانة المحل عن الاهدار لا صورة الفعل لان الخطأ موضوع عنا رحمة من الشرع علينا ثم مبنى العمد على التغليظ و التشديد و لهذا يقتل العشرة بالواحد و فيه مراعاة صورة الفعل مع التغليظ أيضا فيجوز اعتبار ذلك في العمد بخلاف الخطأ فانه مبنى على التخفيف ( ألا ترى ) ان الدية لا تتعدد بتعدد القاتلين و في العمد المقصود هو التشفي و الانتقام و في التمكن من القطع و القتل جميعا زيادة تحقيق في هذا

(170)

المقصود و كما أن القتل بعد القطع يكون إتماما للفعل الاول من وجه فقد يكون قطعا لموجب الفعل الاول بمنزلة البرء من حيث ان المحل يفوت به و لا تصور للسراية بعد فوت المحل فيجعل كالبرء من هذا الوجه فللاحتمال أثبتنا الجناية للاول تغليظا لحكم العمد و لا يعتبر ذلك في الخطأ لانه مبنى على التخفيف و لو كانت احدى الجنايتين خطأ و الاخرى عمدا أخذ بهما جميعا فان كانت الاولى خطأ فانه يجب دية اليد على عاقلته و يقتل قصاصا و ان كانت الثانية خطأ فعليه القصاص في اليد والدية على عاقلته في النفس لانه لا احتمال لجعل الثاني إتماما للاول عند اختلاف صفة الفعل و موجبه فيجعل بمنزلة ما لو تخلل بالجنايتين برء و لو كان لكل واحدة من الجنايتين جان علي حدة و هما جميعا عمد أو خطأ أو احداهما عمد و الاخري خطأ أخذ كل واحد منهما بجنايته لما بينا أن الفعل الثاني من الفاعل الاول لا يمكن أن يجعل إتماما للاول فكانه تخلل بين الفعلين برء فيؤخذ كل واحد منهما بجنايته و لو شهد شاهدان ان هذا قطع يده من مفصل الكف و شهد آخر على آخر أنه قطع تلك اليد من المرفق ثم مات من ذلك كله و القطع عمد فعلى قاطع الكف القصاص في اليد و على الآخر القصاص في النفس عندنا و قال زفر و الشافعي القصاص في النفس عليهما جميعا لانه صار مقتولا بفعلين كل واحد منهما عمد مخض فيلزمهما القصاص كما لو قطع أحدهما يده عمدا و الآخر رجله و مات من ذلك و هذا لان بقطع يده حدث في البدن آلام و بقطع الآخر اليد من المرفق لا تنعدم تلك الآ لام بل تزداد و انما حصلت السراية لضعف الطبيعة عن دفع الآ لام التي توالت عليه و في هذا لا فرق بين ان يقطع الثاني تلك اليد أو يقطع عضوا آخر و أصحابنا قالوا فعل الثاني بمنزلة البرء في حق الاول تنقطع به سراية الفعل الاول فكانه انقطع بالبرء و انما قلنا ذلك لان السراية أثر الفعل و لا يتصور بقاؤها بدون بقاء محل الفعل اذ الاثر لا يقوم بنفسه و بفعل الثاني فات محل الفعل الاول و انقطاع السراية بفوات المحل أقوى من انقطاعها بالبرء لان البرء يحتمل النقص و فوات المحل لا يحتمل النقص و به فارق ما إذا كان فعل كل واحد منهما في محل آخر لان الفعل من الثاني في محل آخر لا يفوت محل لفعل الاول فلا يمكن أن يجعل كالبرء في حق الاول و كذلك لو كان الفعلان خطأ كانت دية اليد على الاول ودية النفس على الثاني عندنا و العمد و الخطأ في هذا سواء بمنزلة البرء و كذلك علي هذا الخلاف لو قطع أحدهما يده عمدا ثم حز الآخر رقبته بالسيف يجب القصاص في النفس على الثاني و القصاص في اليد على الاول

(171)

