بمال و شهد عليه كافران لمسلم أو كافر بمال فشهادة المسلمين جائزة و شهادة الكافرين باطلة لان المرتد مجبر على العود إلى الاسلام و حكم الاسلام باق في حقه و لهذا لا ينفذ تصرفه في الخمر و الخنزير فشهادة الكافر لا تكون حجة أصلا و إذا أذن الرجل لعبده الكافر في التجارة و مولاه مسلم أو ذمى فشهد عليه مسلمان لمسلم بدين و شهد عليه ذميان لمسلم بدين و شهد عليه مستأمنان لمسلم بدين فان القاضي يبطل شهادة المستأمنين لان العبد ذمى و شهادة المستأمن لا تكون حجة على الذمي باعتبار ان الذمي من أهل دارنا و يقضى بشهادة الذميين و المسلمين لانها حجة عليه ثم يبيع العبد فيبدأ بدين الذي شهد له المسلمان لانه أثبت دينه بما هو حجة على العبد و على خصمه الآخر انما أثبت دينه بما هو حجة على العبد لا على خصمه فإذا أخذ المسلم حقه و بقي شيء كان للذي شهد له الذميان لان دينه كان ثابتا علي العبد و لكن كان محجورا لحق المسلم و قد زال الحجر حين استوفى المسلم حقه فان بقي شيء بعد دينه كان للمولى لان دين الذي شهد له المستأمنان ثابت في حق العبد و كذلك لو كان المولى حربيا لان الدين بشهادة الحربيين لا يثبت علي العبد الذمي و ما لم يثبت الدين على العبد لا يتعلق بماليته التي هى حق مولاه فلو كان المولي و عبده حربيين و المسألة بحالها قضى بالدين كله على العبد و بيع فيه فيبدأ بالذي شهد له المسلمان ثم بالذي شهد له الذميان لما قلنا ثم ما فضل يكون للذي شهد له الحربيان لان دينه ثابت في حق العبد ههنا و انما كان محجورا بحق الآخرين فإذا زال الحجر كان الباقى له فان كان أصحاب الدين كلهم أهل الذمة و المسألة بحالها يحاص في ثمنه الذي شهد له المسلمان و الذي شهد له الذميان لان دين كل واحد منهما ثبت بما هو حجة علي العبد و على الخصمين الآخرين و دين الثالث انما ثبت بما هو حجة على العبد خاصة فلا يزاحمهما في ثمنه و لكن يقدمان عليه و يتحاصان للمساواة بينهما في القوة فان فضل شيء فهو للذي شهد له الحربيان و لو كان أصحاب الدين كلهم مستأمنين تحاصوا جميعا في دينهم لان دين كل واحد منهما ثبت بما هو حجة على العبد و على الخصمين الآخرين و لو كان المولى مسلما أو ذميا و العبد حربيا دخل بأمان فاشتراه هذا المولى و أذن له في التجارة و المسألة بحالها لم تجز شهادة الحربيين عليه بشيء لان العبد قد صار ذميا حين دخل في ملك مسلم أو ذمى فلا تكون شهادة أهل الحرب بالدين عليه حجة و إذا دخل الحربي دارنا بأمان و معه عبد له فأذن له في التجارة جازت شهادة المستأمنين عليه بالدين كما تجوز علي مولاه لانه حربى مستأمن ( ألا ترى ) ان لمولاه أن يعيده إلى دار الحرب و لو كان الغرماء ثلاثة
(43)
مسلم شهد له حربيان بدين ألف درهم و ذمي شهد له ذميان بدين ألف درهم و حربي شهد له مسلمان بدين ألف درهم ثم بيع العبد بألف درهم فانه يقسم الالف بين الذمي الذي شهد له الذميان و الحربى الذي شهد له المسلمان نصفين لان دين كل واحد منهما ثبت بما هو حجة على العبد و على صاحبه فأما المسلم فانما يثبت دينه بما ليس بحجة علي الذمي و هو شهادة الحربيين فلهذا لا يزاحمهما و إذا اقتسما ثمنه نصفين أخذ المسلم من الحربي نصف ما صار له لان دينه ثابت بما هو حجة في حق الحربي و انما كان ممنوعا لحق الذمي و قد سقط حق الذمي عن هذا النصف فكان بينهما نصفين و قال عيسى بن أبان رحمه الله هذا خطأ و ينبغي أن يكون الالف بينهم أثلاثا لان المسلم الذي شهد له الحربيان و الذمى الذي شهد له الذميان استويا من حيث ان دين كل واحد منهما ثبت بما هو حجة على العبد