مبسوط جلد 26

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 26

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(105)

و لان شرط قبول الشهادة اتفاقهما على فعل واحد و لا يكون ذلك الا بان يتفقا على آلة واحدة لان الفعل بدون الآلة لا يتحقق و اتفاقهما على آلة واحدة لا يثبت بدون التنصيص فأما إذا قالا لا ندري فبهذا اللفظ لا يثبت الاتفاق على آلة واحدة لجواز أنهما إذا بين كل واحد منهما و لم يكن بيانه ذلك مخالفا لاول كلامه و المحتمل لا يثبت الا بحجة و لكنا نستحسن أن نجيز شهادتهما و نوجب عليه الدية في ماله لان الشرط اتفاقهما فيما صرحا به في شهادتيهما و ذلك أصل القتل و قد ثبت بنص لا احتمال فيه وأصل القتل موجب للدية فاتفاقهما عليه يكون اتفاقا على هذا الموجب فأما القصاص فانما يجب باعتبار صفة العمدية و لم يتعرض الشهود لذلك و باختلاف الآلة انما يختلف حكم القصاص فتوهم اختلاف الآلة انما يعتبر في المنع من الحكم بالقصاص لا في المنع من الحكم بالمال فانه لا أثر لاختلاف الآلة في ذلك و لكن الدية هنا في ماله لان في تحمل العاقلة عنه معنى الشك و الاحتمال فانه إذا كان عمدا لا تتحملها العاقلة و مع الشك يتعذر إيجابها على العاقلة فكانت في ماله يوضحه ان الظاهر ان الشاهدين عرفا الآلة و ان الفعل كان عمدا بسلاح لانهما شهدا بقتل مطلق و الفعل المطلق يكون بآلته و آلة القتل السلاح و كذلك الفعل المطلق يكون من العامد الا انهما سترا ذلك لدرء القود و يحمل الولى على أن يكتفى بالدية و قد ندبا إلى ذلك بالشرع فلا يكون مبطلا شهادتهما بل يقضى بالدية في مال القاتل كما هو موجب شهادتهما و شهادة إمرأتين مع رجل جائزة في قتل الخطأ و فى كل ما ليس فيه قصاص و لا تجوز فيما فيه قصاص و كذلك الشهادة على الشهادة و كتاب القاضي إلى القاضي لان القصاص عقوبة تندرئ بالشبهات و فى شهادة النساء ضرب شبهة لان الضلالة و النسيان يغلب عليهن و كذلك في الشهادة على الشهادة و كتاب القضى الي القاضي لانهما بدل و فى البدل القائم مقام الاصل ضرب شبهة فلا يثبت به ما يندرئ بالشبهات و يثبت به ما لا يندرئ بالشبهات و هو المال ثم بهذه الشهادة إذا تعذر القضاء بالقصاص لا يقضي بالمال بخلاف مسألة الاقرار فان القاتل إذا أقر بالخطأ بعد ما ادعي الولى العمد يقضى بالمال لان هاهنا تعذر القضاء بالقود لمعنى من جهة الولى و هو اشتغاله بإقامة حجة فيها شبهة و الولي لا ينفرد بأخذ المال بدون رضا القاتل و هناك تعذر القضاء بالقود لمعنى من جهة القاتل و هو إقراره بالخطأ فينزل ذلك منزلة الرضا منه بأخذ المال و للولي أن يأخذ المال مكان القصاص برضا القاتل يوضحه ان الاقرار موجب للحق بنفسه من قضأ القاضي فيتمكن الولى من أخذ ما أقر به القاتل و هو

(106)

