مبسوط جلد 26

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 26

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(91)

فجلعنا الرمى من الاجنبي عمدا محضا فاما إذا أخذه فذبحه فليس هاهنا شبهة الخطأ بوجه و الدليل عليه ان القصاص يجب على الابن بقتل أبيه فكذلك على الاب بقتل ابنه لان في القصاص معنى المساواة و من ضرورة كون أحدهما مساويا للآخر أن يكون الآخر مساويا له و حجتنا في ذلك قوله عليه السلام لا يقاد الوالد بولده و لا السيد بعبده و قضى عمر بن الخطاب رضى الله في من قتل ابنه عمدا بالدية في ماله و منهم من استدل بقوله عليه السلام أنت و مالك لا بيك فظاهر هذه الاضافة يوجب كون الولد مملوكا لابيه ثم حقيقة الملك تمنع وجوب القصاص كالمولى إذا قتل عبده فكذلك شبهة الملك باعتبار الظاهر و كان ينبغى باعتبار هذا الظاهر ان لا يلزمه الحد إذا زنا بها و لكن تركنا القياس في حكم الحد لان الحد محض حق الله تعالي و هو جزاء على ارتكاب ما هو حرام محض و باضافة الولد إلى الوالد تزداد معنى الحرمة فلا يسقط الحد به و لهذا سقط الحد عنه إذا وطي جارية الابن لان اضافة الجارية اليه بالملكية و حقيقة الملك فيها توجب الحل بظاهر الاضافة و يوجب شبهة أيضا فاما حقيقة الملك في محل الحرمة لا يورث الحل فالإِضافة لا تورث الشبهة يوضحه ان الملك كما يبيح الوطء يبيح الاقدام على القتل فان ولي الدم لما ملك نفس من عليه في حكم القصاص كان له أن يستوفى فالإِضافة اليه بالملكية توجب شبهة في الفصلين فأما الملك في محل الحرمة فلا يوجب حل الوطء فلا يصير شبهة في إسقاط الحد و المعنى في المسألة ان القصاص يجب للمقتول أو لوليه علي سبيل الخلافة عنه و الا بن ليس من أهل أن يستوجب ذلك على أبيه و بدون الاهلية لا يثبت الحكم و بيان ذلك انه ليس للابن أن يقتل أباه شرعا بحال ابتداء سواء كان مشركا أو مرتدا أو زاينا و هو محض لان الاب كان سبب إيجاد الولد فلا يجوز للولد أن يكتسب سبب افنائه و فى وجوب القود عليه إتلاف حكما و المقصود منه الاستيفاء دون الوجوب بعينه و هذا لانه مأمور شرعا بالاحسان إليهما قال الله تعالى و وصينا الانسان بوالديه حسنا و عليه أن يصاحبهما بالمعروف و ان كانا مشركين لقوله تعالى و ان جاهداك علي أن تشرك بي و ليس القتل من الاحسان و المصاحبة بالمعروف في شيء فكل ذلك ثبت للوالد عليه شرعا ليعرف العاقل بحق الوالد عظيم حق الله تعالى فان الوالدين كانا سببين لوجوده و تربيته و الله تعالى هو الخالق الرازق على الحقيقة فيعرف العاقل بهذا ان مراعاة حق الله أوجب عليه و إذا ثبت انه لا يجب القصاص علي الوالد بقتل الولد ثبت انه لا يجب

(92)

