ما بلغت و ان كانت قيمته عشرين ألفا أو أكثر لانه أتلف المالية بالاعتاق و هذه المالية حق الغرماء فيضمنها لهم بالغة ما بلغت كالراهن إذا أعتق المرهون و الدين مؤجل و لم يكن عليه دين و لكنه قتل حرا أو عبدا خطأ فأعتقه المولى فان كان يعلم بالجناية فهو مختار للفداء و الفداء الدية ان كان المقتول حرا و قيمة المقتول ان كان عبدا الا أن يزيد على عشرة آلاف درهم فينقص منها عشرة لان بدل نفس المملوك بالقتل لا يزيد على عشرة آلاف الا عشرة و ان لم يعلم بالجناية غرم قيمة عبده الا أن تبلغ قيمته عشرة آلاف فينقص منها عشرة لان المستحق بالجناية نفس العبد بطريق الجزاء و المولى مخير بين الدفع و الفداء فإذا أعتقه مع العلم بالجناية صار مختارا للفداء بمنع الدفع و ان كان لا يعلم بالجناية فهو مختار للفداء و لكنه مستهلك للعبد الذي استحقه جزاء على الجناية فيغرم قيمته و لا يزاد قيمته على عشرة آلاف الا عشرة لان هذه قيمة لزمته باعتبار الجناية من المملوك فيقاس بقيمة تلزمه بالجناية على المملوك فإذا كان لا يزاد على عشرة آلاف الا عشرة فكذلك القيمة التي تلزمه بالجناية من المملوك و هذا يخالف فضل الدين من وجهين أحدهما أن هناك علم المولى و عدم علمه سواء لان المستحق مالية الرقبة تبعا في الدين و إعتاق المولى إتلاف لذلك فيلزمه قيمته سواء كان عالما به أو عالم به بمنزلة إتلاف مال الغير و في الجناية المستحق في حق المولى أحد شيئين و هو مخير بينهما و في حكم الاختيار يختلف العلم و عدم العلم و الثاني أن هناك يغرم قيمته بالغة ما بلغت لان استحقاق تلك القيمة عليه باعتبار سبب يستحق به المالية من غصب و شراء فيتقدر بقدر القيمة و هاهنا وجوب القيمة باعتبار الجناية و قيمة العبد بالجناية لا تزيد على عشرة آلاف الا عشرة و ان كان المقتول عبد اغرم المولى الاقل من قيمة عبده و من قيمة المقتول الا أن يبلغ عشرة آلاف فينقص منها عشره لان الاقل هو المتيقن به فلا يلزم المولى أكثر منه و لا يزاد الواجب على عشرة آلاف الا عشرة لان الواجب باعتبار الجناية على المملوك فان أعتقه و عليه دين و جنايات أكثر من قيمته و هو لا يعلم بالجناية غرم لاصحاب الدين قيمته بالغة ما بلغت لاتلاف المالية التي هى حقهم ( ألا ترى ) أن قبل العتق كان يدفع بالجنايات ثم يباع بالدين فيسلم المالية للغرماء بكمالها و يغرم لا صحاب الجنايات الاقل من قيمته و من عشرة آلاف الا عشرة لان المستحق نفسه بالجنايات حر ( ألا ترى ) أن قبل العتق كان يتخلص المولى من جناياته بدفعه فإذا تعذر الدفع بإعتاقه لم يصر مختارا كان عليه قيمته و قيمته بسبب الجناية لا تزيد علي عشرة آلاف
(15)