و عند زفر و الشافعي يجب عليهما القصاص في النفس لان الروح انزهقت عقيب فعلهما فيكون مضافا إلى فعل كل واحد كل واحد منهما و لا معتبر بالتفاوت في صفة الفعل و لا في مقداره كما لو قطع أحدهما أصبعا من أصابعه و جرحه الآخر عشر جراحات نحو قطع اليد و الرجل و ما أشبه ذلك فانه يجب القصاص عليهما إذا مات من ذلك للمعنى الذي قلنا و أصحابنا قالوا حز الرقبة قتل بيقين لانه لا توهم للحياة معه فاما قطع اليد فقيل يشترط أن تتصل السراية به ( ألا ترى ) ان الغالب فيه السلامة فان القطع مشروع في موضع كان القتل حراما و هو القصاص و التعارض لا يقع بين فعلين بهذه الصفة فيجعل القتل مضافا إلى ما هو مشروع له بيقين و هو حز الرقبة و يكون هذا في حق اليد بمنزلة البرء لتفويت المحل به فلهذا كان القصاص في اليد على الاول و القصاص في النفس على الثاني و كذلك لو كان الاول خطأ و الثاني عمدا كان على الاول دية اليد و على الثاني القصاص و لو شهدا على رجلين أنهما قتلا رجلا أحدهما بسيف و الآخر بعصا و لا يدريان أيهما صاحب العصا لم تجز شهادتهما لانهما لم يثبتا بشهادتهما سببا يمكن القاضي من القضاء به ( ألا ترى ) ان على صاحب العصا نصف الدية على عاقلته و على صاحب السيف نصف الدية في ماله فلا يتمكن القاضي من القضاء بشيء علي واحد منهما بعينه في ماله أو على عاقلته و كذلك لو شهدا على رجل واحد بقطع أصبع و على آخر بقطع أخرى من تلك اليد و لا يميز ان قاطع هذه الاصبع من قاطع الاخرى لان القاضي لا يتمكن من القضاء بفعل معين على واحد منهما فان ذلك لا يكون بدون تعيين محل فعله و كذلك لو شهدا عليهما بالخطأ لا يتمكن القاضي من القضاء بالحكم بدون السبب و لو شهدا على رجل انه قطع ابهام هذا عمدا و شهدا على صاحب الابهام أنه قطع كف القاطع ذلك عمدا ثم برأ فانه يخير صاحب الكف فان شاء قطع ما بقي من يد القاطع بيده و ان شاء أخذ دية يده و بطلت الاصبع أما بطلان الاصبع فلفوات محلها بالفعل الثاني و أما ثبوت الخيار للثاني فلان مقطوع الابهام قطع يده الصحيحة و يد المقطوعة الابهام ناقصة باصبع و في هذا يثبت له الخيار للمقطوعة يده و لو شهدا على رجل انه قطع يد رجل من المفصل و شهد آخران انه جرحه سبع أو سبعان أو جرح نفسه أو جرحه عبد له أو عثر فانكسرت رجله فمات من ذلك كله فلا قصاص على قاطع اليد و عليه نصف دية اليد و الاصل أن النفس تتوزع على عدد الجناة لا على عدد الجنايات لان الانسان قد يتلف بجراحة واحدة و قد يسلم من جراحات ثم ما اتحد حكمه

(172)