على الوالدة لان حقها أوجب فكذلك الاجداد و الجدات من قبل الرجال و السناء لمعنى الولادة و الحرية بينهم و بين المقتول فان كان بواسطة فالقصاص عقوبة تندرئ بالشبهات فعملت الشبهة فيه عمل الحقيقة بخلاف الولد إذا قتل والده فالولد ما كان سببا لا يجاد والده و الولد يقابل ما عليه من مراعاة حرمة الوالد بضده فعليه القصاص و هو بمنزلة العبد إذا قتل مولاه يلزمه القصاص و المولي إذا قتل عبده لا يلزمه القصاص و ان منع مالك هذا بغير الكلام فيه فنقول لو وجب القصاص انما يجب له كما لو قتله غيره و لا يجوز أن يجب له علي نفسه ( ألا ترى ) انه لو قتل عبده خطأ لم يجب عليه ضمان لانه لو قتله غيره كان الضمان للمولى فإذا قتله المولى لا يجوز أن يجب له على نفسه ثم على الآباء و الاجداد الدية بقتل الابن عمدا في أموالهم في ثلاث سنين و قال الشافعي تجب الدية حالة و انما لا يعقله العاقلة لقوله عليه السلام لا تعقل العاقلة عمدا يعنى الواجب بالعمد ثم قال الشافعي الاصل ان ضمان المتلف يكون على المتلف في ماله حالا كسائر المتلفات الا أن التأجيل في الدية عند الخطأ ثبت للتخفيف على الخاطئ و على عاقلته و العامد لا يستحق ذلك التخفيف فيكون الواجب عليه حالا ( ألا ترى ) ان الوجوب على العاقلة لما كان للتخفيف على القاتل بخلاف القياس لم يثبت ذلك في العمد و هذا لان وجوب الضمان بمعنى الجبران و حق صاحب النفس في نفسه كان ثابتا حالا فلا جبران في حقه الا ببدل هو حال و لان القود سقط شرعا إلى بدل فيكون ذلك البدل حالا كما لو سقط بالصلح على مال و هذا على أصله مستقيم فانه يجعل فعل الاب موجبا للقود علي ما نبينه و حجتنا في ذلك ان هذا ما وجب بنفس القتل فيكون مؤجلا كما لو وجب بقتل الخطأ و شبه العمد و هذا لان المتلف ليس بمال و ما ليس بمال لا يضمن بالمال أصلا و انما عرفنا تقوم النفس بالمال شرعا و الشرع انما قوم النفس بدية مؤجلة في ثلاث سنين و المؤجل أنقص من الحال ( ألا ترى ) ان في العرف يشترى الشيء بالنسيئة بأكثر مما يشترى بالنقد فإيجاب المال حالا بالقتل يكون زيادة على ما أوجبه الشرع معنى و كما لا يجوز باعتبار صفة العمدية الزيادة في الدية على قدر الحال فكذلك لا يجوز إثبات الزيادة فيه وصفا و بهذا تبين ان التأجيل ليس لمعنى التخفيف على الخاطئ بل لان قيمة النفس شرعا دية مؤجلة بخلاف الايجاب على العاقلة لانه لافرق في قيمة النفوس بين أن تكون مستوفاة من العاقلة أو من القاتل فكان الايجاب على العاقلة لمعنى التخفيف على القاتل و هذا بخلاف المال الواجب بالصلح فان ذلك يجب بالعقد

(93)