الا عشرة و لا شركة بين الغرماء و لا بين أصحاب الجنايات لانعدام المشاركة بينهما في سبب وجوب حقهما و في المحل الذي ثبت فيه حق كل واحد منهما ( ألا ترى ) أن قبل العتق لم يكن بينهما شركة و لكنه كان يدفع بالجنايات كلها أو لا ثم يباع للغرماء في ديونهم و ان أعتقه و هو يعلم بالجنايات صار مختار للفداء في الجنايات فيضمنها كلها و صار ضامنا القيمة للغرماء بإتلاف المالية و لا شركة لبعضهم مع البعض في ذلك و لو كان المأذون مدبرا أو أم ولد فأعتقه المولي و عليه دين كبير لم يغرم للمولى شيأ لان حق الغرماء هاهنا ما تعلق بمالية الرقبة بل بالكسب و بالاعتاق لم يثبت شيء من كل حقهم فلا يغرم المولى لهم شيأ لانه ما أفسد عليهم شيأ بخلاف القن و ان كان على المأذون دين كثير أو قليل فأعتق المولى أمة من رقيقه فعتقه باطل في قول أبى حنيفة الاول و فى قول الآخر نافذ الا أن يكون الدين محيطا برقبته و بجميع ما في يده فحينئذ عتقه باطل ما لم يسقط الدين و فى قولهما عتقه نافذ على كل حال كما ينفذ في رقبته و هذا بناء على اختلافهم في ملك المولى كسب عبده المديون و قد بيناه فيما سبق فان كان في رقبته و كسبه فضل على دينه حتى جاز عتق المولي لامته فالمولي ضامن قيمة الامة للغرماء لان الدين يشغل كل جزء من أجزاء الكسب و المولى يفسد عليهم مالية المعتقة فيضمن قيمتها لهم فان كان معسرا كانت القيمة دينا على الجارية المعتقة لان المالية التي هى حق الغرماء سلمت لها و احتبست عندها بالعتق فعليها السعاية في قيمتها و يرجع بذلك على المولى لان السبب الموجب للضمان وجد من المولي و كان الضمان دينا في ذمة المولى و انما أخرت هى على قضأ دين المولى و يرجع عليه بذلك كما لو أعتق الراهن المرهون و هو معسر و التدبير في ذلك بمنزلة الاعتاق و ذكر في المأذون الصغير ان المولى اذ أعتق جارية العبد المأذون بعد موت المأذون فهو كاعتاقه إياها في حياته و هذا ظاهر في قول أبى حنيفة و على قول أبى يوسف و محمد عتقه و تدبيره جائز و ان كان الدين محيطا و المولى ضامن قيمة الامة بإتلاف ماليتها على الغرماء فان كان معسرا فللغرماء أن يضمنوها القيمة و يرجع بذلك على المولى كما هو مذهب أبى حنيفة إذا لم يكن الدين محيطا و كذلك الوارث إذا أعتق جارية من التركة و فيها دين مستغرق لها فان الوارث مالك للتركة هاهنا فينفذ عتقه و يكون التحري في حكم الضمان على نحو ما بينا في إعتاق المولى كسب عبده المأذون و لو وطي المولي أمة المأذون فجاءت بولد فادعى نسبه ثبت نسبه منه عدهم جميعا و صارت الامة أم ولد له و يضمن قيمتها و لا يضمن عقرها لان حق
(16)
المولى في كسب عبده المديون أقوى من الاب في جارية ابنه ( ألا ترى ) ان المولى يملك استخلاصها لنفسه بقضاء الدين من موضع آخر و الاب لا يملك ذلك في جارية ابنه ثم هناك استيلاده صحيح و يجب عليه ضمان قيمتها دون العقر فكذلك هاهنا و بهذا فرق أبو حنيفة بين الاستيلاد و الاعتاق و التدبير و ذكر في المأذون الصغير أن صحة دعوته استحسان يعنى على قول أبى حنيفة و فى القياس لا يصح لانه لا يملك كسب عبده المديون إذا كان الدين محيطا كما لا يملك كسب مكاتبه ثم دعواه ولد أمة مكاتبه لا تصح الا بتصديق المكاتب فكذلك دعواه ولد أمة عبده المديون و لكنه استحسن فقال هناك لا يملك استخلاصها لنفسه بقضاء الدين من موضع آخر فيعتبر بالاستيلاد كانه استخلصها لنفسه بالتزام قيمتها