من الجراحات في كونه هدرا يجعل في حكم فعل واحد لان حكم الكل واحد و هو الاهدار و إذا صار بعض النفس هدرا امتنع وجوب القصاص في شيء منه فيجب فيما هو معتبر حصته من الدية و على هذا يخرج ما ذكرنا من المسائل و كذلك لو قطع رجل يد رجل خطأ و جرحه سبع و جرحه عبد له و جرح نفسه فمات من ذلك فعلى قاطع اليد ربع دية اليد لان النفس تلفت من أفعال أربعة مختلفة الحكم فان جراحة السبع هدر معتبرة في حق الاثم و الحكم جميعا و جرحه نفسه معتبر في حق الاثم معتبر في حق الحكم لانه ليس بسبب الحكم و جرح عبده له معتبر في الاثم و الحكم جميعا إذا كان عمدا حتى يجب القصاص فلهذا توزع بدل نفسه أرباعا فيكون ربعه علي قاطع اليد خطأ و لو جرحه سبع و خرجت به قرحة و نهشته حية و قطع رجل يده و آخر رجله فمات من ذلك كله فعلي الرجلين ثلثا الدية لان فعل السبع و الحية و ما خرج به من القرحه كشيء واحد فكل ذلك هدر في حق الاثم و الحكم و انما تتوزع النفس أثلاثا فيهدر الثلث من ذلك و على الرجلين ثلث الدية و كذلك لو أصابه حجر وضعه رجل أو حائط تقدم إلى أهله فيه مع جراحة الرجل و السبع فعلي الرجل ثلث الدية و علي صاحب الحجر ثلث الدية و الثلث هدر لان النفس تلفت بمعان ثلاثة جراحة الرجل و حكمه معتبر و اصابة الحجر أو الحائط و حكم ذلك معتبر أيضا و فعل السبع و هو هدر فيتوزع بدل النفس علي ذلك أثلاثا و الله أعلم ( باب الوكالة في الدم ) ( قال رحمه الله ) و تقبل الوكالة في إثبات دم العمد من جانب المدعى و المدعى عليه في قول أبى حنيفة رحمه الله و فى قول أبى يوسف الآخر لا تقبل و قول محمد رحمه الله مضطرب فيه ذكره مع أبى يوسف رحمه الله هاهنا و فى بعض المواضع مع أبى حنيفة وجه قول أبى يوسف ان الوكيل نائب عن الموكل و لا مدخل للنايب في إثبات دم العمد حتى لا يثبت بكتاب القاضي الي القاضي و الشهادة علي الشهادة و شهادة النساء مع الرجال و الدليل عليه ان المقصود هو الاستيفاء ثم التوكيل بما هو المقصود لا يجوز هنا مع انه يجزى فيه النساء فكذلك لا يصح التوكيل انما يتوصل به إلى المقصود و أبو حنيفة يقول هذا أحد بدلي النفس فيجوز التوكيل بإثباته كالدية و هذا لان كل واحد منهما محض حق العباد و النساء تجزي بين العباد

(173)

في حقوقهم لحاجة صاحب الحق إلى ذلك فقد يكون عاجزا عن إثبات حقه بنفسه و الغلط متى وقع في الاثبات أمكن تداركه سواء كان الثابت القصاص أو المال و به فارق الاستيفاء فان هناك إذا وقع الغلط فيه لا يمكن تداركه و تلافيه و لهذا لم يجز التوكيل فيه حال غيبة الموكل فأما إذا و كل باستيفاء القود فليس للوكيل أن يستوفى الا بمحضر من الموكل عندنا و قال الشافعي له أن يستوفى بغير محضر منه لانه محض حقه و يدخله النيابة في الاستيفاء فيكون بمنزلة المال و لكنا نقول القصاص عقوبة تندرئ بالشبهات فلا يجوز استيفاؤها مع الشبهة و يجوز في استيفاء الوكيل مع غيبة الموكل و قد تتمكن شبهة العفو لجواز أن يكون الموكل عفا و الوكيل لا يعلمه بذلك و متى وقع الغلط في الاستيفاء لا يمكن تداركه فاما إذا كان الموكل حاضرا فشبهة العفو تنعدم بحضوره و قد تمس الحاجة إلى ذلك فمن الناس من لا يهتدى الي القتل و منهم من لا يتجاسر عليه فللحاجة جوزنا التوكيل بالاستيفاء عند حضرة الموكل و القصاص فيما دون النفس كالقصاص في النفس في ذلك و إذا أقر وكيل الطالب عند القاضي ان صاحبه يطلب باطلا أو انه قد عفا صح إقراره بانه قد عفا لان الوكيل في مجلس الحكم قام مقام الموكل في الاقرار بعد صحة الوكالة و كذلك وكيل المطلوب لو أقر بوجوب القصاص علي صاحبه ففى القياس يصح إقراره لقيامه مقام موكله في الاقرار في مجلس الحكم و لكنا نستحسن فلا نوجب القود على الموكل بإقرار الوكيل لان الاقرار في الحقيقة صد الخصومة و نحن و ان حملنا مطلق التوكيل على الجواب الذي هو خصومته مجازا فتبقي الحقيقة شبهة و القصاص يسقط به ففى اقرار وكيل الطالب إسقاط القود و ذلك لا يندرئ بالشبهات و في اقرار وكيل المطلوب إيجاب القود و ذلك يندرئ بالشبهات و لا ينبغى للقاضي أن يمضى القضاء بالقود الا بحضرة الورثة كلهم إذا كانوا بالغين لتمكن شبهة العفو و الصلح لمن هو غائب منهم فان مات أحد الورثة و القاتل وارثه بطل القود عليه لانه تحول اليه نصيب مورثه من القود فيسقط عنه اذ الانسان كما لا يجب له القصاص على نفسه لا ينفى و عليه حصة سائر الورثة من الدية لانه تعذر عليهم استيفاء حقهم لمعنى في القاتل و هو أنه حيى بعض نفسه فهو كما لو عفا أحد الشركاء و ان كان ورثه ابن القاتل بطل القود أيضا لان الابن كما لا يستوجب القصاص على أبيه ابتداء لا يبقى له علي أبيه قصاص لانه لا يتمكن من استيفائه بحال و لكن عليه الدية لجميع الورثة فان نصيب الابن هاهنا يتحول إلى الدية كنصيب سائر الورثة لانه من أهل أن يستوجب المال على أبيه و يستوفيه و الوكالة في