و لهذا لا يتقدر بمقدار شرعا حتى لو وقع الصلح بأكثر من الدية قدرا جاز فكذلك إذا التزمه بمطلق العقد يكون ذلك حالا بمنزلة الاعواض في سائر العقود و ان كان الوالد قتل ولده خطا فالدية على عاقلته و عليه الكفارة في الخطأ و لا كفارة عليه في العمد عندنا لان فعله محظور محض كفعل الاجنبي و المحظور المحض لا يصلح سببا لا يجاب الكفارة عندنا علي ما نبينه فان قيل فاين ذهب قولكم ان وجوب الكفارة بطريق السكر لما سلم الشرع له نفسه فاسقط القود عنه فقد وجد هذا المعنى هاهنا و قلتم بانه لا تجب الكفارة قلنا إسقاط القود عنه شرعا متى كان بطريق العذر له و التخفيف عليه كان موجبا للكفارة و هاهنا امتناع وجوب القود عليه لانعدام الاهلية فيمن يجب له لا بطريق التخفيف و العذر للاب فبقى فعله حراما محضا لا شبهة فيه فلا يكون موجبا للكفارة و كذلك ان كان المولي قتل مملوكه عمدا و كذلك ان كان الولد مملوكا لانسان فقتله أبوه عمدا فلا قصاص عليه لمولاه لان وجوب القصاص للمولى بطريق الخلافة عن المقتول فانه ينزل من المملوك منزلة وارث الحرمة فإذا اشترك الرجلان في قتل رجل أحدهما بعصا و الآخر بحديدة فلا قصاص على واحد منهما هكذا نقل عن إبراهيم و هذا لان القتل بالعصا لا يصلح أن يكون موجبا للقصاص لان القصد به التأديب و الآلة آلة التأديب فهو بمنزلة فعل الخاطئ و الخاطئ و العامد إذا اشتركا في القتل لم يجب القصاص عليهما لانه اختلط الموجب بغير الموجب في المحل فقد انزهقت الروح عقيب فعلين أحدهما ليس بسبب لوجوب العقوبة و لا يدرى انه باى الفعلين أزهق الروح فيمكن الشبهة من هذا الوجه فالقصاص عقوبة تندرئ بالشبهات و بعد سقوط القصاص يجب المال فيتوزع عليهما نصفان و ليس أحدهما بأضافة القتل اليه بأولي من الآخر و لا يقال ينبغى أن يضاف القتل إلى فعل من استعمل السلاح فيه لان السلاح آلة للقتل دون العصا و هذا لان الانسان قد يسلم من الجرح بالحديد و يتلف من الضرب بالعصا فهو بمنزلة ما لو جرحه رجلان أحدهما جراحة واحدة و الآخر عشرة جراحات فانه يجعل القتل مضافا إليهما على السوآء لهذا المعنى ثم كل واحد منهما فيما لزمه من نصف الدية يجعل كالمنفرد به فنصف الدية على صاحب الحديدة في ماله و نصفها على صاحب العصا علي عاقلته و كذلك لو قتلاه بسلاح وأحدهما صبي أو معتوه فلا قصاص عليهما عندنا و هو أحد قولى الشافعي و فى قوله الآخر يجب القود قياسا علي العاقل البالغ بناء علي قولين في عمد الصبي على ما بينا فاما الاب مع الاجنبي

(94)

أو المولى مع الاجنبي إذا اشتركا في قتل الولد و المملوك فلا قصاص على واحد منهما عندنا و قال الشافعي يجب القصاص على الاجنبي لانهما قاتلاه عمدا محضا مضمون فيجعل كل واحد منهما كالمنفرد به في حكم القصاص كالأَجنبيين عفا عن أحدهما أو بسقوط القود عن أحدهما لمعنى يخصه لا يوجب سقوطه عن الآخر كالأَجنبيين إذا عفا عن أحدهما و تفسير العمد من وجهين أحدهما انه عبارة عن فعل يترتب على قصد صحيح اليه و بالابوة و الملك لا ينعدم القصد الصحيح إلى الفعل و هذا لان ضد العمد الخطأ فإذا كان الخطأ ما يكون عن قصد من الفاعل اليه بعينه عرفنا ان العمد ما يكون عن قصد و على هذا نقول يجب القصاص على شريك الصبي و المجنون لان للصبي و المجنون قصدا صحيحا فكان فعلهما عمدا و للعمد تفسير آخر في القتل شرعا و هو أنه محظور محض ليس فيه شبهة الاباحة لان المتعلق به شرعا العقوبة قال عليه السلام العمد قود و لا تجب العقوبة الاجزاء على فعل هو محظور محض و فعل الاب و المولى محظور محض ليس فيه شبهة الاباحة لان في حق الاب قد انضم إلى ارتكاب الفعل المحرم معنى قطيعة الرحم و في حق المولى انضم الي الفعل المحرم الاتيان بضد ما أمر به من الاحسان إلى المماليك و القتل لا يحل بملك المالكية بحال فلا يتمكن بسببه شبهة فيه بمنزلة من شرب خمر نفسه يلزمه الحد لانه لا أثر للملك في إباحة شرب الخمر فلا يخرج الفعل باعتباره من أن يكون محظورا محضا و على هذا الطريق لا يجب القود علي شريك الصبي و المعتوه لان فعلهما لا يوصف بانه محظور محض و في الحقيقة الكلام ينبنى على أن فعل الاب موجب للقود عنده ثم سقط عنه القود بعفو الشرع منه عن الاب فلا يسقط عن الاخر لان عند أوان السقوط أحد القاتلين متميز عن الآخر و الدليل على ذلك ان سبب القود شرعا هو العمد و ثبوت الحكم بثبوت السبب فإذا كانت الابوة لا توجب نقصانا في السبب لا يمنع ثبوت الحكم أيضا و انما لا يستوفى لكيلا يكون الولد سبب افناء الوالد بعد ان كان الوالد سبب إيجاده و هذا في حقيقة الاستيفاء دون الوجوب فيثبت الوجوب حكما للسبب ثم يتعذر الاستيفاء لهذا المعنى فيسقط شرعا و الدليل عليه ان عندكم لا تجب الكفارة علي الوالد و لو لم يكن الفعل موجبا للقود لوجبت الكفارة به و ان الاب لو قتل ابنه عمدا كان الولد شهيدا لا يغسل و انما لا يغسل إذا كان القتل موجب للمال بنفسه و هذا بخلاف الخاطئ مع العامد لان فعل الخاطئ موجب فاختلط الموجب بغير الموجب في المحل فيمكن الشبهة لا تحاد المحل