المال فاما الشهادة فلا توجب شيأ بدون قضأ القاضي و القاضي انما يقضى بما شهد به الشهود و قد تعذر عليه القضاء بذلك هاهنا لمكان الشبهة فلا يقضى بشيء و ان شهد عليه رجلان بالعمد حبس حتى يسأل عنهما لانه صار متهما بالدم و السبيل في المتهم أن يحبس لما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم حبس رجلا في التهمة و روى أن عمر رضى الله عنه رأى رجلا يعدو عليه و يقول أجرني يا أمير المؤمنين فقال من ماذا فقال من الدم فقال احبسوه الحديث و قد بينا في أول كتاب الحدود ان أخذ الكفيل في العقوبات ممكن لما في ذلك من معنى التوثق و الاحتياط و انه يصار فيه إلى الحبس فان شهد عليه رجل واحد عدل حبسه أيضا أياما لانه صار متهما بالدم فان خبر الواحد و ان كان لا يتم بالحجة فتثبت به التهمة خصوصا إذا كان المخبر عدلا و لان للشهادة شرطين العدد و العدالة و قد وجد أحد الشرطين هاهنا و هو العدالة فهو بمنزلة ما لو تم عدد الشهود و لم تظهر عدالتهم فكما يحبس هناك فكذلك يحبس هاهنا فان جاء شاهد آخر و الا خلى سبيله و العمد في ذلك و الخطأ و شبه العمد سواء و كان ينبغى في القياس أن لا يحبس في الخطأ و شبه العمد لان الواجب فيهما المال و في الديون التي هى المؤجلة لا يحبس ما لم تتم الحجة لظهور عدالة الشهود ففيما يكون مؤجلا إلى العاقلة أولى و لكنه ترك القياس لما ذكرنا ان المتهم بالدم يحبس فان القتل أمر عظيم الي أن يتبين موجبه لظهور عذر القاتل أو انتفاء عذره فإذا ادعى ولي القتل بينة حاضرة في المصر و القتل خطأ أخذ به من المدعى عليه كفيلا إلى ثلاثة أيام بخلاف ما إذا زعم ان بينته غيب لان الدعوي دعوى الدين فالخطاء موجب الدية دينا و أخذ الكفيل بالنفس في دعوى الديون صحيح إذا ادعى بينة حاضرة في المصر فاما في العمد فلا يصار إلى أخذ الكفيل قبل اقامة البينة و لا بعدها و لكن قبل اقامة البينة يلازمه المدعي و بعد اقامة البينة يحبسه علي سبيل التعزير فان ظهرت عدالة الشهود كان القتل موجبا للقود و قضى عليه بالقود و الله أعلم بالصواب ( باب القسامة ) ( قال رحمه الله ) و إذا وجد الرجل قتيلا في محلة قوم فعليهم أن يقسم منهم خمسون رجلا بالله ما قتلناه و لا علمنا له قاتلا ثم يغرمون الدية بلغنا هذا عن رسول الله صلي الله عليه و سلم و في هذا أحاديث مشهورة منها حديث سهل بن أبى حثمة أن عبد الله بن سهل و عبد الرحمن

(107)