دون صاحبه فليس جعل المسلم محجوبا عن المزاحمة لاجل الذمي بأولى من جعل الذمي محجوبا عن المزاحمة لاجل المسلم و قد ثبت دين كل واحد منهما بما هو حجة على الحربي و دين الحربي بما هو حجة عليهما فينبغي أن يكون بينهم أثلاثا و هذا ذكره الحسن بن زياد عن أبى يوسف رحمهما الله و قيل في تصحيح جواب الكتاب انه و ان كان كذلك فشهادة الذمي أقوى من شهادة الحربي لان شهادة أهل الحرب انما تقبل بعقد الامان و الامان يثبت للحربى بهذا المسلم أو من يقوم مقامه من المسلمين أما عقد الذمة فليس يثبت من جهة الذمي فكانت شهادة أهل الذمة للذمي أقوى و أبعد عن التهمة من شهادة المستأمنين للمسلم فترجح جانبه لهذا و لو كانت شهود الذمي حربيين و شهود المسلم ذميين و المسألة بحالها كان الثمن بين المسلم و الحربى نصفين لان الذمي انما أثبت دينه بما ليس بحجة على المسلم و المسلم أثبت دينه بما هو حجة علي المسلم فكان الذمي محجوبا به بقي المسلم و الحربى و قد أثبت كل واحد منهما دينه بما هو حجة على العبد و على صاحبه فكان الثمن بينهما نصفين ثم يأخذ الذمي نصف ما أصاب الحربي لان بينته حجة عليه و انما كان محجوبا عن المسلم و قد سقط حق المسلم عن هذا النصف و لو كان الذي شهد له المسلمان ذميا و الذى شهد له الذميان حربيا و الذى شهد له الحربيان مسلما فان الثمن بين الحربي و الذمى نصفين لان دين كل واحد منهما ثبت بما هو حجة على صاحبه و دين المسلم ثبت بما ليس بحجة على الذمي فكان هو محجوبا و ليس في هذا الفصل طعن فان الدين ثبت بما هو حجة على المسلم لان شهود الذمي مسلمون فلهذا كان الثمن بين الحربي و الذمى نصفين ثم يأخذ المسلم نصف ما أخذ الحربي لما بينا انه كان محجوبا بالذمي و قد زالت مزاحمته
(44)
قال فإذا لحق العبد دين فقال مولاه هو محجور عليه و قال الغرماء هو مأذون له فالقول قول المولى لانه متمسك بالاصل و هو الحجر بسبب الرق و لان الغرماء يدعون عليه بسبب استحقاق كسبه و مالية رقبته و المولى ينكر ذلك فعليهم إثبات هذا السبب بالبينة فان جاؤا بشاهدين على الاذن فشهد أحدهما أن مولاه أذن له في شراء البز و شهد آخر انه أذن له في شراء الطعام فشهادتهما جائزة و ان كان الدين من غير هذين الصنفين لان المشهود به انما هو أصل الاذن فأما هذا التقيد بالبز و الطعام فلغو لان الاذن في التجارة لا يقبل التخصيص و قد اتفقا على ما هو المقصود و المشهود به فان شهد أحدهما انه أذن له في شراء البز و شهد آخر انه رآه يشترى البز فلم ينهه فشهادتهما باطلة لانهما اختلفا في المشهود به فان أحدهما شهد بمعاينة فعل و الآخر شهد بقول و لو شهد أحدهما انه رآه يشترى البز فلم ينهه و شهد الآخر انه رآه يشترى الطعام فلم ينهه فشهادتهما باطلة لان كل واحد منهما شهد بمعاينة فعل الفعل الذي شهد الآخر بمعاينته فلم يثبت بما شهد بمعاينة كل فعل الا شاهد واحد و لو شهد انه رآه يشترى البز فلم ينهه كان الشراء جائزا و كان العبد مأذونا له في التجارة لانهما اتفقا على الشهادة بمعاينة فعل واحد و الثابت بشهادة شاهدين كالثابت بالمعاينة و لو عاينا المولى رآه يبيع البز فلم ينهه كان مأذونا له في التجارة في الاشياء كلها فكذلك إذا شهد عليه الشاهدان بذلك و الله أعلم ( باب الاختلاف بين المأذون و مولاه ) ( قال رحمه الله ) و إذا كان العبد المأذون في يده مال و عليه دين فقال هو مالى و قال مولاه بل هو مالى فالقول قول العبد لان يده في كسبه معتبرة لحق الغرماء و المولى ممنوع من أخذ ما في يده لحقهم فيكون المال في يده ككونه في يد غرمائه لان انفكاك