(95)

يقرره ان الخطأ معنى في الفعل ( ألا ترى ) انه يوصف الفعل به فيقال قتل خطأ و قد اجتمع الفعلان في محل واحد فاما الابوة فمعني في الفاعل ( ألا ترى ) ان الفاعل يوصف به فيقال أب قاتل فاجد الفاعلين متميز عن الآخر و حجتنا في ذلك ان هذا القتل ثم موجب للدية فلا يكون موجبا للقصاص كالخاطئ مع العامد إذا اشتركا و بيان الوصف أن الواجب على الاب بهذا الفعل الدية لا فانه هو الذي يستوفى منه و انما يراد بالوجوب الاستيفاء فإذا كان لا يستوفى منه الا الدية عرفنا انه موجب للدية و الدليل علي أن وجوب الدية هو الحكم الاصلى في قتل الاب دون القصاص ان السبب لا ينعقد موجبا لحكمه الا في محل صالح له و بعد صلاحية المحل لا يكون موجبا للحكم الا باعتبار الاهلية فيمن يجب له و فيمن يجب عليه ( ألا ترى ) ان الاتلاف كما لا يكون موجبا للضمان بدون محل صالح له و هو المال المتقوم لا يكون موجبا بدون الاهلية فيمن يجب له و فيمن يجب عليه حتى ان المسلم إذا أتلف مال مسلم لا أمان له أو الحربي إذا أتلف مال المسلم لا يجب الضمان و البيع كما لا ينعقد شرعا الا في محل صالح لا ينعقد الا بعد وجوب الاهلية فيمن يباشره إذا عرفنا هذا فنقول العمد موجب للقود بشرط الاهلية فيمن يجب له و عليه و ذلك لا يوجد في قتل الصبي و المجنون لانعدام الاهلية فيمن تجب عليه العقوبة و لا في قتل الاب لانعدام الاهلية فيمن تجب له على ما بينا ان الولد لا يكون من أهل أن يجب له القتل على والده لان في الايجاب استحقاق نفسه شرعا و إذا لم يكن هو أهلا لمباشرة إتلافه حقيقة بصفة الاباحة لا يكون أهلا لا ستحقاق إتلافه شرعا فلا يكون فعله موجبا للقصاص لانعدام الاهلية و لهذا كان موجبا الدية المغلظة في ماله لانه خرج من أن يكون موجبا للقود لانعدام الاهلية فيمن يجب له و ذلك لايوجد في الدية و لهذا لم يكن موجبا للكفارة لان انعدام وجوب القصاص لانعدام الاهلية فيمن تجب له الشبهة في أصل الفعل فلا يخرج من أن يكون محظورا و في غسله روايتان في احدى الروايتين عن أبى يوسف يغسل لان الغسل موجب للمال و في الرواية الاخرى لا يغسل لان امتناع وجوب القصاص لانعدام الاهلية فيمن تجب له و ذلك لا يتعدى إلى حكم الغسل فان قيل هذا ممنوع فان الولد يرث القصاص على أبيه حتى يسقط و بدون الاهلية لا يجب الحق للوارث قلنا هذا فاسد لانه انما لم يكن أهلا لايجاب القود على الاب لما فيه من إتلافه حكما و هذا لا يوجد في الوارثة لان الاتلاف الحكمي كان ثابتا قبل أن يرثه الولد بل في ثبوت الارث للولد احياء