ابن سهل و حويصة و محيصة خرجوا في التجارة إلى خيبر و تفرقوا بحوائجهم فوجدوا عبد الله بن سهل قتيلا في قليب من قلب خيبر يتشحط في دمه فجاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليخبروه فأراد عبد الرحمن و هو أخو القتيل ان يتكلم فقال عليه الصلاة و السلام الكبر الكبر فتكلم أحد عميه حويصة و محيصة و هو الاكبر منهما و أخبره بذلك قال و من قتله قالوا و من يقتله سوى اليهود قال تبركم اليهود بايمانها فقالوا لا نرضى بأيمان قوم كفار لا يبالون ما حلفوا عليه قال عليه السلام أ تحلفون و تستحقون دم صاحبكم فقالوا كيف نحلف على أمر لم نعاين و لم نشاهد فكره رسول الله صلي الله عليه و سلم ان يبطل دمه فوداه بمائة من ابل الصدقة و ذكر الزهرى عن سعيد بن المسيب ان القسامة كانت من أحكام الجاهلية فقررها رسول الله صلى الله عليه و سلم في قتيل من الانصار وجد في حي ليهود و ذكر الحديث إلى أن قال فالزم رسول الله صلي الله عليه و سلم اليهود الدية و القسامة و في رواية فكتب إليهم اما أن يدوه أو يأذنوا بحرب من الله و رسوله و ذكر الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس رضى الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه و سلم كتب الي أهل خيبر ان هذا قتيل وجد بين أظهركم فما لذى يخرجه عنكم فكتبوا اليه ان مثل هذه الحادثة وقعت في بني إسرائيل فأنزل الله على موسى عليه السلام أمرا فان كنت نبيا فاسأل الله مثل ذلك فكتب إليهم ان الله تعالى أراني أن أختار منكم خمسين رجلا فيحلفون بالله ما قتلناه و لا علمنا له قاتلا ثم يغرمون الدية قالوا لقد قضيت فينا بالناموس يعنى بالوحي و روى حنيف عن زياد بن أبى مريم قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال انى وجدت أخي قتيلا في بني فلان فقال اختر من شيوخهم خمسين رجلا فيحفون بالله ما قتلناه و لا علمنا له قاتلا قال و ليس لي من أخى الا هذا قال نعم و مائة من الابل و في الحديث ان رجلا وجد بين وادعة و أرحب و كان إلى وادعة أقرب فقضى عليهم عمر رضي الله عنه بالقسامة والدية فقال حارث بن الاصبع الوادعي يا أمير المؤمنين لا أيماننا تدفع عن أموالنا و لا أموالنا تدفع عن أيماننا فقال حقنتم دماء كم بايمانكم و أغرمكم الدية لوجود القتيل بين أظهركم فهذه الآثار تدل على ثبوت حكم القسامة والدية في القتيل الموجود في المحلة على أهلها و نوع من المعنى يدل عليه أيضا و هو ان الظاهر ان القاتل منهم لان الانسان قلما يأتى من محلة إلى محلة ليقتل مختارا فيها و انما تمكن القاتل منهم من هذا الفعل بقوتهم و نصرتهم فكانوا كالعاقلة فاوجب الشرع الدية عليهم صيانة لدم المقتول عن

(108)

الهدر و أوجب القسامة عليهم لرجاء أن يظهر القاتل بهذا الطريق فيتخلص الجاني إذا ظهر الجاني و لهذا يستحلفون بالله ما قتلناه و لا علمنا له قاتلا ثم على أهل كل محلة حفظ محلهم عن مثل هذه الفتنة لان التدبير في محلتهم إليهم فانما وقعت هذه الحادثة لتفريط كان منهم في الحفظ حين تغافلوا عن الاخذ على أيدي السفهاء منهم أو من غيرهم فاوجب الشرع القسامة والدية عليهم لذلك و وجوب القسامة والدية على أهل المحلة مذهب علمائنا و قال مالك رضي الله عنه إذا كان بين أهل القتيل و أهل المحلة عداوة ظاهرة و لوث و تأثيره و كان العهد قريبا بدخوله في محلتهم إلى أن وجد قتيلا يؤمر الولى بان يعين القاتل منهم باعتبار اللوث و تفسير اللوث أن يكون عليه علامة القاتلين أو يكون هو مشهورا بعداوته ثم يحلف الولى خمسين يمينا بالله انه قتله فإذا حلف اقتص له من القاتل و هو قول الشافعي في القديم و قال في الجديد فإذا حلف قضى له بالدية في ماله و إذا انعدمت هذه المعاني أو أبى الولى ان يحلف فالحكم فيه ما هو الحكم في سائر الدعاوي و احتج مالك رضي الله عنه بقوله عليه الصلاة و السلام في حديث سهل بن أبى حثمة أ تحلفون و تستحقون دم صاحبكم و فى رواية تحلفون و تستحقون و هذا تنصيص على ان اليمين على الولي و انه يستحق القصاص و في الحديث ان رسول الله صلي الله عليه و سلم قضى بالقود في القسامة و قضى به أبو بكر و عمر رضى الله عنهم و عن بعض الصحابة قال قتلنا قاتل ولينا في القسامة بامر رسول الله صلي الله عليه و سلم و لم يكن لنا حجة سوى اللوث و في الحديث المعروف ان النبي صلى الله عليه و سلم قال البينة على المدعى و اليمين على من أنكر الا في القسامة ففى هذا الاستثناء تنصيص على ان في القسامة اليمين علي المدعى فإذا حلف ترجح معنى الصدق في جانبه فيستحق المدعى و هو القود ثم قال الشافعي رضى الله عنه نرجح جانبه و لكن بحجة فيها ضرب شبهة و القصاص عقوبة يندرئ بالشبهة فيجب المال و هذا لان اليمين حجة من يشهد له الظاهر كما في سائر الدعاوي فان الظاهر يشهد للمدعي عليه لان الاصل براءة ذمته فاما في القسامة فالظاهر يشهد للمدعى عند قيام اللوث و قرب العهد فيكون اليمين حجة له و حجتنا ما روينا من الآثار المشهورة و قول رسول الله صلي الله عليه و سلم لو أعطى الناس بدعواهم الحديث و قد بينا في كتاب الدعوي ان اليمين ليست بحجة صالحة لا ستحقاق فلس بها فكيف تكون حجة لاستحقاق نفس خصوصا في موضع يتيقن بان الحالف مجازف يحلف على ما لم يعاينه بحال محتمل في نفسه و هو اللوث و انما اليمين مشروعة لا بقاء ما كان على ما كان فلا