الحجر عنه بالاذن بمنزلة انفكاك الحجر عنه بالعتق أو بالكتابة الا أن يده قبل أن يلحقه الدين ما كانت لازمة و بلحوق الدين إياه صارت لازمة فالمنازعة بينه و بين المولى فيما في يده كالمنازعة بين المولى و مكاتبه فيما في يده و ان كان المال في يد المولى و فى يد العبد فهو بينهما نصفان لان المولى من كسب عبده في هذا الحالة كاجنبي آخر و قد استويا في دعوى اليد و العين ظهرت في يديهما فكان بينهما نصفين فان كان في يد المولى و يد العبد و يد أجنبي فادعاه كل واحد منهم فهو بينهم أثلاثا لان يد العبد فيه كيد غريمه فتكون معارضة ليد المولي و يد الاجنبي في
(45)
المزاحمة و ان كان العبد لادين عليه فالمال بين المولى و الاجنبي نصفان و لا شيء للعبد فيه لان ما في يد العبد و يد مولاه واحد إذا لم يكن عليه دين فان كسبه خالص ملك مولاه و يده فيه كيد مولاه و فى حق الاجنبي لان الحق لا يعدو هما فهو بمنزلة ما لو تنازع اثنان في شيء وأحدهما ممسك له بيديه و الآخر بيد واحدة فانه يقضى بذلك نصفان هذا و لو كان ثوب في يد حر و عبد مأذون و كل واحد منهما يدعيه و معظمه في يد أحدهما و الآخر متعلق بطرفه فهو بينهما نصفان لان الاستحقاق باعتبار اليد و يده علي جزء من الثوب كيده علي جميعه ( ألا ترى ) انه لو كان في يده طرف من الثوب و ليس في يد الآخر منه شيء فتنازعا فيه كان ذو اليد أولى بجميعه سواء كان الطرف الذي في يده معظم الثوب أو شيأ يسيرا منه فان كان أحدهما متزرا به أو مرتديا أو لابسا و الآخر متعلقا به أو كانت دابه أحدهما را كب عليها و الآخر متمسك باللجام فهي للراكب و اللابس لانه مستعمل للعين و اليد بالاستعمال تثبت حقيقة دون التعلق به ( ألا ترى ) انه لا يتمكن من الركوب و اللبس في العادة الا صاحب اليد و يتمكن الخارج من التعلق به لان الملبوس تبع للابس و المركوب تبع للراكب لان قيامه به و كانت يده فيما هو تبع له من وجه أقوى من يد المتعلق به و الضعيف لا يظهر في مقابلة القوي و لو لم يكن هذا راكبها و كان الآخر متعلقا بها لا يستحق الترجيح بتعلقه بها و لو كان هذا راكبها و لم يكن الآخر متعلقا بها كان الراكب أولى فإذا كان لاحدهما سبب يستحق به عند الانفراد و ليس للآخر مثله كان هو أولى و لو أن حرا أو مأذونا أجر نفسه من رجل يبيع معه البز أو يخيط معه ثم اختلفا في ثوب في يد الاجير فان كان في حانوت الذي استأجره فهو للمستأجر لان الآخر مع ما في يده في يده المستأجر فان حانوت المستأجر و يده ثابتة عليه فما في الحانوت يكون في يده فالظاهر شاهد للمستأجر فان الاجير لا ينقل أمتعته إلى حانوت المستأجر عادة خصوصا ما ليس من اداة عمله و ان كان في السكة أو في منزل الاجير فهو للاجير لانه لا يد للمستأجر على هذا الموضع حقيقة و لا حكما و يد الاجير ثابتة على الثوب حقيقة و بعقد الاجارة لا يخرج من أن يكون له يد معتبرة في أمتعته و الصغير و الكبير في هذا سواء لان كل واحد منهما له يد معتبرة دافعة لاستحقاق الغير و لو أن عبدا محجورا عليه أجره مولاه لرجل و كان مع العبد ثوب فقال المستأجر هو لي و قال مولاه هو لي كان للمستأجر سواء كان في السكة أو في السوق أو في حانوت المستأجر أو كانت المنازعة
(46)