(96)

للاب حقيقة و حكما فانه يسقط القود إذا ورثه الابن و لا يسقط إذا لم يرثه و هو نظير الولد في أنه لا يسترق والده ثم يشترى والده المملوك فيعتق عليه و الدليل عليه ان الابوة لو طرت على قصاص موجب أسقطته و إذا اقترنت بالسبب دفعت الوجوب بطريق الاولى لان تأثير الشيء في الحكم مقترنا بالسبب أقوى من تأثيره طارئا على السبب و إذا ثبت أن فعل الاب موجب عرفنا انه اختلط الموجب بغير الموجب في المحل فكان كالخاطئ مع العامد بخلاف ما إذا عفا عن أحد القاتلين و قوله الابوة معنى في الفاعل لا معتبر به فانه و ان كان في الفاعل فقد تعدى إلى الفعل حتى أخرجه من أن يكون موجبا فهو نظير الخطأ في الفاعل بان رمى إلى إنسان يظنه كافرا و هو مسلم فان الخطأ هاهنا باعتبار معنى في الفاعل و لكن لما تعدى إلى الفعل صار ذلك شبهة في حق شريكه في الفعل فكذلك هاهنا و الدليل عليه أن مسلمين لو رميا إلى صيد أحدهما بسهم و الآخر ببندقة لم يحل تناول الصيد و كذلك لو رمى مسلم و مجوسى إلى الصيد و في أحد الموضعين الحرمة باعتبار معنى في الفعل و في الموضع الآخر باعتبار معنى في الفاعل و هو كونه مجوسيا لكن لما تعدى إلى الفعل التحق بالمعني الذي هو في الفعل في إيجاب الحرمة فهذا مثله و لو اشترك عشرة رهط في قتل رجل خطأ كانت الدية على عاقلتهم في ثلاث سنين لان وجوب الدية لصيانة المحل عن الهدر فالمحل واحد و بايجاب دية واحدة عليهم يتم معنى الصيانة ثم الواجب على كل واحد منهم جزء مما هو مؤجل في ثلاث سنين و هو بد النفس فهو بمنزلة ما لو اشترى عشرة نفر شيأ بثمن مؤجل إلى ثلاث سنين فانه ثبت تمام الاجل في حق كل واحد منهم و هذا لان كل ثلث من بدل النفس مؤجل في سنة و الواجب على كل واحد منهم عشر كل ثلث الا أن يكون الواجب علي بعضهم من الثلث الذي هو مؤجل إلى سنة أو من الثلث الثاني خاصة و لو أقر رجل بقتل خطا أو شبه عمد كانت الدية عليه في ماله في ثلاث سنين لان العاقلة لا تعقل ما يجب بالاعتراف لقوله عليه السلام و لا اعترافا و هذا لان الاقرار خبر متمثل بين الصدق و الكذب فانما يحمل على الصدق في حق المقر خاصة لانتفاء التهمة فاما في حق عاقلته فهو محمول على الكذب و له ولاية على نفسه في الالتزام قولا دون عاقلته و كل جناية عمد فيما دون النفس لا يستطاع فيها القصاص أو شبه عمد فالأَرش في مال الجاني مغلظا أما في العمد فلا يشكل و اما في شبه العمد فلان شبه العمد لا يتحقق فيما دون النفس و انما يتحقق في النفس خاصة فان ذلك حكم ثابت بالنص و انما ورد النص به في