و لا اشكال على قول أبى حنيفة في انتفاء العقر عنه لانه ما كان يملكها ما دامت مشغولة بحق الغرماء فيقدم تمليكها منه بضمان القيمة و إسقاط حق الغرماء عنها علي الاستيلاد ليصح الاستيلاد كما يفعل ذلك في استيلاد جارية الابن و على قولهما انما لا يجب العقر لانه يملكها حقيقة و الوطء في ملك نفسه لا يلزمه العقر و انما يكون ضامنا لحق الغرماء و حق الغرماء في المالية و قد ضمن لهم جميع قمية المالية و المستوفى بالوطء ليس بمال و لا حق للغرماء فيه فلهذا لا يغرم عقرها و كذلك لو كان الوطء بعد موت المأذون و ان أعتق المولي جارية المأذون و عليه دين يحيط بقيمته و ما في يده ثم قضى الغرماء الدين أو أبرأه الغرماء أو بعضهم حتى صار في قيمته و فيما في يده فضل علي الدين جاز عتق المولى الجارية لانه حين أعتقها كان سبب الملك له فيها تاما و حق الغرماء كان مانعا فإذا زال المانع بعد العتق كالوارث إذا أعتق عبدا من التركة المستغرقة بالدين ثم سقط الدين نفذ العتق لهذا المعنى و لو أعتق المولي جارية المأذون و عليه دين محيط فبطل العتق في قول أبى حنيفة ثم وطئها المولى بعد ذلك فجاءت بولد فادعاه فدعواه جائزة و هو ضامن قيمتها للغرماء لما بينا في الاستيلاد لامته إذا كان قبل الاعتاق ثم الجارية حرة لسقوط حق الغرماء عنها و الاستيلاد ( ألا ترى ) أنه لو سقط حقهم عنها بالابراء من الدين كانت حرة بإعتاق المولى إياها فكذلك ههنا و على المولى العقر للجارية لان الاعتاق من المولى كان سابقا على الوطء الا أن قيام الدين كان مانعا من نفوذ ذلك العتق فإذا سقط حق الغرماء عنها زال المانع عنها بعد العتق من ذلك الوقت فتبين أنه وطئها بالشبهة و هي حرة فيلزمه العقر لها لان الوطء في الملك لا يحلو عن حد أو عقر و قد سقط الحد للشبهة فيجب العقر فإذا ادعي المولى بعض رقيق
(17)
المأذون أنه ولده و لم يكن ولد في ملك المأذون فدعواه باطلة في قول أبى حنيفة و هي جائزة في قول صاحبيه و يضمن قيمته للغرماء فان كان معسرا ضمن الولد و رجع به على أبيه لان دعوته دعوة التحرير فان أصل العلوق لم يكن في ملكه ودعوة التحرير كالا عتاق و قد بينا هذا الحكم في الاعتاق و قال ابن زياد إذا أعتق المولى أمة من كسب عبده المديون ثم سقط الدين لم ينفذ ذلك العتق و كذلك الوارث في التركة المستغرقة بالدين لان ملكه حدث بعد الاعتاق و هو بمنزلة المضارب إذا أعتق عبد المضاربة و لا فضل فيه على رأس المال ثم ظهر الفضل فيه لا ينفذ ذلك العتق و كذلك المولى إذا أعتق كسب مكاتبه ثم عجز المكاتب لا ينفذ ذلك العتق و لكنا نقول هناك انما أعتق قبل تمام السبب و هو الملك لان مال المضاربة مملوك لرب المال و انما بملك المضارب حصة من الربح و المكاتب بمنزلة الحر من وجه فيمنع ذلك تمام سبب الملك للمولى في كسبه فأما سبب الملك فتام للوارث في التركة بعد موت المورث و للمولى في كسب العبد فيتوقف عتقه على أن يتم بتمام الملك ( ألا ترى ) أنه لو مات نصرانى و ترك إبنين نصرانيين و عليه دين مستغرق فأسلم أحد