(109)

يستحق بها ما لم يكن مستحقا فأما قوله أ تحلفون و تستحقون دم صاحبكم فلا تكاد تصح هذه الزيادة و قد قال جماعة من أهل الحديث أو هم سهل بن أبى حثمة ما قال رسول الله صلي الله عليه و سلم أ تحلفون و تستحقون دم صاحبكم و لو ثبت فانما قال ذلك على طريق الانكار عليهم لا على طريق الامر لهم بذلك فانه لو كان على سبيل الامر لكان يقول ا تحلفون فتستحلون دم صاحبكم فأما قوله ا تحلفون و تستحقون فعلي سبيل الانكار كقوله تعالى أ تأتون الذكران من العالمين و تذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم الآية و كذلك قوله تحلفون معناه أ تحلفون كقوله تريدون عرض الدنيا معناه أ تريدون و كان عليه الصلاة و السلام رأى منهم الرغبة في حكم الجاهلية حين أبوا أيمان اليهود و بقولهم لا نرضي بيمين قوم كفار فقال ذلك على سبيل الزجر فلما عرفوا كراهة رسول الله صلي الله عليه و سلم لذلك رغبوا عنه بقولهم كيف نحلف على أمر لم نعاين و لم يشاهد ثم يحتمل أن يكون اليهود ادعوا عليهم بنقل القتيل من محلة أخرى إلى محلتهم فصاروا مدعى عليهم فلهذا عرض عليهم اليمين و الحديث الآخر لا يكاد يصح لما روي عن أيوب مولي أبى قلابة قال قلت عند عمر بن عبد العزيز و عنده رؤساء الناس فخوصم اليه في قتيل وجد في محلة و أبو قلابة جالس عند السرير أو خلف السرير فقال الناس قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالقود في القسامة و أبو بكر و عمر و الخلفاء بعدهم فنظر إلى أبى قلابة و هو ساكت فقال ما تقول قال عندك رؤساء الناس و أشراف العرب أ رأيتم لو شهدتم رجلان من أهل دمشق على رجل من أهل حمص انه سرق و لم يرياه أ كنت تقطعه فقال لا قال أ رأيتم لو شهد أربعة من أهل حمص على رجل جن أهل دمشق انه زنى و لم يروه أ كنت ترجمه فقال لا فقال و الله ما قتل رسول الله صلي الله عليه و سلم نفسا بغير نفس الا رجلا كفر بالله بعد ايمانه أو زنا بعد إحصانه أو قتل نفسا بغير نفس و قد قضى رسول الله صلي الله عليه و سلم بالقسامة والدية على أهل خيبر في قتيل وجد بين أظهرهم فانقاد عمر بن عبد العزيز لذلك و هذا لان امراء بني أمية كانوا يقضون بالقود في القسامة على ما روى عن الزهرى قال القود في القسامة من أمور الجاهلية أول من قضى به معاوية فلهذا بالغ أبو قلابة في إنكار ذلك و قوله أو عليه الصلاة و السلام الا في القسامة يعنى الايمان مكررة في القسامة بخلاف سائر الدعاوي معناه لا تنقطع الخصومة باليمين في القسامة بل يقضى بالدية بعدها بخلاف سائر الدعاوي ثم انما يقضى بالدية على عاقلة أهل المحلة في ثلاث سنين لان حالهم هنا دون حال من بأشر القتل خطأ