في دابة و العبد راكبها لان مولاه حين آجره فقد حول يده فيه إلى المستأجر و صار المستأجر بمنزلة المالك في ثبوت يده و على ما معه لانه صار أحق بالانتفاع به فيكون القول في جميع ما في يده قوله بخلاف الحر فان المستأجر و ان صار أحق بمنافعه فقد بقيت له يد معتبرة في أمتعته لانه مالك للامتعة بعد الاجارة كما كان قبله و العبد المحجور عليه مملوك ليست له يد معتبرة فكان هو و ما في يده لمولاه قبل الاجارة و قد حوله بالاجارة إلى يد المستأجر و لو كان علي العبد قميص أو قباء فقال المستأجر هو لي و قال المولى هو لعبدي فالقول قول المولي لان الظاهر يشهد له لان الظاهر ان العبد لا ينقل إلى يد المستأجر عريانا ( ألا ترى ) انه لو باعه من إنسان دخل في البيع ما عليه من لباسه و ان لم يذكر باعتبار الظاهر و العادة و لا يدخل في البيع متاع آخر في يده الا ما يذكر فلا ينظر إلى قول العبد في شيء من ذلك لانه محجور عليه و ليس للمحجور عليه قول و لا يد معتبرة فيما معه و لو كان العبد في منزل المولى و في يده ثوب فقال المستأجر هولى و قال المولى هو لي فهو للمولى لان المنزل في يد المولى فما فيه يكون في يده أيضا لانه ليس للعبد يد معتبرة في معارضة يد المولى و المستأجر إذا كانت يده لا تظهر في منزل المولى كان المتاع للمولى و لو كان العبد مأذونا له و عليه دين و هو في منزل المولى و فى يده ثوب فقال المولى هو لي و قال العبد هو لي فان كان الثوب من تجارة العبد فهو له لان ما يكون من تجارته فهو كسبه و الحق في كسبه لغرمائه فيده فيه كيد الغريم و ان لم يكن من تجارته فهو للمولى لانه في ملك المولى و يده ثابتة على ما في ملكه و حق الغرماء لا يثبت في شيء من ذلك ما لم يثبت كونه كسبا للعبد و لو كان العبد راكبا على دابة أو لا بسا ثوبا فقال العبد هولى و قال المولى هولى فهو للعبد يقضى به دينه كان ذلك من تجارته أو لم يكن لان الملبوس تبع للابس و المركوب تبع للاركب و حق الغرماء يتعلق بمالية رقبته فيكون متعلقا بما هو تبع له و الله أعلم ( باب المأذون يأسره العدو أو يرتد ) ( قال رحمه الله ) قد بينا في السير ان العبد إذا أسرة العدو فأحرزوه بدارهم ثم عاد إلى قديم ملك المولى فانه يعود ما كان فيه من الدين و الجناية و ان لم يعد إلى قديم ملك المولي فان لم يأخذه من يد من وقع في سهمه أو من يد المشترى أو أسلم أهل الحرب عليه فان الدين
(47)
يعود عليه كما كان و الجناية لا تعود لان المستحق بالجناية الملك القائم وقت الجناية ( ألا ترى ) ان المولى لو أعتقه بعد الجناية لا يبقى حق ولي الجناية فكذلك إذا زال ذلك الملك و لم يعد اليه بخلاف الدين فانه ثابت في ذمته ( ألا ترى ) أنه يبقى عليه بعد العتق فسواء عاد ذلك الملك أو لم يعد بقي الدين في ذمته كما كان و الدين في ذمة العبد لا يجب الا شاغلا مالية رقبته فلهذا بيع في الدين في ملك من كان و ان ارتد المأذون و عليه دين أو جناية خطأ و لحق بدار الحرب ثم أسرة المسلمون فمولاه أحق به قبل القسمة و بعدها بغير شيء في قول أبى حنيفة لانه لم يحرزه المشركون انما هو أبق اليه فإذا بقي على ملك مولاه بقي الدين و الجناية عليه بحالهما يدفع بالجناية ثم يباع في الدين قال و إذا ادان المسلم دينا ثم ارتد و لحق بدار الحرب ثم أسر فان أبى أن يسلم فقتل بطل الدين الا أن يؤخذ ماله في دار الاسلام فيقضى به دينه لان ماله الذي خلفه في دار الاسلام مصروف الي حاجته و هو خلف عن ذمته في وجوب قضأ الدين كما بعد موته وا ن لم يكن له مال في دار الاسلام فقد فات محل الدين حين قتل فبطل دينه و ليس هذا بأول مديون بملك مفلسا و لو كانت مرتدة فسبيت و أسلمت فهي أمة للذي استولدها و قد بطل الدين عنها لان نفسها تبدلت بالاسر فصارت كالهالكة لا إلى خلف فان الحرية حياة و الرق تلف و هذا لان حكم الدين تغير بحدوث الرق فيها لانه حين وجب الدين كان في ذمتها و لا تعلق له بمحل آخر و بعد ما صارت أمة