(97)

حنيفة رحمه الله لا يكفى لان ذكر الصناعة ليس بشيء فقد يتحول الانسان من صناعة إلى صناعة فان كان قد عرفهم بالصلاح كتب بذلك و ان لم عرفهم و أخبر بذلك عنهم كتب به لان المقصود إعلام عدالتهم للقاضي المكتوب اليه ليتمكن من القضاء فالقضاء يقع بشهادتهم و ان حلاهم فحسن و ان ترك التحلية لم يضر لان المقصود و هو التعريف قد حصل بذكر الاسم و النسب الا أنه إذا كان من رأى الكاتب أن يذكر التحلية فينبغي أن يذكر من ذلك ما لا يشينه و لا يعير به في الناس فيتحرز عن ذكر ما يشينه و فذلك نوع غيبة فان أراد الذي جاء به من المكتوب اليه أن يكتب به إلى قاض آخر فعله لان شهادة الشهود تثبت عنده بالكتاب فكانه تثبت بسماعه منهم و كما جوزنا الكتاب من القاضي الاول للحاجة فكذلك نجوزه من الثاني لان الخصم قد يهرب الي بلدة أخري قبل قضأ المكتوب اليه بذلك عليه و إذا سمع القاضي شهادة الشهود و كتب بها الي قاض آخر فلم يخرج الكتاب من يده حتى حضر المدعى عليه لم يحكم بذلك عليه لان سماعه الاول كان للنقل فلا يستفيد به ولاية القضاء كشاهد الفرع إذا استقصى بعد ما شهد الاصليان عنده و أشهداه على شهادتهما لم يجز له أن يقضي بذلك و هذا لان جواز القضاء بالبينة و الذى سمع شهادة لا بينة فالبينة ما يحصل البيان بها و لا يكون ذلك الا بمحضر من الخصم بعد إنكاره أو سكوته القائم مقام إنكاره فان أعاد المدعى تلك البينة بمحضر من الخصم فالآن يقضي له بها لان شرط قبول البينة للقضاء إنكار الخصم و قد وجد ذلك حين أعادها و ما تقدم من الاداء وجوده كعدمه و إذا وصل الكتاب إلى المكتوب اليه و قرأه بحضرة الخصم و شهد الشهود على الختم و ما فيه و هو مما يختلف فيه الفقهاء لم ينفذه المكتوب اليه الا أن يكون من رأيه لان الاول لم يحكم به و انما نقل الشهادة بكتابه إلى مجلسه فلا يحكم به الا إذا كان ذلك من رأيه كما إذا شهد الفروع عنده علي شهادة الاصول و هذا بخلاف ما إذا كان الاول قد قضى به و أعطى الخصم سجلا فالثاني ينفذ ذلك و ان لم يكن من رأيه لان قضأ القاضي في المجتهدات نافذ ( ألا ترى ) أنه ليس للاول أن يبطل قضاءه و ان تحول رأيه فكذلك ليس للثاني أن يبطل ذلك فأما في الكتاب الاول ما قضي بشيء ( ألا ترى ) أن له أن يبطل كتابه قبل أن يبعث به إلى الثاني و ان الخصم لو حضر مجلسه لم يلزمه من ذلك شيئا فكذلك الثاني لا ينفذ كتابه الا أن يكون ذلك من رأيه و لا يقبل كتاب القاضي في شيء من الحدود و القصاص لان ذلك مما يندرئ بالشبهات




/ 29