الابنين ثم سقط الدين كان الميراث للابنين جميعا و لو كان تمام سبب الملك عند سقوط الدين كان الميراث كله للابن النصراني لان المسلم لا يرث الكافر فبهذا الحرف يظهر الفرق و الله أعلم ( باب جناية المأذون على عبده و الجناية عليه ) ( قال رحمه الله ) و إذا جنى المأذون على حر أو عبد جناية خطأ و عليه دين قيل لمولاه ادفعه بالجناية أو افده لانه على ملك مولاه بعد ما لحقه الدين و في البداءة بالدفع بالجناية مراعاة الحقين و فى البداءة بالبيع بالدين إبطال حق الجناية فيجب المصير إلى ما فيه مراعاة الحقين و إذا اختار الفداء فقد طهر العبد من الجناية فيبقي حق الغرماء فيه فيباع في دينهم و ان دفعه بالجناية اتبعه الغرماء في أيدي أصحاب الجناية فباعوه في دينهم الا أن يفديه أوليآء الجناية لان أوليآء الجناية انما يستحقون ملك المولى فيه بطريق الجزاء الا أن يثبت لهم فيه سبب متجدد فهم بمنزلة الوارث يخلفونه في ملكه و العبد المديون إذا مات مولاه اتبعه الغرماء في ملك الوارث فباعوه في دينهم الا أن يقضى الوارث دينهم فكذلك يتبعونه في يد صاحب الجناية فيباع في دينهم الا أن يقضى صاحب الجناية ديونهم و ان كان للمأذون
(18)
جارية من تجارته فقتل قتيلا خطأ فان شاء المأذون دفعها و ان شاء فداها ان كان عليه دين أو لم يكن لان التدبير في كسبه اليه و هو في التصرف بمنزلة الحر في التصرف في ملكه فيخاطب بالدفع أو الفداء بخلاف جنايته بنفسه فالتدبير في رقبته ليس اليه ( ألا ترى ) أنه لا يملك بيع رقبته و يملك بيع كسبه فان كانت الجناية نفسا و قيمة الجارية ألف درهم ففداه المأذون بعشرة آلاف فهو جائز في قياس قول أبى حنيفة و لا يجوز في قولهما لان من أصلهما أن المأذون لا يملك الشراء بما لا يتغابن الناس في مثله و عند أبى حنيفة يملك ذلك فيطهرها من الجناية باختيار الفداء بمنزلة شرائها بما يفديها به على القولين أو بمنزلة ما لو دفعها إلى أوليآء الجناية ثم اشتراها منهم بمقدار الفداء و ان كانت الجناية عمدا فوجب القصاص عليها فصالح المأذون عنها جاز و ان كان المأذون هو القاتل فصالح عن نفسه و عليه دين أو ليس عليه دين لم يجز الصلح لما بينا أنه في التدبير في كسبه بمنزلة الحر في ملكه و في التدبير في نفسه هو بمنزلة المحجور عليه فلا يجوز صلحه في حق المولى لانه يلتزم المال بما ليس بمال و هو منفك الحجر عنه في ذلك و لكن التزامه في حق نفسه صحيح فيسقط القود بهذا الصلح و يجب المال في ذمته و يؤاخذ به بعد العتق بمنزلة مال التزمه بالكفالة أو بالنكاح و لو كان للمأذون دار من تجارته فوجد فيها قتيل و عليه دين أو لادين عليه فالدية على عاقلة المولي في قول أبى يوسف و محمد لانه مالك لهذه الدار و ان كان على عبده دين ودية المقتول الموجود في الملك على عاقلة صاحب الملك باعتبار أنه بمنزلة القاتل له بيده و عند أبى حنيفة رحمه الله ان لم يكن على العبد دين محيط فكذلك و ان كان على العبد دين محيط ففى القياس لا شيء علي عاقلة المولى لانه مالك للدار عنده و لكن