(110)

و إذا كانت الدية هناك على عاقلته في ثلاث سنين فها هنا أولي فان لم يكمل العدد خمسون رجلا كررت عليهم الايمان حتى يكملوا خمسين يمينا لما روى ان الذين جاؤا إلى عمر رضى الله عنه من أهل وادعة كانوا تسعة و أربعين رجلا منهم فحلفهم ثم اختار منهم واحدا فكرر عليه اليمين و هذا لان عدد اليمين في القسامة منصوص عليه و لا يجوز الاخلال بالعدد المنصوص عليه و يجوز تكرار اليمين من واحد كما في كلمات اللعان و لاولياء القتيل ان يختاروا في القسامة صالحي العشيرة من الذين وجد بين أظهرهم القتيل فيحلفونهم لان النبي عليه الصلاة و السلام قال لاخ القتيل اختر منهم خمسين رجلا فدل أن الخيار اليه و هو حقه يستوفى بطلبه و اليه تعيين من يستوفى منه حقه و له أن يختار الشبان و الفسقة منهم لان تهمة القتيل عليهم أظهر و له أن يختار المشايخ و الصلحاء منهم لانهم يتحرزون عن اليمين الكاذبة أكثر مما يتحرز الفسقة فإذا علموا القاتل منهم أظهروه و لم يحلفوا و في ظاهر الرواية القسامة على أهل المحلة والدية علي عواقلهم و ذكر في اختلاف زفر و يعقوب ان علي قول زفر القسامة والدية على عاقلة أهل المحلة قياسا لاحد الموجبين علي الآخر و على قول أبى يوسف لا قسامة علي العاقلة لان التحمل يجري في الدية و لا يجرى التحمل في اليمين و لو اختاروا في القسامة أعمى أو محدودا في قذف كان ذلك لهم لانهم أسوة غيرهم في الاهلية لليمين و النكول و الخيار فيه إليهم دون الامام لان الحق لهم و انما أراد بهذا الفرق بين هذا و بين اللعان فان اللعان شهادة و المحدود في القذف و الاعمى ليس لهما شهادة الاداء فأما هذه فيمين محضة قال في الاصل و كل ما يلزم العاقلة يلزم أهل الديوان والمعاقلة من أهل الديوان و لا يلزم النساء و الذرية من ذلك شيء و لا يؤخذ من الرجل في كل سنة الا ثلاثة دراهم أو أربعة لما روى أن عمر رضى الله عنه لما دون الدواوين و فرض الاعطيات جعل المعاقل عليهم في أعطياتهم على كل رجل في كل سنة ثلاثة دراهم أو أربعة و هذا عندنا و عند الشافعي رضى الله عنه العاقلة هم العشيرة على ما كان عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ألا ترى ) أنه قال في حديث الجنين لاولياء الضاربة قوموا فدوه و لكنا نقول ما كانت الدواوين في عهد رسول الله صلي الله عليه و سلم و انما كانوا يتناصرون بالقرابة بعد الدين فلما دون عمر رضى الله عنه الدواوين جعل التعاقل بالديوان لانه باعتبار التناصر و التناصر بالديوان دون القبيلة فان أهل الديوان و ان كانوا من قبائل شتى يقوم بعضهم بنصرة بعض و ربما تظهر العداوة مع من هو من قبيلته من أهل ديوان آخر أكثر مما تظهر مع غيره على ما