فالدين عليها يكون شاغلا مالية رقبتها ان لو بقي و هذه مالية حادثة لا يمكن شغلها بالدين و الدين لا يجب على المملوك الا شاغلا مالية رقبته فيسقط بهذه المنافاة و كذلك كل حد و قصاص كان عليها فيما دون النفس قبل الردة لتغيير حكمه برقها فالرق ينصف الحدود و ينافى وجوب القصاص فيما دون النفس فأما القصاص في النفس فهو على حاله عليها لان ذلك لا يتغير بالرق و الامة و الحرة فيه سواء و كذلك الرجل الذمي أو المرأة الذمية ينقض العهد و يلتحق بدار الحرب و عليه دين يوم يوسر فهو رقيق و قد بطل الدين و كل حد أو قصاص دون النفس كان عليه يتغير حكمه برقه و يؤخذ بالقصاص في النفس لان الحر و الرقيق فيه سواء و إذا استدان الحر المستأمن في دار الاسلام ثم رجع إلى بلاده ثم عاد إلينا مسلما أو ذميا أو مستأمنا أخذ بذلك الدين لبقاء دينه على رجوعه إلى بلاده و بعد عوده إلينا و لم يصر محجورا متمكنا لما في ذمته لان الاحراز في الدين لا يتحقق و لو لم يرجع إلينا حتى أسر فصار عبدا بطل الدين لتبدل نفسه بالرق و لو دخل المسلم دار الحرب بأمان فادان حربيا ثم
(48)
أسر المسلمون الحربي فصار عبدا بطل الدين عنه لان نفسه تبدلت بما حدث فيه من الرق و خرج من أن يكون أهلا للمالكية و الاسر لم يخلفه في ملك الدين فسقط عمن عليه لانعدام المطالبة و المستوفى له فان الدين ليس الا مجرد المطالبة هذا إذا كان الدين له على المسلم و ان كان للمسلم عليه فقد سقط بفوات محله بتبدل نفسه بالرق فان جاء مستأمنا لم يؤخذ به ان كان الدين عليه و لم يؤخذ به المسلم ان كان الدين على المسلم لان هذه المعاملة جرت بينهما في دار الحرب و هو بالخروج إلينا بأمان لم يصر من أهل دار الاسلام فلا تسمع الخصومة في ذلك الدين بينهما الا أن يسلم أو يصير ذميا فحينئذ يؤخذ بذلك كل واحد منهما لانه التزم أحكام الاسلام و صار منا دارا و دينا و الدين ببقاء ذمته على حاله و بقاء الطلب أهلا للمالكية فيؤخذ كل واحد منهما به و قد بينا ما في هذه الفصول من الخلاف في كتاب الصلح و الله أعلم ( باب اقرار المأذون في مرض مولاه ) ( قال رحمه الله ) و إذا أقر المأذون في مرض مولاه بدين أو غصب أو وديعة قائمة أو مستهلكة أو ذلك من ديون التجارات فان كان المولى لادين عليه و مات من مرضه ذلك فإقرار العبد جائز بمنزلة اقرار المولى به لان الدين على العبد يشغل كسبه و مالية رقبته و ذلك حق مولاه و صحة إقراره اعتبار اذن المولي به و استدامة الاذن بعد مرضه بمنزلة انشائه و إذا كان صحة إقراره بسبب يضاف إلى المولى صار إقراره كإقرار المولى و إقرار المولى في مرضه بدين أو عين للاجنبي صحيح إذا لم يكن عليه دين و ان كان عليه دين في صحته بدئ بدين الصحة من تركته و من رقبة العبد و كسبه فان فضل من رقبته و كسبه شيء فهو للذي أقر به العبد لان كسبه و رقبته ملك مولاه فإقراره فيه كإقرار المولى و لو أقر المولى بذلك كان دين الصحة مقدما عليه و كان الباقى بعد قضأ دين الصحة مصروفا اليه فهذا مثله و ان كان مال المولى غائبا فقضى القاضي دين المولي من ثمن العبد و ما في يده ثم حضر مال المولى فان القاضي يأخذ منه ثمن العبد و ما كان في يده فيقضى به دين العبد و ما أقر به لان حق غريم العبد كان متعلقا به و قد قضي به دين المولى فيقوم غريم العبد مقام غريم المولى في الرجوع به في تركته إذا ظهر ماله ليأخذه قضأ من دينه و ان كان دين العبد أكثر من ذلك فما زاد على ثمن العبد و مالية كسبه من تركة المولى لوارثه لا حق فيه لغريم العبد لان دينه ما كان ثابتا في ذمة المولى و انما كان في