يخاطب بدفع العبد أو الفداء لان حق العبد في كسبه في حكم الجناية كملك المالك في ملكه فبهذا الطريق يجعل كان العبد قتله بيده و لكنه استحسن و جعل الدية على عاقلة المولى لان العبد ليس من أهل الملك و المولى أحق الناس بملك هذه الدار على معنى أنه يملكها إذا سقط الدين و يملك استخلاصها لنفسه بقضاء الدين من موضع آخر فيكون بمنزلة القاتل بيده باعتبار اقامة سبب الملك التام له فيها مقام الملك و نظيره التركة المستغرقة بالدين إذا وجد في دار منها قتيل كانت الدية على عاقلة الوارث و هذا لان المانع من الملك بعد تمام السبب حق الغرماء و في حكم الجناية الغرماء كالاجانب و يجعل في القتيل الموجود فيها كأن المولى مالك لها لما تعذر اعتبار جانب الغرماء في ذلك و على هذا لو شهد على المأذون في حائط من هذه الدار
(19)
مائل فلم ينقضه حتى وقع على إنسان فقتله فالدية على عاقلة المولي و قالا هذا بمنزلة القتيل يوجد في هذه الدار و لم يذكر فيه قول أبى حنيفة و قيل هو كذلك على جواب الاستحسان عند أبى حنيفة لما قلنا و هو بخلاف ما إذا وقع على دابة فقتلها فان قيمتها في عتق العبد يباع فيها أو يفديه لان حق صاحب الدين يتعلق بالمالية و المولى من ماليته أجنبي لحق غرمائه فلهذا كان ذلك في عنق العبد بمنزلة جنايته على المال بيده و أما حق أوليآء الجناية فلا يثبت في المالية التي هى حق الغرماء و لهذا كان موجب جنايته بيده علي مولاه يخاطب بالدفع أو الفداء ففى جناية يترك هدم الحائط المائل أو يترك صيانة داره حتى وجد فيها قتيل يستحق موجبه علي المولى أيضا و إذا كان موجب الجناية على المولى صار المولى فيه كالمالك للدار و كان الاشهاد وجد عليه بطريق أن جناية مملوكه كجنايته فتكون الدية على عاقلة المولى و لو كان على المأذون دين فجنى جناية فباعه المولى من أصحاب الدين بدينهم و لا يعلم بالجناية فعليه قيمته لاصحاب الجناية لان حق أوليآء الجناية لا يمنع المولى من بيع الجاني فإذا نفذ بيعه كان مفوتا على أوليآء الجناية حقهم فان كان عالما بالجناية فعليه الارش و ان لم يكن عالما فعليه قيمته كما لو أعتقه و لو لم يبعه من الغرماء و لم يحضروا و لكن حضر أصحاب الجناية فدفعه إليهم بغير قضأ قاض فالقياس فيه أن يضمن قيمته للغرماء لانه صار متلفا على الغرماء محل حقهم بإخراجه عن ملكه باختياره فيكون بمنزلة ما لو أعتقه و فى الاستحسان لا ضمان عليه لان حق أوليآء الجناية ثابت في عنقه و المولى فعل بدون قضأ القاضي ما يأمر به القاضي ان لو رفع الامر اليه فيستوى فيه القضاء و غير القضاء بمنزلة الرجوع في الهبة ثم هو ما فوت على الغرماء محل حقهم فان العبد محل للبيع في الدين في ملك أوليآء الجناية كما لو كان الدفع إليهم بقضاء قاض و انما يضمن القيمة باعتبار تفويت محل حقهم فان جعلنا هذا تسليما لما هو المستحق بالجناية لا يفوت به محل حقهم و ان جعلناه تمليكا مبتدأ لا يفوت به محل حقهم أيضا لانهم يتمكنون من بيعه كما لو باعه أو وهبه ثم لا فاثدة في هذا القبض لان بعد القبض