(111)

روى أنه في الجمل و صفين كان يقوم أهل كل قبيلة من أحد الصفين بمقاتلة تلك القبيلة من الصف الآخر ثم الاخذ من العاقلة على وجه لا يؤدى إلى الاجحاف بهم و ذلك في أن يؤخذ منهم في كل سنة القدر الذي سمى فان لم يسع ديوان أولئك القوم ضم إليهم أقرب القبائل إليهم في النسب حتى لا يقع على كل واحد منهم الا ثلاثة دراهم أو أربعة و لا يدخل في ذلك النساء و الذراري لانهم أتباع لا تقوم النصرة بهم و تمام بيان هذا الكلام في هذا الفصل في كتاب المعاقل و القبائل و الذى حلف في القسامة و الذى لم يقبل و لم يشهد في ذلك كل سواء الدية عليهم على أهل الديوان لانها مأخوذة من أعطياتهم و قد استوى في الاعطيات من شهد منهم و من غاب و كذلك في ظاهر الرواية من كان غائبا و من كان حاضرا من أهل المحلة في القسامة سواء و عن أبى يوسف رحمه الله قال من علمت أنه كان غائبا حين وقعت هذه الحادثة لا أدخله في القسامة لانه ليس عليه من تهمة القتل شيء و لم يكن قائما في حفظ المحلة و التدبير فيها حين وقعت هذه الحادثة و وجه ظاهر الرواية أن السبب كونه من أهل المحلة لا تهمة القتل فان الفقهاء و المشايخ و صالحى أهل المحلة يحلفون و ليس عليهم من تهمة القتل شيء و هذا السبب لا ينعدم بكونه غائبا عن المحلة و إذا وجد القتيل بين قريتين أو سكتين فالى أيهما كان أقرب كان عليهم القسامة والدية لحديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن قتيلا وجد بين قريتين على عهد رسول الله صلي الله عليه و سلم فأمر أن يمسح بينهما فوجد إلى احدى القريتين أقرب بشبر فقضي عليهم بالقسامة والدية و عن عمر رضى الله عنه في القتيل الموجود بين وادعة و أرحب أمر بان يقاس بين القبيلتين و كان إلى وادعة أقرب فجعلها عليهم و لان من يقرب من موضع فهو أحق بحفظ ذلك الموضع و التدبير فيه ممن يكون أبعد من ذلك الموضع فان نكلوا عن اليمين حبسوا حتى يحلفوا لان الايمان في القسامة حق مقصود لتعظيم أمر الدم و من لزمه حق مقصود لا تجري النيابة في إيفائه فإذا امتنع منه فانه يحبس ليوفى كما كلمات اللعان و إذا وجد القتيل في قرية أصلها لقوم شتى فيهم المسلم و الكافر فالقسامة على أهل القرية المسلم منهم و الكافر فيه سواء لان رسول الله صلي الله عليه و سلم أوجب القسامة على أهل خيبر و كانوا من اليهود ثم يعرض عليهم الدية فما أصاب المسلمين من ذلك فعلى عواقلهم و ما أصاب أهل الذمة فان كانت لهم معاقل فعليهم و الا ففى أموالهم كما لو باشروا بأيديهم القتل خطأ و إذا وجد القتيل في قبيلة بالكوفة و فيها سكان و فيها من قد اشترى من دورهم




/ 29