(174)

دم الخطأ و في العمد من الجراح التي لا قصاص فيها بمنزلة الوكالة بالمال لان المستحق هاهنا هو المال و هو مما يثبت مع الشبهة و إذا وقع فيه الغلط أمكن تداركه و الاسباب مطلوبة لا حكامها و عند اعتبار الحكم هذا دين كسائر الديون فيجوز التوكيل بإثباته و استيفائه و يكون اقرار الوكيل به في مجلس الحكم نافذا علي موكله و إذا قتل الرجل عمدا و له ورثة صغار و كبار فللكبار أن يقتلوا القاتل قصاصا في قول أبى حنيفة رحمه الله و قال ابن أبى ليلي ليس لهم أن يقتلوه حتى يكبر الصغار و هو قول أبى يوسف و محمد و الشافعي و قول مالك كقول أبى حنيفة بناء على مذهبه و هو أن استيفاء القصاص باعتبار الولاية دون الوراثة و الولاية للكبير دون الصغير و لهذا لم يجعل للزوج و الزوجة و الاخوة لام حق استيفاء القصاص فأما عند أصحابنا فاستيفاء القصاص بطريق الخلافة ارثا ثم وجه قولهم ان القصاص أحد بدلي الدم فلا ينفرد الكبير باستيفائه كالدية بل أولى لان المال يجرى فيه من المساهلة في الاثبات و الاستيفاء ما لا يجرى في العقوبات و لان هذا قصاص مشترك بين الكبير و الصغير و لا ولاية للكبير على الصغير فلا يملك استيفاءه كما لو قتل عبدا مشتركا بينهما و الدليل عليه انهما لو كانا كبيرين وأحدهما غائب لم يكن للحاضر أن ينفرد بالاستيفاء لانعدام ولايته على الغائب فكذلك ان كان أحدهما صغيرا و هذا لان الواجب قصاص واحد فان المقتول نفس واحدة فيجب بمقابلتها قصاص واحد و يكون ذلك واجبا للمقتول بمنزلة الدية و لهذا إذا انقلب ما لا فانه يقضى منه ديونه و تنفذ وصاياه ثم الورثة يخلفونه في استيفاء ما وجب له فكل واحد منهم في ذلك بمنزلة الشطر للعلة أو كل واحد منهما انما يرث جزأ منه لان استحقاق الميراث سهام منصوص عليها يسقط كالنصف و الثلث و الربع و بملك بعض القصاص لا يتمكن من استيفاء الكل و الدليل عليه أنه لو عفا أحدهم يسقط القصاص و لو كان الواجب لكل واحد منهم قصاصا كاملا لما تعذر الاستيفاء على أحدهم بعد عفو الآخر و بالعفو ينقلب نصيب الآخر ما لا و هذا الكلام يصح فيما إذا كان القصاص واجبا للمورث فمات و ورثه جماعة و الخلاف ثابت في الفصلين و لا اشكال ان هاهنا انما يرث كل واحد بعض القصاص و أبو حنيفة استدل بما روى أن عبد الرحمن بن ملجم لما قتل عليا رضى الله عنه قتله الحسن رضى الله عنه به قصاصا و قد كان في أولاد علي صغار و لم ينتظر بلوغهم و انما فعل ذلك بأمر على رضى الله عنه على ما روى أنه لما بلغه ان ابن ملجم أخذ قال للحسن ان عشت رأيت فيه رأيي و ان مت فاقتله




/ 29