يجب دفعه إليهم بالجناية ثم بيعه في الدين فلهذا لم يضمن المولى شيأ بخلاف ما سبق من بيعه إياه في الدين ففيه تفويت محل حق أوليآء الجناية على معنى أن البيع تمليك مبتدأ و لا سبيل لاولياء الجناية على نقض ذلك و لو لم يدفع بالجناية حتى طالبه الغرماء بدينهم و لم يحضر صاحب الجناية و قد أقر به المولى و الغرماء عند القاضي لم يبعه في الدين حتى يحضر صاحب الجناية فيدفعه اليه المولى أو يفديه ثم يبيعه الغرماء لان في بيعه
(20)
في الدين من القاضي إبطال حق أوليآء الجناية أصلا فانه يفوت به محل حقهم و لا يكون المولى ضامنا شيأ إذا كان القاضي هو الذي يبيعه و فى التأخير إلى أن يحضر صاحب الجناية اضرار بالغرماء من حيث تأخر حقهم للانتظار و ضرر التأخير دون ضرر الانتظار فلهذا يصير إلى الانتظار و ان قضى القاضي أن يباع لهم و صاحب الجناية غائب فالبيع جائز لان حق الغريم ثابت في ماليته و هو طالب بحقه و لا يدرى أن صاحب الجناية هل يحضر فيطلب حقه أولا يحضر فلا بمتنع نفوذ قضأ القاضي يبيعه لهذا ثم لا شئ لاصحاب الجناية أيضا أما على المولى فلان القاضي هو الذي باعه و ببيع القاضي لا يصير المولى مفوتا محل حق صاحب الجناية و القاضي فيما يقضى مجتهد فلا يكون ضامنا شيأ و العبد بعد العتق ليس عليه من موجب جنايته شيء فان باعه القاضي من أصحاب الدين أو من غيرهم بأكثر من الدين كان الفضل عن الدين لصاحب الجناية لان الثمن بدل العبد و كان حقهم ثابتا في العبد فيثبت في بدله ( ألا ترى ) أن العبد الجاني إذا قتل ثبت حق أوليآء الجناية في قيمته فكذلك يثبت حقهم في الثمن الا أنه لا فائدة في استرداد مقدار الدين من الغرماء لحقهم فيجعل الفضل على ذلك لهم و ان كان ذلك الفضل أكثر من قيمة العبد الا أن يكون أكثر من أرش الجناية فحينئذ حق أوليآء الجناية في مقدار الارش و ما فضل عن أرش الجناية فهو للمولى لانه بدل ملكه و قد فرغ عن حق الغير و كذلك ان باعه المولي بامر القاضي فهذا و بيع القاضي سوا و ان باعه بغير أمر القاضي بخمسة آلاف درهم و هو لا يعلم بالجناية و قيمته ألف درهم و دينه ألف و جنايته قتل رجل خطأ فانه يدفع من الثمن إلى صاحب الدين مقدار دينه و هو ألف والي صاحب الجناية مقدار قيمته و هو ألف درهم و الباقى للمولى لانه قد أوفى صاحب الدين كمال حقه و لم يلتزم لصاحب الجناية الا قيمة العبد ليفوت محل حقه ببيعه بنفسه اختيارا فإذا دفع اليه مقدار قيمته كان الباقى للمولى فإذا قتل المأذون عمدا و عليه دين أو لادين عليه فعلي قاتله القصاص للمولى لانه باق على ملكه بعد ما لحقه الدين و وجوب القصاص له باعتبار ملكه و لا شيء للغرماء لان حقهم في ماليته و قد فات و لم يخلف بدلا فالقصاص ليس ببدل عن المالية و حقهم في محل تمكن إيفاء الدين منه و إيفاء الدين من القصاص ممكن فان صالح المولى القاتل من دمه على مال قليل أو كثير جاز و أخذه الغرماء بدينهم ان كان من جنسه و ان كان من جنسه بيع لهم لان القصاص بدل العبد و قد كانوا أحق به و ذلك يوجب كونهم أحق ببدله